الأديان والإعلام في مواجهة الإرهاب

السنة الخامسة عشر ـ العدد170 ـ ( ربيع الثاني ـ جمادي اول 1437 هـ) شباط ـ 2016 م)

بقلم: الدكتور الشيخ حسان عبد الله(*)

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

مسألة الإرهاب تعتبر اليوم من أبرز المشكلات التي يعاني منها العالم، ومواجهة هذه الظاهرة يحتاج إلى فهم أسبابها ودوافعها والطرق والأساليب التي يجب انتهاجها لإيقافها والقضاء عليها.

في الأسباب الدافعة لنشوء هذه الظاهرة لا بد من الالتفات إلى أنها لم تنطلق عشوائياً بل خرجت من خلال مراكز تخطيط وإعداد وتنظيم هيّأت الوصول إلى الفوضى التي أسموها الفوضى الخلاقة والتي تؤدي ـ بحسب نظريتهم ـ إلى إنتاج شرق أوسط جديد، وبملاحظة هذين المصطلحين نكتشف أن الذي يقف وراء هذا المشروع  ـ مشروع الإرهاب ـ هو الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني.

من المعروف أن الإرهاب يتوسل العنف والقتل والإبادة سبيلاً لتحقيق أهدافه، ومن المعروف أيضاً أن المقاومة تستعمل العنف المُحِقّ لمواجهة العنف الظالم الذي تتعرض له من خلال احتلال غاصب لأرضها. لذلك تقوم دوائر إعلامية بمحاولة الإيحاء للرأي العام أن هذين الخطين هما واحد لا يختلف أحدهما عن الآخر. وهذا سبب في الأساس على عدم وجود مفهوم محدد للإرهاب متعارف عليه عالمياً.

فالمقاومة في فهمنا، بل في الفهم السليم، هي حقٌّ مشروع أقرَّته شرعةُ حقوق الإنسان فضلاً عن الشرائع الإلهية، وبالتالي من الظلم وصفها بالإرهاب، وهنا يأتي دور الإعلام كعامل أساسي في تكوين فهم الرأي العام.

والأخطر من ذلك هو أن يتحول ومرة أخرى بسبب الإعلام فعل الظالم إلى فعل صحيح وفعل المقاوم إلى إرهاب.

هذا من جهة، من جهة أخرى فإن بدايات القرن الحالي شهدت عملاً حسياً لتصوير الدين ـ وبالأخص الدين الإسلامي ـ على أنه سبب الإرهاب بالتزامن مع  قيام مجموعات إرهابية تدّعي الإسلام بأعمال إرهابية ضد الآخرين والإيحاء إعلامياً بأن الإسلام مساوٍ للإرهاب معمماً ليصل أن الإسلام رديف للإرهاب وهذا ظلم كبير، فالدين الإسلامي هو دين الرحمة والسلام وليس دين القتل والإبادة، لكن ولأن المقاومة انطلاقاً من إسلاميتها حققت النصر المبين في لبنان ونصراً هاماً في داخل فلسطين المحتلة.. ولأن الدين كان محركاً إيجابياً في الحصول على هذه النتائج العامة.. ولأنه لا يمكن فصل دين عن آخر إذ أن كل الأديان تتجه نحو الله الواحد.. لأجل ذلك كله كان لا بد من العمل على تشويه الدين ووصمه بالإرهاب.

من هنا كان ينبغي التركيز على عنوانَيْن أساسيَّيْن، الدين والإعلام.. فكلاهما يمكن استخدامهما إما في رفع راية الحق والعدالة وبناء المجتمع السليم، أو إذا ما أسيء استغلالهما فيدفعان باتجاه الظلم والقتل والتدمير والإرهاب. لذا فإن علينا أن نعمل على أن نرسِّخَ الأمور التالية:

أولاً: الدين هو الحق وهو الذي يبني المجتمع على القيم الأخلاقية والإنسانية التي تؤدي إلى التطور والرقي، واستغلال البعض لفهم خاطئ للدين لا يعني أن الدين على خطأ بل هم الخاطئون ورسولنا محمد(ص) قال عنه الله سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾. وقال عن نفسه(ص): "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

ثانياً: على رجال الدين "إذا صح التعبير" أن يقوموا بواجبهم في تبيان معاني القيم الدينية الحقيقية الداعية لرفع الظلم وإقرار العدل وفضح الذين يقومون باسم الدين بأعمال يرفضها الدين ولا يقرها.

ثالثاً: يجب أن تعمل الطوائف والمذاهب على إقرار ميثاق شرف فيما بينها يركز على الوحدة والإسهام معاً في بناء مجتمع سليم بعيداً عن المصالح الفئوية الضيقة.

رابعاً: على الإعلام ـ وخصوصاً الإعلام الحر والمقاوم والذي يعتمد مبادئ أخلاقية وإنسانية ـ تقديم الصورة الحقيقية عن الواقع، فلا يدخل في التحليلات الموَجَّهَة والموجِّهَة في إطار إمبراطورية الشر الإعلامية الصهيونية.

خامساً: للإعلام دور مهم خصوصاً مع تحوُّل العالم إلى قرية صغيرة بفضل وسائط التواصل الاجتماعي وبالتالي فإن الدين لا ينكر هذه الوسائط ولا يرفضها بل يدعو إلى ترشيد استعمالها لنشر القيم الأصيلة ومن هنا يتوجب علينا استغلال هذا التطور في التواصل الاجتماعي من أجل جلاء الصورة أمام الآخرين.

سادساً: الدين يحتاج إلى الوسائل الإعلامية لنشر فكره المواجه للإرهاب وبالتالي يجب أن يكون حاضراً في كل وسائل الإعلام معبراً عن رأيه ومواجهاً للفكر المنحرف.

سابعاً: يعتمد الغرب الممول والمحرض على الإرهاب اليوم على الإعلام في شن حرب ناعمة على مجتمعنا من خلال دخوله إلى كل بيت وفرد والعمل على توجيهه في إطار خاطئ ما يفرض علينا ومن خلال هذا المؤتمر تبني سياسة إعلامية واضحة لمجابهة هذه الحرب الناعمة.

ثامناً: يجب أن نحدد المصطلحات الحقيقية التي يجب تبنيها في الخطاب الإعلامي والسياسي:

- الذي يُقْتل في مواجهة العدو الصهيوني وأي عدو غاصب أو حاكم ظالم هو شهيد وليس قتيلاً.

- الكيان الغاصب هو التوصيف الحقيقي للاحتلال الصهيوني وليس إسرائيل.

- المقاومة هو التعبير عن الصراع مع العدو الصهيوني وليس العنف.

- الجماعات الإرهابية هي كذلك وليست جماعات إسلامية متطرفة.

- نشر صور الذبح بالأسلوب الذي تعتمده الجماعات الإرهابية مساهمة في خطة الإرهابيين في تشويه صورة الدين وليس سبقاً إعلامياً.

- يجب التركيز على أن الجريمة هي  العنوان الذي يرتكبه الصهاينة ولا يجوز المساهمة في تشويه الحقيقة من خلال إعطاء مبرر لها أو محاولة التغطية على عظم الجريمة بفعل يوحي بأنه جيد وهو خبيث، كما في ذلك الضابط الصهيوني المجرم الذي أوقف تفجير منزل للفلسطينيين لجلب حذاء لطفلة خرجت من المنزل بلا حذاء، فهذا بحد ذاته مقارنة ظالمة، فأيهما أعظم رد الحذاء للطفلة أم تدمير منزلها؟!!.

اعلى الصفحة