الوفا.. في نصرة المصطفى(ص)

السنة الحادية عشر ـ العدد 131 ـ (ذو الحجة 1433 هـ - محرم  1434هـ ) تشرين ثاني ـ نوفمبر ـ 2012 م)

بقلم: الشيخ الدكتور عبد الله حلاق

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

حتى نعلم حقيقة ما يجري من أحداث فكرية وثقافية وسياسية واقتصادية وعسكرية، تعصف تطوراتها وتداعياتها بالإنسان ومبادئه وقيمه وحياته الاقتصادية والسياسية في العالم بشكل عام، وفي الغرب على وجه الخصوص، لا بد أن نعود قليلاً إلى الأدبيات اليهودية المتمثلة نصوصها في الماسونية الفكرية والصهيونية السياسية، هاتين المنظمتين اليهوديتين، اللتين تستندان في خططهما ومسيرتهما الفكرية والسياسية والإعلامية، على الخطوط العريضة للفكر التلمودي، لأن التلمود "المقدس" لدى اليهود هو المسيطر على عقولهم، ويعملون على تطبيق مبادئه وأهدافه في علاقتهم مع الشعوب الأخرى عقدياً وثقافياً واقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً.

إن السلوك الذي يسير عليه اليهود مع الشعوب الأخرى، كان وما يزال يعكس معاني الفساد والأنانية، وقد كان هذا السلوك نتيجة طبيعية لمفاهيم الحقد والتعالي التي أرستها وثبتتها المبادئ التلمودية في عقول وقلوب اليهود، والشيء المهم والخطير في هذا الأمر، والذي يجب أن تتيقظ له الشعوب هو أن حياة اليهود باتت ترجمة عملية لما تضمنته هذه المبادئ قديماً وحديثاً.

وفي هذا المسار توضع مسألة الإساءة للإسلام والقرآن والنبي (ص)، حيث نتابع عن كثب عمل مؤسسات اليهود وتلامذتهم، في تضليل الشعوب وبشكل متقن بأن هذه الإساءات إنما تصدر من العواصم الغربية، وتسعى المؤسسات الصهيونية وشبكات إعلامها المنتشرة في العالم، وبكل اللغات إلى إيهام الرأي العام العالمي، بأن هناك معركة دينية، وتصادم حضاري بين المسلمين والمسيحيين، وذلك تحضيراً للمواجهة الكبرى والشاملة بينهما، وعلى كل المستويات.

ولذلك ينبغي على المسلمين بكل مذاهبهم، والمسيحيين على مختلف كنائسهم، الانتباه والحذر لما يسعى إليه اليهود، من حرب عالمية ثالثة، تأكل الأخضر واليابس ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ﴾(سورة المائدة، الآية 64).

إن المعبر عن موقف الغرب تجاه الإسلام والقرآن والنبي(ص)، إنما هم النخب المثقفة هناك من العلماء والحكماء والمفكرين والأدباء، وهم كثير، وقد رصدنا أقوالهم وتصريحاتهم، حيث أنصف القوم الإسلام، وأشادوا وأثنوا على النبي(ص)، ويظهر موقف الغرب كذلك، من الذين درسوا الإسلام وعرفوا سيرة النبي(ص)، ودخلوا في دين الله أفواجاً... لقد بات الإسلام اليوم، الدين الأول في قوة الانتشار، على مستوى العالم بشكل عام، وفي الغرب على وجه الخصوص.

إن كشف دور اليهود في حربهم للأديان، وتبيان كيدهم للأنبياء عليهم السلام، وإطفاء نار الحرب التي يوقدونها بين المسلمين والمسيحيين في هذا العصر، وإظهار حاجة البشرية إلى الإسلام عقيدة وعبادة وشريعة وحضارة وأخلاقاً... هو سبيل الوفاء لنصرة المصطفى(ص).

حقيقة الإساءات للإسلام والنبي(ص)

كان أول من بدأ في هذا المجال، اليهود في فلسطين ثم تبعهم الغرب في توجيه الإساءات التالية:

1- عمل اليهود في فلسطين على تحويل الكثير من المساجد إلى نوادٍ ليلية وإسطبلات للخيول والبهائم.

2- وأقدم مصمم إسرائيلي للأزياء على عروض فاضحة قرب المسجد الأقصى على صوت ترتيل القرآن الكريم.

3- وترسم فتاة إسرائيلية النبي(ص) بصورة خنزير.

4- ويسمي الكاتب البريطاني سلمان رشدي في كتابه آيات شيطانية كباريه باسم الكعبة وإن اللواتي يترددن عليه نساء بأسماء بعض زوجات النبي(ص).

5- ويصنعون في الغرب الأحذية مزخرفة باسم الجلالة.

6- وكذلك يبنون بيوت الكلاب والخنازير على شكل المساجد.

7- ويقولون في الغرب بأن شكل المئذنة في المساجد في العالم الإسلامي هي للتعبير عن سيطرة الذكور.

8- ويذكر في هذا المجال، أنه في سنة 1831م، نشر أحد أجداد الرئيس الأمريكي جورج بوش كتاباً تحت عنوان "حياة محمد" طالب في أن "تحطم إمبراطورية الإسلام لإقامة إمبراطورية الرب المتمثلة بالدولة اليهودية الخالصة على أرض فلسطين"، واتهم الرسول الكريم اتهامات خطيرة، وتم التأسيس على هذا الكتاب في تبني صراع الأديان منهجاً فكرياً عملياً له، وهو الأمر ذاته الذي دعا إليه جورج دبليو بوش ويقوم عليه المتصهينون المسيحيون في أمريكا ومعهم المحافظون الجدد(1).

9- ومن أسوأ المؤلفات التي تسيء للرسول (ص) هو كتاب "نبي الخراب" للمؤلف كريك ونن الذي وصف الرسول (ص) بأنه قاطع طريق، واستعمل بحسب زعمه البطش والاغتيالات والخداع للوصول إلى السلطة(2).

10- وفي الولايات المتحدة قامت شركة (Aoron) الأمريكية بإنتاج مجموعة من المنتجات التجارية المسيئة للإسلام بشكل مقزز ومنحط، وقد أوردت صحيفة الرأي العام الكويتية بتاريخ 14/1/2001م تقريراً للكاتب حسن عبد الله تظهر فيه بعض الصور لتلك المنتجات الساقطة (ملابس، وأكواب، وساعات حائط، وبلاط حمامات عليها صور لقصف الكعبة المشرفة بقنبلة نووية، وأخرى لخنْزير يطلق النار على القرآن الكريم)(3).

11- وقام المخرج الهولندي (تيوفان غوغ) بإخراج فيلم يتحدث عن حياة المرأة المسلمة، ويعرض فيه بعض النساء المحجبات اللواتي يقمن بخلع الحجاب وإظهار مفاتنهن وهن عاريات، وقد كتب على ظهورهن آيات (بالحرف الكوفي) من سورة النور، مما أدى إلى مقتله على يد الشاب المغربي (محمد البويري).

12- وفي فرنسا ومن أجل تذويب المسلمين تمنع الفتيات المسلمات في المدارس والجامعات الحكومية من ارتداء الحجاب.

13- وفي غوانتانامو يمزق الجنود الأمريكان القرآن الكريم ويضعون أوراقه في المراحيض.

14- وفي الغرب يصنعون الثياب الداخلية النسائية مزخرفة بالآيات القرآنية.

15- ويعتبر بعض قادة الغرب وأهل الفكر لديهم بأن القرآن هو منطلق الإرهاب الأصولي الإسلامي.

16- وفي أمريكا وبأمر رسمي من الحكومة الأمريكية يجتمع بعض المفكرين من الأمريكان واليهود من أجل تأليف قرآنٍ بديلٍ للمسلمين يكون أكثر اعتدالاً!! وقد أسموه الفرقان.

17- وتقول الصحافية الإيطالية الشهيرة أوريانا فلاتشـي: (إن المصلين الذين يملأون المساجد ليسوا سوى إرهابيين أو مشاريع إرهابية).

18- وها هي صحف الغرب تتناقل الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي(ص) نقلاً عن الصحيفة الدانمركية(يولاند بوستن).

19- إصدار فيلم "فتنة" من قبل النائب الهولندي المتطرف(جيرت فيلدرز) عبر الإنترنت.

20- في (19/5/2008) يطلق أحد جنود الاحتلال الأمريكي في العراق النار على المصحف الشريف.

وأخيراً لا آخراً إصدار هذا الفيلم الذي يشوّه صورة النبي عليه الصلاة والسلام ومبادئ الإسلام الحنيف، وهذا يدل على التعاون بين قيادات الغرب (المسيحية الصهيونية) واليهود حيث أن القوم يشربون من بئر ثقافي واحد، ويعملون من أجل الإساءة للإسلام والقرآن والنبي عليه الصلاة والسلام.

مفكرو الشرق والغرب ينصفون النبي

إن من يقرأ لكبار العلماء والمفكرين والحكماء والأدباء في الشرق والغرب، يعلم بأن هؤلاء قد عرفوا حقيقة الإسلام، وأنصفوا النبي(ص)، ومنهم:

1- مهاتما غاندي (الحكيم الهندي المشهور): "أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر. لقد أصبحت مقتنعاً كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول، وجدت نفسي آسفاً لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة".

2- راما كريشنا راو(مؤلف كتاب محمد النبي): "لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها. ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة. فهناك محمد النبي، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلاً".

3- ساروجنى ندو (شاعرة الهند): "يعتبر الإسلام أول الأديان منادياً ومطبقاً للمساواة، وتبدأ هذه المساواة في المسجد خمس مرات في اليوم الواحد عندما يُنادى للصلاة، ويسجد القروي والملك جنباً لجنب اعترافاً بأن الله أكبر. ما أدهشني هو هذه الوحدة غير القابلة للتقسيم، والتي جعلت من كل رجل بشكل تلقائي أخاً للآخر".

4- المفكر الفرنسي لامرتين: "إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك على الرغم من قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أياً من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد(ص) في عبقريته؟ فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة، وسنوا القوانين، وأقاموا الإمبراطوريات، فلم يجنوا إلا أمجاداً بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانيهم. لكن هذا الرجل محمداً(ص) لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ. ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة.

لقد صبر النبي وتجلد حتى نال النصر[من الله]. كان طموح النبي(ص) موجهاً بالكلية إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية، أو ما إلى ذلك. حتى صلاة النبي الدائمة ومناجاته لربه ووفاته(ص) وانتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع، بل يدل على اليقين الصادق الذي أعطى النبي الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين: الإيمان بوحدانية الله. والإيمان بمخالفته تعالى للحوادث. فالشق الأول يبين صفة الله [ألا وهي الوحدانية]. بينما الآخر يوضح ما لا يتصف به الله تعالى [وهو المادية والمماثلة للحوادث]. لتحقيق الأول، كان لا بد من القضاء على الآلهة المدعاة من دون الله بالسيف. أما الثاني، فقد تطلب ترسيخ العقيدة بالكلمة [بالحكمة والموعظة الحسنة].

هذا هو محمد(ص) الفيلسوف، الخطيب، النبي، المشرع، المحارب، قاهر الأهواء، مؤسس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقة، بلا أنصاب ولا أزلام. هو المؤسس لعشرين إمبراطورية في الأرض، وإمبراطورية روحانية واحـدة. هذا هو محمد(ص). بالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية، أود أن أتساءل: هل هناك من هو أعظم من النبي محمد(ص)؟.

5- مونتجومري (مؤلف كتاب "محمد في مكة"): إن استعداد هذا الرجل لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيداً وقائداً لهم، إلى ذلك عظمة إنجازاته المطلقة، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه. فافتراض أن محمداً مُدَّعٍ افتراض يثير مشاكل أكثر ولا يحلها. بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير اللائق بها مثل ما فعل بمحمد.

6- بوسورث سميث (مؤلف كتاب "محمد والمحمدية"): لقد كان محمد قائداً سياسياً وزعيماً دينياً في آن واحد. لكن لم تكن لديه عجرفة رجال الدين، كما لم تكن لديه فيالق مثل القياصرة. ولم يكن لديه جيوش مجيشة، أو حرس خاص، أو قصر مشيد، أو عائد ثابت. إذا كان لأحد أن يقول إنه حكم بالقدرة الإلهية فإنه محمد، لأنه استطاع الإمساك بزمام السلطة دون أن يملك أدواتها، ودون أن يسانده أهلها.

7- جيبون أوكلي(مؤلف كتاب "تاريخ إمبراطورية الشرق"): ليس انتشار الدعوة الإسلامية هو ما يستحق الانبهار، وإنما استمراريتها وثباتها على مر العصور. فما زال الانطباع الرائع الذي حفره محمد في مكة والمدينة له نفس الروعة والقوة في نفوس الهنود والأفارقة والأتراك حديثي العهد بالقرآن، على الرغم من مرور اثني عشر قرناً من الزمان.

لقد استطاع المسلمون الصمود يداً واحدة في مواجهة فتنة الإيمان بالله، رغم أنهم لم يعرفوه إلا من خلال العقل والمشاعر الإنسانية. فقول "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله" هي ببساطة شهادة الإسلام. ولم يتأثر إحساسهم بألوهية الله [عز وجل] بوجود أي من الأشياء المنظورة التي كانت تتخذ آلهة من دون الله. ولم يتجاوز شرف النبي وفضائله حدود الفضيلة المعروفة لدى البشر، كما أن منهجه في الحياة جعل مظاهر امتنان الصحابة له [لهدايته إياهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور] منحصرة في نطاق العقل والدين.

8- الدكتور زويمر(مستشرق كندي): إن محمداً كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين، ويصدق عليه القول أيضاً بأنه كان مصلحاً قديراً وبليغاً فصيحاً وجريئاً مغواراً، ومفكراً عظيماً، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء.

9- سانت هيلر (مستشرق ألماني): كان محمد رئيساً للدولة وسـاهراً على حياة الشعب وحريته، وكان يعاقب الأشخاص الذين يجترحون الجنايات، فكان النبي داعياً إلى ديانة الإله الواحد، وكان في دعوته هذه لطيفاً ورحيماً حتى مع أعدائه، وإن في شخصيته صفتين من أجلّ الصفات التي تحملها النفس البشرية، وهما العدالة والرحمة.

10- إدوار مونته (مستشرق فرنسي): عرف محمد بخلوص النية، والملاطفة، وإنصافه في الحكم، ونزاهة التعبير عن الفكر، والتحقق. وبالجملة كان محمد أذكى وأدين وأرحم عرب عصره، وأشدهم حفاظاً على الالتزام، فقد وجههم إلى حياة لم يحلموا بها من قبل، وأسس لهم دولة زمنية ودينية لا تزال إلى اليوم.

11- برناردشو (مفكر بريطاني): إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال، فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد. وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة [يعني أوروبا]. إن رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصب، قد رسموا لدين محمد صورةً قاتمةً، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها.

12- السير موير(كاتب بريطاني ألف كتاب "تاريخ محمد"): إن محمداً نبي المسلمين، لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده، لشرف أخلاقه وحسن سلوكه. إن محمداً أسمى من أن ينتهي إليه الواصف، ولا يعرفه من جهله، وخبير به من أمعن النظر في تاريخه المجيد، ذلك التاريخ الذي ترك محمداً في طليعة الرسل ومفكري العالم.

13- سنرستن الآسوجي(مستشرق أسوجي ألف كتاب "حياة محمد"): إننا لم ننصف محمداً إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا، فلقد خاض معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية، مصراً على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق عظماء التاريخ.

14- المستر سنكس (مستشرق أمريكي ألف كتاب "ديانة العرب"): ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة. [إلى أن قال]: إن الفكرة الدينية الإسلامية، أحدثت رقياً كبيراً جداً في العالم، وخلّصت العقل الإنساني من قيوده الثقيلة التي كانت تأسره حول الهياكل بين يدي الكهان. ولقد توصل محمد -بمحوه كل صورة في المعابد، وإبطاله كل تمثيل لذات الخالق المطلق- إلى تخليص الفكر الإنساني من عقيدة التجسيد الغليظة.

15- آن بيزيت (كاتبة أوروبية ألفت كتاب "حياة وتعاليم محمد"): من المستحيل لأي شخص يدرس حياة وشخصية نبي العرب العظيم، ويعرف كيف عاش هذا النبي، وكيف علم الناس، إلا أن يشعر بتبجيل هذا النبي الجليل، أحد رسل الله العظماء، ورغم أنني سوف أعرض فيما أروي لكم أشياء قد تكون مألوفة للعديد من الناس، فإنني أشعر في كل مرة أعيد فيها قراءة هذه الأشياء بإعجاب وتبجيل متجددين لهذا المعلم العربي العظيم. هل تقصد أن تخبرني أن رجلاً في عنفوان شبابه لم يتعدّ الرابعة والعشرين من عمره، بعد أن تزوج من امرأة أكبر منه بكثير، وظل وفياً لها طيلة 26 عاماً، ثم عندما بلغ الخمسين من عمره -السن التي تخبو فيها شهوات الجسد- تزوج لإشباع رغباته وشهواته؟! ليس هكذا يكون الحكم على حياة الأشخاص.

فلو نظرت إلى النساء اللاتي تزوجهن لوجدت أن كل زيجة من هذه الزيجات كانت سبباً، إما في الدخول في تحالف لصالح أتباعه ودينه، أو الحصول على شيء يعود بالنفع على أصحابه، أو كانت المرأة التي تزوجها في حاجة ماسة للحماية.

16- مايكل هارت (مفكر أوروبي مؤلف كتاب "مائة رجل من التاريخ"): إن اختياري محمداً، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح، على المستويين: الديني والدنيوي.

فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدأوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليهم سواهم، كموسى في اليهودية. ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته. ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً، وحّد القبائل في شعب، والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم، أيضاً في حياته. فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وأتمها.

17- تولستوي (الأديب العالمي المعروف): يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.

18- شبرك النمساوي (الدكتور شبرك المفكر النمساوي): إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها؛ إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرناً أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته(4).

الخاتمة

إن اليهود ومن خلال مؤسساتهم الإعلامية والفكرية والثقافية والسياسية في العالم، يعملون من خلف الستار، من أجل زرع عوامل الفتنة على المستويات العقدية والثقافية والسياسية بين المسلمين والغرب، من خلال تنظيم ندوات ومحاضرات ومهرجانات ثقافية في العواصم الغربية للحديث عن الإسلام والمسلمين والجهاد والمجاهدين، ويسعون إلى تشويه المفاهيم الإسلامية لدى المفكرين والمثقفين في أوروبا وأمريكا على وجه الخصوص، ويستغلون في ذلك بعض الممارسات الخاطئة من الناحية الشرعية والسياسية في ممارسات قلة من المتطرفين الإسلاميين هنا وهناك في عالمنا الإسلامي.

وعلى النخب الإسلامية والعربية وأصحاب الفكر والرأي ضرورة إعادة دراسة الواقع الفكري والسياسي، ودراسة أساليب الخطاب الديني والثقافي في التعاطي مع الغرب، من أجل وضع حد لعمليات التعبئة والتشويه للإسلام والمسلمين، التي تقوم بها المؤسسات اليهودية والصهيونية ومؤسسات الصهيونية المسيحية التي يديرها البروتستانت في الغرب، هذه المؤسسات التي تعمل على إذكاء النار وامتداد الحريق باتجاه الدول والشعوب الغربية.

ومن أجل وضع النقاط على الحروف، علينا أن نضع الخطوط العريضة الفكرية والثقافية والسياسية في التعاطي مع الغرب في المرحلة القادمة، هذه الخطوط محددة بالتالي:

أولاً: ينبغي أن نعمل من أجل التقارب بين المسلمين والمسيحيين العرب، بهدف التعاون في إيجاد خطاب فكري وسياسي واحد نسبياً مع الغرب.

ثانياً: ضرورة تبيان وكشف الدور الصهيوني المسيحي في تشويه الإسلام كعقيدة وعبادة وشريعة، وتشويه المسلمين وتصويرهم كشعوب متخلفة لا تمت للحضارة الإنسانية بصلة!.

ثالثاً: أهمية وضرورة إقامة مؤتمرات وندوات بين رموز الفكر الإسلامي ورموز الفكر الغربي، حول عناوين ثقافية وفكرية وسياسية مشتركة، بهدف معرفة الآخر في عقيدته وفكره وثقافته.

رابعاً: ينبغي أن تقوم المؤسسات الإسلامية والعربية بدورها في التواصل مع المؤسسات الغربية المشابهة، وهذا يعني تفعيل منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية بمؤسساتهما الفكرية والثقافية والعلمية.

خامساً: إيجاد خطة على المستوى الثقافي والفكري للاستفادة من المسلمين الذين يعيشون في الغرب، والسعي إلى تفعيل مؤسساتهم ومراكزهم الفكرية والثقافية، بهدف تبيان حقيقة الإسلام وأبعاده الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والحضارية والأخلاقية.

سادساً: إن ملايين الدولارات تصرف على الفضائيات العربية من أجل نشر الفساد الأخلاقي بكل أنواعه، تحت عنوان الفن. فلماذا لا تستخدم هذه الفضائيات من أجل التعريف بالإسلام كعقيدة وعبادة وشريعة ومنهاج حياة وحضارة وأخلاق؟ فالغرب والشعوب الغربية بأشد الحاجة الروحية والنفسية والثقافية والأخلاقية للهدى الرباني، وللحق والحقيقة الموجودة في الإسلام.

سابعاً: لكل دولة عربية ومسلمة في العالم أكثر من مئة سفارة، وهذا يعني أن هناك خمسة آلاف سفارة للمسلمين والعرب في كل العالم... والسؤال هو أين دور هذه السفارات ومستشاريها الثقافيين في توضيح ما غم على البشرية من معارف الإسلام الثقافية والاجتماعية والحضارية والإنسانية؟.. أين دور السفارات في الرد على الافتراءات الصهيونية حول الإسلام والقرآن والنبي(ص)؟.. لأن هذه الهجمة على الإسلام والمسلمين ليست وليدة سنتين، بل هي حملة منظمة منذ عشرات السنين، حيث أن الصهاينة نزلوا إلى حلبة صراع فكري وسياسي دون منافس لهم في الأندية الثقافية والإعلامية والفكرية الأوروبية والأمريكية، وقد نجحوا إلى حد كبير في توجهاتهم.

ثامناً: إن الأمل كبير بدور المساجد والمراكز الثقافية والمنتديات، والجمعيات الإسلامية التي ترعى المسلمين ثقافياً ودينياً في الغرب، في مواجهة هذه الحملة الممنهجة لتشويه الإسلام والمسلمين، وطمس معالم الحضارة الإسلامية.

إن الالتزام بوحدة الأمة الإسلامية والاجتماع على خط القرآن

القرءان الكريم والسنة النبوية المطهرة، ومحبة آل البيت عليهم السلام، ومحبة الصحابة الكرام هو بداية التعاون بين المسلمين وقواهم الفاعلة، في مواجهة هذه الهجمة. وإن التعاون بين المسلمين والمسيحيين العرب بات من الضرورات الملحة في عصرنا، من أجل الاتفاق على إستراتيجية واحدة لمواجهة التحدي الصهيوني ومن جندتهم الصهيونية في حربها على الإسلام والمسلمين في العالم وفي بيت المقدس.

إن هذا التعاون المسيحي الإسلامي سيجد من يؤيده ويدعمه في عالمنا الإسلامي والعربي، وسيمتد هذا التعاون إلى النخب المسيحية، وإلى الكنائس في الغرب، التي ترفض التوجهات الفكرية والدينية والسياسية لبعض المسيحيين الذين ضلوا الطريق بتعاونهم مع الصهيونية، فهم يعتبرونهم خرافاً قد ضلت الطريق، وابتعدت عن الجادة.

إن الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة القبطية، وكثير من تجمعات الكنائس في أمريكا، ومجلس كنائس الشرق الأوسط مرشحة بامتياز للتعاون مع المسلمين، في مواجهة الشر الصهيوني ومن يتعاون مع الصهيونية... لذلك علينا أن نبادر في الاتصال بها عبر ندوات ومؤتمرات تؤدي إلى إيجاد نقاط مشتركة، تصلح للبداية في مواجهة الشر الصهيوني على مستوى العالم، وعلى مستوى بيت المقدس.

هوامش

(1) مجلة الوعي، العدد 254، آذار 2008.

(2) المصدر السابق.

(3) المصدر السابق.

(4) www.saidacity.net 

اعلى الصفحة