عيدٌ بأية حال عدت يا عيد؟!!

السنة الخامسة عشر ـ العدد 175  ـ (رمضان ـ شوال  1437 هـ ) ـ (تموز 2016 م)

بقلم: الدكتور الشيخ حسان عبد الله(*)

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

مصطفى حسن خازم


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

ترى هل هذا هو قدر الأمة العربية والإسلامية أن تندب حظها في كل عيد؟! ما هي الأسباب التي تجعلنا دائماً نبكي ونندب حظنا؟!.. وكأن سبب تراجعنا أمر خارج عن إرادتنا؟!!.

لماذا لم يقدّر للأمةِ منذ أن قسمت باتفاقية سايكس بيكو واحتلال فلسطين من يُعِدّ العدة لاسترجاع العز السليب؟!! ما هي الموانع التي تحول دون تقدمنا وخروجنا من مأزقنا؟ لماذا تحولنا إلى مجرد هياكل تمشي في الشوارع لا يحس أحدٌ بها ولا يستمع أحد إليها، ولا نمتلك قدرة على التغيير؟ ترى هل هذا مقدر ومكتوب لا يمكن تغييره؟ أم أن هناك موانع تحول دون تغييره؟.. وما هي هذه الموانع؟ وما مدى مسؤوليتنا عن تكريسها وعدم إزالتها؟ ولماذا؟.. ولماذا؟.. ولماذا؟.. و.. و..؟!!!!. أسئلة حائرة وكثيرة ومن يمتلك الإجابة يمتلك الحل.

أنا لا أريد أن أعمل بسياسة جلد الذات ولا أريد أن أقول أن الجو قاتم إلى حد أن لا بصيص أمل ولا نافذة نور في آخر النفق المظلم ولكني أريد أن أوثق الواقع وأحاول كشف الأسباب التي دعت إليه محاولاً تحديد الداء ووصف العلاج؟!.

أولاً، لا بد من أن أنبه أنه في وسط هذا الظلام الدامس يوجد أشعة نور هنا وهناك لو قُيِّض لها أن تتسع فإنها ستكتسح الظلام الدامس، ففي نهايات القرن الميلادي الماضي كانت الثورة الإسلامية في إيران كشعاع ابتدأ بتبديد الظلام وأعاد إحياء فكرة أن الإسلام المحمدي الأصيل كدين وسطي قادر على قيادة الحياة وبناء دولة مدنية تتماشى مع روح العصر، وطرحت هذه الثورة من جديد أن الأمة تستطيع استعادة فلسطين وتحريرها ووضعت أسساً للوصول إلى ذلك، غير أن المفردات التي أتت بها هذه الثورة عمل الغرب الذي استشعر الخطر من ورائها إلى تحريفها عن واقعها لتتحول الإيجابية فيها إلى سلبية.

فالثورة ليست إسلامية بل شيعية، وهي لا يحق لها حمل القضية الفلسطينية لأنها قضية عربية وهي فارسية، ثم ذهبوا لخوض حرب ناعمة ضد كل المفردات التي أعطت لهذه الثورة أسباب انتصارها من خلال ضرب مفاهيم الدين الإسلامي.

ومع ذلك صمدت الثورة وحققت انتصارات باهرة ولعل أهم هذه الانتصارات أنها أنتجت من خلال الفكر الذي تحمله حركة مقاومة في الأمة فكانت المقاومة الإسلامية في لبنان التي حققت أول نصر ناجز على العدو الصهيوني في لبنان، وكانت الانتفاضة في فلسطين التي استطاعت طرد العدو من غزة وأصبح طرح تحرير فلسطين أمراً واقعاً.

غير أن العدو المتحفز لإيجاد الخطط البديلة اخترع لنا عدواً وهمياً وحوله من العدو الصهيوني المحتل لأرضنا إلى العدو الفارسي الذي يمد اليد إلينا كي نمشي معاً إلى تحرير فلسطين، وابتدأت بعض أشعة النور تتبدد.

أمام هذا الواقع ومع عرض المشكلة الأساسية التي تعاني منها الأمة ما هو الحل؟ كيف نعمل على توسيع رقعة الضوء في أمتنا؟ من أين ننطلق وما هي العناوين التي تساهم في صنع الانتصار وإعادة عزة الأمة إلى ما كانت عليه. في الحقيقة أختصر هذه العناوين بالتالي:

أولاً: لا بد للأمة من قيادة واحدة حكيمة واعية فقيهة مؤمنة، وطالما أن هذه الأمة يحكمها حكام مرتبطون بالاستكبار العالمي لن يقوم لها قائمة.

ثانياً: لا بد من وحدة الأمة وخصوصاً الوحدة الإسلامية كطريق من أجل وضع عناوين مشتركة لاهتمامات الأمة تعمل على تحقيقها.

ثالثاً: يجب أن نعمل على نشر الإسلام المحمدي الأصيل، الإسلام الوسطي، ونبذ دعاة التكفير وفضح مشاريعهم وإيضاح أنهم لا يمتون إلى الإسلام بصلة.

رابعاً: لا عدو لنا في أمتنا سوى العدو الصهيوني، والخلافات فيما بيننا هي إما خلافات فقهية أو عقدية ولها محلها للتداول والنقاش، وإما خلافات سياسية يجب أن لا تصل إلى حد الاقتتال فيما بيننا.

خامساً: يجب العمل على تصعيد المقاومة ضد العدو الصهيوني ورفد هذه المقاومة بكل إمكانات الصمود المادية والمعنوية.

سادساً: يجب ترك الاعتماد على الغرب في الوصول إلى حقوقنا فهو لم يكن أو لن يكون وسيطاً عادلاً في حل نزاعاتنا خاصة مع ربيبته الكيان الصهيوني.

سابعاً: يجب أن نعمل بكل جهد لوقف الاقتتال العبثي الدائر في أمتنا واللجوء إلى الحوار السياسي لوضع حلول لمشاكلنا.

مع كل هذا الظلام الدامس غير أن الأمل ما زال موجوداً من خلال العمل على التغيير ضمن خطة واضحة يمكن أن تبدد الظلام ومشاعل النور ما زالت موجودة في خط المقاومة الذي سينتشر ليبدد الظلام ويعيد للأمة عزتها وكرامتها.

رئيس الهيئة الإدارية في تجمع العلماء المسلمين(*)  

اعلى الصفحة