الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء الصوفية مازن الشريف بزيارة التجمع

 

السنة الخامسة عشر ـ العدد 175  ـ (رمضان ـ شوال  1437 هـ ) ـ (تموز 2016 م)

نشاطات حزيران 2016

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

مصطفى حسن خازم


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

زار الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء الصوفية سماحة الشيخ الدكتور مازن الشريف من تونس تجمع العلماء المسلمين وكان في استقباله رئيس الهيئة الإدارية الدكتور الشيخ حسان عبد الله والهيئة العامة.

وبالمناسبة ألقى الشيخ الدكتور حسان عبد الله الكلمة التالية:

ضيفي الكريم السادة العلماء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في هذه الأيام الصعبة التي تمر على الأمة الإسلامية حيث الدين بمفاهيمه وتعاليمه وأحكامه في خطر وحيث يتعرض هذا الدين لأخطر حملة تشويه تطال الأسس التي بني عليها ويعمل ويجهد اعداء هذه الأمة لمحاربتنا في فكرنا وعقيدتنا واخلاقنا وقيمنا وأيضاً بالسيطرة على ارضنا ونهب ثرواتنا وتمييع مجتمعنا كي نصبح أدوات في خدمته كل ذلك كما تعلمون ونردد دائماً ابتدأ من اللحظة التي انتصرت فيها المقاومة الإسلامية العام2000، اني اعتبر أن العام 2000 كان مفترقاً هاماً لأنه في تلك اللحظة أثبتت هذه المقاومة أن كذبة الحكومات العربية في عدم إمكانية القضاء أو تحرير الأرض المغتصبة من قبل العدو الصهيوني كذبة كبيرة وخدعة كبيرة وأنه يمكن للشعب مهما يكن إذا امتلك الإرادة أن يحرر أرضه من رجس الاحتلال الصهيوني وأن مقولة أن الجيش الصهيوني "جيش لا يقهر" هو مقولة كاذبة وغير صحيحة. بعد العام 2000 ونحن كنا نقول أن المرحلة الممتدة بين العام 1982 والعام 2000 هي مرحلة حرب الإرادات لأن في تلك اللحظة في العام 1982 كان العدو الصهيوني قد احتل ثاني عاصمة عربية بعد القدس وإرادة القتال قد انتهت وتلاشت وأردد لكم دائماً أنه في تلك اللحظة عندما كنا قد اتخذنا قرار القتال وكان عددنا بالعشرات قام لنا علماء قبل أن يقوم غير العلماء ليقولوا لنا "أن العين لا تقاوم المخرز" وأننا لا نمتلك إمكانية أن نواجه العدو الصهيوني وكما كان يقال في تلك المرحلة أن التحرير يحتاج إلى إستراتيجية عربية موحدة أي إن كنتم ستنتظرون العرب وعلى رأيي سيدنا "تخبزوا بالأفراح" من سينتظر حكام العرب لن يحرر أرضاً ولن يصل إلى عزة ولن ينال كرامة، كل ما سيناله تبعية وهزائم ونكسات ونكبات بعد فلسطين وحكام العرب يريدون تحريراً، بداية كانوا يحتلون ما عدا الضفة والقطاع، العرب أرادوا أن يحرروا كامل الأرض ولم يرضوا بقرار التقسيم 242، من ثم احتلوا كل فلسطين وجزء من مصر وجزء من لبنان وجزء من سوريا وجزء من الأردن، عندها نادوا العرب "أعطونا الضفة والقطاع"اليوم حتى الضفة والقطاع لم نحصلها وهناك كلام عن استبدال القدس بمكان آخر" أعطونا قطعة من القدس، ليس كلها، ليس القدس الشرقية، قطعة منها، وأعطونا مكان آخر وينقلوا أهل الضفة على غزة" حالة انسحاق رهيبة، عندما انتصرنا في حرب الإرادات، المقاومة في تلك اللحظة لم يغرها النصر وابتدأت بإعداد العدة إلى حرب من نوع أخر اسمها حرب العقول، تقنيات، استراتيجيات وعدنا انتصرنا في حرب 2006 مرة أخرى وهزمنا العدو مرة أخرى وكرسنا مرة أخرى أننا نستطيع أن نحرر فلسطين وبات حلم تحرير فلسطين يشبه الأمر الواقع، ولكن أنت تخطط وعدوك يخطط، العدو يجتمع  في هرتسيليا كل سنة ليتخذ قرارات وفي جميع هذه القرارات كانت لديه نقطة واحدة أن حل مشكلة الكيان الصهيوني تكون بإيقاع الفتنة بين أبناء الشعوب العربية التي حول فلسطين وبالأخص الفتنة بين السنة والشيعة ونحن كنا نسمع هذا الكلام وفي تجمع العلماء المسلمين كنا في كل مرة  ننزل في البيان ما يؤدي إلى أن ينتبه العالم إلى هذه الفتنة، ولكن من الغرائز المنساقة وراء عواطف غير عقلانية، جاهلية، لم تسمع، كيف سنقضي على هذا الإسلام المقاوم؟ احد قادة الرأي في الكيان الصهيوني وعمل في الموساد لمدة حوالي 12 عام قال:"يجب أن نخترع لهم إسلاماً غير الإسلام الذي يؤمنون به" يريدون اختراع إسلام غير الإسلام الذي قاومناهم به وانتصرنا عليهم، إسلام يغير العدو من العداء للكيان الصهيوني إلى عداء الأخر منهم، ونوقع بأسهم بينهم، فاخترعوا لنا الحالة الداعشية التكفيرية المعتمدة على الفكر الوهابي بدعم مالي من دول الخليج وبتغطية عالمية من الولايات المتحدة الأمريكية، ولا تمر علينا كذبة بأن الولايات المتحدة تحارب داعش مطلقاً، قلت لكم بالسابق بأن الأمريكان هدفهم بالنسبة لداعش هو الاحتواء، والاحتواء هو إحضار هذا الوحش ووضعه داخل قفص فتطلقه وقت تشاء وتعيده وقت تشاء، لكن مشكلة الولايات المتحدة الأمريكية في لحظة يخرج هذا الوحش ولا يعود، وهنا المشكلة الكبرى. لذا اخترعوا هذا الإسلام فتحول الإسلام من دين ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ ليصبح دين القتل، دين التشريد، دين الذبح، دين السرقة، دين انتهاك الأعراض، دين ليس له علاقة بالدين أو بالإسلام، ولا علاقة له بالقيم. لذلك نحن في تجمع العلماء المسلمين ابتدأنا مع هذه النكسة، من العام 1982 وقلنا لا يمكن مواجهة العدو الصهيوني إلا بوحدتنا، وهنا نحن اليوم حوالي 250 عالم من السنة والشيعة من كل أصقاع لبنان، متحدين يد واحدة، حققنا أول وقفة في وجه العدو الصهيوني واتفاق السابع عشر من أيار وأسقطناه واستمرينا رافعين راية الوحدة الإسلامية، هذه الراية وبهذه الأيام أصبحت غريبة في مجتمعاتنا لان مجتمعاتنا بدأت تتحول إلى مجتمعات مذهبية، اليوم نسعى من أجل أن نعيد الأمة إلى رشدها، إلى وحدتها، إلى قيمها.

 معنا سماحة الشيخ الدكتور مازن الشريف من تونس هو الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء الصوفية وهو مفكر وباحث استراتيجي وكما هو أديب وشاعر، كما قلنا نحن نشترك مع الحركة الصوفية في أننا أولاً نؤمن بالإسلام الوسطي المعتدل، الإسلام المحمدي الأصيل كما وصفه الإمام الخميني ونحن في ذكرى ارتحاله وأيضاً نحب ونوالي آل البيت عليهم السلام، وثانياً نعتبر أن لا عدو لنا في أمتنا سوى العدو الصهيوني وأن الخلافات التي فيما بيننا فيمكن حلها بالوسائل الحوارية والنقاش لما فيه مصلحة المسلمين.

سأترك لضيفنا الكريم ليتحدث معكم عن حال الاتحاد الذي أنشئ حديثاً في الجزائر ويضم 50 دولة إسلامية، عن وضع تونس وخصوصاً انه يقول بأن الآن في تونس أصبح يوجد فصل بالسياسة عن الدولة وعن الدين ولم يعد الإسلام هو الحل، فذهبنا إلى الدولة المدنية، هذا الاسم الحديث للدولة العلمانية، لكي الإسلاميين وبدلاً من قول الدولة العلمانية وهم يسبون فيها وبالنهاية يعلنون هم دولة علمانية لا تتناسب، لذا أسموها دولة مدنية، غيروا بالاسم، هذا يُدعى تعدد العناوين على عنوان واحد، والحمد لله رب العالمين.

ثم تحدث الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء الصوفية سماحة الشيخ الدكتور مازن الشريف قائلاً:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سلام عليكم تجمع للعلماء ومجمع للمناضلين الذين علموا وفهموا وأيقنوا أن وحدة الصف هي أول الخلاص وأول الطريق نحو خروج الأمة من حالة الانتكاس إلى انتصار وعد الله به والله لا يخلف الميعاد، سنةً والسنة الحق هم أهل الأتباع والمقاومة والجهاد والرباط، والشيعة وشيعة الحق أهل الموالاة لأل بيت النبوة لمدرسة عظيمة من فقه الإمام الصادق إلى بطولة أبي عبد الله الإمام الحسين إلى حكمة الإمام الكرار، وكلنا ننهل من نفس النور ومن نفس السنة ونرتمس من ذات المشكاة، أما ما كان من تأول واختلاف في التاريخ  فيحله أهل العلم بالفهم ولا يُحل بما يشيعه المتطرفون من هنا وهناك وكلاهما عميل لمحرك واحد من باب ما ينشر البغضاء والكراهية والحقد الذي تحول إلى ما نراه اليوم، وأنا آتيكم من أرض الزيتونة التي نشرت فقه مالك ومعتقد الأشعري وطريقة الجنيد السالك إلى بلاد الأندلس فكان الإمام المازني الشيخ ابن رشد الفيلسوف وكان من ذلك ما اخذ الغرب وأخرجه من قرون ضبابه إلى مبتكر ومخترع من علم ومعتمداً على تلك المدارس في تشريعه وعلمه، ومن مدرسة صوفية مقاومة كانت منذ البداية أرض الرباط وأرض الجهاد في سبيل الله حق جهاده ضد الصليبيين الذين أتوا في فترات متلاحقة وضد أهل البدع الذين خرجوا على الناس بين مجسمة وخوارج وسواهم وكانت لما جاء الاستعمار وقفة الحق في سبيل الله على منهج الشيخ المجاهد أسد الصحراء عمر المختار الصوفي طريقة والذي خاض في الجبل الأخضر ألف معركة ضد الطليان صارت تُدرس في المدارس العسكرية وارض الشيخ النعمان في الطريقة الشيخية أكثر من جاهد الفرنسيين في ارض الجزائر والأمير عبد القادر الجزائري القادري طريقة وآتيكم من أرض علم المنطق وابن عرفة وعلم الاجتماع وعلم اللغة ولسان العرب لابن منظور وأرض الأدب والشعر لابن رشيد والحصلي القيلواني إلى أرض القاسم الشابي الذي قال بيتين في الشعر ترددت وتردد في أصقاع الأرض:

إذا الشعب يوماً أراد الحياة      فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بــــــــــد لليل أن ينجلــــــــــي      ولا بد للقيد أن ينكســــــــــر

وآتي أيضاً من مدرسة الأشراف آل البيت الأدارسة من أبناء إدريس الأصغر ابن إدريس الأكبر ابن عبد الله كامل المحر ابن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن ابن الإمام علي عليهم السلام ابن الزهراء المقدسة القديسة نفس النبي وأم ابيها بنت الحبيب المصطفى أعظم خلق الله باب معجزاته ومجلى صفاته والحسيني أيضاً من حيث أمه من حيث أم مولانا عبد الله والد إدريس، هذه المدرسة الشريفة والأشراف كانوا أيضاً أهل تصوف وسميت بأسمائهم مدن في افريقيا مثل مدينة سيدي ابو سعيد التي سميت على اسم الولي الصالح العارف بالله سيدي أبو سعيد الشريف أم مدينة سيدي أبو زيد التي سميت على اسم الولي الصالح سيدي أبو زيد الشريف وهذا ما شرف حامل لقبهم ونسلهم ودمهم، نسل الرسول الذي قال: "إن الله جعل كل نسل مقطوع وجعل نسبي موصولاً إلى يوم القيامة"، والذي قال "تركت فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهم فلن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وعترة أهل بيتي" عترة أهل بيتي سفينة النجاة (نحن آل البيت لا يحبنا إلا مؤمن ولا يبغضنا إلا منافق) وهذه المدرسة لم تكن يوماً إلا مدرسة ولاء ومحبة ورحمة وخيرية ومقاومة وعرفانية وروحانية لم تغرق بالبعد عن الواقع بل فعلت فيه، وأيضاً أتكلم بصفتي إستراتيجية عن تجربة وأنا رئيس المنظمة الدولية للأمن الشامل وخبير في العلوم الأمنية والعسكرية وعلوم الاستشراف في مجال مكافحة الإرهاب عن تجربة خضناها منذ أن تداعى علينا الحاقدون من أحفاد ابن عبد الوهاب، ومحمد ابن عبد الوهاب عندما راسل بلادنا في القرن التاسع عشر (أن أسلم تسلم) رد عليه العالم الشريف الحسيني عمر المحجوب بأمر من حاكم تونس حينها حمودة باشا برسالة اسمها "رد علماء تونس المحمية عن أنظار الوهابي" فكان من أقوى الردود المفحمة ورد عليه أيضاً العلامة التميمي فرجعوا سنة 2011 يحاربون مقامتنا ويكفروننا ويدعون أن الإسلام قد رجع أخيراً وكأننا كنا نعلم بالحجر والبقر ونحن أهل الإيمان والإسلام الذين نشرنا من علمه وفهمه لغة وفقهاً ومقاصد وأصول. وآتيكم أيضاً من أرض المليون شهيد من أرض الجزائر والمقاومة التي لم تبع ذمتها ببعض من القثاء والبصل فإذا شاء بعض العربان وبعض المتعربين أم كانوا كبني إسرائيل إذا نجاهم الله من فرعون ((يسمونكم... عظيم)) ورفع فوقهم الجبل وشق لهم البحر وأتاهم المن والسلوى فطلبوا القيثاء والبصل ذلك أن قلباً وإلى ربهم وصل وعقلهم بربهم اتصل نصيبهم القتثاء والبصل، هؤلاء القثيون الذين أصبح أحدهم أرخص من رأس البصل خالفوا منهج العلامة الهمام العز بن عبد السلام بائع الأمراء وسلطان العلماء وخالف منهجاً لحسن الشاذلي الذي وُلد ببلادنا وتلقى العلم على يدي العلامة المغربي سيدي عبد السلام بن النشيش وكان من وقف بوجه لويس التاسع وأدى ذلك في معركة المنصورة إلى أسره وكان بجانبه الشيخ مكين الدين الأسمر وأيضاً ابن عطاء الله السكندري تلميذ تلميذه المرسي ابن العباس، من ارض الجزائر المقاومة اجتمعنا هنالك في ارض  لم تبع الشام عندما باع الكثيرون الشام، ولم تبع ليبيا ولم تقبل أن تُقبِل النعل الوهابي أو الحذاء الصهيوني، فجمعت من علماء الأمة من خمسين دولة وجمعت من سنة وشيعة وجمعت من مختلف المشارق فكان المؤتمر العالمي الأول للتصوف برعاية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ونتج عنه تأسيس الاتحاد العالمي للتصوف، وقدمت كلمتي عن" التصوف الاستراتيجي" وشرفني الله أني الأمين العام لهذا الاتحاد. عنيت بالتصوف الاستراتيجي وسأتكلم أيضاً عن المقاومة الإستراتيجية. أن الصوفية منذ البدء ومنذ الحسن البصري تلميذ الإمام علي وغيره ومنذ صوفية آل البيت وأئمتهم وكبارهم الذين كانوا أيضاً صوفية ربانية رحمانية، كانوا أهل إستراتيجية في المواجهات الواقعة، وهذه إستراتيجية حددها الله سبحانه وتعالى في كتابه إن نظرنا إليه بعين الاستراتيجية ابصرنا فيها دعوة ربانية قال فيها الحق جل وعلا ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾(آل عمران: 104).

أن تكون أمة تجتمع على الكلمة، أن تكون خاصة من الخاصة والصفوة من الناس يجتمعون بعد أن فهموا أنفسهم أولاً فعلموا أن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم وأن الاجتماع أولى من التفتت وأن العدو الحقيقي يسعى إلى زرع الفرقة بينهم، فإذا ما دبت بينهم الفرقة أكلهم كل في طرف. ثم اجتمعوا على رؤية أمة هم ينتمون إليها بين أمة مؤمنة موحدة هم لها ناصحون وأمة إنسانية هم لها أخ وأخوة من منهج آدم  "الناس أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق" فمضوا إصلاح يدعون للخير وقد فهموا ما هو الخير ودعوا إلى معروف ونور ونهوا عن المنكر والزور هؤلاء لا بد من إستراتيجية واقعية في فهم هذه المنطلقات والتي من خلالها يبنى عمل مستمر دؤوب حثيث، ذلك أن أهل الباطل حثوا الخطى في باطلهم وأصروا عليه ولم يرجوا فيه لومة لائم، أما أهل الحق فهم تقاعسوا عنه وتقاعسوا دونه وقال بعضهم إنشاء الله ينصر من يشاء، وقال الآخر فلنضع رؤوسنا كالنعامة في الرمل، فإذا أخذ من اخذ، اخذوا الأندلس أولاً وانشغلوا بأمور أخرى ظنوها أولى وأهم وانشغلوا هل الله يحل في الجسم حقيقة أم تحل فيه روح الميت، وانشغل آخرون بأمور فارغة، وعندما مضت القدس إلى تلك المجازر والدم لم يكونوا هنالك ولم يكونوا هنالك عندما دمعت بيروت، وعندما صرخت صبرا وشاتيلا وعندما تداعت بغداد وعندما بكت دمشق وعندما تُنزف الآن وتُضرب اليمن بحجة أنهم يدافعون عن شرف أم المؤمنين عائشة وكأن أم المؤمنين عائشة تفرح بقتل طفل في اليمن، وتدمير آثار تلك البلاد أو تدمير النمرود وتدمر هؤلاء الذين تشربوا ثلاثة مناهج أما الأولى وقلتها في محاضرة سابقة أن الذين طاردوا النبي(ص) عندما كان بالغار حماه الجبار العظيم الذي كان يستطيع أن يخدرهم كما خدرهم في الليل ويستطيع أن يرسل عليهم ملك الصيحة أو جبرائيل يستطيع سبحانه بأقل مخلوقاته بأقل ذرات الخلق أن يقضي عليهم ومنذ ذلك وقد أحاطه بجنود لم يروها، ولكنه اختار بيت العنكبوت وهو أوهن البيوت، اختار الخيوط الرقيقة واختار حمامة رقيقة، أحاط الله نبيه في ذلك الغار بالدقة والرقة والمحبة والرحمة وكان الأجلاف لا يرونه، هؤلاء الأجلاف تقمصوا في الدين فيما بعد لم يروا النبي وهو معهم يصلي ولم يروا النبي(ص) وهم يعبدون الله في المدينة ويقولون لمن زار الحبيب شرك وبدع، محمد مات ويضر لا ينفع. ولم يروه في الحرم المكي، حوَّلوا بيته إلى بيت خلاء ولم يروا النبي وهم يقولون نحن خلفاء النبي الضاحك القتال يذبحون الناس على غير حق ولم يروا رب النبي الرحمن الرحيم بل رأوا ربٍ من وهم إذا جلس على الكرسي سمع لهم دوي كدوي الرحى الجديد كما يقول شيخهم ابن تيمية، هؤلاء الأجلاف اجتمعت فيهم هذه القوة الأولى، والثانية ذلك الذي جاء إلى النبي وقال اعدل يا محمد حرقوص البجري، فلما أُمر بقتله دعا الإمام علي لقتله قال: "يخرج من ذؤذي هذا قوم  يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وتلاوتكم إلى تلاوتهم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، لو شهدتهم لقاتلتهم قتال عاد، طوبى لمن قاتلهم وقتلوه، الخوارج كلاب النار" فهؤلاء تناسوا مع نافع ابن الأزرق والخوارج إلى ابن عبد الوهاب إلى ما ترون اليوم. أما الثالث فحاقد بغيض ودعي مريض قتل سبط سيد شباب الجنة ونكث وجهه بالقضيب ثم يقول اللهم صل على محمد ويلعنون ويسبون من كان في منزلة هارون من موسى ويعادون ريحانة قلبه، ومن يقول هذا الكلام يقول بعض الحمقى ممن يدعي التسنن يسمي عليك التشيع إن زرت كربلاء, وأنا زرت كربلاء وجدي الإمام الحسين وجرحه جرحنا وهو إمامنا وابن بنت نبينا ومن قال هذا ، هذا أعظم من أي مذهب إنه مبدأ قال عنه حتى غاندي "الحسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسين". هؤلاء الحاقدون الذين مضوا إلى الحرة  فذبحوا الناس وقتلوهم تجددوا عبر مشروع قام به عميل انكليزي صهيوني اسمه مستر هامفرد اصطاد في الأرض فوجد نجدياً من قرن الشيطان اسمه محمد بن عبد الوهاب فتبرأ منه أبوه وتبرأ منه أخوه الشيخ سليمان وكتب فيه كتابا , وتبرأ منه  الشيخ احمد بن زيد الهيلان. ويذكر في مذاكراته التي قرأتها أنه قال: قلت لعبد الوهاب رأيت رسول الله في المنام ومن حوله أصحابه وهو جالس على كرسي فجئت فقبلك من جبينك وأجلسك مكانه.

فكان أول دعوته يقول بأنه نبيا ودعا إلى ذلك فلما استنكر عليه مضى وتحالف مع شيخ الدرعية محمد ابن معمر ثم انتشر الأمر . فلما التقى محمد ابن سعود الذي ذبح ابن عمه واخذ الحكم قتل ابن معمر ومضى إلى مكة فقتلوا وحاصروا 323 إنسانا امرأة وطفلاً فأمنوهم ثم ذبحوهم ثم مضوا إلى مدينة رسول الله وقتلوا كما في الحرة ودمروا مقام سيدنا حمزة والعباس والحسن وقبور الصحابة ومنهم من وضع النبي يده بيده. وفي إحدى الروايات قال: هذا اعلم به قبل أخي وكان يذهب ويصلي عليهم وقالوا بدعة.

هذا أعظم مشروع قامت به الصهيونية إلى اليوم أن جعلوا ساعة فوق الكعبة أنها من رموز الماسونية. لأن عيد الماسونية مرتبط بأيامهم لما كانوا عند نبوخذ نصر ولما بنوا الماسونية السرية وكان ذلك سر في مدينة نمرود في سنة 203 حيث توجهت فرقة مع مجموعه من الموساد واستخرجوا أقدم توراة في الآرامية منها نسختان واحدة في بلاد الشام وأخرى موجودة في تلك المنطقة ثم بعد ذلك أرسلوا داعش ودمروا التاريخ .

هذا التوحيد والتشكيك لأعداء الأمة ماذا يقابله عندنا نحن المسلمون؟ يقابله في  الصوفية أن كل شيخ أعلى من الآخر وهذا عند العامة وبعض الخاصة منهم من يقول لك أن القادري أحسن طريقة ويقول الرفاعي نحن أحسن طريقة!..

ومن النكت مرة في الشام التقيت بشيخين أحدهما قادري والآخر رافعي فأحببت أن أمازحهما فقلت لهما رأيت في منامي بالأمس شيخي عبد القادر مع سيدي احمد الرفاعي فقالوا هذا لا يجوز فقلت لهما هذان قريبان من قرابة الدم وهما على منهج محمدي وكانوا يستحون من الكرامة.

وقال سيدي عبد القادر رأيت في المنام أبوابا فجئت الباب الأول وسالت الناس أي باب هذا فقالوا هذا للمصلين, وجئت الثاني وعليه ناس كثرين فقلت أي باب هذا فقالوا انه للصائمين  فتركته فلما جئت باباً منهدماً يكاد أن ينفض لا يدخله الرجل إلا منحنياً يدخل منه رجلان فسألت أي باب هذا فقالوا باب الذلة فدخلت منه. إن الذي لم يجرب الذلة لله لن ينعم بالعزة لله.

إن مشكلة الخلق مع الخالق لم تكن يوما في الإيمان بالخالق بل كانت في أمور المخلوق فضلها الله الملائكة قالت دون جدل ثم استغفروا. أما إبليس فقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين.

الذين رؤوا الشيخ عبد القادر قالوا نحن أولى منه بالولاية. إلى اليوم إلى هذه الساعة فلذلك سميتُ في احد مقالاتي توحيد الوهابية بالتوحيد الإبليسي. إبليس قال وعزتك لأقتلن ادم ولأغوين الأخ أن يقتل أخاه. قابيل لم يقبل أن يكون أخوه المفضل عليه, أن يقبل منه القربان. ولم يقبل آزر أن يكون إبراهيم أعلم منه بالآلهة. لم يقبل اليهود أن يكون المسيح هو المختار وقالوا فيه ما قالوا, ولم يقبل فرعون اله موسى. فهذه الإشكالية أيضاً معضلة تشربت في كثير من القلوب.

إذن إن التوحيد الابليسي التجسيمي  نشر سمه في شبابنا ووجد من يقبله عبر التجميل والتزيين البشع, زين أهل الشيطان أعمالهم زينة موعدهم يوم الزينة. زُين للناس حب الشهوات وهؤلاء البشر بشعوا الجميل, يخرج فيتكلم عن منهج حقيقي لكن بطريقة ليس فيها خطابة ولا ليونة كأنه يلقي حجرا فحبط عملهم, وبين من قسم أمرهم شيعاً صوفيه تقاتل صوفية ولو باللفظ سنة تقاتل شيعة  وسنة تقاتل سنة . أليس العدو بدارس لنا, بلغني أن العدو قام بدراسة تمحورت حول سؤال مرتبط بحقيقة افتراضي.

أما السؤال: ما الذي جمع المسلمين حول الأمير نور الدين الزنكي ثم صلاح الدين الأيوبي في تحرير القدس والفرضية أن ما جمعهم أولاً سيجمعهم ثانية وكانت الخلاصة أن الكلمة والتصوف.

هذا العدو الصهيوني عندما صفعته المقاومة وأخرجته ذليلا عام 2000 ودمرت الميركافا وحولتها إلى ورق مقوى عام 2006, انتبه انه إذا استمر في هذا فسوف يٌقضى عليه فكان لا بد أن يسخر الطابور الثاني الذي وُضع منذ البداية وسهل دولة الصهاينة .

أي دور لكم ولنا بين المشرق والمغرب ونحن ليس فقط يستهدف مستقبلنا, الذين يحركهم الصهيوني يعرف ما يفعل، أما الأحمق المغرر به فهو يفجر ويقتل نفسه أملاً بأن يفتح عينيه ليرى الحوريات!!.. إذاً المعركة لها عمق تاريخي حضاري ليس عبثاً أن يدمر متحف الموصل والعملية الإرهابية في متحف باردو في تونس لها بُعد حضاري، وحيث ثمة النفط من البترول والغاز ثمة حرب هناك وبُعد خوف الصهاينة من زوالهم. بعد بداية تحرك الشعب التونسي أيضاً كانت صفعة وتحريكاً وتفعيلاً وعفوية ومن ثم اُستغل أيضاً، ما الذي علينا أن نفعل أمام مستقبلٍ فيه بابان، الباب الأول حتمي بالواقعية والباب الثاني حتمي بالرباينة, أما الحرب الواقعية إن استمر الوضع على حاله لم تبقى عندنا دول، سيأكلونا دولةً دولة وفينا من الخونة والسماعون لهم والأفاقون الكثير، ويدفعون مالاً أكثر. والحتمية الربانية أن الله قال: ﴿فإذا جاء وعد الآخرة﴾ أو وعد الحق ولا أرى عرفانياً لكن الأمر قريب، وعلماء الحاخامات يعرفون منذ أكثر من سبعين عاماً لذلك عندما قام هيرتزل ببناء دولة الصهاينة ثار عليه مجموعة وقالوا إذا جمعتنا في دولة فلسطين ننتهي بسبعين سنة، فقال أي مكان تريدون، قالوا أثيوبيا فأخذهم في سفينة وفجرها بهم في البحر ثم قال: الله لا يريد لنا الذهاب إلى أثيوبيا إلا إلى فلسطين، هم يعرفون.

في كل شعوب العالم تتكلم عن مخلص، الهارماتيغو أمر حتمي عندهم،  نحن نسميه الإمام المهدي، تختلف السنة والشيعة إن كان سيولد وإن كان ابن الإمام الحسن العسكري، فليخرج الإمام ونحن نتبعه أياً كان. إذا جاء هل سيجد الأمة موحدة، هل سيجد شباباً جاهزاً؟ الشباب المغاربي ب 48 سواء من تونس أو غيرها توجهوا إلى فلسطين.

حزب الله عندما بادلوا الأسرى والرفات كان يوجد كثير من الأسرى الشهداء من شباب التوانسة، المغاربة كانوا في القدس ليحرروها فأتوا بهم إلى الشام ليفجروا أنفسهم.

عندما غُيبت فلسطين وعندما استغلت المذهبية للإساءة للسيد حسن نصر الله والمقاومة بحجة أنهم شيعة، نحن نقرأ للمتنبي والمتنبي شيعي، وعندما صارت المعارك بين الفرس والعرب أليس الساموراني الخراساني وكثير من علماء الفقه والحديث والطب من تلك البلاد أليس أبو حنيفة النعماني هنالك وينتسب بالفقه إلى الإمام جعفر (لولا السنتان لهلك النعمان). ما يجمعنا كثير إذاً من هذه الخلاصة كلها اعتقد أن الأمور تتلخص في 5 نقاط أجملها واختزل بها:

1-  نتعلم من العدو، قلت في كتابي" فن الحرب دياجيد" لن تنتصر ما لم تتمكن من الرؤية بعين عدوك، ماذا يفعل عدوي يشبك، يشكلوا أصدقاء بأرجاء العالم شكلوا مافيا، لماذا لا نشبك نحن أيضاً مع بعضنا البعض  يجب أن يعرف بعضنا البعض، يجب أن يجتمع المسلمون وأن يشبكوا أمورهم استراتيجياً في الندوات والكتابات في كل شيء.

2- العدو يمضي حثيثاً ليعمل باستمرار نحن في العالم مدرستين، مدرسة تأهيلية تسلخ الناس عن دينهم ومدرسة تكفيرية تسلخ الناس في دينهم، أما ينشروا السفور بدفع المال ونشر الأفلام وسواها وأما نكفر فكذب عليه بجوهر الدين نفسه بتعليمه جملة من المغالطات. يجب أن يكون عملنا دؤوباً مستمراً.

3- أن الخطاب يجب أن يغير أو يطور، الخطاب الوهابي ذكي يدرسون في البشرية فن التواصل.  وخطاب علمائي يجب أن يكون رفيق  يوجه للشباب البسيط، يجب أن نجعل خطابين، خطاب علمائي وخطاب يوجه للشباب نستجلبه وهذا أيضاً اعتقد انه أمر جوهري.

4- النقطة الرابعة هي استخدام التكنولوجيا الحديثة صفحات الفايسبوك وغيرها تجد صفحات الملحدين وصفحات شيوخ الوهابية بالملايين، يجب أن ينتخب الشباب المثقف في هذا الإطار للتعليم بهذا المجال.

5- النقطة الخامسة وهي أن نعي جميعاً أننا يجب أن نتحرك سريعاً يكاد الأمر أن يكون ضدنا، نحن في تونس نخشى على ليبيا نحن في معركة والحرب ستزداد وستكون فيها كارثة، وفي ليبيا يُنسق بين جانب داعش وبين كوكو حرام في نيجيريا، علماء الزيتونة عندنا نحن حركناهم ولكن ما يزال الأمر لم يتفاعل بالشكل المناسب.

ختاماً دونت ميثاقاً أسمه ميثاق علماء تونس جمعت عليه أكثر من 120 عالماً بلغنا فيه المتواتر. ودونت ميثاق علماء الأمة وميثاق علماء السنة وميثاق الصوفية، ميثاق علماء المقاومة هذه المواثيق يوقع عليها كل العلماء الذين يؤمنون بها.حتى إذا خرج الداعي الوهابي يقولون والله الملائكة تنزل على المقاومين في سوريا يقاتلون إلى جانبهم ولم تنزل ملائكتهم يقاتلون مع المقاومين في غزة وبيت المقدس ولم توجه رصاصة واحدة، بل الذي يُجرح يمضي ويُعالج في تل أبيب. لا بد من ميثاق يجمع الكلمة، العمل الفردي لن ينفع بعد اليوم.

قلت في كتابي العرفاني" إشراقات" ليس صاحب السر من يمشي على الماء أو من يطير في الهواء، صاحب السر من يتألم.. وقال الحبيب المصطفى إن الله يفتح على قلب الحزين والله عندما لقن عيسى الكلام صبياً أراد أن يقول أن السر هو يفتحه بينه وبين عباده لذلك أنا اغرس فيكم هذا واعتقد جازماً وهذا ما نعيش عليه إنكم سادتي أمل هذه الأمة.. وأن هذه الأمة أمة مدد لا أمة عدد.. ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة.. اليهود كم عددهم؟ قلة تغلب أمة عددها مليار ونصف؟! لأنها لم تستجب للمدد!!.. في الختام تم تقديم درع التجمع للضيف المحتفى به.


 

اعلى الصفحة