حفل إفطار الهيئة العامة بحضور فتح علي وشريعتمدار

 

السنة الخامسة عشر ـ العدد 175  ـ (رمضان ـ شوال  1437 هـ ) ـ (تموز 2016 م)

نشاطات حزيران 2016

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

مصطفى حسن خازم


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

بمناسبة يوم القدس العالمي أقام تجمع العلماء المسلمين حفل إفطار في مركزه في حارة حريك، حضره سعادة سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحاج محمد فتح علي، والقيادي في حركة الجهاد الإسلامي الشيخ علي أبو شاهين، والمستشار الثقافي للمستشارية الثقافية الإيرانية السيد محمد مهدي شريعتمدار وحشد من العلماء وشخصيات سياسية واجتماعية ودينية. وبهذه المناسبة ألقيت كلمات على الشكل التالي:

كلمة سعادة سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحاج محمد فتح علي:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين سيدنا ونبينا  وحبيب قلوبنا أبي القاسم محمد صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. السادة أصحاب السماحة والفضيلة؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

بدايةً ... يشرفني حضوري بينكم أيها الأعزاء واسمحوا لي بأن أتوجه بخالص الشكر والتقدير لإتاحتكم لي فرصة اللقاء بكم في هذا الشهر المبارك  شهر الخير و الرحمة والجهاد والتضحية .. والمزدان بحضوركم الشريف .. السادة العلماء مصابيح الأرض وخلفاء الأنبياء وورثة النبي الأعظم محمد(ص), عشية يوم القدس العالمي الذي أعلنه إمام الأمة الراحل الخميني العظيم في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك...

أيها السادة ؛ منذ منتصف القرن الماضي حذر الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه من خطورة الكيان الصهيوني وما يرتكبه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني مستنهضاً الأمة للدفاع عن الإسلام و بيت المقدس بقوله: انهضوا ودافعوا عن كيان الإسلام وعن شعوبكم وأوطانكم فإسرائيل قد أخذت بيت المقدس من المسلمين" ..

فلقد كان الإمام بوعيه الرسالي وإيمانه الصادق دليل المجاهدين ناحية فلسطين مثلما كان وسيبقى الملهم لقيم الحق والعدل والثورة. محدداً الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك من كل عام يوماً عالمياً للقدس لتبقى القدس وفلسطين حية في ضمير الأمة.. متزامنةً مع ليلة القدر التي تقدر فيها المصائر وليكون بداية لصحوتهم ويقظتهم.

أيها السادة؛ كثيرة هي العواصف التي تضرب جسم الأمة من فلسطين إلى العراق وسوريا واليمن وبقاع أخرى من العالم الإسلامي.. فالإرهاب ورعاته الدوليين وأدواتهم الإقليمية لن يوفروا جهداً لاستنزاف أمتنا, كما شهدنا خلال اليومين الماضيين هذه التفجيرات الإرهابية الآثمة التي استهدفت الآمنين في منطقة القاع. لذلك نؤكد على أن خلاص الأمة يكمن في وحدتها واعتصامها بحبل الله تعالى واجتماعها على الحق والإيمان بحتمية النصر الإلهي على القاعدة القرآنية الكريمة: ﴿إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم﴾. فالمقاومة سبيل الانتصار وكما شهدنا انتصار المقاومة في لبنان وغزة على العدو الصهيوني, سنشهد بإذن الله تعالى نصراً شاملاً على الإرهاب وداعميه وما ذلك على الله بعزيز.

ختاماً؛ إننا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وفي ظل القيادة الحكيمة للولي القائد السيد علي الخامنئي دام ظله وحكومة فخامة الرئيس الدكتور حسن روحاني نؤكد على وقوفنا الدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني وقواه الحية المجاهدة في سبيل استعادته حريته ومقدساته السليبة وعودته إلى وطنه فلسطين.

أخيراً؛ أجدد شكري لكافة العلماء الأفاضل في تجمع العلماء المسلمين سائلاً العلي القدير أن يعيد هذه المناسبة علينا وقد تحققت كل أماني الأمة من تحرير مقدساتها إلى تحقيق وحدتها على كتاب الله ونهج الإسلام وهدي النبي محمد(ص).. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلمة ممثل عن حركة الجهاد الإسلامي الشيخ علي أبو شاهين:

يشرفني أن أقف متحدثاً بينكم في هذه الليلة من ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، التي فيها ليلة خير من ألف شهر، ليلة القدر، ليلة القرآن، وفيها مناسبة يوم القدس العالمي، يوم القضية المركزية، يوم فلسطين.

للربط بين هاتين المناسبتين دلالات كبرى، فقد جمعت بين الثابت والمتغير، بين النص والواقع. هذه المسألة الجدلية القديمة المتجددة والتي ربما تتمحور حولها جل إشكالاتنا الفكرية والسياسية. ومن على منبر العلماء أصحاب الضيافة، نقول: إن الفقيه من فقه عصره، قال الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾. ومن لطائف ذلك وليس اجتهاداً أو تفسيراً جديداً، أن الله أقسم بالعصر أي الواقع والزمن، وجمع بينه وبين الثابت والمتغير: الحق والإيمان.

تقع مشكلتنا الحضارية اليوم بالضبط بين هذين الحدين: بين من يريد شطب الثابت في الأمة وإلغاء النصوص والقيم والمبادئ التي قامت عليها، وبين من يريد تقديس التاريخ وكل موروث وتثبيته وفق رؤيته الطائفية أو الحزبية أو حتى الذاتية، وفرض هذه الرؤية على الآخرين على أنها الحق كله وكأنها لا تخضع لمتغيرات الزمان والمكان.

هذه هي الإشكالية التي أولاها الإمام الخميني رحمه الله عناية. فعندما أراد أن يستحضر التاريخ استحضره بقيمه وليس بشعاراته وأشخاصه وتفاصيل أحداثه، وبما يشكل امتداداً للقيمة عبر التاريخ مروراً بقضايا العصر، فاعتبر أن فلسطين هي كربلاء العصر، وأنها تعبير وتجسيد لقيمة نصرة المظلوم ومحاربة الظالمين والمعتدين والطغاة والمستكبرين، فأعطى للقدس وفلسطين قيمة إنسانية ورفعها شعاراً عالمياً.

برهنت الأيام أن الإمام الخميني رحمه الله كان ذا نظرة ثاقبة، إذ أدرك أبعاد المشروع الغربي والخطر الذي يشكله الكيان الصهيوني على الأمة ومقدساتها. وحين أطلق يوم القدس العالمي فلأنه كان يدرك أبعاد ما يُخطط لهذه الأمة، وكان يعلم أن فلسطين هي القاطرة التي يمكن أن تجمع الأمة وتخرجها من حالة الضعف، وتجمع قواها جميعاً باتجاه قضية لها مشروعية إسلامية وسياسية، وهي السبيل لتحقيق نهضة حقيقية للأمة بأجمعها. فلسطين في نظرة الإمام رحمه الله كانت إطاراً للوحدة الإسلامية وعنواناً لها. ولذلك كان حريصاً على دعمها ودعم قضيتها وكشف المؤامرات الغربية والتصدي لها، والكل بات يعلم ما قدمه الإمام في سبيل دعم مقاومة الشعب الفلسطيني.

أهمية يوم القدس العالمي أنه يوم لتذكير العالم بالجريمة التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 68 عاماً ولا تزال مفاعيلها وآثارها مستمرة، إنه يوم لإدانة ما ارتكبته القوى الاستعمارية الغربية حين قررت شطب شعب بأكمله وطرده من أرضه وزرع كيان مصطنع في قلب الأمة العربية والإسلامية لتثبيت خارطة التقسيم التي أنتجتها تلك القوى، بالنسبة لنا فإن يوم القدس العالمي هو يوم لتنبيه الأمة العربية والإسلامية إلى أهمية فلسطين في حاضر الأمة ومستقبلها، وإن كل المعاناة التي تعيشها شعوب منطقتنا إنما هي بسبب السعي الغربي المستمر لتثبيت كيان العدو بعد أن تمكنت الانتفاضات المتتالية لشعبنا الفلسطيني الصابر وقوى المقاومة في فلسطين ولبنان من تهديد وجوده.

إنها مناسبة للتذكير بمعاناة ملايين اللاجئين من أبناء شعبنا الذين لا يزالون يعيشون حتى اليوم خارج أرضهم، ويدفعون ثمن استمرار وجود هذا الكيان الغاصب، محرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية والاجتماعية ويعيشون أقسى وأصعب ظروف الحرمان، في وقت لا تزال تتآمر فيه القوى الغربية لإنهاء قضيتهم وشطب حقهم في العودة إلى أرضهم وبيوتهم، لا شك في أن إحياء يوم القدس العالمي هو بمثابة رافعة سياسية وإعلامية لقضيتنا، وهي رسالة دعم قوية إلى شعبنا الفلسطيني في كل مكان ولاسيما في الداخل الذي يخوض منذ أكثر من تسعة أشهر انتفاضة بطولية ضد العدو.

لا ينكر إلا كل جاحد الدور الكبير الذي لعبته الجمهورية الإسلامية  في إيران، قيادة وشعباً، في دعم المقاومة في فلسطين ولنا أن نتصور ما كانت عليه الأوضاع السياسية في المنطقة، في وقت فشلت فيه التسوية فشلاً ذريعاً، وخاضت فيه المقاومة في غزة ثلاث معارك كبيرة ضد الجيش الصهيوني دون الدعم الإيراني. ولا شك أن الجمهورية الإسلامية قد دفعت أثماناً كبيرة نتيجة قيامها مشكورة بهذا الواجب الديني والإسلامي تجاه المقدسات الإسلامية في فلسطين، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك. في الوقت الذي تهرول فيه دور عربية وإسلامية أخرى نحو التطبيع وعقد الاتفاقات مع العدو الصهيوني أو تدعم كافة الجبهات إلا الجبهة الفلسطينية.

إننا نتطلع إلى اليوم الذي يصبح فيه يوم القدس يوماً لكل العرب والمسلمين، تماماً كما أراده الإمام الخميني الراحل، يوماً يجمع الأمة صوب قبلتها الأولى ويخرجها من حالة التشرذم وسفك الدماء، باتجاه الوحدة التي تحقق نهضتها وتقضي بها على عدوها الأوحد الكيان الصهيوني، الذي هو رأس حربة المشروع الغربي ضد امتنا لتحرير مقدساتنا، بإذن الله سبحانه وتعالى. إننا نتطلع إلى ذلك اليوم الذي نلتقي فيه جميعاً على طريق القدس وتحرير فلسطين، فذلك اليوم سيكون يوماً مشهوداً للقدس.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

واختتم الحفل بكلمة رئيس الهيئة الإدارية في التجمع الشيخ الدكتور حسان عبد الله:

ونحنُ نعيشُ أجواءَ شهرِ رمضانَ المباركِ لا بدَّ من أن نتوجَّهَ لله عزَّ وجلَّ بالدعاءِ أن لا نخرجَ من هذا الشهرِ إلا وقد غَفَرَ اللهُ ذنوبَنا وأعتَقَنا من النارِ ونعوذُ به أن نكونَ من الأشقياءِ الذينَ يُحرَمونَ من غفرانِ الله لذنوبهمْ كما قال رسول الله (ص) في خطبتِهِ لاستقبالِ شهرِ رمضانَ المبارك: "فإنَّ الشقيَّ الشقيّ من حُرِمَ غفرانَ اللهِ في هذا الشهر المبارك".

إن فُرصَتَنا ما زالتْ متاحةً الليلةَ من خلالِ ما تبقّى من الأيامِ والليالي وخصوصاً في هذهِ الليلةِ المباركةِ التي هي من ليالي القدرِ المتوقّعةِ فاسألوا الله عزَّ وجلَّ بقلوبٍ صافيةٍ ونيةٍ خالصةٍ أن يغفرَ لنا ذنوبَنا ويتقبّلَنا في الصائمين المقبولِ صومُهُم المجابِ دعاؤهم إنه سميعٌ مجيبٌ. ولا تنسَوا شبابَ المقاومةِ المرابطينَ على الثغورِ دفاعاً عن الإسلامِ والأمةِ.

أيها السادةُ العلماء:

إن اجتماعَنا اليومَ إحياءً ليومِ القدسِ العالميِّ على الرّغم من كلِّ الظروفِ الأمنيةِ المعقّدةِ إنما هو لنؤكِّدَ على أهميةِ هذا اليومَ الذي أعلنَهُ الإمامُ المقدّسُ آيةُ الله العظمى روحُ الله الموسويّ الخميني قُدِّسَ سرّه، ويلفتني هنا أنه رضوان الله تعالى عليه قال: "إنَّ إحياءَ يومِ القدسِ هو إحياءٌ للإسلام" ودعا الأمةَ لإحيائهِ بكلِّ الوسائلِ المتاحةِ، فتساءلتُ كيفَ يكونُ إحياءُ يومٍ باسمِ القدسِ إحياءً للإسلام. والجوابُ أن الإسلامَ إنْ لمْ يحرّكِ الأمةَ نحو عزّتها وكرامتِها لا يكونُ حياً في قلوبِ هذِهِ الأمةِ وإنَّ الإسلامَ إنْ لم يدفعِ الأمّةَ نحو الجهادِ الحقيقيِّ لا يكونُ حياً في قلوبِ أبنائها، وإن الإسلامَ إنْ لم يدْفَعْنا لتحريرِ قُدْسِنا أولى القِبْلَتَيْن وثالثِ الحرمينِ الشريفينِ لا يكون حياً في قلوبنا، لذا أرادَ الإمامُ قُدِّسَ سرُّهُ أن نعملَ لإحياءِ هذا اليوم لنؤكدَ على رفضِنا للاحتلالِ الصهيونيِّ لفلسطينَ، وسَعْيِنا لتحريرِها من براثِنِ العدوِّ الصهيونيِّ ورفَضْنا لكلّ محاولاتِ الصلحِ مع هذا العدوِّ والاستسلامِ له. وتأكيدِنا أننا إن لم تتوفرْ لنا الظروفُ الموضوعيةُ للتحريرِ اليومِ حيثُ إن التحريرَ يحتاجُ إلى أمّةٍ واحدةٍ وقيادةٍ واحدةٍ وجيشٍ واحدٍ فعلى الأقلِّ فليعملِ الشرفاءُ على إبقاءِ هذه القضيةِ حاضرةً في الأذهانِ حتى تتوفّرَ الظروفُ المناسبةُ ونخرُجُ من صراعاتِنا وضعفِنا وجمودِنا وانصياعِنا لإرادةِ الشيطانِ الأكبرِ من حيث ندري أو لا ندري لأننا إن تجاهَلْنا هذا الواجبَ وسكَتْنا ورضِينا بالواقعِ فلنْ نستردَّ حقوقَنا المغتصبةَ ولن نحرِّرَ أرضَنا ولن نستردَّ عزّتَنا وساعتئذٍ لن يكون هناك إسلامٌ حيٌّ في نفوسِنا بلْ سيكونُ بعيداً عن ساحةِ الوجودِ بما كَسَبَتْ أيدينا الآثمةُ، وهذا معنى قولُ الإمامِ الخميني (قدس سره) إحياءُ يومِ القدسِ إحياءٌ للإسلام.

واسمحوا لي أن أعرُضَ عليكم سؤالاً يسألُه ُكلُّ شابٍ مجاهدٍ اليومَ، لماذا لم تُحرّرَ فلسطينُ إلى اليوم؟ ولماذا استطاعَ ثُلّةٌ قليلةٌ في لبنان تحريرَ جنوبَ لبنان ولم تستطعْ جحافلُ العَرَبِ أن تحرّرَ فلسطينَ؟ ولماذا استطاعتْ ثلّةٌ مجاهدةٌ في غزةَ طَرْدَ الصهاينةِ منها ولم تستطعْ الطائراتُ النفاثةُ الضخمةُ وجحافلُ الجيوشِ العربيةِ أن تحررَ فلسطين؟؟!!

والجواب:

- لأننا لم نلتزمْ بالإسلامِ ولم نؤمنْ به حقَّ الإيمانِ بل كلُّ ممارساتِنا كانت كُفراً بأنْعُمِ الله فصَدَقَ فينا قولُهُ تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾.

- لأننا لم نعتصمْ بحبلِ اللهِ وتَفَرّقْنا قبائلَ متناحرةً، فبدلاً من الوحدةِ سَعَينا للفرقةِ وأصبَحْنا نتعبّدَ للحدودِ الوطنيةِ كأنها من المقدّساتِ وضيّعنا أمرَ الله لنا بأن نكونَ أمةً واحدةً: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.

- لأنّ حكّامَنا ربطوا مصيرَهُم بمصيرِ الكيانِ الصهيونيِّ وباتَ سقوطُ هذا الكيانِ سقوطاً لهم فدافعوا عنه وهاجموا وطعنوا بالظّهرِ كلَّ مقاومةٍ شريفةٍ أنتجتها الأمةُ.

- لأنّ هذِهِ القياداتِ صوَّرتْ لنا أن العدوَّ الصهيونيَّ وجيشَهُ هو أسطورةٌ لا تُقهرُ لذلك كان غضبُهم على المقاومةِ عندما كشفتْ زيفَ أحدوثَتَهُم وأثبتتْ قوةَ الأمةِ المنيعةَ من الإيمانِ بالله ورسوله.

- لأنَّ جيوشَنا العربيةَ إنما هي لقمعِ الشعوبِ وليست لتحريرِ الأوطانِ.

- لأن أولوياتِنا تغيرتْ من أن تكونَ قتالاً لأشدِّ الناسِ عداوةً للذين آمنوا (اليهود) إلى قتالِ أعداءٍ مختَرَعِينَ اختاروهم لنا تحتَ عنوانٍ قَوميٍّ تارةً ومذهبيٍّ أخرى وعرقيٍّ ثالثةً، ولأنّ.. ولأنَّ.. والقائمةُ طويلةٌ، والحلُّ الصريحُ هو وبكلِّ اختصارٍ أمةٌ واحدةٌ بقيادةٍ راشدةٍ وجيشٍ واحدٍ يحرِّر فلسطينَ وإلى ذلكَ اليومِ واجبُنا إحياءُ هذه القضيةِ في نفوسِ أجيالِنا التي ستحملُ المِشْعَلَ من بعدِنا ولنْ نُقِرَّ لعدوِّنا احتلالَهُ لشبرٍ من أراضينا، ولا يحقُّ لأيِّ حاكمٍ عربيٍّ أن يتنازَلَ عن شبرٍ من فِلَسطينَ ولا يحقُّ حتى لأهلِ فلسطينَ أنفسِهم، ففلسطينُ وقْفٌ إلى يومِ القيامةِ. كما اعتَدْنا في كلِّ عامٍ باسمِ تجمُّعِ العلماءِ المسلمينَ نعلِنُ المواقِفَ السياسيةَ التاليةَ:

أولاً، على صعيد الوحدةِ الإسلاميةِ: يمكن لي أن أُعْلِنَ وبكلِّ صراحةٍ وبناءً لخبرةٍ وتجربةٍ أن مشروعَ الفتنةِ المذهبيةِ لم يحققْ أهدافَهُ وهو وإن أَحْدَثَ بعضَ النّدوبِ إلا أننا استطعنا الانتصارَ عليه وحدّدْنا وبشكلٍ واضحٍ أن الصراعَ في الأمةِ ليس صراعاً مذهبياً بل هو صراعٌ سياسيٌّ بين نهجَيْن، نهجِ مقاومةٍ تقودُهُ الجمهوريةُ الإسلاميةُ في إيران، ونهجِ استسلامٍ للشيطانِ الأكبرِ بقيادةِ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكية.

ثانياً، على صعيد فلسطين: ندعو الفصائلَ الفلسطينيةَ كافةً للتوحدِ في غرفةِ عملياتٍ واحدةٍ وقيادةِ حربٍ شعبيةٍ كي يشعرَ العدوُّ الصهيونيُّ بالثمنِ الباهظِ لاحتلالِهِ لأرضِنا وندعو لدعمِ الشعبِ الفلسطينيِّ للصمودِ في أرضِهِ من إعادةِ بناءِ ما هدّمهُ العدوانُ ورعايةِ عوائلِ الشهداءِ والجرحى، وبناءِ المدارسِ والمستشفياتِ، وندعو السلطةَ الفلسطينيةَ لإلغاءِ الاتفاقياتِ الأمنيةِ والسياسيةِ كافةً مع العدوّ الصهيونيِّ حتى لو كانَ الثمنُ ذهابَ السلطةِ، فلا باركَ الله بسلطةٍ لا تستطيعُ حمايةَ شعبِها.

ثالثاً، النهجُّ التكفيريُّ: إننا نعتبرُ أن هذا النهجَ هو صنيعةٌ مخابراتيةٌ يتبنى نفسَ مفرداتِ الفكرِ الصهيونيِّ وإن قتالَهُ من أوجبُ الواجباتِ لأنّ تغلغُلَهُ في الأمةِ سيؤدي بها إلى الانهيارِ والوقوعِ في براثنِ الاستكبارِ العالميِّ، ونعتبرُ أن خطَرَ هذا النهجِ على الإسلامِ المحمديِّ الأصيلِ خطرٌ أساسيٌّ يسعى لتشويهِ المفاهيمِ والقيمِ الدينيةِ. ما يوجب على العلماءِ التصدي له وفضحَ أساليبِهِ ومنطلقاتِه وبعدِهِ بل مناقضَتِهِ للإسلام.

رابعاً، على صعيدِ لبنان: نؤكدُ على ضرورةِ دعمِ المقاومةِ في حربها ضدّ العدوَّيْنِ اللدودَيْنِ لهذه الأمة (العدو الصهيوني والتكفيري)، وأنَّ الثلاثيةَ الماسيةَ (الجيشَ والشعبَ والمقاومةَ) هي الحلُّ لحمايةِ لبنانَ والدفاعِ عنه، ونستنكرُ هنا التفجيراتِ الآثمةَ التي حصلتٍ في بلدةِ القاعِ ونعلنُ تضامنَنَا مع أهلها، وأن الحلَّ لهذه المسألةِ يكونُ بتنظيمِ مخيماتِ اللاجئينَ السوريينَ وإبعادِها عن التواصلِ مع الجهاتِ الإرهابيِةِ. ونؤكد هنا على ضرورةِ الوصولِ إلى قانونِ انتخابٍ عادلٍ ونراه على أساسِ النسبيةِ وجعلِ لبنانَ دائرةً انتخابيةً واحدةً، أما بالنسبةِ لانتخابِ رئيسِ الجمهوريةِ فإننا نرحِّبُ باقتراحِ السلةِ الواحدةِ التي اقترحَها دولةُ رئيسِ مجلسِ النوابِ الأستاذ نبيه بري.

خامساً، على صعيد الحرب الدائرة في المنطقة: نعتبرُ أن الحربَ التي يخوضَها الجيشانِ السوريُّ والعراقيُّ والمقاومةُ هي معركةٌ في حربِنا ضدَّ العدوِّ الصهيونيِّ وليستْ شيئاً آخرَ بل أصبحَ اليومَ إضعافُ الكيانِ الصهيونيِّ مقدمةً لإسقاطِهِ وزوالِهِ يكون بإزالةِ العدوِّ التكفيريِّ، لأنه اتخذَ منهُ درعاً يحميهِ من جهةٍ ويُضْعِفُ خطَّ المقاومةِ من جهةٍ أخرى.

أما في اليمنِ فهناك الظلمُ الفاضحُ، شعبٌ يُقتَلُ أمامَ أعينِ العالمِ ولا تستطيعُ الأممُ المتحدةُ أن تُصْدِرَ قراراً خجولاً لإدانةِ المعتدي السعوديِّ بل تتراجعُ أمامَ تهديدِ السعوديةِ لها بقطعِ التمويلِ عنها، ولكن مع ذلكَ فإن معركةَ اليمنِ هي آخرُ المعاركِ والنصرُ سيكون حليفَ الشعبِ اليمني الذي لن تكونَ سعادتُهُ وعزَّتُهُ إلا بعدَ رفعِ يدِ السعوديةِ عنه وعن مقدّراتِهِ وإمكاناتِهِ.

سادساً، على صعيدِ البحرينِ: اسمحوا لي أن أُفْرِدَ لهذا الشعبِ المظلومِ عنواناً وأعلنُ باسمِ تجمعِ العلماءِ المسلمينِ دعمَنا لكفاحِ هذا الشعبِ للوصولِ إلى المشاركةِ الحقيقيةِ في السلطةِ وأعلنُ رفْضَنا للممارساتِ الظالمةِ لحكومةِ البحرينِ خاصةً تلكَ التي مسّتْ برمزِ الاعتدالِ سماحةِ آيةِ الله الشيخ عيسى قاسم ونحذِّرُ حكّامَ البحرينِ مِنْ أن إخراجَ سماحتِهِ من البلادِ سيُدْخِلُها في فتنةً كبيرةً قدْ تؤدي إلى تحوُّلِ الحراكِ من السلميةِ إلى العسكريةِ وهذا ما لا نريدُهُ ولا يريدهُ حكماءُ البحرين.

سابعاً، على صعيدِ إيران: نتوجهُ باسمِ التجمعِ إلى الجمهوريةِ الإسلاميةِ الإيرانيةِ وسماحةِ قائدنا وعزِّنا وفخرِنا وإمامِنا ومرجِعِنا وسيِّدِنا آيةِ الله العظمى الإمامِ السيد علي الخامنائي (مد ظله) بأسمى آياتِ الولاءِ ونعلنُ أننا مع سماحتِهِ ولو خاضَ البحرَ لخضناهُ معهُ، ونحن سِلْمٌ لمن سالَمَهُ وحربٌ لمن حارَبَهُ لأنه اليومَ رمزُ الإسلامِ المحمديِّ الأصيلِ. ونشكرُ الجمهوريةَ الإسلاميةَ الإيرانيةَ على كلِّ ما قدَّمَتْهُ لأمتِنا العربيةِ وخاصةً في دعمِها للمقاومةِ وللقضيةِ الفلسطينيةِ مع ما كلَّفَها هذا الأمرُ من تضحياتٍ تحمّلَها الشعبُ الإيرانيُّ البطلُ بكلِ محبةٍ وفخرٍ، فشكراً إيران.. أشكر لكم حضوركم وكل عام وأنتم بخير.


 

اعلى الصفحة