تقنيات الطاقة والبرمجة اللغوية العصبية
فوائد نفسية جمة.. وتحفظات على الجذور

السنة الحادية عشر ـ العدد132 ـ ( محرم ـ صفر 1434  هـ ) كانون أول ـ 2012 م)

بقلم: جنان العلي

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

علم الطاقة أو الـ(ريكي)، كلمة يابانية تتألف من "ري" أي الطاقة الكونية، و"كي" أي الطاقة الحيوية الموجودة في كل كائن حي. فمنذ أربعة آلاف سنة عرف اليابانيون العلاج باللمس للمريض، أي بنقل الطاقة إليه، وهذه ممارسة عملية لأصول معتقدات أديان في دول مثل الصين والهند واليابان وغيرها.

وهناك علم طاقة المكان أو "الفونغ شوي"، ويعني الفونغ: الريح، و شوي: الماء، ويهتم هذا العلم بشكل رئيسي للعلاقة الحسية بين الإنسان والمكان الذي يسكنه، فيعتبر أن أسلوب البناء ووضع الأثاث لهما علاقة عميقة بعلم الجمال، وبسعادة الإنسان واستقراره.

وإذا كان علم الطاقة قد أثار (ويثير) ملاحظات وتحفظات لدى بعض المسلمين، لتعارض أصوله العقائدية مع عقائد الإسلام، فإن هناك البرمجة اللغوية العصبية التي هي من فروع علم النفس التربوي. هذه البرمجة تجد مجالاً أمامها مفتوحاً للدخول إلى حياة المسلمين بدون عوائق أو تحفظات تذكر، ربما لأنها تقنية بحت ولا أصول فكرية عقائدية لها، فهي (أي البرمجة اللغوية العصبية) تعني طريقة تشكيل صورة العالم الخارجي في ذهن الإنسان، وتنفي وجود الحظ والصدفة في الحياة، مؤكدة على صناعة النجاح والتفوق بفعل إرادة الإنسان أولاً.

فما حقيقة علم الطاقة؟ وماذا يمكن أن تحمل البرمجة اللغوية العصبية إلى حياتنا المأزومة بشتى المشاكل والصعوبات والضغوطات؟ وهل بالإمكان المسلمين الاطمئنان إلى هذه الطرق للتعامل مع أنفسهم بدون الإساءة إلى العقيدة الإسلامية؟ أم أن عليهم الحذر والابتعاد عن العلوم ذات الأصول الوثنية؟ وهل يمكن الأخذ بالتقنيات المعتمدة في علم الطاقة والبرمجة اللغوية العصبية بغض النظر عن أي جذور فكرية لها.

فيما يثير موضوع علم الطاقة جدلاً وحيرة وحماساً وتردداً فإن ثمة دورات تعقد، ومتخصصين يتزايد عددهم في العالم العربي والإسلامي، وثمة حاجة متزايدة لمزيد من البحث والتعمق وإبداء وجهة النظر الإسلامية الواعية المتبصرة لا المتسرعة ولا المتزمتة إزاء هذا الموضوع). ترتبط حياة الكائنات بالطاقة. فبدون طاقة الشمس أو الرياح أو الماء أو الوقود، لا يمكن أن تعيش نباتات أو إنسان أو حيوان.

والطاقة متجددة وغير متجددة.. وللأرض طاقة، هي الطاقة الكهرومغناطسية، ويسمى المجال المغناطيسي للأرض، ولهذا المجال ذبذبات وموجات قابلة للقياس تتذبذب بين 7 و8 هرتز.

والطاقة الكونية هي مصدر لا محدود من القوة، وتسمى في الهند "البرانا" وفي الصين "تشي". ومن أهم صفاتها أنها لا يمكن أن تدمر، وهي قابلة للتحول والتغير، وهذه الطاقة هي عبارة عن ذبذبات واهتزازات ومصدرها لا محدود، والطاقة الكونية تحيط بالإنسان وتتغلغل في جسمه، وحسب علم الطاقة فإن جسم الإنسان يمتص الطاقة من خلال مراكز معينة تسمى " الشاكرات" التي توزع الطاقة إلى هالة جسم الإنسان وكل خلية من خلاياه.

فما هي هالة الإنسان؟

يشدد علم الطاقة على أن هالة الإنسان هي عبارة عن أجسام من الضوء تحيط بالإنسان وهي مجال طاقة الإنسان، وهذه الهالة هي طاقة متغيرة باستمرار وتنمو وتتطور بشكل متواصل ومن المفيد الإشارة إلى أن طريقة استخدام الطاقة الشخصية للإنسان لها أثر كبير على شكل حياته ومنحاها.

ذلك أن قانون الجذب هو قانون كوني أساسي، ويقوم على أن كل ما ينجذب إلى حياتنا، أو يبتعد عنها، يحدث نتيجة لاهتزاز أو تذبذب الطاقة الشخصية، فمثلاً: إذا كان الإنسان يشعر بالكآبة (وهو شعور سلبي) فإنه سوف يجذب طاقة سلبية تشبه هذا الشعور، وعندما تفكر في شيء بأي تفكير، فإنه سينجذب إليك. ومن هنا نلاحظ أن من يكون مكتئباً، يشعر بأنه متعب، وكسول ولا قدرة لديه على التفاعل مع محيطه أو مع أي شيء/ ما يوقعه في عدد من المشاكل. أما إذا كان الإنسان يشعر بشعور إيجابي (مثل الفرح) فإن هذه الطاقة سوف ترجع وتحمل إليه أشياء حلوة، وتسهل طريقه إلى قلوب الآخرين، وهو ما يشير إليه الحديث الشريف: "تفاءلوا بالخير تجدوه". وهكذا من الممكن ملاحظة أن الإنسان عندما يكون في وضع سلبي تكون طاقته سلبية، وبالتالي يتجنبه الناس ولا يرتاحون لرفقته، والعكس صحيح، فإذا كان في وضع إيجابي وشعوره مريح فإن طاقة ايجابية تجذب إليه الآخرين.

ويؤكد أصحاب هذا العلم، والمنظّرون له إمكانية استخدام كل شخص للطاقة الأرضية والكونية، لكن الطاقة السلبية هي التي تمنع الاستخدام الأمثل للطاقة الكونية، أما الطاقة الايجابية فهي التي تسمح باستخدام الطاقة المحيطة على نطاق المحيط للشخص، والأوسع منه. وتقدم أمثلة على ذلك، فإن الشخص إذا دخل مكاناً حصل فيه شجار وكان حزيناً فإنه يشعر بطاقة المتشاجرين موجودة في الهواء وهكذا يزداد توتراً وسلبية.

أما إذا دخل وكان الإنسان حزيناً مكاناً فيه أشخاص فرحون سعداء فإنه يشعر أنهم رفعوا من طاقته. وإذا انجذب الإنسان لشخص ما بدون سبب واضح، فهذا يعني (على ذمة منظّري علم الطاقة) أنه منجذب لطاقته، فالطاقات المتشابهة تتجاذب، وقد يحدث أن تدخل مكاناً فتترك فيه طاقة وراءك أو تشعر بحالة شخص ما عند دخول غرفة معينة، وتتمظهر هذه الطاقة التي تشعر بها(إزاء الشخص الأخر في الغرفة) في انطباع معين. فمثلاً، عندما تزور صديقاً لك في المستشفى ألا تشعر بالتعب والإنهاك؟. (يسألك الباحثون في علم الطاقة).. إن هذا يعود إلى أن طاقة الزائر قد تم امتصاصها من قبل طاقة المريض الضعيفة بصورة غير مقصودة. وتظهر الأفكار السلبية على شكل انسداد مجرى الطاقة أو في عجلة من عجلات الطاقة ما يؤدي إلى مرض الجسم.

وتحيط الطاقة بأجسامنا وتتغلغل فيها، وتعكس عواطفنا ومشاعرنا وهو ما تظهره الهالة، والهالة تبني الحالة الصحية للشخص. ومن الممكن اكتشاف المرض في الهالة باعتبار أن الهالة طاقة راكدة ساكنة، قبل ظهور إعراض المرض على الجسم.

ثم أن أي انسداد في مجرى الطاقة يحد ويقيد تدفق قوى الحياة الأساسية في جسم الإنسان. ويعتبر باحثون في علم الطاقة أن هناك علاقة متبادلة بين توازن الهالة وتوازن الحالة العقلية والعاطفية للإنسان، والهالة هذه متغيرة باستمرار. وتكمن مهمة عجلات الطاقة (أو الشاكرات) في دمج وتوحيد الطاقة الكونية والأرضية داخل جسم الإنسان.

ظواهر مستغربة

يصدق بعض الناس وينفي آخرون حقيقة العين والحسد وتأثيرها على حياة الإنسان، والحسد أو العين هي قوة فعلية يمارسها إنسان ما على الأجسام فتتسبب بعطبها أو كسرها. كما أن البعض تساءل عن قدرة بعض الناس على التنبؤ بوقوع الكوارث، وكيف أن بعض الحيوانات تشعر بالخطر ويظهر، عليها قبل وقوعه.

ويفسر بعض الدارسين أن أساس الكون المادي هو عبارة عن علاقة متبادلة بين الطاقة والمادة. أما المادة فهي عبارة عن طاقة حبيسة قد تشغل حيزاً مكانياً، وقد لا تتجسد فتتخذ حيزاً في الفراغ على شكل موجات، وهو ما مكّن العلماء من إنتاج الطاقة النووية. وهناك أشكال متنوعة للطاقة فهناك الحرارية والميكانيكية والصوتية والضوئية والكهربائية والمغناطيسية. وجسم الإنسان هو عبارة عن كائن كهربائي يتأثر بالطاقة المغناطيسية، ويعتبر الحمض النووي من أهم مكونات خلايا الجسم الإنساني، وهذا الحمض يتأثر بالحقول السالبة والموجبة، كما أن الخلايا الحية تتجدد بمعدل مليون خلية كل ثانية، وتعمل قوة التيار المغناطيسي على تنشيط عملية الانقسام لهذه الخلايا، كما تشرف هذه القوة على تكوين وتنظيم الخلايا ووظائف الأنسجة وحمايتها.

ما هي حقيقة الهالة التي تحيط بجسم الإنسان؟

يحيط جسم الإنسان مجال عالي من المغناطيسية، وهي هالة من الإشعاعات الضوئية يولدها الجسد، وتغلفه من شتى الجهات، وهي ذات شكل بيضاوي تتداخل ألوانها مثل ألوان الطيف. وتعتبر هذه الهالة سجل طبيعي تدون عليه رغبات الإنسان وميوله وعواطفه وأفكاره، أو مستوى رقيه الخلقي والفكري والروحي، وتنطبع عليه صورته الصحية، وهذه الهالة تتأثر بأوضاع الجسد وآلامه. ويمكن أن تؤثر على الآخرين، وهو ما يفسر الارتياح من النظرة الأولى أو النفور. وكان اليابانيون هم أول من لاحظ أثر لمس المريض أثناء العلاج، وهو ما يسمى بالريكي أو العلاج بالطاقة الكونية، ومفاد هذا العلاج أن الكون مليء بالطاقة، وأجسادنا تتأثر بالطاقة، فيمكن أخذ الطاقة من الكون وتركيزها في الجسم البشري العليل بغية شفائه.

ويعتقد اليابانيون أن الإنسان هو عبارة عن طاقة مركزة وهناك أناس يركزون الطاقة في أجسامهم ويؤثرون بها على الآخرين لإعادة التوازن لأجسامهم، ذلك أن سبب المرض هو عدم التوازن في طاقة الجسم. وإن على الإنسان أن يندمج في طاقة الأرض، لأن الإنسان خلق من التراب وإليه يعود، ويعدد أصحاب هذا العلاج سبعة مواضع لاستقبال الطاقة في جسم الإنسان، وقوام العلاج بالطاقة هو أنه (يجب) تخيُّل الطاقة وهي تتدفق عبر جسدك من خلال قنوات في الرأس والقلب وأجزاء الجسد. ويستعمل المعالجون اللمس لمساعدة الطاقة على التدفق في مسارات الجسم تمهيداً لشفاء المريض.

ويعتمد بعض المعالجين على طاقة الموجات الكهرومغناطيسية عبر جهاز يبث موجات فيؤثر على مواضع الألم، اعتماداً على أن كل خلية من خلايا الجسد لها اهتزازات محددة، لذلك فهي تتأثر بالاهتزازات، والخلية تتأثر بالصوت، والصوت هو عبارة عن اهتزازات ميكانيكية، والخلية تؤثر عليها الحقول المغناطيسية التي هي عبارة عن اهتزازات كهربائية ومغناطيسية.

تبدو هذه الأفكار محض تقنية، وقد تجد أصولاً لها وتفسيراً في علم الفيزياء، ولكن المشكلة هي اعتقاد الهندوس (وإليهم يعود تاريخ هذا العلم) إن الطاقة هي القوة المؤثرة في العالم، وإن للكون إله له صفات لا يؤمن بها المسلمون ويعتبرونها شركاً ووثنية. وقد لا يكون واضحاً الأساس العلمي للعلاج بالطاقة، لكن من الممكن ملاحظة نتائجه، وهو ما يتيح الفرصة للبعض باستغلال تجاري لهذا النوع من العلاج. على أن الباحث يمكنه أن يقع على طريقة طبية في العلاج هي العلاج المموّه بإعطاء الطبيب للمريض دواءً وهمياً(إبرة فيها ماء وسكر) موهماً المريض أنه دواء غالي الثمن، وفعاليته مؤكدة، فتجد أن المريض عندما يتناوله يتفاعل جسده معه وتبدأ عملية الشفاء. ويفسر البعض أن هذا العلاج هو نوع من أنواع العلاج بالطاقة لأن تعليمات الطبيب أحدثت تغييراً في دماغ المريض فأعطى دماغه أوامر للجزء المريض بالعلاج الذاتي وهو ما يسمى الشفاء الذاتي.

وفي الأصول الإسلامية نجد قوله تعالى في كتابه العزيز ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ في إشارة إلى تأثير الاستماع إلى التلاوة القرآنية على نفسية وجسد الإنسان، إذ أن كل حرف من أحرف اللغة العربية له تردد خاص، كما أن اجتماع حروف معينة تعطي ترددات محددة والترددات القرآنية لها تأثير مذهل وفريد على خلايا الجسم.

والمثير في الأمر أن صوت القرآن يؤثر على اهتزاز خلايا الجسم، ويعيد برمجتها وتصحيح عملها، فإذا كان المرض هو خلل في طريقة اهتزازات الخلايا، فإن كلمات القرآن لها اهتزازات ميكانيكية وهي محملة بطاقة خاصة تؤثر على خلايا القلب والدماغ وسائر الجسد، من هنا نجد بعض الروحانيين يلجأون إلى العلاج بالقرآن.

رسول الله (ص) كان إذا وضع يده على جسد مريض شفاه، ما يشير إلى طاقة كبيرة اختصه الله تعالى بها، وكان يقول(ص) على مكان الألم: "بسم الله، بسم الله، بسم الله، أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر". حتى أن بعض الأحاديث تشير إلى ما في المعوذتين من طاقة على الشفاء، وهناك الرقية التي تعتمد على وضع اليد على مكان اللم وقراءة بعض الأذكار.

وهذا كله يشير إلى أن الطاقة هي فعلاً موجودة سخرها الله تعالى لخدمة وشفاء الإنسان، المهم هو أن يؤمن الإنسان ويخرج ما في داخله، وما في جسده من طاقات ذاتية.

لكن ماذا عن البرمجة اللغوية العصبية؟

الهندسة النفسية هي ترجمة لموضوع في علم النفس التربوي، وهي مجموعة آليات وتدريبات تعتمد على معرفة الخواص العصبية أي لغة الأعصاب. والهندسة النفسية أو البرمجة اللغوية العصبية هي إمكانية الاستفادة من لغة الأعصاب للتعاطي مع عناصر ومقومات النفس لأهداف تربوية ترمي إلى إرساء الخصال الجيدة وتفكيك الخصال غير المرغوب فيها. وتعمل الهندسة النفسية عبر ابتكار وسائل للتحفيز وتحسين الخطاب (خاصة مع الذات) وبناء العلاقات الإنسانية. والملاحظ أن مختلف الأنشطة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية باتت تتجه إلى معرفة آليات الهندسة النفسية.

والواقع أن الهندسة النفسية يمكن استخدامها في التثقيف الايجابي وتطوير الشخصية وتفعيل الطاقات الكامنة في الأفراد فإنها تستخدم أيضاً وعلى نطاق واسع لتشكيل الأذواق والطباع أو ما يعرف بالتنميط المسمى أيضاً (وتهذيباً) بالعولمة ومن أهم مظاهرها الغزو الثقافي. وتستند الهندسة النفسية إلى إرادة الفعل الواعي الذي لا بد منها لاتخاذ القرار باستخدام الآليات المعتمدة في هذه الهندسة لبلوغ الهدف المحدد. وتعتمد الهندسة النفسية على أربعة أركان:

1- الهدف، أي ما يريده الإنسان.

2- الحواس.

3- المدونة.

4- المبادرة والعمل.

- أما الهدف: فالهندسة النفسية تساعد الإنسان على تأسيس حالة شعورية مستقرة عنده، تجاه هدفه وتغلبه على الحيرة والتردد ويستشعر المستقبل (الإحساس والمعايشة للهدف قبل الوصول إليه) فيؤمن بتحقق هدفه ويرى قراراته وخطواته ويرى آثارها.

- الحواس: يلاحظ إن كل إنسان تغلب عليه إحدى حواسه فيركز عليها أكثر من غيرها، من هنا تأتي ترقية الحواس، فهي منافذ لإدراك الإنسان ما حوله، وتنمي الهندسة النفسية حواسه وتشحذها فتصبح أكثر رهافة ودقة، وكلما تطورت حواسنا ارتقت مدركاتنا وثقافتنا.

- المدونة: تسمح بتقبّل الأوضاع والبرامج وهي مرونة في التفكير والسلوك، والإنسان المرن يمتلك سيطرة على حياته وأوضاعه.

- المبادرة والعمل: وهي أن يبادر الإنسان ويصنع شيئاً وإلا فإنه لن يحقق شيئاً.

ولا بد من الإشارة إلى أن البرمجة اللغوية العصبية أو الهندسة النفسية ليست علماً، والقواعد التي تقوم عليها قابلة للنقد والتصحيح والتهذيب.

وتفترض الهندسة النفسية:

1- أن كل سلوك له نية وقصد ايجابي، فكل إنسان يُقبِل على سلوك محدّد لأنه يعتقد بصوابية السلوك.

2- الناس عادة يختارون أحسن الخيارات المتاحة لهم في أية مناسبة.

3- الخريطة الذهنية هي ليست الواقع الذي تمثّله، والكلمات ليست هي الأمور التي تصفها، والرموز هي ليست الأمور التي تعبّر عنها.

فالإنسان يكتسب معتقداته وقيمه ومعاييره وسلوكه وأساليب تفكيره من البيئة الاجتماعية والثقافية التي يعيش فيها عن طريق حواسه وعن طريق اللغة التي يسمعها منذ صغره ويقرؤها عندما يتعلم القراءة.

وتذهب المعلومات إلى دماغه، فيكَّون صورة للعالم من خلال ما تكّون لديه من قبل (من البيئة والمدرسة والمجتمع) بغض النظر عما فيه من حق أو باطل أو صواب أو خطأ.

ولا يتغير العالم بالنسبة لهذا الإنسان إلا إذا تغيّر ما في ذهنه مهما حصل في العالم الخارجي، وهكذا فإن الإنسان إذا ما اعتقد أن بإمكانه أن يقوم به أو أعتقد أنه لا يمكنه أن يقوم به، فالأمر صحيح في الحالتين، وهذا يعني أن الإنسان قادر على تغيير العالم عن طريق تغيير ما في ذهنه، ولكن كيف يغير ما في ذهنه؟

هذه هي مهمة البرمجة اللغوية العصبية. فهي تتضمن التصميم والتطوير والإنشاء والصيانة. والبرمجة تتناول تصميم السلوك والتفكير والشعور وتصميم الأهداف للفرد أو الأسرة أو المؤسسة، وتصميم الطريق الموصل إلى هذه الأهداف.

العالم في أذهاننا محدود، مختصر، لكننا مقتنعون بأن العالم هو ما نراه ونسمعه ونحس به فيما العالم هو غير ذلك، والطريف أن كل إنسان يملك خارطته الخاصة للعالم، ما يجعل المعرفة الموضوعية التي يدّعيها الإنسان من وجهة نظر البرمجة اللغوية العصبية ليست إلا معرفة ذاتية، ويعتبر هذا الافتراض (ذاتية المعرفة) هو الافتراض الأكثر أهمية في كل برامج اللغة العصبية.

4- وهناك افتراض رابع هو أنك إذا استمررت بعمل ما تعمله الآن، فالأرجح أنك ستستمر بالحصول على النتائج نفسها التي تحصل عليها الآن.

5- التغيير يؤدي إلى التغيير، فعندما يتغير عنصر ما في جهاز ما فإن كل الجهاز يجب أن يتغير من أجل أن يتكيف مع العنصر الجديد.

6- أنت لا تستطيع إلا أن تتواصل، فالناس ماضون بالتواصل سواء بما تفعله أو لا تفعله، بما تقوله أو بما لا تقوله، بالإشارات الواعية التي ترسلها أو بالعديد من الإشارات اللاواعية وغير الإرادية التي ترسلها أيضاً، لترسم صورة عن نفسك في أذهان الآخرين، من هنا أهمية استيعاب عملية التواصل بإيجابية، وتتعلم كيف تتواصل بإيجابية.

7- إن كل إنسان يملك كل الإمكانات التي يحتاجها.

إذاً.. فثمةَ فوائد نفسية جمة من وراء مراجعة هذا العالم الرحب مع تسجيلنا للتحفظات على الجذور.. إذ أننا لو بحثنا وتمعنَّا قليلاً بما لدينا من علوم إسلامية ونفسية وقرآنية ربما سنقف عند حقيقة بل ترجمة الأبيات المنسوبة لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب(ع):

 دَواؤُكَ فيكَ وَما تُبصِرُ        وَدَاؤُكَ مِنكَ وَما تَشـعُرُ

أَتَزعُمُ أَنَّكَ جُرمٌ صَغير       وَفيكَ اِنطَوى العالَمُ الأَكبَرُ

   فَأَنتَ الكِتابُ المُبينُ الَّذي       بِأَحرُفِهِ يَظهَرُ المُضَمَرُ

وَما حاجَةٌ لَكَ مِن خارِجٍ       وَفِكرُكَ فيكَ وَما تُصدِرُ

اعلى الصفحة