|
|||||||
|
لبنان بلد يختلف عن كل البلدان فلا مقياس واضح للوطنية ولا معيار مفهوم للخيانة حتى بات كلّ منهما وجهة نظر، فالعميل الخائن لوطنه عند جهة قد يكون بطلاً قومياً، عند آخر والعكس صحيح. تصوروا أن جيش احتلال أتى بشخص رئيساً للجمهورية فقُتِل فباتَ عند جهةٍ شهيداً للوطن!!.. كيف يمكن أن يكون عميلٌ لدولةٍ غاصبةٍ محتلةٍ قاتلةٍ للشعب شهيدَ وطن؟!! إنها المقاييس المقلوبة.. كيف يمكن أن يكون عملٌ بطوليٌّ وقفزةٌ تكنولوجية أدت إلى أن تقوم مقاومة شعبية بإرسال طائرة بلا طيار فوق كيان العدو ولم يستطع كشفها إلا بالعين المجردة وبقي أكثر من عشرين دقيقة بعد كشفها حتى استطاع إسقاطها بعد أن أسقطت كل استعداداته التكنولوجية وراداراته المتطورة وقبته الفولاذية كيف يمكن أن يكون هذا العمل النوعي بالنسبة للبعض عملاً يمس بالسيادة الوطنية ويستدعي هذا الكم الهائل من الاستنكارات. والمضحك المبكي في آن أن يقوم هؤلاء بالإعلان عن كونه خرقاً للـ 1701 أما أكثر من عشرين ألف خرقٍ منذ صدور هذا القرار فهذا ليس شيئاً يحسب له حساب عند هذا الفريق وليس خرقاً للـ 1701 يستأهل منهم أن يستنكروه أو يرفضوه؟!!.. كيف يجيز هذا الفريق لنفسه أن يعتدي على المقاومة بأمر أمريكي صهيوني فيسعى لضرب شبكة اتصالاتها السلكية، هذه الشبكة التي كانت سبباً أساسياً في منظومة التحكم والسيطرة التي اعترف بها العدو فإذا بهم يلجأون بحركة انقلابية على المقاومة لمحاولة قطعها؟!! ثم يستنكرون على المقاومة إن هبَّت للدفاع عن نفسها؟!!. أليس عجيباً أن تدير المقاومة ظهرها لفئات من شعبها وتؤمِّنهم وتأمن منهم فإذا بالطعنات في ظهرها تدميها وتصل إلى حد قتلها فتستدير لتدافع عن نفسها فإذا بهم يتهمونها بأن سلاحها بات جزءاً من سلاح الفتنة الداخلي!!.. مع أنه من الواضح لدى الجميع وبالمقاييس المعترف بها دولياً وقانوناً وشرعاً أن المقاومة هي شرف أي وطن وعزته وأن المقاومة حق لكل شعب يُحتَلُّ جزءٌ من أرضه وأن المقاومة تتعامل مع كل من يكيد لها من أبناء وطنها بأنهم عملاء يستأهلون الدخول في محاكم ميدانية بعد انتصارها أو في أثناء جهادها ومع كل التغاضي الذي قامت به المقاومة عن جرائم هؤلاء جاؤوا ليقطعوا شرياناً حيوياً من شرايينها ثم يستغربون أنْ دافعت عن نفسها؟!!. وعندما خرجوا من السلطة أصابهم مسٌ وطارت عقولهم وابتدأوا بقلب المقاييس من جديد.. فإذا بالخيم التي اعتُبرت ضرباً للاقتصاد الوطني تتحول بين ليلة وضحاها إلى خيم وطنية تسهم في بناء وطنهم الذي يريدونه. لقد خيَّمت المقاومة أكثر من سنة أمام السراي ولكنها لم ترمِ وردةً فضلاً عن حجارة واقتحام للسراي.. وهُدِّدت وقتها بالفتنة المذهبية لو حاولت ذلك، أما اليوم فإن صلباناً مشطوفةً كانت تهاجم السراي ولم يَخَفْ أحد أو يتحدث عن فتنة طائفية!!... أليس ذلك لأن سلاح التهديد بالفتنة هو سلاحهم بينما غيرهم لا يتحدث إلا بمقاييس وطنية يُجمع عليها الشعب اللبناني؟. قالوا إنه في 7 أيار قامت المقاومة بمهاجمة مراكز وقطع طرقات والسؤال هل احتلت المقاومة هذه المراكز أم أن شباب الأحياء سيطروا عليها وسلموها فوراً للجيش اللبناني؟!!. في 7 أيار لم تُطلق طلقةٌ واحدةٌ على الجيش اللبناني أما اليوم فإن جرحى من الجيش سقطوا في سبيل الحرية المزعومة لهذه الفئة!!.. في اعتصام القوى الوطنية لم يرفع في الساحات سوى العلم اللبناني حتى أن علم الأحزاب المشاركة لم تكد تراه أما في هجومهم على السراي واعتصاماتهم، كان علم الانتداب السوري هو الطاغي فأين هي السيادة الوطنية في ذلك؟. كنا نقول لهم دائماً تعالوا إلى حكومة اتحاد وطني ـ عُرِضت عليهم عندما تسلم دولة الرئيس نجيب ميقاتي رئاسة الوزراء وبقي فترة طويلة ينتظرهم ـ ولكنهم رفضوا وأرادوا أن يحاصروه ليستقيل لكنه صمد في وجههم لأنه اعتبر ذلك مصلحة وطنية وإن كانت مُكْلِفَةً على صعيده الشخصي، واليوم بدأوا يطالبون بحكومة حيادية لعلهم سيأتون بأعضائها من سويسرا!!.. ذلك أنه في لبنان يستحيل أن تأتي حتى برجل تكنوقراط حيادي ولكن القضية ليست هنا، بل القضية أنهم إما أن يحكموا هم أو لا يدعوا أحداً غيرهم يحكم. إن المراقب المحايد يجد أن هذه الجماعة أخذت على نفسها أن تحمل مشروعاً أمريكياً صهيونياً يهدف إلى القضاء على المقاومة وإنهائها مهما كلف ذلك الوطن والمواطن. مع كل الانتهاكات التي ارتكبوها يأتون ليحدثوكَ عن 7 أيار!!. إن 7 أيار عملٌ حضاري بكل معنى الكلمة حافظ على الوطن ودفع عنه الوقوع من جديد في حرب أهلية أو فتنة مذهبية وهذا ما سيعمل له دائماً خط المقاومة مهما غلت التضحيات. |
||||||