"2015" عام الجريمة المنظمة بحق المعتقلين الفلسطينيين

السنة الخامسة عشر ـ العدد170 ـ ( ربيع الثاني ـ جمادي اول 1437 هـ) شباط ـ 2016 م)

بقلم: ازدهار معتوق(*)

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع "إن عام 2015 هو عام الجريمة المنظمة من قبل حكومة الاحتلال بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، وبحق الأسرى".

ووصف قراقع في بيان صحفي عام 2015 "بالأكثر إجراماً" بحق أبناء شعبنا، وبحق المعتقلين، قائلاً:" تجاوزت حكومة الاحتلال خلال هذا العام كافة الخطوط الحمراء، وضربت بعرض الحائط كافة المعايير والشرائع الإنسانية والدولية، من اعتقالات وإعدامات وخطف وهدم بيوت، إبعاد، واعتقال جرحى، ومداهمات، واحتجاز جثامين الشهداء وغيرها".

وأضاف: "يشير التقرير الأولي إلى أن سلطات الاحتلال قامت باعتقال أكثر من 5 آلاف حالة اعتقال في صفوف الفلسطينيين، ومارست العقاب الجماعي، وسياسة الإعدامات الميدانية خارج نطاق القضاء، واستهدفت حملة غير مسبوقة في اعتقال القاصرين، وتصعيد في إصدار أوامر الاعتقال الإداري، وتشريع قوانين عنصرية وتعسفية بحق الأسرى، تمس حقوقهم القانونية والإنسانية".

وأوضح "أن العام 2015شهد تصعيدا في سياسة التعذيب والتنكيل بالمعتقلين والاعتداء عليهم، وفتح أقسام جديدة لاستيعاب الأسرى المعتقلين، إضافة إلى تشديد الإجراءات على الأسرى، وانتهاك حقوقهم كالعزل الانفرادي والإهمال الطبي والاقتحامات والنقل التعسفي والحرمان من الزيارات ومنع الأسرى من إدخال الملابس، والأغطية الشتوية، والعقوبات الفردية، والجماعية، وغيرها".

أقسى أنواع التعذيب

تتفنن قوات الاحتلال الإسرائيلي وجنودها ومحققوها في ممارسة أقصى أنواع التعذيب والإهانة والإذلال ضد الأسرى الفلسطينيين. في انتهاك صارخ لكل القيم والأعراف والمواثيق الدولية التي تدعو إلى احترام حقوق الإنسان، التي وقعت عليها إسرائيل. غير أنها لم تكن رادعاً لها للامتناع عن الاستمرار في اعتقال الأسرى وحرمانهم من حريتهم وتعريضهم للتعذيب والإهانة والابتعاد عن الأهل والضغط النفسي والإرهاق الجسدي.

ويتعرض جميع المعتقلين الفلسطينيين بلا استثناء لأشكال متعددة من التعذيب الجسدي والنفسي من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. ولا يقتصر التعذيب على مناطق محددة من الجسم، بل يشمل كل أجزاء الجسم، بتركيز على الرأس والمناطق العلوية. كما أنه يتخلل مراحل الاعتقال كافة ولا ينتهي إلاّ بانتهاء الاعتقال نفسه. بل في حالات كثيرة يمتد لما بعد الاعتقال، نتيجة لإصابات عدد من الأسرى بعاهات دائمة نتيجة تعرضهم للتعذيب المستمر. ناهيك عن المعاناة النفسية طويلة المدى التي يتركها السجن في نفوس هؤلاء الأسرى بعد تحررهم من الأسر. وقد حرّمت القوانين الدولية التعذيب بشكل قاطع ولم تسمح بأي مبرر لحدوثه، بل أفردت اتفاقية خاصة بمناهضة التعذيب، إضافة إلى العديد من المواد والمبادئ التي تضمنتها معاهدات واتفاقيات دولية أخرى. منها على سبيل المثال، المادة "7"  من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على: "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة…". إضافة إلى المبدأ السادس من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، والذي ينص على أنّه: "لا يجوز إخضاع أي شخص يتعرض لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ولا يجوز الاحتجاج بأي ظرف كان كمبرر للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة".

كذلك فإن الأوضاع التي يعيشها الأسرى في معسكرات الاعتقال والسّجون الإسرائيليّة ومراكز التوقيف والتحقيق، تفتقر إلى الحد الأدنى من المقومات الإنسانية والصحية. فهم يعيشون في غرف لا تتعدى مساحة الواحدة منها 20 متراً مربعاً، حتى أنّ بعض الأسرى شبّه هذه الغرف بعلب السردين والمقابر. مما يضطر بعضهم للسهر طوال الليل بانتظار أن يستيقظ أحد زملائهم ليتسنى لهم النوم مكانه. ويحرمون من الزيارات بين بعضهم البعض كذلك تفتقر للشروط الصحية للدنيا، بما يتنافى مع المادة 85 من اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب لعام 1949. ويتنافى أيضاً مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، خاصة ما يتعلق منها بأماكن الاحتجاز، التي تحض على توفير جميع المتطلبات الصحية، ومراعاة الظروف المناخية وخصوصاً من حيث حجم الهواء والمساحة الدنيا المخصصة لكل سجين والإضاءة والتهوية، إضافة إلى اتساع النوافذ بحيث تمكن السجناء من استخدام الضوء الطبيعي في القراءة والعمل، وأن تكون المراحيض كافية وأن تتوفر منشآت للاستحمام والاغتسال بالدش، وغيرها من الشروط التي أجملتها هذه القواعد وتتجاهلها إسرائيل عن تعمد واضح مع الأسرى الفلسطينيين. في الوقت الذي ترفض فيه إدارة المعتقل إدخال كميات كافية من الملابس والأغطية، خاصة في أوقات الشتاء التي تتسم بالبرد القارص، ما يزيد من معاناة الأسرى.

كما يحرم الأسرى من زيارة محاميهم، ويأتي ذلك نتيجة للإجراءات الأمنية التي تفرضها قوات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تفرض الإغلاق الشامل على القرى والمدن الفلسطينية. مما يعوق الحركة والتنقل، فضلاً عن صعوبة الحصول على تصاريح خاصة بالزيارة إذ تقوم سلطات الاحتلال العسكرية بعرقلة هذا الأمر في محاولة للضغط على الأسرى، وإهانتهم وإذلالهم. ذلك بخلاف ما نص عليه المبدأ(17) من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، الذي يقول: "يحق للشخص المحتجز أن يحصل على مساعدة محامٍ. وتقوم السلطات المختصة بإبلاغه بحقه هذا فور إلقاء القبض عليه وتوفر له التسهيلات المعقولة لممارسته". وعلى سيبل المثال لا الحصر منعت إدارة السجون خصوصاً خلال فترة إضراب الأسرى الذي استمر لمدة عشرين يوماً محامي جمعية أنصار السجين من زيارة الأسرى داخل السجون.

وتمارس سلطات الاحتلال الإسرائيلية سياسية نقل الأسرى من سجن إلى آخر في فترات متقاربة وهذا ما تميزت به الفترة السابقة خصوصاً في فترة الإضراب إمعاناً منها في قمع الأسرى، وذلك لمنع حركة الاحتجاج كالإضراب، أو للتخويف وخلق معوقات أمام زيارة الأهالي، مثل أن ينقل معتقل إلى سجن نفحة الصحراوي، وهو من سكان شمال الضفة. كما تلجأ مديرية السجون إلى عزل بعض المعتقلين في أقسام العزل أو في زنازين انفرادية، ويمنعون من زيارة الأهل أو الاختلاط مع بقية المعتقلين.

في حين يؤكد المبدأ 31 من القواعد الدنيا لمعاملة السجناء على أنّ: "العقوبة الجسدية والعقوبة بالوضع في زنزانة مظلمة، وأية عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، محظورة كلياً كعقوبات تأديبية". ووفقاً للمعلومات المتوافرة لدينا من خلال متابعتنا، فإنّ الأطفال يعيشون بشكل شبه منعزل عن العالم، ذلك حتى لو كان صادراً بحقهم حكم، وذلك لعدم توافر أدوات اتصال من قبل إدارة المعتقل وحرمانهم من إدخال الجرائد والصحف.

"6830" حالة اعتقال في العام

أصدرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين تقريرا عن حالات الاعتقال خلال عام 2015، واعتبرت خلاله أن نسبة الاعتقالات في تزايد مضطرد منذ خمس سنوات، وأن الغالبية من المعتقلين من هذه الحالات هم من الأطفال القاصرين.

وجاء في تقرير وحدة التوثيق والدراسات في هيئة الأسرى أن سلطات الاحتلال قد اعتقلت خلال عام 2015 (6830) حالة اعتقال، وأن جميع من مرّوا بتجربة الاعتقال وبنسبة (100%) كانوا قد تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي، أو الإيذاء المعنوي والإهانة أمام الجمهور وأفراد العائلة والحاطة بالكرامة. الأمر الذي يشكل انتهاكا جسيما لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن تلك الاعتقالات شكلت زيادة قدرها (12.7%) عن العام الذي سبقه2014 على الرغم مما جرى من اعتقالات واسعة في ذاك العام في أعقاب حادثة اختفاء المستوطنين الثلاثة في الخليل، كما ويشكل زيادة بنسبة كبيرة قدرها (76.3%) عن العام 2013، وزيادة قدرها (77.5%) عن العام 2012، وزيادة تفوق  الضعف وتصل إلى (106%) عن العام 2011. مما يعني ان الخط البياني للاعتقالات يسير بشكل تصاعدي منذ خمس سنوات.

وأوضح تقرير الهيئة أن غالبية الاعتقالات خلال العام 2015 في محافظات الضفة الغربية حيث سُجل فيها (4075) حالة اعتقال وتشكل ما نسبته (60%) من مجموع الاعتقالات خلال العام المنصرم، يليها محافظة القدس التي سُجل فيها (2353) حالة اعتقال وتشكل ما نسبته (34.5%) من إجمالي الاعتقالات خلال العام نفسه، يليها المحافظات الجنوبية حيث سُجل فيها (232) حالة اعتقال (في البحر وعلى الحدود وعبر معبر بيت حانون/إيرز)، كما وسجل قرابة (170) حالة اعتقال من المناطق المحتلة عام 1948 وغالبيتها كانت خلال الهبة الجماهيرية.

إن تلك الاعتقالات لم تقتصر على شريحة الذكور فقط، إذ طالت الذكور والإناث، كما ولم تقتصر على فئة البالغين منهم، إذ شملت أطفالاً قاصرين وفتيات قاصرات، ولعل ما يثُير القلق أكثر هو الاستهداف المتصاعد للأطفال الفلسطينيين وممن تقل أعمارهم عن الـ18 سنة، إذ سُجِّلَ خلال العام 2015 ارتفاعٌ ملحوظٌ في اعتقال الأطفال حيث تمكنا من رصد (2179) حالة اعتقال لأطفال قصّر تتراوح أعمارهم ما بين 11-18 سنة. وهذه تشكل زيادة كبيرة جدا وتصل إلى (72.1%) عن العام الذي سبقه 2014، وهو رقم غير مسبوق لم يسجل منذ سنوات طويلة. هذا بالإضافة إلى اعتقال (225) فتاة وامرأة خلال العام 2015، وهذا يشكل زيادة قدرها (100%) عن العام الذي سبقه 2014 والذي سجل خلاله آنذاك اعتقال (112) مواطنة.

لقد جعلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من "الاعتقال الإداري" سياسة ثابتة في تعاملها مع الفلسطينيين، ولجأت إليه كخيار سهل، وبديل مريح للإجراءات الجنائية العادية، لتبرير استمرار احتجاز المواطنين دون تهمة أو محاكمة استناداً لما يُسمى بـ"الملف السري"، بل وجعلت منه عقاباً جماعياً بحق عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين مما يخالف قواعد القانون الدولي. وقد أصدرت سلطات الاحتلال خلال العام 2015 قرابة (650) قراراً بالاعتقال الإداري، ما بين اعتقال جديد أو تجديد الاعتقال الإداري، وأن أكثر من نصف هذا العدد من القرارات –أي حوالي(350 قراراً)- قد صدرت خلال الثلاثة شهور الماضية أي منذ اندلاع "الهبة الجماهيرية"، مما رفع أعداد المعتقلين الإداريين إلى نحو (540) معتقلاً، وأن هذا العدد قابل للارتفاع أكثر في ظل استمرار الاعتقالات اليومية، وفي ظل استمرار احتجاز غالبية المعتقلين الجدد بلا محاكمة.

فيما سُجل خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من العام 2015 (أكتوبر- نوفمبر-ديسمبر) ومنذ اندلاع "الهبة الجماهيرية" في الأول من تشرين أول/أكتوبر الماضي أعلى نسبة اعتقالات خلال السنوات الخمس الماضية، حيث وصلت إلى (3285) حالة اعتقال من كافة محافظات الوطن، بمعدل يتراوح ما بين (35-40) حالة يومياً، وأن إجمالي الاعتقالات خلال "الهبة" تعادل تقريباً مجموع الاعتقالات التي تمت خلال تسعة شهور سبقتها. وهذا رقم غير مسبوق على الإطلاق. إذ لم يحدث في الأشهر الأولى لانتفاضة الحجارة عام 1987، كما ولم يُسجل في الأشهر الأولى لانتفاضة الأقصى عام 2000.  وهذا رسم بياني يوضح فيه نصيب المحافظات من الاعتقالات خلال "الهبة الجماهيرية":

أرقام كبيرة وخطيرة سُجلت خلال الثلاثة أشهر الماضية، ولعل الأخطر ارتفاع نسبة اعتقال الأطفال بشكل لافت والذي وصل عددهم إلى (1500) حالة اعتقال خلال "الهبة الجماهيرية"، وهؤلاء يشكلون ما نسبته (45.7%) من إجمالي الاعتقالات خلال الفترة المستعرضة.

معاناة نقل الأسرى

أفاد تقرير صادر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن حركة تذمر وتمرد بدأت تسود أوساط الأسرى قد تصل إلى اتخاذ قرار وموقف برفض النقل إلى السجون أو المحاكم أو المستشفيات فيما يسمى سيارة البوسطة الإسرائيلية التي يشرف عليها فرقة القمع التي تسمى النحشون.

وقالت هيئة الأسرى إن أحد الأسرى في سجن النقب الذي نقل في البوسطة اضطر إلى قضاء حاجته في ملابسه بسبب رفض قوات النحشون السماح له بقضاء الحاجة، وأن أغلب المعتقلين الذين ينقلون يتم الاعتداء عليهم وإهانتهم بطريقة وحشية خلال عمليات النقل.

وأشارت الهيئة أن رحلة نقل الأسرى تستغرق أكثر من 8 ساعات، وخلالها يبقى الأسرى مقيدين على كراسي حديدية مدببة بالغة البرودة داخل البوسطة، تلتصق هذه المقاعد ببعضها البعض، ويشعر الأسير في داخلها بالاختناق وبآلام شديدة في الأقدام والمفاصل ولا يستطيع الأسير الجلوس في أي وضعية مريحة بسبب القيود والكلبشات التي توضع في اليدين والقدمين.

وقالت الهيئة إنه لا يسمح للأسرى خلال النقل ساعات طويلة بتناول الطعام أو قضاء الحاجة، إضافة إلى شعور الأسرى بالخوف والقلق بسبب نقل أسرى جنائيين خطرين في نفس سيارة البوسطة.

واعتبرت الأسيرة خالدة جرار رحلة البوسطة تعذيب وبكل معنى الكلمة، وأن الأمور تزداد خطورة خصوصاً على الأسرى المرضى عندما ينقلون في البوسطة وليس في سيارات إسعاف.

ووصفت جرار سيارة البوسطة بالثلاجة وبعلبة اختناق، وأن عدداً من الأسيرات بدأن يتنازلن عن جلسات محاكمتهن بسبب الظروف القاسية والمهينة خلال عمليات النقل.

وكانت هيئة الأسرى من خلال المحامية عبير بكر قد رفعت التماساً إلى المحكمة الإسرائيلية لتغيير نقل المعتقلين في سيارة البوسطة واستبدالها بمركبات تتوفر فيها الشروط الإنسانية.

واستندت هيئة الأسرى في طلبها إلى ما يلي:

1- عملية نقل الأسير تستغرق 8-10 ساعات متواصلة وهذا يسبب الإرهاق والتعب الشديد للأسرى.

2- سوء أوضاع سيارة البوسطة المغلقة وذات الكراسي الحديدة غير المريحة.

3- معاملة قوات النحشون السيئة للأسرى والاعتداء عليهم.

4- عدم السماح للأسرى المنقولين بقضاء الحاجة أو تناول الطعام خلال رحلة النقل.

5- الخطورة على أوضاع الأسرى المرضى المنقولين.

وقد رفضت المحكمة العليا طلب هيئة الأسرى متذرعة بمشاكل في الموازنة الإسرائيلية وان النقل يتم وفق معايير مصلحة السجون ووزارة المواصلات.

تزايد في أعداد الأطفال

قالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين إن "عدد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي تضاعف خلال شهر تشرين الأول الماضي، في ظروف سيئة طالتهم جميعاً".

وأوضحت الحركة في تقرير صدر عنها، أن عدد الأطفال الذين يقبعون في سجون الاحتلال بلغ حتى نهاية شهر تشرين الأول الماضي 307 أطفال، بزيادة قدرها 79.5% مقارنة بشهر أيلول، وفقا لبيانات مصلحة السجون الإسرائيلية، مشيرة إلى أن هذا العدد هو الأعلى منذ نيسان 2010.

وقالت الحركة العالمية، إن 60% من الأطفال المعتقلين يتواجدون في سجون داخل إسرائيل، خلافا للمادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السجناء من الأراضي المحتلة إلى أراضي المحتل.

وللتعامل مع العدد المتزايد من الأطفال الفلسطينيين المعتقلين، افتتحت مصلحة السجون الإسرائيلية في تشرين الأول الماضي قسم الأحداث في سجن "جيفعون" بالقرب من مدينة الرملة، وحالياً تقوم بنقل الأطفال المعتقلين من الضفة الغربية المتواجدين فيه إلى سجن "عوفر".

واستناداً إلى شهادات أطفال فلسطينيين معتقلين، حصلت عليها الحركة، فإن محققي وجنود الاحتلال يستخدمون أسلوب التهديد إما بالقتل مثلما حدث مع الطفل إبراهيم الطيطي (15 عاماً) من مخيم الفوار بالخليل، أو هتك العرض كما حدث مع الطفل وجيه الخطيب (15 عاماً) من مخيم قلنديا، عدا عن الضرب والشتائم والصراخ خلال التحقيق.

وقال الطفل الطيطي، في إفادته للحركة، إن المحقق اتهمه بإلقاء الحجارة على جنود الاحتلال، وعلب الدهان على المركبات العسكرية، وعندما أنكر ذلك صفعه على وجهه، وشتم أمه وأخته، ومن ثم وجه فوهة المسدس إلى رأسه من الخلف مهددا بإطلاق النار عليه إذا لم يعترف بالتهم الموجهة إليه.

مكث الطفل الطيطي في التحقيق حوالي أربع ساعات، وتناوب عليه محققان، ومن ثم طُلب منه التوقيع على أوراق باللغة العبرية دون أن يفهم فحواها، ليتم اقتياده بعدها إلى سجن "عوفر" حيث أُخضع للتفتيش العاري بشكل كامل قبل دخوله السجن، وهو يقبع الآن في قسم 18 الخاص بالأشبال.

أما الطفل الخطيب، فقال في إفادته للحركة العالمية، إن المحقق وجه له تهمة إلقاء الحجارة وكان يصرخ في وجهه.

وتابع أن المحقق طلب منه التوقيع على أوراق باللغة العبرية لكنه رفض ذلك، ومن ثم تم اقتياده إلى سجن "عوفر" وكان معه في المركبة ثلاثة جنود، وخلال الطريق تعرض لابتزاز جنسي من قبلهم، وهددوه بهتك عرضه في السجن.

كذلك، لأول مرة يكون هناك اعتقال إداري للأطفال الفلسطينيين من مدينة القدس، حيث يوجد 5 أطفال رهن الاعتقال الإداري في سجون الاحتلال، 3 من القدس و2 من الضفة أحدهما الطفل بصير الأطرش (17 عاما) من الخليل.

وقال الطفل الأطرش، في إفادته للحركة، إنه اعتقل في الثامن والعشرين من شهر تشرين الأول الماضي واقتيد إلى سجن "عوفر"، وفي الثلاثين من الشهر ذاته، خضع للتحقيق بتهمة إلقاء الحجارة ونشر صور "تحريضية" على "الفايسبوك".

مكث الطفل الأطرش في التحقيق حوالي ساعة ونصف وهو مقيد اليدين، وكان المحقق يصرخ عليه ويتهمه بالكذب، كما هدده بإبقائه داخل السجن، دون أن يعلمه بحقه في الصمت أو السماح لأحد والديه حضور التحقيق، أو استشارة محام.

وعند عودة الطفل الأطرش للسجن، بعد أن بصم على أوراق باللغة العبرية دون أن يفهم فحواها، علم من أحد السجانين بأن حكما بالسجن الإداري لمدة ثلاثة أشهر صدر ضده.

وخلال الأسابيع الثمانية الماضية، وسط تصاعد الهبة الشعبية الفلسطينية في القدس وبقية أنحاء الضفة الغربية المحتلة، لجأت سلطات الاحتلال إلى اعتماد سلسلة من السياسات والممارسات القاسية بحق الأطفال الفلسطينيين، خاصة في القدس.

وفي إطار هذه السياسات، صادقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع على مشروع قانون جديد يقترح سجن الأطفال منذ جيل الـ12 عاماً، في حال إدانتهم بارتكاب جرائم "القتل والشروع بالقتل"، حيث صادق الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولى على مشروع القانون في 25 تشرين الثاني/نوفمبر بغالبية 64 صوتاً لصالحه ومعارضة 22، مع العلم أنّ القانون الجنائي الإسرائيلي بنسخته الحالية يحظر فرض عقوبات بالسجن على الأطفال دون 14 عاماً، وبدلاً من ذلك وضعهم في مؤسسات أحداث للتأهيل وإعادة الإدماج.

كما أقر الكنيست سلسلة من التعديلات على قانون العقوبات وقانون الأحداث الإسرائيلي بفرض عقوبة السجن لمدة عشر سنوات بتهمة إلقاء الحجارة أو غيرها من الأشياء على السيارات أثناء سيرها واحتمالية تعريض حياة الركاب للخطر أو التسبب بأضرار، في حين أنّ هذه العقوبة تتضاعف لتصل لعشرين سنة في حال إدانة الشخص بإلقاء الحجارة بغرض إيذاء الآخرين، كما خفضت التعديلات من مستوى سلطة القاضي التقديرية من خلال فرض عقوبة إلزامية بحد أدنى لا تقل عن خُمس العقوبة القصوى المحتملة وتقييد أحكام وقف التنفيذ فقط في ظل وجود ظروف وأسباب خاصة.

كذلك، أقر الكنيست تعديل قانون التأمين الوطني لحرمان الأطفال من مخصصات الضمان الاجتماعي في حال إدانتهم بارتكاب جرائم "بدوافع قومية" و"أنشطة إرهابية" خلال فترة أسرهم، والسماح لمحاكم الأحداث الإسرائيلية بفرض غرامات على عائلاتهم تصل إلى عشرة آلاف شيقل.

وقال مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين عايد أبو قطيش إن "القانون الدولي يتطلب أن تقوم أنظمة عدالة الأحداث بحماية الأطفال من العنف والتركيز على إعادة التأهيل والإدماج، وليس العقاب".

وأضاف: "نحن نرى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتجاهل تماما هذه الالتزامات وتنفذ سياسات وممارسات تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي".

أكثر من 7000 معتقل

السجون الإسرائيلية لا تستثني النساء والأطفال والمسنين من الأسرى الفلسطينيين، ملف الأسرى من أهم الملفات التي تمس العائلات الفلسطينية وتمثل أحد مفاتيح حل القضية الفلسطينية.

قضية الأسرى قضية إنسانية كونها تمس كل بيت وعائلة فلسطينية وتؤثر على العلاقات في الأسر الفلسطينية نتيجة لغياب الزوج أو الزوجة وقد بلغ عدد المعتقلين في السجون الإسرائيلية 7000 معتقل مع نهاية 2015، حسب التقرير الذي أصدره نادي الأسير الفلسطيني.

ونشر نادي الأسير الفلسطيني تقريرا له حول أوضاع المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية الجمعة 1 يناير/كانون الثاني 2016، قال فيه إن العام 2015 لوحده شهد اعتقال 6815 مواطناً ومواطنة من محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948 وتراوحت أعمارهم بين 10 أعوام و73 عاماً منهم أكثر من 200 طفل وقاصر ونحو 200 امرأة وفتاة.

وأشار التقرير إلى أن المعتقلين الـ6815 أفرج عن العديد منهم لاحقاً، إلا أن هذه الاعتقالات تسجل ضمن أعداد المعتقلين والانتهاكات الإسرائيلية على الرغم من إطلاق سراحهم بحسب نادي الأسير الفلسطيني.

وأفاد التقرير الصادر في أول يوم من العام الجديد أنه ومع نهاية العام 2015 بلغ عدد الأسرى في السجون الإسرائيلية في الوقت الحالي نحو 7000 فرد منهم قرابة 450 طفلا وقاصرا و57 سيدة وفتاة وأكثر من 600 أسير إداري.

جدير بالذكر أنه ومنذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967 قامت السلطات الإسرائيلية وبشكل ممنهج بسياسة الاعتقالات الجماعية للفلسطينيين، حتى وصل عدد الذين دخلوا السجون الإسرائيلية منذ عام 1967 وحتى الآن قرابة 700 ألف فلسطيني منهم 10 آلاف امرأة و الآلاف من الأطفال، علما بأن وتيرة الاعتقالات ازدادت منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000.

هذا وقد لقي العديد من الأسرى مصرعهم داخل السجون الإسرائيلية وبلغ عدد الوفيات من الأسرى 197 أسيرا.

وبين نادي الأسير الفلسطيني في تقريره أن الاعتقال الإداري وهو قانون تستخدمه إسرائيل في الإبقاء على معتقلين في سجونها بدون محاكمة لفترة تتراوح بين ثلاثة أشهر إلى ستة تكون قابلة للتجديد زادت وتيرته في العام الماضي، مشيرا إلى أن السلطات الإسرائيلية أصدرت 1248 أمراً إدارياً بين جديد ومحدث منها 498 أمراً جديداً صدرت بحق أسرى اعتقلوا هذا العام حسب ما جاء في التقرير.

جدير بالذكر أن الاعتقال الإداري يطبق وفق أمر إداري فقط، من دون لائحة اتهام ومن دون محاكمة وقد قضت المحكمة الدولية بالسماح باستخدام هذه الوسيلة في حالات استثنائية فقط، إلا أن السلطات الإسرائيلية تستعمل الاعتقال الإداري.

باحثة في علم الاجتماع السياسي(*)

اعلى الصفحة