احتفال التجمع في ذكرى المولد النبوي الشريف وأسبوع الوحدة الإسلامية

السنة الخامسة عشر ـ العدد 170 ـ ( ربيع الثاني ـ جمادي اول 1437 هـ) شباط ـ 2016 م)

نشاطات كانون الثاني 2015

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

في أجواء ذكرى المولد النبوي الشريف وأسبوع الوحدة الإسلامية أقام تجمع العلماء المسلمين احتفالاً بهذه المناسبة حضره حشد من العلماء.

وقد ألقى رئيس مجلس الأمناء الشيخ القاضي أحمد الزين كلمة بالمناسبة قال فيها:

الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه، الإخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

يقول الله في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ صدق الله العظيم

الخطاب من الله تبارك وتعالى لعباده المؤمنين ونحن معشر العلماء عامة وفي تجمع العلماء المسلمين في لبنان بصورة خاصة ملتزمين بالاستجابة لنداء رب العالمين أولاً بالأدب مع الله ومع رسول الله المصطفى(ص) بأن لا نتقدم برأي أو أمر إلا بعد أن نرجع لله ونتأدب مع الله، وأكبر وأعظم الأدب أن نوحد الله ولا نشرك به شيئاً وأن نتوجه بقلوبنا وكل حواسنا لعبادة الله ولا نعبد شيئاً أخر مع الله، أن لا نعبد الشمس ولا القمر ولا الإنسان ولا الكبير ولا الصغير فلا شيء يستحق أن يُعبد من دون الله تبارك وتعالى. ومن أدبنا مع الله تبارك وتعالى أن نلتزم بما جاء به كتاب الله، ﴿لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ أن نلتزم بالكتاب وأحكامه الشرعية التي يفصلها لنا تفصيلاً رسول الله (ص).

نحن في هذه الأيام إنما نتطلع إلى عقيدتنا وإلى ديننا ونلتفت إلى العصر الذي نعيشه في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها العالم. يجب أن نتطلع وأن ننظر بعمق إلى العصر الذي نعيش فيه وندرس بعمق الحالة التي نعيش عليها من تقدم علمي ومن قيم بالأخلاق، بالاقتصاد، بالسياسة، بالفنون، لا بد أن نعيش عصرنا، لا نكتفي بأن نعيش عصر الصحابة والأئمة، نستفيد منهم ونستفيد مما جرى ومما أجتهد وما توصل إليه العلماء وسائر الأئمة والصحابة. أقول هذا بشيء من الحرقة والأذى، عندما أنظر إلى العالم العربي وأراه بحالة من التخلف والتقهقر.

لا بد أن نكون صادقين مع الله ورسوله ومع أنفسنا، ندرس واقعنا ونلتفت إلى هدي رسول الله، أن نتجاوز واقعنا هذا أمر مرفوض، أقول بحسرة لأن القدس تتعرض للإهانة منذ أكثر من 40 سنة ونحن صامتين وساكتين للأسف.

هذا أمر يحتاج للمراجعة لنستفيد من تقدم العالم الغربي في العلوم والأنظمة، أقول هذا لنلتفت إلى ما جاء به القرآن الكريم وما يلزمنا به، ألزمنا بعقيدة التوحيد بالقيم ومنها الوحدة الإسلامية.

التحالف الذي نسمع به ونراه اليوم بين البعض لإثارة الفتنة مع مذهب آخر أو بين مذهب وآخر تحالف من أجل الفتنة لا تحالف من أجل تحرير القدس الشريف، هو ليس تحالفاً لإنقاذ القدس من بين أيدي الصهاينة.﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.

جميع المذاهب التي ترفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله وتلتزم بهدي رسول الله هي أمة واحدة لأي مذهب انتمت. لا نتوحد على أساس مذهبي لنحارب الآخر نحارب بعضنا لتستفيد إسرائيل وأعوانها هذا أمر مرفوض وغير جائز.

في ذكرى المولد النبوي الشريف يجب أن نكون صادقين ولا بد لنا من أن نلتزم بما جاء به كتاب الله تبارك وتعالى."المؤمن أخو المؤمن" ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾. 

نتوجه لله بالحمد والشكر وفي هذا الاجتماع نتوجه إلى سيدنا ومولانا محمد (ص) بأزكى تحية وأعطر سلام الصلاة والسلام عليك يا رسول الله .

أختم بهذه الكلمة المختصرة نحن ندعو للوحدة الإسلامية تحت شعار لا إله ألا الله محمد رسول، والالتزام بكتاب الله رافضين الأحلاف التي تدعو للانقسام والفتنة بين المسلمين، كذلك نرفع راية التوحيد بوجه الصورة المشوهة للإسلام الداعية بما نسمعه للتكفير وغير التكفير من المسلمين.كيف تكفر من يصلي ويصوم ويحج؟؟!

نحن نلتقي على كلمة التوحيد وعلى كتاب الله موجهين التحية للسيد القائد الإمام علي الخامنائي ولسماحة السيد حسن نصر الله. توجهنا من تجمع العلماء المسلمين ومن هذا الاجتماع في ذكرى مولد مولانا وسيدنا محمد بالتهنئة والتبريك لكافة المسلمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ثم ألقت فرقة إنشاد إيرانية باقة أناشيد..

ثم كانت كلمة التجمع ألقاها رئيس الهيئة الإدارية الشيخ الدكتور حسان عبد الله كلمة ومما جاء فيها:  

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرا * وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيرا﴾.. نجتمع اليوم لإحياء ذكرى عزيزة على قلوبنا جمعياً وهي ذكرى مولد رسول الله محمد(ص)، وما أحوجنا اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نحيي هذه الذكرى في وقت يسعى أعداء الدين إلى إخفاء ذكر محمد(ص) بتكفير من دعا لإحيائها وهذا ينطلق من فكرة شريرة صهيونية تسعى إلى إبعادنا عن رموزنا المقدسة وعلى رأس هذه الرموز خير خلق الله على الإطلاق محمد رسول الله (ص).

ويأتي هذا المخطط عبر سلسلة نشاطات معادية أولها منع إحياء ذكراه ، ثم الرسوم المهينة له في إطار تشويه صورة المقدس لدى أتباعه، وثالثاً عبر القيام بأعمال إجرامية لا يقرها الدين ونسبتها إليه، لذلك فإننا عندما اعتبرنا أن ما تقوم به الجماعات التكفيرية من أعمال هدفها تشويه الدين الإسلامي لم نقم بذلك من باب الاتهام الذي لا يقترن بالدليل الشرعي على ما نقول بل إننا نعي ذلك تماماً ومتنبهين للخطر الذي يمثله هؤلاء على الدين الإسلامي.

إن محمداً(ص) يستصرخنا اليوم للدفاع عن الدين الذي ضحى من أجله حتى أوصله إلينا ونحن نشهد بأنه بلغ ما أُنزل إليه من ربه وإننا كأتباع لرسالة الإسلام المحمدي الأصيل مكلفون اليوم بأن ندافع عن هذا الدين وعن رسول الله وعن كل القيم التي جاء بها ويعمل أعداء الدين على إخفائها.

وأحببت في هذا المجال أن أبين بعضاً من صفاته القرآنية فهو(ص) كما في الآية التي قدمت الشاهد على الخلق والمبشر بالجنة لمن أطاع الله والنذير بالعقاب لمن عصاه والداعي إلى طاعة الله والسراج المنير بالعلم والحق وهو المرسل رحمة للعالمين. وهو المرسل إلى كافة الناس.. وهو الذِّكْر.. وطاعته مقرونة بطاعة الله سبحانه و كلاهما واجبة. بل إن طاعته(ص) هي طاعة الله سبحانه وتعالى.. والاستجابة إليه مقرونة بالاستجابة لله سبحانه. وولايته مقرونة بولاية الله تعالى.. وفضله مقرون بفضل الله. وصدقه مقرون بصدق الله سبحانه وتعالى. ونصره مقرون بنصر الله سبحانه وتعالى.. وعزته مقرونة بعزّة الله سبحانه.. وعصيانه مقرون بعصيان الله سبحانه وتعالى. وشقاقه، أي المعاندة ضده، مقرونة إلى الشقاق ضد الله سبحانه عزّ وجلّ.. ومحادته، أي الكيد له والعمل ضد أهدافه، مقرونة بمحادة الله تعالى. وحربه مقرونةٌ بحرب الله سبحانه وتعالى.. ومحاربته مقرونة بمحاربة الله سبحانه جلّ جلاله... وبراءته مقرونة ببراءة الله سبحانه وتعالى... ورضاؤه مقرون برضاء الله جلّ جلاله.. وإيذاؤه مقرون بإيذاء الله سبحانه وتعالى.. ودعوته مقرونة بدعوة الله سبحانه وتعالى..

وإذا أردنا أن نستمر بالعرض فلن تكفي الصحف ولن تمل الأنفس وحسبنا ما أوردنا ونسأل الله أن لا نكون قد قصرنا.

إن واجبنا أن نقود الأمة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخها نحو الدفاع عن الإسلام وعن رسوله عبر تبيان المخططات الصهيونية الإجرامية التي استطاعت للأسف أن تعبث بدولنا وشعوبنا وتدخلها في حرب مدمرة ليس للحجر والبشر بل للقيم والمعاني والأفكار السامية التي جاء بها الإسلام.  وإننا في تجمع العلماء المسلمين انطلاقاً مما تقدم نعلن المواقف السياسية التالية:

أولاً، على الصعيد الإسلامي العام: إننا نعتبر ما يحصل اليوم في العالم الإسلامي من قتل وتدمير يأتي في سياق حرب منظمة تستعمل الفوضى الخلاقة للوصول إلى شرق أوسط جديد يُعتبر فيها الكيان الصهيوني مركز القرار ومركز بعث قيم لا أخلاقية تدمر المجتمعات تدميراً ذاتياً، في إطار حرب ناعمة تتسلل إلى بيوتنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي والسواتل الفضائية وعليه فإن الخطر هو خطر على الدين والقيم السامية له  وواجبنا هو التصدي الفكري المنهجي له الذي هو أهم من التصدي العسكري على أهميته لأن القضاء على عدو بالنصر عليه عسكرياً لا يعني الهزيمة الكاملة له إن كان قد بث في صفوفنا أفكاراً مسمومة وقيماً منحرفة.

ثانياً، على صعيد الوحدة الإسلامية: يعمل العدو على بث الفرقة في أمتنا من خلال إيقاع الحرب بين المذاهب الإسلامية التي نعتبرها اجتهادات في فهم الدين وليست أدياناً أخرى ومع كل النجاحات التي أنجزها في هذا المجال فما زال في الأمة دعاة وحدة يعملون بجهد لدرء الأخطار عنها وهم وإن كانوا اليوم ضعافاً أمام الإمكانات الضخمة المتوفرة لدى أعدائهم فإنهم أقوياء لأنهم يحملون الفكر السليم والدعوة الحقة التي تستند إلى توفيق الله والنصر سيكون حليفهم بإذن الله.

ثالثاً، على صعيد القضية المركزية فلسطين: في وسط الجلبة والضجيج في العالم الإسلامي باتت القضية الفلسطينية على هامش السجال لذلك فإن ما كنت تراه بالأمس من استنفار لدى العالم الإسلامي لقتل طفل كمحمد الدرة نرى اليوم أن أطفالاً تحرق مع عائلاتهم وقدسنا يدنس من الصهاينة والعالم في مكان آخر وصوت المظلومين في القدس وفلسطين لا يُسمع والشهداء تتصاعد ولا من مجيب ولا من مدافع بل وصلت الوقاحة بالبعض أن اعتبر ما يحصل في فلسطين هو تحريك إيراني لصرف النظر عن الثورات العربية ( بمفهومهم) فإذا كانت إيران في الوقت الذي ينصرفون فيه هم للاقتتال الداخلي تعمل على إبقاء البوصلة موجهة نحو فلسطين، فبوركت إيران الإسلامية وتعساً لمن يعتبرون أنفسهم عرباً وهم لا يمتلكون من نخوة العرب ذرة.

رابعاً، على صعيد الوضع في العالم العربي: للأسف إن العالم العربي أُدخل في حرب طويلة فدمرت دول كليبيا وسوريا ومصر والعراق وتونس وهددت دول أخرى بنفس المصير ومن المضحك المبكي أنهم يعتبرون هذا التدمير الممنهج ربيعاً، فإذا كان هو الربيع فكيف هو الخريف. إننا نعتبر أن كل ما حصل في هذه الدول هدفه خط المقاومة التي حققت انتصارات باهرة على العدو الصهيوني في لبنان وفلسطين فكانت هذه الحرب للقضاء على هذا الخط المقاوم من خلال القضاء على دول الممانعة سوريا والعراق وإيران ولبنان، وعلى الشعوب العربية الداعمة لهذا الخط، ونحن اليوم نشهد في سوريا بداية انتصارات واعدة ندعو الله أن نكون على مقربة من معركة فاصلة تُنهي هذه الحالة الشاذة في أمتنا ونعود من جديد لنكون جميعاً جبهة واحدة في مواجهة عدو واحد لنا هو العدو الصهيوني.

أما اليمن فهناك حيث يُقصف شعب شبه أعزل وتخاض حرب غير متكافئة مدعومة من قوى الطغيان في العالم وجريمة هذا الشعب أنه أراد الانعتاق من طغيان الجار وهيمنته وأنه رفع شعار الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، فجردت هذه الحرب المدمرة ضده، فإننا اليوم نشهد بداية هزيمة المعتدي والذي ستكون هذه الحرب سبباً في زوال حكم الظلمة فيه وهزيمته هناك مع هزيمة أتباعه في سوريا والعراق الذي أعلن بالأمس عن نصر مؤزر في الرمادي، ستعلن عن ولادة شرق أوسط جديد لا كما خططوا له بل كما يسعى له خط المقاومة والذي سينتهي بزوال الكيان الصهيوني، كما هو وعد الله ومن أصدق وعداً من الله. بقي أن نلفت إلى مسألتين مهمتين:

الأولى: إن ما يحصل في أفريقيا من انتشار للفكر التكفيري المعبر عنه بحركات كبوكو حرام في نيجيريا والتي ارتكبت مجزرة يندى لها الجبين أدت إلى استشهاد المئات  ومن بينهم ثلاثة أولاد لسماحة الشيخ المظلوم إبراهيم زكزاكي ليصبح عدد أولاده المستشهدين ستة ولتزج حكومة نيجيريا به في السجن ظلماً وعدواناً وتهدم حسينيته، إنما ينطلق من مؤامرة دنيئة تعمل بالتنسيق مع الصهاينة للسيطرة على أفريقيا أولاً لسلب ثرواتها وثانياً للقضاء على الخط الداعم للمقاومة هناك وهذه المؤامرة سيكون الفشل نصيبها بإذن الله تعالى.

الثانية: إننا في تجمع العلماء المسلمين نفخر بشهادة الأخ سمير القنطار ونعتبر أنه نال ما تمنى وله عند الله بإذنه الدرجات العالية، فقد جمع في شخص واحد عناوين سامية: المقاوم والجريح والأسير وختمها بالشهيد، فطوبى له وحُسن مآب ونحن ننتظر وعد سيد المقاومة صاحب الوعد الصادق بالرد الذي نأمل أن يأتي سريعاً وأن يكون مزلزلاً لأن هذا العدو كما قال سيد المقاومة لا يفهم سوى لغة القوة.

أشكر لكم حضوركم هذا الحفل المبارك وكل عام وأنتم بخير والحمد لله رب العالمين.


 

اعلى الصفحة