تونس ترفض اعتبار حزب الله "منظمة إرهابية"

السنة الخامسة عشر ـ العدد 173 ـ  (رجب - شعبان 1437 هـ ) ـ (أيار 2016 م)

بقلم: توفيق المديني

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

مصطفى حسن خازم


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

تحليل من تونس:

انعقد مع بداية شهر آذار/مارس 2016 في تونس اجتماع وزراء الداخلية العرب في ظل استمرار عجز الحكومات العربية عن مواجهة الحلف الأمريكي – الصهيوني، وفي ظروف الإرهاب الصهيوني الذي تنكر لكل المواثيق والأعراف الدولية، وحتى الإنسانية...

.. وفي ظل ارتباط الأنظمة العربية بالسياسة الأمريكية الهادفة إلى تصفية قضية الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل نيل حقوقه في الاستقلال والحرية وإقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس، وتنامي التغلغل الاقتصادي الصهيوني وغيره في المنطقة العربية، وتحت شعارات براقة للمطبعين مثل "المشاريع المشتركة" ووصولاً إلى السوق الشرق أوسطية.

وصدر عن اجتماع مجلس وزراء الداخلية العرب بيان في تونس، يصنف فيه حزب الله المقاوم "منظمة إرهابية"، بينما يتميز حزب الله عن باقي القوى السياسية في المنطقة العربية بأنه يحارب الاحتلال الصهيوني عبر المقاومة، الذراع المسلح للحزب وعمليات المقاومة ليست موسمية ولا سياسية، بل تدخل في صميم أصل العقلية الإيديولوجية للجهاد الإسلامي، الداعية إلى مواجهة الاحتلال سواء كان فرنسياً أو بريطانياً أو صهيونياً، وقد صنعت المقاومة الإسلامية هالة حزب الله في لبنان منذ انطلاقته عام 1985، وجعلته رقما صعباً في معادلات الصراع المحلي والإقليمي، لاسيما بعد نجاحه في تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الصهيوني في 25 أيار 2000.

ولقد أسهم حزب الله في حرب لبنان الثانية تموز 2006  في إنهاء أسطورة "إسرائيل الكبرى" وحطم جيشها وقوتها الوهمية، فهذه الحرب كبّدت دولة الاحتلال خسائر كبيرة لم تَخسرها على مدار تاريخها الحربي، وما تُعلنه من انجازات في حربها على لبنان هووهم كبير ودعاية كاذبة بهدف عدم تحطيم الروح المعنوية للمستوطنين وللجنود الصهاينة... فأسطورة الجيش الذي لا يقهر انتهت، ومُرِغَ أنف هذا الجيش الذي يَخرج من كل معركة محطماً ويجر أذيال عار الهزيمة والخيبة بالتراب. ونذكر من حقائق هذه الحرب أنه على مدار شهر كامل تَكبدت "إسرائيل" خسائر كبيرة 118جندياً، و42 مدنياً وأكثر من 1000 جريح، فضلاً عن الخسائر التي تكبدتها المدن "الإسرائيلية". فمثلاً مدينة حيفا، التي تعد من أكبر المدن "الإسرائيلية" أصيبت بالشلل التام في مرافقها الاقتصادية والتجارية والمؤسسات الخدماتية إثر تعرضها اليومي لصواريخ حزب الله، فضلاً عن أن مسؤولين صهاينة وعلى رأسهم رئيس الوزراء أولمرت اعترفوا بأن القوات "الإسرائيلية" غير قادرة على تدمير كل القدرة الصاروخية لـ"حزب الله"، فضلاً عن حياة الملاجئ التي يحياها "الإسرائيليون" باستمرار. وربما الدليل البارز على هزيمة "إسرائيل" في هذه الحرب هو استهدافها للمدنيين والمجازر الكبرى التي ارتكبتها لتغطية فشلها الذريع في هذه الحرب، إذ إنها لم تسجل أي إنجاز بعد أن استنفدت قواتها الجوية كل الأهداف من دون أن تَصل إلى مقار ومواقع حزب الله، وهذا ما يؤكد الفشل الاستخباري الذريع لدولة العدو.

ويأتي الموقف الجديد من جانب مجلس وزراء الداخلية العرب، كاستجابة للسياسة السعودية الرجعية المصطفة على أرضية الخط السياسي الأمريكي، والتي تريد من الدول العربية أن تتبنى مواقفها الاستسلامية بالإجماع، و المتعلقة بتقديم تنازلات في قضية إنهاء الصراع العربي- الصهيوني، وإنهاء حالة العداء مع "إسرائيل"، وبالتالي تصفية كل حركات المقاومة اللبنانية و الفلسطينية التي لا تزال تدعو إلى تحرير كل فلسطين من النهر غلى البحر.

ومنذ المبادرة العربية للسلام المنبثقة عن قمة الرياض الأخيرة (مارس 2007)، ما انفكت السياسة السعودية تعمل على أساس تصفية القضية الفلسطينية، وباتت ترى أن الحل المنشود هو الحل المطلوب أمريكياً وصهيونياً، أي مضمون القرار 242, القائم على الصلح والاعتراف، والحدود الآمنة، والتطبيع الكامل مقابل الانسحاب الكامل، وإسقاط حق المقاومة. ولأن تكريس هذا الخط عربياً،يخلق وضعاً معاديًا لمقاومة الشعب الفلسطيني البطولية، تمارس الدور الاستسلامي فيه القوى العربية والفلسطينية الرجعية الرسمية.

وكالعادة، كرس النظام السعودي هزيمة عربية جديدة وشاملة عنوانها: خروج العرب من فلسطين نهائياً، وتركها بكاملها للاحتلال الإسرائيلي المعزز بالدعم الأمريكي المفتوح، ما دامت القضية الرئيسة بالنسبة لحكام آل سعود في الزمن العربي الرديء، هو تحطيم الدولة الوطنية السورية الصامدة في مواجهة الإرهاب، والعمل على تأليب الدول العربية ضد المقاومة اللبنانية بزعامة حزب الله، الذي لا يزال ينادي بتحرير كل فلسطين.

مكونات المجتمع المدني تشجب قرار الداخلية العرب

وقد أدانت مكونات المجتمع المدني في تونس الداعمة  لمقاومة الكيان الصهيوني (الرابطة التونسية للتسامح - الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية - حزب الغد - الملتقى الدولي للشباب المناهض للصهيونية - منتدى شرق غرب - التجمع العربي الإسلامي لدعم خيار المقاومة)، قرار وزراء الداخلية العرب والذي اعتبروا فيه الحزب المقاوم "حزب الله اللبناني" منظّمة إرهابية، وأعلنت في بيان إدانتها الكاملة لهذا القرار ورفضها له، مؤكدة في هذا السياق التأكيد على الحقائق التالية:

1- إنّ حزب الله منظمة وطنية عربية مقاومة، تشارك الآن بفعّالية في مقاومة العدوان العالمي على سوريا وقدّمت في طريق مقاومة الإرهاب الصهيوني والتكفيري آلاف الشهداء، وهو المنظمة العربية التي سبّبت الهزيمة الكبرى للعدوّ الصهيوني في عام 2000 و2006.

2- إنّ حزب الله ساهم طيلة وجوده في الدفاع عن فلسطين وفي دعم المقاومة الفلسطينية بجميع أشكال الدعم الممكنة وقدّم في ذلك مئات الشهداء، و جميع الفصائل الفلسطينية تؤكّد ذلك والبيانات الصادرة عنها في إدانة القرار العربي خير الأدلة، ومشاركته في الحرب العالمية العدوانية على سوريا إنما جاءت في سياق دفاعه عن الدولة العربية الوحيدة التي استمرّت تحتضن المقاومة الفلسطينية على الرغم كلّ الضغوط الأمريكية.

3- إنّ حزب الله هو الذي حرّر رفات التونسيين الذين بقوا محتجزين لدى الكيان الصهيوني.

4- إن غالبية الدول العربية الموقعة على القرار الفضيحة "اعتبار حزب الله منظمة إرهابية "لها موقف واضح في التعاون مع الإمبريالية الأمريكية والعدوّ الصهيوني في ضرب قوى المقاومة العربية وتعتبر السعودية وقطر الفاعل الرئيسي في العدوان العالمي على سوريا وفي صناعة الحالة التكفيرية والإرهابية في الوطن العربي، وفي تقديم حبل النجاة للعدو الصهيوني من خلال صناعة الحريق العربي المتنقل، كما تستمر السعودية في العدوان على اليمن وارتكاب المجازر. لذلك:

1- نعتبر هذا القرار امتداداً للعدوان العالمي على أمتنا، وتنفيذاً للمخطط الإمبريالي الذي يستهدف قوى المقاومة الوطنية، وهو ردّ فعل لتحالف العدوان على الدور المقاوم الذي يقوم به حزب الله في الحرب الظالمة على سوريا واليمن.

2- ندعو جميع القوى الوطنية في تونس والوطن العربي إلى تحمّل مسؤولياتها التاريخية في رفض هذا القرار وإدانته، واعتباره عدواناً على لبنان وإشعالاً للحرب الأهلية فيه، باعتبار حزب الله شريكاً في البرلمان والحكومة اللبنانية.

3- نؤكّد أنّ موقع تونس لا يكون إلاّ ضمن محور المقاومة الذي يقاتل ميدانيا ضدّ الإرهاب التكفيري والصهيوني ولا يمكن لتونس أن تكون شريكا في محور العدوان على الأمة وقواها الوطنية المقاومة.

الاتحاد العام التونسي للشغل كان قد توّج، يوم الخميس 3مارس 2016، الحملة السياسية والشعبية الرافضة لقرار مجلس وزراء الداخلية العرب، متمسكاً بالخيار التاريخي لتونس في دعم كل أشكال المقاومة ضد الكيان الصهيوني. ويوم الجمعة 4 مارس 2016، عبّرت نقابة المحامين عن "صدمتها" لما جاء في بيان وزراء الداخلية العرب، منتقدة ما وصفته بـ"انخراط الحكومة التونسية في التوجه الخطير بالتنكر لثوابت الشعب التونسي في الانتصار للمقاومة والمشاركة فيها".

الأحزاب التونسية تندد

أما على صعيد الأحزاب السياسية الوطنية والديمقراطية التونسية، فقد أدانت جميعها، قرار مجلس وزراء الداخلية العرب، ونددت في الوقت عينه بالسياسة الخارجية التونسية التي تبنت نهج الارتباط بالمحور السعودي – الأمريكي الصهيوني، وهو ما يجعل الدولة التونسية فاقدة لسيادتها الوطنية في اتخاذ المواقف التي تتلاءم مع الأهداف الإستراتيجية للثورة التونسية، التي تعتبر القضية الفلسطينية قضية مركزية للأمة العربية، وتدعم في الوقت عينه كل حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية المناهضة للاحتلال  الصهيوني، وفي القلب منها حزب الله اللبناني.

وشدّد الخصخوصي على أن حركة الديمقراطيين الاجتماعيين معارضة تماما لتبني تونس لقرار مجلس وزراء الداخلية العرب وتدعو وزارة الخارجية لتعديل موقفها من هذا القرار وذلك مراعاة لمصلحة البلاد. أمّا إذا ما كان السبب وراء تبني تونس مثل هذا الموقف هو ما تتخبط فيه من مشاكل اقتصادية ورغبة الحكومة في الحصول على مساعدات من البلدان التي تريد فرض هذا القرار، فإن ذلك غير مقبول ولا يجب أن تقلب سياسة البلاد الخارجية رأساً على عقب، خاصة أنه لا يوجد في الأفق ما يظهر استعداد هذه البلدان لتقديم مساعدات حقيقية. كما أن هناك أطرافاً تكيد لتونس وقد ثبت دعمها وتمويلها للإرهاب.

وبالنسبة إلى زهير حمدي الأمين العام للتيار الشعبي(قومي ناصري) فاعتبر تصنيف مجلس وزراء الداخلية العرب لحزب الله كتنظيم إرهابي قراراً مخزياً ومشيناً وفيه اختراق رسمي لما تبقى من النظام الرسمي العربي والهيمنة النهائية على القرار العربي الذي أصبح شريكاً للكيان الصهيوني ومنفذا لإرادة أمريكا.

وأشار إلى البيان الذي أصدره حزبه والذي وصفه بشديد اللهجة، حيث أدانوا فيه هذا القرار واعتبروه بداية مرحلة جديدة في التعاطي مع القضية الفلسطينية وفي التعاطي مع الكيان الصهيوني، حيث بات القرار العربي خاضعاً بالكامل له، كما بات أيضاً رهينة بيد النظام السعودي الذي يقف وراءه الأمريكان والإسرائيليون.

ويعبر زهير حمدي عن اعتقاده بأن الأنظمة الرجعية وفي مقدمتها السعودية هي الأَوْلى بتصنيفها دولاً إرهابية باعتبار ثبوت دعمها ورعايتها وتمويلها للجماعات الإرهابية التكفيرية في كافة المنطقة العربية. واعتبر قرار تصنيف حزب الله بالإرهابي بأنه إرادة حقيقية للاستعمار ووكلائه في المنطقة لتجريم كل أشكال مقاومة العدو الصهيوني وإسقاط خيار المقاومة لتحرير فلسطين والمنطقة. وبالتالي حسب المتحدث فإن حزبه يستهجن موقف الحكومة التي خضعت لضغوط الأنظمة المتخلفة ضاربة عرض الحائط قيم الثورة والدستور التونسي الذي يعتبر الصهيونية عدوانا علينا والقضية الفلسطينية قضية تونس المركزية. وأن موقع تونس الثورة لا يمكن ان يكون إلا في محور المقاومة ضد العدو الصهيوني والإرهاب التكفيري. ولكل ذلك يدعو كل القوى الوطنية والتقدمية العربية لإدانة قرار مجلس وزراء الداخلية العرب والنضال من اجل إسقاطه لأنه إذا ما فرض فانه سيفتح الباب أمام تصفية كل القوى الوطنية المؤمنة بخيار المقاومة كما سيفتح الباب أيضاً أمام هيمنة الصهيونية والاستعمار في كل المنطقة.

وقالت "حركة الشعب"(قومية ناصرية ) في بيان لها صدر يوم الخميس 3 مارس 2016: "إن الحركة  من موقع التزامها بنهج المقاومة الذي يمثّل الثابت البنيوي في رؤيتها السياسيّة،تدين الموقف المخزي الذي صدر عن مجلس وزراء الداخليّة العرب، ونعتبر أنّ هذا الموقف يمثّل رصاصة الرحمة التي أطلقت على مؤسّسات النظام الرسمي العربي وعلى رأسها جامعة الدول العربيّة التي أمعنت في خيانة الرسالة التي من أجلها أنشئت.

ونؤكّد كما هو الحال دائماً أنّ صفاء النيّة في محاربة الإرهاب يقتضي أوّلا التمييز بدقّة و صرامة بين المقاومة المشروعة والإرهاب وأنّ المتابع المحايد لا يحتاج جهدا كي يتبين أنّ موقع "حزب الله" كما يكشف عن ذلك خطابه و فعله السياسي والعسكري يتموقع في قلب معسكر المقاومة الصامدة في وجه المخطّطات الصهيونيّة وأدواتها التكفيريّة. وتعبّر "حركة الشعب" عن رفضها المطلق للنهج الذي اتّخذته الدبلوماسية التونسيّة التي ورّطت البلاد من جديد في سياسة المحاور المعادية لمصالح الشعب والمنخرطة بشكل مفضوح في خدمة المشروع الصهيوني وهو ما يفسّر ترحيب قادة الكيان الصهيوني المعلن بالبيان الصادر عن مجلس وزراء الداخليّة العرب".

وأصدر "حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات"(اشتراكي ديمقراطي) بياناً يوم 3 مارس 2016، أدان فيه اصطفاف تونس وراء بعض الدول الخليجية التي سعت إلى إصدار قرار من مجلس وزراء الداخلية العرب لتصنيف حزب الله كتنظيم إرهابي. وأشار الحزب في بيانه إلى مخالفة هذا القرار لتقاليد الدبلوماسية التونسية التي لم تتورط في سياسة المحاور والتحالفات, مجدٰدا اعتباره لحزب اللّه كحزب مقاوم للغطرسة الصهيونية.

وأصدرت الجبهة الشعبية(ائتلاف متكون من 11حزباً يسارياً وقومياً)، ولها 15 نائباً في البرلمان، بياناً يوم 3مارس 2016، عبرت فيه عن رفضها القطعي لقرار مجلس وزراء الداخلية العرب بتصنيف حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، واستنكرت ما أسمته اصطفاف الحكومة التونسية وراء هذا القرار. وقد قال نص بيان الجبهة الشعبية التالي: 

إن الجبهة الشعبية تستنكر اصطفاف الحكومة التونسية، وراء البيان الختامي لمجلس وزراء الداخلية العرب والذي يصنّف حزب الله اللبناني تنظيماً إرهابياً، وهي تعتبر أن هذا الموقف لا مصلحة فيه لتونس وشعبها كما أنّه لا مصلحة فيه للشعب اللبناني والشعوب العربية عامة.

وأخيرا فإن ما حصل في مجلس وزراء الداخلية العرب يبيّن مرة أخرى أن السياسة الخارجية لتونس لم تتغير عمّا كانت عليه في عهد الترويكا فهي سياسة تابعة، بل رهينة إملاءات إقليمية ودولية، وهو ما يتطلّب إثارة المسألة في مجلس نواب الشعب ومناقشتها أمام الرأي العام. كما يتطلّب من كل القوى الديمقراطية والتقدمية ممارسة الضغط الضروري على الائتلاف الحاكم للتراجع عن موقفه وعدم الزجّ بتونس في أي محور من المحاور في المنطقة واحترام استقلالية القرار الوطني.

وأبدى "حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي" استغرابه لموافقة الحكومة التونسية على بيان وزراء الداخلية العرب، معتبراً أن هذا الموقف يؤكد مجدداً "سياسة الاصطفاف الآلي وراء مواقف المملكة السعودية التي انتهجتها الدبلوماسية التونسية في الآونة الأخيرة كالانضمام إلى (الحلف الإسلامي ضد الإرهاب، والمصادقة على تشكيل قوات عربية مشتركة للتدخل العسكري في البلدان العربية...) وهو موقف في تناقض صارخ مع مصالح بلادنا العليا واستقلالية قرارنا السيادي".

كما انتقدت "الجبهة الشعبية" ما وصفته بـ "اصطفاف الحكومة التونسية، من خلال وزير الداخلية، وراء

تراجع مواقف السلطات التونسية أمام قوة الضغط الشعبي

لم يفلح البيان التوضيحي الصادر، يوم الجمعة 4مارس 2016، عن وزارة الخارجية التونسية بخصوص "اعتبار حزب الله تنظيماً إرهابياً" في تهدئة الاحتجاج السياسي والمدني ضد موقف وزارة الداخلية التونسية، إذ لا يزال نواب الشعب يطالبون بمساءلة الحكومة التونسية حول تورطها في المصادقة على بيان وزراء الداخلية العرب في هذا الشأن.

وقد ساد التخبّط السياسي في مواقف تونس من القضايا الخارجيّة، وذلك بعد التباين الصارخ الذي أبداه وزير سيادة حيال موقف تونس من قرار مجلس وزراء الداخليّة العرب، المعلن، بشأن تصنيف حركة "حزب الله" اللبنانيّة "تنظيما إرهابيّا".وكان وزير الداخليّة الهادي مجدوب قد أكّد أنّ تونس لم تتحفّظ قرار المجلس القاضي بتصنيف حزب الله "تنظيماً إرهابيّاً"، في حين شدّد وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي على أنّ "تونس غير معنيّة بهذا الأمر". فقد قال وزير الشؤون الخارجية، خميس الجهيناوي، في حوار على قناة الحوار التونسي مساء الخميس 3مارس 2016، إن "اعتبار حزب الله اللبناني تنظيماً إرهابياً ليس موقف تونس"، الذي من المفروض أن يصدر عن رئيس الدولة بتنسيق مع رئيس الحكومة وتنشره وزارة الشؤون الخارجية، إما عن طريق بيان أو بتصريح من الوزير المختص. وأضاف وزير الخارجية "ما صدر هو بيان وليس قراراً له قدرة إقرارية وصفة تنفيذية".

وقال الجهيناوي: "هناك تضخيم للمواقف في تونس بخصوص هذه المسألة، والحال أن ما تم تداوله هو موقف وزراء الداخلية العرب المجتمعين في مقر مجلسهم بتونس وهو إدارة وهيئة فنية وبالتالي فإن اجتماعاتهم تخصص عادة لبحث قضايا فنية"، موضحاً أن الموقف الذي اتخذ هو موقف الوزراء بما في ذلك الوزير التونسي". وأشار في هذا الصدد إلى أن إيران، التي وصفها بـ"الدولة القريبة جداً من حزب الله"، لم تذكر تونس لدى تعليقها على هذه المسألة وكذلك حزب الله، مبرزاً أن الطرف الوحيد الذي انتقد موقف تونس هم التونسيون "وهو ما لم يحدث في أي بلد عربي آخر"، حسب قوله.

وأمام قوة الضغط الشعبي الذي رفض تصنيف حزب الله المقاوم كـ"منظمة إرهابية"، تراجع الموقف الرسمي التونسي، وأبدى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي استياءه من تصنيف حزب الله اللبناني كتنظيم إرهابي من قبل مجلس وزراء الداخلية العرب وذلك خلال اجتماع له بوزير الخارجية التونسية، الذي دعاه إلى إصلاح الخطأ الذي وقعت فيه تونس وتحميل من اتخذ القرار المسؤولية على ذلك. 

اعلى الصفحة