|
|||||||
|
ترجمات بحسب لاغ بعومر (عيد عند اليهود) كان يُحتفل غالبا بيوم تقدير جنود الاحتياط حيث يثني رؤساء الجيش والدولة على مساهمة رجال الاحتياط في أمن الدولة. في العام 2011 واكبت هذا الاحتفال نبرات صاخبة – مواصلة احتجاج منظمات الاحتياط على الفجوة بين التزامات الدولة وتطبيقها، احتجاج رجال الاحتياط الذي صدر أثناء زيارة الرئيس ورئيس هيئة الأركان لتدريبٍ في تساليم ونقاش حاد في الكنيست. وكي لا نخطئ، فإن جهاز الاحتياط في الجيش، الذي كان في الماضي البنية التحتية الرئيسية للقوة العسكرية، موجود على مفترق طرق بحيث أن القيادة العسكرية نفسها والمستوى السياسي لا يعرفان على ما يبدو في الحقيقة كيفية إعادة صياغته. سوف أرغب بإدعاء أن دمج تكاليف سياسية وتكاليف اقتصادية عالية مرتبطة بتفعيل جهاز الاحتياط يشجع على تثبيته كجزء من مسيرته باتجاه نموذج جيش احتياط مهني. زيادة تكاليف نموذج الاحتياط نموذج الاحتياط لدى الجيش الإسرائيلي هو نموذج باهظ، سياسياً واقتصادياً. في بدايته كان نموذجا رخيصا: روحية الأمة المجندة أكدت على أن يشغل رجال الاحتياط وظائفهم بخضوع سياسي كامل. وفي الوقت ذاته، كانت خدمة الاحتياط أرخص من الناحية الاقتصادية حيث حمل أرباب العمل أو رجال الاحتياط تحديداً عبء التعويض للموظف عن خسارة أجره، قبل تشكيل نظام التعويض الكامل للضمان القومي، خصوصاً بعد العام 1967. أما التكاليف السياسية فقد ظهرت بعد العام 1967. من مفترق الانتظار عشية حرب الأيام الستة، لحظة ثار عناصر الاحتياط حيال تردد الحكومة بالخروج إلى حرب، بدأت تتسرب إلى وعي صناع القرارات أخبار التكلفة السياسية لتجنيد الاحتياط. عناصر الاحتياط هم ذوو طاقة للمساومة السياسية، سواء لأنهم "مدنيون مجندون" الحياة في عالمين في آن واحد، أم لأن مكانهم الطبيعي في الطبقة المتوسطة – إن في الأصل (لأنهم يعكسون صورة الجيش الإلزامي في الماضي، الذي كان فيه تمثيل عال جداً للطبقة المتوسطة) وإن كنتيجة لريادة اجتماعية. وهذه التكلفة المحتملة (تكلفة اقتصادية قد تُترجم إلى سياسية عشية انتخابات 1973) احتُسبت مع الاعتبارات الحاسمة في قرار الامتناع عن تجنيد حاشد عشية حرب يوم الغفران. وذلك، على خلفية التجنيد الفارغ الباهظ الثمن لقسم من جهاز الاحتياط قبل ذلك بشهور قليلة، خشية هجوم مصري، وهو مسار أثار انتقادا حيال الجيش. هذا الامتناع عن تجنيد الاحتياط قد صاغ كما ذُكر نتائج الحرب. عمليات تنظيم مختلفة لعناصر الاحتياط بعد العام 1973، من موتي أشكنازي إلى "سلام الآن"، ساهمت في نزع احتكار اتخاذ القرارات العسكرية من يد النخبة السياسية وتوسيع حدود الحوار السياسي بشكل حطم تدريجياً مجال حرية الحكومة باتخاذ قرارات عسكرية وسياسية. هذه العملية تعززت بعد حرب لبنان الأولى. فإطالة الحرب، توسيع أهدافها والانجرار إلى حرب استنزاف مطولة قد أضرت بتنظيمات جديدة لعناصر الاحتياط، مندمجة للمرة الأولى برفض جماعي ومنظم، وأهمها "ثمة حدود" و"جنود ضد الصمت" إلى جانب "سلام الآن" القديمة. كذلك فقد ساهمت الأعمال الاحتجاجية التي حصلت مساهمة حاسمة في الانسحاب الأحادي الجانب للجيش من لبنان في العام 1985. وذلك بعد سنتين من أمر الحكومة بانسحاب جزئي من منطقة بيروت وجبال الشوف إلى نهر الأولي؛ حيث قال وزير الدفاع موشيه أرنست: "لقد خرجنا من لبنان بسبب عناصر الاحتياط" (أي احتجاجهم). منذ هذه المرحلة استوعب صناع القرارات فكرة أن خيار نشر عناصر احتياط له تكلفة سياسية كبيرة تؤدي إلى تقليص مجال حرية اتخاذ القرارات السياسية. وعلى هذه الخلفية، منذ اندلاع الانتفاضة الأولى في العام 1987 والبدء بممارسة ضغوط على أحزاب اليمين المشاركة في الحكومة، لإصدار أمر للجيش بقمع التمرد المدني بالقوة، في حين يرفض اليسار ذلك، امتثل رئيس هيئة الأركان السابق دان شومرون أمام الحكومة. حيث أعلن أن للتمرد حلاً سياسياً وليس عسكرياً. وبذلك طلب رئيس هيئة الأركان تليين طابع مهام الجيش بقمع التمرد. إضافة إلى ذلك ربما كانت أيضاً هناك اعتبارات أخرى، فشومرون طلب منع تفكيك الجيش، الذي خدم فيه حينها جنود من اليسار واليمين بشكل متوازن تماماً، وخصوصاً بسبب اعتماد انتشار الجيش في المناطق بشكل كبير على قوات الاحتياط، "خريجو لبنان". هذا وقد هدّأ تحديده، بشكل شبه مؤكد، معارضة محتملة لجنود من اليسار، بحيث منح أداءهم أهمية مسار زمني وضروري لا يؤدي إلى حسم – فهذا يُنجز على الطاولات الدبلوماسية. وقد مهّد الضبط العسكري الطريق لانسحاب جزئي مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة بصورة اتفاقات أوسلو. أضف إلى ذلك، أن رئيس الحكومة اسحق رابين شهد بأن الخشية ربما من أن تفشل الحكومة أثناء حرب غير توافقية بتطبيق تجنيد كامل للاحتياط، كان لها دور في قراره إتباع مسار أوسلو. إلى ذلك فإن احتجاج جهاز الاحتياط قد ساهم في الحساسية الاجتماعية المتزايدة حيال شهداء عسكريين. وقد جسّد ذلك بشكل جيد "جنود ضد الصمت"، منظمة جنود احتياط مسرحين تظاهروا أمام منزل رئيس الحكومة مناحيم بيغن احتجاجاً على حرب الاستنزاف اللبنانية، حاملين لافتات كُتب عليها عدد الشهداء المحدث. وقد أدت هذه الحساسية بالجيش إلى تصميم سياسة منع إصابات تقلص تعرّض الجنود للخطر وتجنب تنفيذ مهام خطرة. وذلك، على شاكلة إجراءات مشابهة اتبعتها الجيوش الغربية تحديدا منذ حرب فيتنام. على أن العنصر الأول لهذه السياسة كان إبعاد عناصر الاحتياط عن ساحات القتال الحساسة. في الواقع، حرب العصابات التي غرق فيها الجيش في لبنان ما بين سنوات 1985-2000 اعتمدت على القوات النظامية. والاعتماد على النظاميين أيضا قلص التغطية الإعلامية على ما يحصل في هذه الساحة، وفقا لما أشار إليه من مصدر أول موشيه (تشيكو) تامير من قادة القوات في لبنان. كذلك أيضاً في الانتفاضة الثانية. لقد أُلقي إلى قلب القتال بجنود الاحتياط خصوصاً في "السور الواقي"، فقط بعد أن بُنيت شرعية القتال على أساس قتال النظاميين على مدى سنتين تقريباً. حتى إن كانت نسب الالتحاق عالية، فبشكل غير مفاجئ، احتجاج الاحتياط على طابع المهام وعلى توزيع العبء والأجر، أُثير مجددا عندما انتهت العملية، في حين أنه حتى الآن جرت الـ "حرب على البيت"، وفقا لتصوير قتال الجيش ضد الفلسطينيين في الحديث الشعبي. على سبيل المثال، قرار الحكومة بتمديد حصة الاحتياط (من 30 إلى 37 يوماً) بعد عملية "السور الواقي"، لم يمرّ، إلا بعد معارضة وفي السياق تم توقيف اقتراح إطالة إضافية. إلى ذلك ثمة عنصر آخر لسياسة تجنب سقوط إصابات تجسد في تصميم العقيدة القتالية. منذ التسعينيات، ركّز الجيش العقيدة القتالية الجديدة على تكنولوجيا، وصممها على أساس "نيران مضادة"، بحيث أن جوهرها هو نقل النيران – خلافاً للتعبئة – إلى منطقة العدو، بخلاف مفهوم القتال التقليدي حتى الثمانينيات. وترتكز العقيدة على امتلاك قدرة عالية على تدمير أهداف عبر نيران جوية ومدفعية، مع التشديد على تسليح دقيق وعدم دخول ضروري لقوة برية إلى منطقة العدو. وفي عمليات "تصفية حساب" و"عناقيد الغضب"، ضد حزب الله في التسعينيات، تم للمرة الأولى تطبيق العقيدة الجديدة، وتحسّنت في حرب لبنان الثانية وفي عملية "الرصاص المسكوب". وبما يشبه "ثورة بالشؤون العسكرية" التي قدمها جيش الولايات المتحدة الأميركية في الثمانينيات، تهدف العقيدة الجديدة للجيش الإسرائيلي من بين عدة أمور إلى تخفيض عدد المصابين عبر استخدام مكثف للتكنولوجيا (عقيدة "صدمة وهلع")، بحيث سيكون من الممكن تقصير مدة القتال والتوصل إلى حسم سريع مع الأخذ بالاعتبار الضرورات السياسية الجديدة. هذه الوجهة تجسدت في حرب لبنان الثانية، التي تمثل نقطة انشقاق هامة في العلاقات بين الجيش وعناصر الاحتياط، نمت على بنية تحتية محطمة مسبقة، وفقاً لما سيتم إيضاحه في السياق. وقد اعتمد القتال في البداية على غارات جوية كتفعيل "نيران مضادة". ولم يتم تجنيد عناصر الاحتياط إلا بعد 16 يوم من القتال. وقد عكس التردد في تجنيدهم التكلفة السياسية المضاعفة التي يرتبط بها التجنيد: الخشية من أن ثمناً دموياً عالياً، خصوصاً لجندي الاحتياط، قد يقضي على الدعم الشعبي لعملية عسكرية، ويمس بشرعية الحكومة والجيش، إلى جانب الإدراك بأنه منذ لحظة تجنيد الاحتياطيين، تقلصت حرية عمل الحكومة. وهكذا قال رئيس هيئة الأركان العامة دان حالوتس، محاولاً إقناع الحكومة بالخروج إلى عملية برية شاملة وليست تدريجية في نهاية الحرب: "لا توجد هنا طرق وسطية – نقوم بالنصف، بالربع، بالثلث من أجل تدريج قسم من رغباتنا... كل شيء أو لا شيء، من المذاق لأن هناك أيضاً أشخاصاً يقفون خلف هذا الاستعداد وهناك حجم قوات احتياط تجلس متأهبة ومستعدة، ولا يمكننا اعتبارها مقيدة تحت عبارة "انتظروا، انتظروا". بمعنى، أنه يوجد هنا صدى لميراث فترة الانتظار للعام 1967، التي تعني أن الحكومة غير قادرة على السماح لنفسها بالانتظار لفترة طويلة قد تشجع على إثارة عناصر الاحتياط. هذه التكلفة السياسية في الواقع بدت موضوعية على ضوء احتجاج عناصر الاحتياط بعد الحرب. فهناك عناصر احتياط انضموا إلى عائلات ثكلى والى مجموعات أخرى احتجت على الأداء الفاشل للجيش في الحرب.. وقد ساهم الاحتجاج في رفع حاجز إضافي أمام قدرة الجيش على تعريض جنوده للخطر، عبر بلورة توقع أن الحكومة سوف تمتنع عن المخاطرة بجنودها عبثاً. ومخاطرة كهذه تحصل في ظروف حيث لا تكون لدى الحكومة قدرة سياسية على استكمال المهمة العسكرية، حتى إن لم يكن ثمة شك سياسي بمصداقية المهمة وعدالتها، وبالظروف التي لا يمكن فيها للحكومة تنفيذ المهمة بسبب عدم استعداد الجيش. ليس عبثاً، أن تقديراً عالياً للقتلى، ومن بينهم الكثير من عناصر الاحتياط، كان بين الاعتبارات الرئيسية التي وجّهت الحكومة لرفض العملية البرية في غزة لفترة طويلة. وهي لم تصادق على ذلك إلا عندما نضجت الظروف لتفعيل سياسة نيران تقلل انكشاف جنود الجيش للخطر على حساب زيادة مخاطرة سكان غزة. ومن أجل إخلاء مستوطنات غزة في العام 2005 تقريباً لم تستدعِ جنود احتياط، وهذه المهمة، التي كانت موضع خلاف سياسي عنيف، أُلقيت على عاتق جنود الخدمة الإلزامية والدائمة. إلى ذلك ثمة تجسيد محدث للتكلفة السياسية المرتبطة بنشر جنود احتياط قدمته كتيبة احتياط خدمت في العام 2011 على الحدود الإسرائيلية - المصرية. حيث أوضح جنود وضباط في الكتيبة في بداية خدمتهم لقادة المنطقة أنهم لن يشاركوا في إجراء "عودة ساخنة"، الذي يفوّض جنود الجيش وعناصر شرطة حرس الحدود إعادة باحثين عن ملجأ (مثل اللاجئين السودانيين) إلى مصر وإرسالهم إلى عناصر الشرطة المصرية بعد استجواب قصير، للتأكد من أنهم لا يطلبون ملجأً سياسياً بل هم مجرد منتهكي حدود. وقد فعل عناصر الاحتياط ذلك بعد أن أدركوا أن الأشخاص الذي تتم إعادتهم قد يتعرضون لمعاملة عنيفة من جانب المصريين. واستجاب قائد الوحدة المناطقية لطلب الجنود مصدراً أمراً بعدم تنفيذ الإجراء موضع الخلاف أثناء خدمة الكتيبة في المنطقة، وهو إجراء يتم تنفيذه بشكل متكرر عندما تكون كتيبة "كركل" النظامية في المنطقة. وهذا هو تجسيد لكيفية تأثير عناصر الاحتياط، وإن بشكل مؤقت، على تقييد مجال العمل المستقل للجيش. لقد حددت أيضاً احتجاجات الاحتياطيين قبل حرب لبنان الثانية الشعور الذي ولّدته "أزمة الاحتياط"، وفقاً لما أُطلق على تلك الظاهرة منذ التسعينيات. وشعور الأزمة حث الحكومة، بضغط من تنظيمات الاحتياط وبتشجيع من فريق الاحتياطيين الذي تشكل في الكنيست، لمصادقة عملية إصلاح في طريقة التجنيد. وقد بدأت بلورة العملية في لجنة برئاسة ضابط الاحتياط الرئيسي، العميد أريئيل هايمن، تواصلت مع "لجنة بروارمان"؛ وتم تأسيسها وفقا لتشريع "قانون خدمة الاحتياط-2008". حيث حدد القانون صلاحية الدولة بتجنيد عناصر احتياط وأخضعها لمبادئ أكثر تحديداً من الماضي. ومن بين أمور كثيرة تحدد عدم استدعاء جندي الاحتياط إلى خدمة احتياطية لأهداف توظيف [أداء عمل] تنفيذي أكثر من مرة واحدة خلال فترة ثلاث سنوات متتالية (البند 7، ت، 2)، في حين أن صيغاً سبقت عملية الإصلاح كانت تقدم تحديدا أكثر دلالة. وهذا التوجيه عبّر عن التكلفة السياسية لنشر عناصر الاحتياط انطلاقاً من حقيقة تحديد أن العمل التنفيذي سوف يعتمد على القوات النظامية في حين أن خيار نشر عناصر الاحتياط هو خيار استثنائي. التكلفة السياسية لتشكيل الاحتياط ارتفعت بشكل مندمج مع التكلفة الاقتصادية. فالانسحاب الأول من لبنان أتاح للحكومة جعل جزء من جهاز الاحتياط انتقائياً، ليس بالضرورة عبر قرار مفصل ومعروف. وكجزء من الاقتطاع المعمق من الميزانية الأمنية في العام 1985، فقد تقرر نقلاً تدريجيا لموازنة أيام الاحتياط من الضمان القومي للجيش. وقبل ذلك، تكلفة أيام الاحتياط، خصوصاً تعويض الجندي عن خسارة راتبه، لم تكن تتحملها الميزانية الأمنية، ولذلك فإن جهاز الاحتياط أُدير بأساسه بشكل منفصل عن اعتبارات اقتصادية للمؤسسة الأمنية. وإثر القرار دُفع الجيش إلى التوفير في أيام الاحتياط، واستخدام التوفير لأهداف أخرى. أضف إلى الدلالات المالية، إخضاع إدارة جهاز الاحتياط إلى مبادئ اقتصاد السوق، وللمرة الأولى تم وضع "علامة سعر" اقتصادي لخدمة عناصر الاحتياط. وكانت النتيجة اقتطاعاً كبيراً بأيام الاحتياط، وتسهيل عبء الخدمة. وكمثال على ذلك: أساس موازنة العام 1985، قبل التغيير، كان 10 ملايين يوم احتياط في العام. إثر الاقتطاع انخفض استهلاك أيام الاحتياط إلى ما يقارب الـ 3 ملايين، والأمر صحيح حتى العام 2006. وقد التُمس مسار الانخفاض أيضاً في السنوات التي استفيد فيها من جهاز الاحتياط في القتال، خصوصاً في الانتفاضتين. لكن تقليص استهلاك أيام الاحتياط عزز حالة اللامساواة في توزيع عبء الخدمة، إذ أن الجيش وجد بدائل للمستوى الإداري وليس إلى المستوى المقاتل. وما يقارب ثلث الخادمين من جهاز الاحتياط حملوا 80% من العبء، والأمر صحيح حتى بداية سنوات الـ 2000، وفقط 10% من ملزمي التجنيد (مجمل ملزمي التجنيد هم حوالي نصف الرجال في إسرائيل وفقاً لكشوفات التجنيد ضمن الاحتياط) نفذوا سنوياً خدمة احتياط تزيد عن 10 أيام. أي، نسب قليلة تشارك بما اعتُبر يوما مؤسسة تحدد الرجولة الإسرائيلية. وروحية "جيش الشعب" تقهقرت أمام روحية السوق. وكانت اللامساواة الخلفية لتنظيمات عناصر الاحتياط عبر منظمات مختلفة (منتدى قادة الكتائب [مغاديم] كان في الطليعة وخلفه منتدى الجنود البسطاء، وبدون احتياط مطالبةً بتوزيع العبء ودفع أجور للخادمين. إلى جانب احتجاج على مواضيع مثل ضمان مخاطرة جنود ومن ضمنهم طيارون. هذه الضغوط أثمرت قانون خدمة الاحتياط. التكلفة الاقتصادية قيدت قدرة عناصر الاحتياط على أداء مهامهم بحرية كما تقلصت تدريبات الاحتياط بشكل كبير منذ العام 1989. وفي الوقت ذاته تم تقليص كبير منذ العام 2002 أيضا بتدريبات الوحدات النظامية، كنتيجة لصعوبة تجنيد وحدات احتياط تحل محل الوحدات النظامية، المنغمسة بالقتال على الساحة الفلسطينية. وكان بذلك تضرر إضافي لقدرة جهاز الاحتياط المسلح من الوحدات النظامية، إلى جانب تضرر قدرات الوحدات النظامية نفسها. وفي سنوات ما بين 2003 – 2005 أفاد الجيش المستوى السياسي، بأن ثمة ضرراً متواصلاً يطال تدريبات جهاز الاحتياط في قوات البر بسبب تقليص الموازنة. وعلى هذه الخلفية، تحددت عقيدة "نيران مضادة" كنتيجة لقيود الميزانية، التي أدت إلى انخفاض كفاءة جيش البر. وبدوره – تبني العقيدة وتصميم الخطط التنفيذية على أساس "نيران مضادة" أثراً أيضاً على تقليل استثمار موارد في جيش البر، لأن الاستثمار فيه بقي بعضه على ضوء التشديد على البعد الناري. لذلك، منذ أن قررت الحكومة الإسرائيلية الرد بقوة على اختطاف جنود الاحتياط في تموز 2006، رد تحول إلى حرب لبنان الثانية، ضربة جوية كانت الرد الرئيسي والمفضل. تم تجنيد الاحتياط في وقت متأخر، وظروف التجنيد والتفعيل خُلقت، أي، احتجاج. قانون خدمة الاحتياط الذي أنتجته "أزمة الاحتياط"، رفع التكاليف الاقتصادية لتجنيد الاحتياط، بحيث حدد أجراً خصوصاً لمن يخدمون بالاحتياط، إضافة إلى تعويض على فقدان الراتب. وفي العام 1998 تحدد للمرة الأولى في القانون، أن يتم تعويض عناصر الاحتياط ليس فقط على خسارة راتبهم بل أيضاً كأجر على خدمتهم ("راتب خاص") وأسس القانون الجديد ذلك مضيفاً "أجراً إضافياً" عبر مصلحة الضرائب. ومبدأ جيش مهني بدأ يتأسس بعد تطبيق تجسد قبل ذلك. وبالخلاصة، القيادة السياسية والقيادة العسكرية استوعبتا التكاليف السياسية والاقتصادية لتجنيد الاحتياط وهذا الاستيعاب هو أساس العملية المتدحرجة التي تم وصفها هنا والتي أدت تدريجيا إلى تقليص موارد جهاز الاحتياط ولذلك أيضا أدت إلى تقليص وظائفها فعلياً. ليس في ذلك ما هو جدير بالمطالبة بمعرفة مفصلة لصناع القرارات بل باستيعاب يرسم الثقافة الإستراتيجية للجيش وبذلك يحدد حدود مجال القرارات المتيسرة. وهكذا تدريجيا، تقيد الجيش بتفعيل جهاز الاحتياط. وتفعيله ارتكز على مساومة اقتصادية مدمجة أيضا بتعزيز المساومة السياسية، سهّل تنفيذ المهام بتنسيقه مع قيم المجندين، وبذلك حدد تفعيله، حتى وإن لم يُطلب بعد تفعيله بالكامل. نظرة إلى المستقبل ظاهرياً، "قانون خدمة الاحتياط" والاستثمار المكثف بتدريبات جهاز الاحتياط في السنوات التي تلت حرب لبنان الثانية أشارت إلى تغيير في وجهة الجيش والمستوى السياسي حيال أهمية جهاز الاحتياط. لكن حُكم على هذا الجهاز بأن يغرق كلما استمرت تكاليفه بالارتفاع. التكلفة السياسية سوف ترتفع كلما كان أداء الجيش موضع خلاف سياسي، سواء على أهداف تفعيل القوة أو على التكاليف المطلوبة لتحقيق أهداف متفق عليها نسبياً. وهذا الخلاف يقوى في ظروف حساسية اجتماعية عالية حيال الشهداء. وحساسية كهذه تخفّض سقف الانتقاد الشعبي حيال أداء الجيش وتدفعه والمستوى السياسي إلى اعتماد المزيد من الحذر قبل استدعاء عناصر الاحتياط. هذه التكلفة التقت مع التكلفة الاقتصادية. وضغوط عناصر الاحتياط لتحسين رزمة الأجر، من أجل ضمان أن تغطي كامل تكاليف خدمتهم، لم تنته مع أداء القانون. كذلك أظهر استطلاع لقسم علم السلوك في الجيش أن حوالي الثلث فقط من وسط الخادمين في وحدات مقاتلة يعتقدون أن العلاوات والأجور مهمة. أضف إلى ذلك، أنه في حوار لعناصر الاحتياط مع الجيش والحكومة تظهر مجدداً ظاهرة عناصر الاحتياط المغبونين في أماكن عملهم، باستثناء القادة. من وجهة نظر أرباب عمل كثر، خدمة الاحتياط لم تعد رأسمالٍ اجتماعياً يجلبه معه عنصر الاحتياط إلى مكان العمل المدني بل هو خسارة. وعلى مدى سنوات، صعوبة مواجهة هذه الظاهرة سوف تعزز الضغوط لتقديم أجر وتعويض لعناصر الاحتياط. إلى ذلك هناك مصدر آخر لضغوط الأجر وهو توسيع نسب اللامساواة في توزيع العبء. كما ورد، قانون خدمة الاحتياط أسس للانتقال إلى نموذج خدمة انتقائي. والمعنى هو أن الشبان الذين يصرون على التسريح من الاحتياط، سيكونون معفيين من الخدمة في معظم الحالات، حتى وإن بقي واجب الخدمة الشكلية على حاله. أضف إلى ذلك، أن الأمر لم يقتصر فقط على موافقة الجيش بل على إعفاء مَن ليسوا في خدمة نظامية مِن الخدمة الأمنية، فالقانون أيضا يضع أساسا لتشجيع تسرح كهذا عبر طريقتين: 1- تحديد خدمة الاحتياط للتأهيل والتدريب من أجل تحقيق هدف الجندي في حالة الطوارئ ولعمل تنفيذي يعفي من الخدمة ذوي الوظائف بمهن إدارية مختلفة. 2- إلقاء الواجب على الجيش لضمان مستوى أهلية عناصر الاحتياط يشجع هرب هؤلاء لأن الجيش لن يستثمر في مجال الحفاظ على أهليتهم لكنه أيضاً لن يبقي عليهم في جهاز الاحتياط بدون حفاظ كهذا، تخفي توجيهات القانون. ومن جهة أخرى، لجنة برودت، التي عيّنتها الحكومة بعد حرب لبنان الثانية، من أجل مناقشة الحجم والتركيبة المطلوبين للميزانية الأمنية للمدى القصير والبعيد، أوصت بتمدين وظائف عسكرية، بما فيها تلك التي يشغلها عناصر احتياط، والتي يمكن الحصول عليها في السوق. وبذلك يتعزز الحافز لتقليص تشغيل عناصر احتياط. من جهة أخرى، في حين طلبت لجنة برورمان وقانون خدمة الاحتياط تليين تأثير اللامساواة عبر تقليص حجم الدعوة للاحتياط، الجيش يظهر معارضة منهجية لذلك. ومؤخراً عبّر نائب رئيس هيئة الأركان العامة، يائير نافيه، بشكل علني أكثر من العادة: "حاجتنا لمهام على طول الحدود تتطلب منا زيادة حجم القوات في العمل... أنا شخصياً أوصيت، وكذلك رئيس هيئة الأركان يوافق، على أن المس بقانون احتياط أفضل من المس بالتدريبات..." وتجدر بذلك الإشارة إلى الطابع كثير التناقضات لتعاطي الدولة حيال جهاز الاحتياط: اعتراف تصريحي بأهميته لساعة الطوارئ، محاولة دفع عائدات للخادمين في نطاقه لكن أيضا تعميق حالة اللامساواة بشكل لا متواز في العائدات. النتيجة هي أن الجيش سوف يضطر إلى زيادة العائد المالي. لكن كلما فعل ذلك، فهو سوف يميل للمقايضة بين عائد وبين تقليل حجم المجندين من أجل تخفيض تكاليف، حتى يصل إلى ممر ضروري، كجزء من حركة لولبية لعائد مقابل انتقائية، إلى جيش احتياط مهني (عملية قد تحصل في الموازاة أيضا في الجيش النظامي). والحاجة إلى تخصص جهاز الاحتياط سوف تدعم هذه الوجهة. إلى جانب ذلك، تحويل جيش الاحتياط إلى جيش مهني [متخصص] سوف يخفض التكاليف السياسية المرتبطة بتفعيله بحيث يتم إعداد نموذج علاقات ينقل منظومة العلاقات التعاقدية بين الجيش ومجنديه، من عقد جمهوري في نطاق دولة – مجموعة، يمنح عناصر الاحتياط حق التعبير السياسي بسبب مساهمتهم العسكرية، وعقد تشغيل في نطاق عسكري-خاص. عقد كهذا يضعف البنية التحتية للاحتجاج السياسي الخارج عن صفوف جيش الاحتياط. فالحكومات ستفضل دائماً تكلفة اقتصادية على تكلفة سياسية وخصوصاً تكلفة اقتصادية توازن التكلفة السياسية. المثال على ذلك قدمته حرب لبنان الثانية: حيث قررت الحكومة دفع عائدات لعناصر الاحتياط الذين شاركوا في الحرب (8 أيام على الأقل) كعائد خاص، أُطلق عليه "إعادة نفقات"، يصل إلى 400 شيكل، و50 شيكل إضافي لكل يوم، بدءاً من يوم الخدمة التاسع وما فوق. هذا العائد كان إضافة إلى التعويض الذي أرساه القانون من أجل خسارة الراتب. وفي الحروب الماضية، التي تم فيها تجنيد عناصر احتياط لفترات أطول ولخدمة أقسى، لم يُمنح عائد كهذا، من خارج أجهزة التعويض الرسمية التي كانت معتمدة دائماً. ويمكن دعوة العائد الخاص كوسيلة لتهدئة احتجاج عناصر الاحتياط (إذ ليس عبثاً أنه لم يُطلب بعد "الرصاص المسكوب"، التي اعتُبرت كإنجاز). والجدير ذكره هو أن العائد تمت مصادقته في آب 2006، بعد تسريح وحدات الاحتياط وبدأ احتجاجهم على الحرب يُسمع، خصوصا – في المرحلة الأولى – حيال المستوى المتدني لأهلية الوحدات. وكلما كانت آلية التجنيد مرتكزة على أجر [الاستئجار] وليس على التجنيد، أي كلما كان للعائد المالي دور رئيسي أكثر، سوف يتم تجاهل ضرورة مواجهة مطالب، توقعات واحتجاجات بتكلفة بعد سياسي، أو مواجهة ما يشبه تلك التي قد تمتد إلى الميدان السياسي. هذا العائد، وفي سياقه نظام العائدات المالية الذي وضع أسسه قانون خدمة الاحتياط – النظام الذي سوف يقوى كلما كانت الخدمة أكثر انتقائية – تعزز بروفيل الاستئجار على تجنيد جهاز الاحتياط، وتخفض جهد صوت [ضجة] سياسي. والحركة السياسية المدنية تلعب دوراً مضاعفا. وهكذا التكلفة الاقتصادية توازن التكلفة السياسية. على المدى البعيد، جهاز الاحتياط سوف يتقلص وسيتوقف عند نموذج مهني يرتكز على خدمة أقلية نسبيا، بشكل تدريجي تطوعيا، لفترات طويلة نسبيا، تضمن الحفاظ على أهليتهم مقابل عائد مالي مناسب، كالنموذج الذي تبنته عدة جيوش غربية على أنقاض التجنيد الإلزامي. وإسرائيل تخطو بهذا الاتجاه. الاستقلالية المهنية للجيش ولمشغليه السياسيين سوف تخرج مستفيدة من ذلك، لكن الديمقراطية، التي كان صوت عناصر الاحتياط مدماكاً مهماً لها، انطلاقاً من القدرة على لجم تفعيل الجيش، سوف تتضرر. |
||||||