السنة الخامسة عشر ـ العدد 176  ـ (شوال ـ ذو القعدة 1437 هـ ) ـ (آب 2016 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

مصطفى حسن خازم


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

للحزن طَعْمٌ يَسْتديمُ

يا....‏ مَن تَنزِفُ مهجتُكَ الحزنَ التاريخيَّ‏ وترحلُ مغلولاً نحو المدنِ الغابيّةِ,‏

كي تبحثَ عن لهبِ الرؤيا,‏ في كومةِ رملٍ سائبَةٍ,‏

فيباغتُ عينيَكَ ظلامٌ,‏ يتْبَعُهُ في جوفِ الآمالِ ظلامْ,‏

ثمّ يفاجِئُكَ الصَّخَبُ الأرعَنُ,‏ مَنْطوقاً أو مَقْروءاً,‏ ويدورُ حَوالَيْكَ,‏ ويَلْتَفتُّ إلى صَدْغَيْكَ.‏

تراه كأفعى حولَ حُطامٍ جسَدِيٍّ,‏ يتَآكَلُ.. والهامةُ, تدفُنُ هامتَها‏ بين سُكونٍ ورَغامْ,‏

وإذا باللَّهَبُ المحمولِ على الرؤيا,‏ مكسورُ الخاطِرِ‏ في البالِ,‏

يُراوِده النَّعْيُ,‏ فيَسْفَحُ جَرَّتَه المَلأى‏ تحت غُبارِ البلْوى,‏ و... ينامْ‏

*******‏

هل تُبصِرُ ماذا يُنْتِجُه الحزنُ,‏ وأيُّ كتابٍ تقرأُه في سرِّكَ‏ تحت دوالي الأحلامْ..!!؟.‏

لا شيءَ..‏ سوى صفحاتٍ سوداءَ ممزَّقةٍ...‏

قلمٍ أَعْرَجَ مَصْدوعٍ,‏ ومِدادٍ أسودَ مسفوحٍ‏ فوق شِفاهِ الأقْوامْ.‏

حزنُكَ ينهضُ, يا... ولدي,‏ كنُهوضِ رمالٍ لائبَةٍ‏ في أدغالِ الرَّبْعِ الخالي,‏

ويُميدُ من الريحِ,‏ ويرفُلُ في ثوبٍ من أثوابِ العُقْمِ,‏ من الماء إلى الماءِ,‏

وقيدُكَ حدَّدَ مَنْهَجَهُ الأبَدِيَّ,‏

فها هو.. قيدُكَ,‏ بين المِعصَمِ والمِعصَمِ,‏ يأكلُ لحمَ القلبِ,‏

ويجلُدُ ذاكرةَ الروحِ,‏ ويبني في المدنِ المشلولةِ أمجاداً,‏ تتنامى فوق رُكامٍ..‏ ورُكامْ‏

******‏

أشهدُ أنكَ, يا... ولدي,‏ مُرْتَحِلٌ في محرابِ الشوقِ,‏

وغايتُكَ القُصْوى,‏ أن تُبْصِرَ فِردَوْسَ اللهِ على الأرضِ,‏

فيرْتَدُّ إليكَ الطَّرْفُ حَسيراً,‏ وترى الأرضَ...‏

تراها تُغتالُ بزِنّارٍ دَموِيٍّ,‏ يتَعَمْلَقُ حول مَدارِ السَّرَطانِ,‏ ليُطْفئَ أنوارَ اللهِ.‏

فأيُّ شُموسٍ قادرةٌ,‏ أن تُمْسِكَ بالمِجْدافِ,‏ وتُبحِرَ ضدَّ التَيّارِ,‏

وتمضي,‏ لتُناوِشَ مَسْأَمَةَ الطّبلِ المُتَوَرِّمِ بالأنغامْ.‏

أيُّ شموسٍ قادرةٍ,‏ والأرضُ تراها مُقْفِرَةً‏ من عشبٍ مُخضَرٍّ‏ وغزالٍ مَأْمونٍ,‏

يتنقَّلُ بين حواكير الآكامْ,‏

وفضاءٍ يتلوَّنُ بسرورٍ وردِيٍّ,‏ تسبحُ فيه أسرابُ طيورٍ شادِيَةٍ‏ بالدِّفءِ وبالأنْسامْ.‏

******‏

يا .... وَيلي...‏ العَلَمُ الكَوْنِيُّ يحُطُّ, كعاصفةٍ جرداءَ...‏

يحُطُّ هنا...‏ وهناك‏ ويُبْعَثُ في هذا القرنِ نبيّاً تَوراتِيّاً,‏ يُوْلِجُ فوق روابي الأكوانِ عصاهُ,‏

فتَوْرِقُ, كالشَجرِ المِعْطاءِ,‏ عصاه سريعاً..!!!‏

والثمرُ اليانعُ,‏ يصبحُ داني القَطْفِ,‏ ويُخْرِجُ من بركاتِ سنابلِه,‏ خبزاً لجياع الأرضِ...!!‏

نبيذاً يتَلَوَّنُ كالشفَقِ الناريِّ,‏ فيُذهِلَ إيقاع الأصحابِ‏ وإيقاعَ الأعوانِ‏ وإيقاعَ العشّاقْ,‏

وتُشَعْشِعُ في الأذهان‏ نجومُ العَلَمِ المعصومِ,‏ وتُغْرِقُ أرجاءَ الدنيا‏ بمعاني الإشْراقْ...!!!.‏

فإلى أيِّ هديل يا.. ولدي,‏ ستردُّ الطَّرفَ,‏ وتهرُبُ في زورق ناياتِكَ,‏

والوطنُ اللابسُ قبّعةَ الموتِ,‏ تكادُ تُوارى في تُربتِه‏ قائمةُ الأعلامْ...!!؟‏

******‏

أنت الموقوفُ على شاهدة الصَّبرِ,‏

تعال إليَّ,‏ وإني المصلوبُ على صاريةٍ‏ من جمرٍ,‏ تتأرجَحُ في قارعة الأيامْ‏

فتعال إليَّ,‏ ولو من أقصى آياتِ الحزنِ,‏

تعال إليَّ,‏ ولو من أعمق فُوِّهَةٍ,‏ تتفجَّرُ من داخلها صَوْمَعَةُ الآلامْ,‏

فترابُ الحقِّ الموْصولُ‏ إلى قطرات القلبِ,‏

يجاهرُ بالدَّمعِ, ويُطلِقُ نحوكَ‏ ألفُ سلامٍ...‏ وسلام.‏

اعلى الصفحة