اللوحة الثانية: جداريات

السنة الخامسة عشر ـ العدد 173 ـ  (رجب - شعبان 1437 هـ ) ـ (أيار 2016 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


لمدير المسؤول:

مصطفى حسن خازم


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

الصفحة الأولى عبرة الكلمات

 

في المقام

لمقام السيدةِ زينب سأوجّه قلبي، أقولُ لربّي: هنا صلّى الشهيدُ ثمّ ماتَ، ومن يومِ ماتَ، متنا، وما بقينا، ومن قبله ما أخبرونا أن موتَ واحدٍ يعني ألفاً وأنّ ألفاً لا يعنونَ سوى نشرةِ المساءِ الخامسةِ، ومذيعةٌ تَقْتُلُ ما تبقّى من الألفِ سهواً برصاصٍ كاتمٍ للوجدِ، ولا تمهلنا/ تُهملنا، طرفةَ هدبٍ، ولا أقلّ من ذلك.

عابر أعمى

أطبقتُ شفاهي، أغمضتُ عينايَ، وقلت لعابرٍ أعمى انظر: حين يجيء دوري في قتلى النشرةِ أخبرني، فبكى من الحزنِ، ولأنّه لن يراني قتيلاً بكى أكثر.

مات جوعاً

قالت أمّهُ له، لمَ لا تصوم الأواخر من شعبان، إنَّ الصومَ مفيدٌ للشبابِ، وِجَاءٌ للأعزبِ، وِعاءٌ للمثابِ، وكذلك القمحُ نادرٌ يا ولدي... وصامَ حتى الغروب.. وأسرّت له أمّه: لا تُفطرْ، فيحبطَ عملكَ الزاكي، كان داودُ عليه السلامُ ـ قلْ عليه السلام ـ يواصل الصومَ يومينِ، ثلاثة، فلا تفطرْ.. هل داوود عليه السلام أشبُّ منكَ وأنت الذي تزعم أنّك القويّ المتين؟؟.. وبكى.. كان أشبَّ من داوودَ، ولكنّه كان أكثر جوعاً.. ومات صائماً.. وعلى قبره كتبوا: شابٌ قويّ متينٌ، ماتَ جوعاً.

موت.. وحياة

لكي أرثِيني.... فكّرتُ: يلزمُني أنْ أمُوتَ أكثرْ.. لا يستحقُّ الرثاءَ منْ يَمُوتونَ قليلاً.. وعليهِ قدّمتُ من عمري عشرينَ عاماً، وأخرى اقْترَضتُها من صديقٍ، وقلتُ له، سأستكشفُ الموتَ، هذا الذي يقولونَ عنهُ، إنْ كانَ خيراً فلك، وإن كان سوءً كُفيتَهُ، وسأمضي إليه وحيداً، وأُهاتفكَ، قالَ: لا تَتأخّرْ أرجوكَ لا أحبُّ الحياةَ وحيداً.

 

مسلَّمات

إن قدرتنا على الإقناع تجعل منا آلاتٍ لإثبات قوانينَ ومسلّماتٍ للعيش لا يدرك قائلوها مدى شناعة أن يقضيَ أحدهم عمُره لمجرد إثبات مسلّمة!.

السعداء

يخطر لي أن أتصفّح وجهَ ذاك الذي ادّعى أن الفقرَ ليس عيباً.. كان بوسعه أن يمر بمِزابلنا لحشو فمه قبل التفوّه بفرضيّة ربما أحرجت جائعاً قضى ولم يعثر عليه ليقول: تاكل تبن!!... لم أكن لأفعلها وقتئذٍ، كنتُ صغيراً، ولم أكن لأطلب إليه أكل التبن فثمنه غالٍ على كل حال.. ثم إن السعداء لا يدركون الحقيقة.

تكرار

يتكرر عالمنا كل يوم، وفي كل يوم يتكرر لأربع وعشرين مرة، قد يُدقِع في سخفه ويتكرر ستين مرة في كل مرة.. يبدو لي هذا التكرار غثائياً بما يكفي لتذكيري بأني مركونٌ خارج منظومة العيش.. يستيقظ العالم عند كل صباح.. ودون الاكتراث برأيي!.

موت الصالحين

في بداياتي أولَ تشكُّل الوعي، مات خالي أحمد وعندما مات خلق الموت في رأسيَ الطفلِ أول اعتقادٍ تمرّره الحياة، بعدها فكّرت بسؤاله في القبر عمّا إذا كان الله قد أسدل له الستار عن الكذبات التي مرّرتُها عليه وهو حي، ومات قبل أن يعرف الحقيقة.. مِن المؤسف أن يموت الصالحون قبل أن يدركوا شناعة ما كان يجري حولهم.. لذا كنت أحسّ قبل موت والدي أن جميع الأموات حمقى، الأمرُ الذي دعاني إلى بيع قلبي عند أقرب سوق للمعلّبات منذ ذلك اليوم.

غيمة الروح

جمرة البرد تستحضر الذكرياتْ‏.. غيمة الروح نائيةٌ‏.. والمنى أجدبتْها الحدودْ‏.. ضائع أيها اللبّ في الـ(لا حياةَ سوى للجليدِ)‏ فكيف سأشعلني في صقيع الجهاتْ؟‏ غيمة الروح بدّدت الأمنياتْ‏ إنها خيبة الوقتِ‏ أو وقت خيبتنا الكبرى يا لبُّ..‏ فاجترح الحزنَ‏.. أحكِمْ عليه القيودْ‏. 

الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي

أبو القاسم الشابي ـ متغزِّل

لا شــــــــــيءَ إلاَّ أنَّني متغزّلٌ       بالكائناتِ معــــــــرِّدٌ في غابي

ألْقى من الدّنيا حناناً طاهراً       وأبُثُّها نَجْوى المحبِّ الصَّابي

أيُعَدُّ هذا في الوجود جريمةً       أينَ العدالةُ يا رفاقَ شبابي

لا أين فالشَّرْعُ المقدّسُ ههنا      رأيُ القويِّ وفكرةُ الغَلاّبِ

وسَعادةُ الضَّعفاءِ جُرْمُ ما لهُ       عند القويِّ سوى أشدِّ عِقابِ

ولْتَشْهَدِ الدُّنيا التي غنَّيْتُها       حُلْمَ الشَّبابِ وروعةَ الإعجابِ

إبراهيم الأحدب ـ منايا الدهر

مــــــــــــــا للزمــــــــــــان يرينا كل نائبة       تزيل معنى رضا الأيام بالغضب

ليس المنون بمغض عن تطلبنا       بل دائمــــــــاً يقتفي الآثار بالطلب

كل سبيل منايا الدهر مســــــــــلكه       ولو تسامت معاليه على الشهب

وما الحياة سوى طيف يمر بنا       وصدق ميعاده نوع من الكذب

إبراهيم قفطان ـ سهم البين

أحن إلى رؤيا الحبيب ولم أجد       ســـــــــــــــــــــبيلاً لها يا بعد ما أتمناه

وما صبر من لم يصطحبه حميمه       بحيث إذا مســـــــــــــــــــته ضراء ناداه

ومن لم يلاحظه على الدهر خله       فلا بد أن تشتد في الناس بلواه

أخي كيف سلواني وهجرك قاتلي      وكيف اصطباري والتباعد أفناه

أخي لعبت فينا الليالي بغدرها       لحا اللَه هذا الدهر ما كان أجفاه

إلى الله أشكو حادث الدهر إذا رمى       فؤادي بسهم البين ما كان أمضاه

المرقّش الأصغر ـ الدهر

تُــــــؤْذِي صَدِيــــــقاً وتُبْدِي ظِنَّةً       تُحْرِزُ سَهماً وسَهْماً ما تَشِيمْ

كم مِنْ أَخِـــــــــــــــــي ثَرْوَةٍ رأَيْتُهُ       حَلَّ على مالِهِ دَهْرٌ غَشُــــــومْ

ومن عزِيز الحِمى ذِي مَنْعَةٍ       أَضْحى وقد أَثَّرتْ فيهِ الكُلومْ

بَيْنا أَخُـــــــــــــــــو نِعْمَةٍ إذْ ذَهَبتْ       وحُــــــــــــــــــــوِّلَتْ شِقْوَةٌ إلى نَعِيمْ

وبَيْنا ظـاعِنٌ ذُو شُــــــــــــــــــــــــــــقَّةٍ       إذْ حَلَّ رَحْلاً وإِذْ خَفَّ المُقِيمْ

سبط ابن التعاويذي ـ الحَياة عارَية

لِكُلِّ ما طالَ بِهِ الدَهرُ أَمَد       لا والِداً يُبقي الرَدى وَلا وَلَد

يا راقِداً تَسُــــــــــــــــــــرُّهُ أَحلامُهُ       رَقَدتَ وَالحِمامُ عَنكَ رَقَد

لا تُكذِبَن إِنَّ الحَياةَ عارَيةٌ       وَأَيُّما عارِيَةٍ لا تُســـــــــــتَرَد

وَالدَهرُ ذو غَوائِلٍ لا تُتَّقى       أَحداثُهُ وَالمَوتُ بَعدُ بِالرَصَد

أَينَ المُلوكُ الصيدُ ما أَغناهُمُ       ما جَمَعوهُ مِن عَديدٍ وَعَدَد

أَورَدَهُم ساقي الحِمامِ مَورِداً       سَــــــــــــــــــــواءٌ الجِلَّةُ فيهِ وَالنَقَد

راشد ابن إسحاق ـ تجربة الأيام

الحَـــــــــــمدُ لِلَّهِ رَبِّ الحِــــــلِّ وَالحَـــــــــــرَمِ       تَجري المَعـــــــــــــــــــالِمُ بِالبَلوى وَبِالنِعَمِ

مَواعِظاً يَتَحــــــامـــــــــاها وَإِن وَضَحَت       طَرفُ البَصيرِ وَسَمعُ العاقِلِ الفَهِمِ

فَعِندي مِــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنَ الأَيّامِ تَجرِبَةٌ       لَـــم تَصفُ لي لَـــــذَّةٌ فيها وَلَــــم تَدُمِ

وَقَد أَخَـــــــــــــذتُ مِنَ الدُناي وَبَهجَتِها       حَظا يَجِـــلَّ عَنِ الأَوهـــــامِ وَالهِـــــمَمِ

النابغة الشيباني ـ الشر لا يبقى.. ولا الخير

ما الناسُ إلّا في رِماقٍ وَصالِحٍ       وَما الدَهرُ إِلّا خِلفَةٌ وَدُهورُ

مَراتِبُ أَمّا البُؤسُ مِنها فَزائِلٌ       وَكُلُّ نَعيمٍ في الحَياةِ غُرورُ

الشَرُّ لا يَبقى وَلا الخَيرُ دائِمٌ       وَكُلُّ زَمانٍ بِالرِجـــــــــــــــــــالِ عَثورُ

مَتى يَختَلِف يَومٌ عَلَيكَ وَلَيلَةٌ       يَلُح مِنهُما في عارِضيكَ قَتيرُ

جَديدان يَبلى فيهما كُلُّ صالِحٍ       حَثيثانِ هــــــــــــــــــــــــذا رائِحٌ وَبَكورُ

وَأَعلَمُ أَن لا شَيءَ يَبقى مُؤَمَّلاً       خَــــــــــلا أَنَّ وَجهَ اللَهِ لَيسَ يَبورُ   

اعلى الصفحة