"عرس الدم".. العنصرية الصهيونية بأبشع صورها!!

السنة الخامسة عشر ـ العدد170 ـ ( ربيع الثاني ـ جمادي اول 1437 هـ) شباط ـ 2016 م)

بقلم: عدنان عدوان

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

بتاريخ 26/11/2014 أقرت الحكومة الإسرائيلية مشروع قانون أقرته ينص صراحة، وللمرة الأولى، على أن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي لاغياً مكانة اللغة العربية كلغة رسمية، ومسقطاً حق المواطنة، بشكل آلي عن مليون وستمائة ألف عربي.

هذا القانون يكرس إسرائيل كدولة عنصرية، تمارس التمييز الديني والعرقي في أبشع صوره، الأمر الذي يعني أن جميع المواطنين العرب غير اليهود من مسيحيين ومسلمين، ليس لهم أي مكان فيها، وسيكون مصيرهم مصير الأفارقة السود في "روديسيا" وجنوب أفريقيا، هذا إذا لم يواجهوا مصير الهنود الحمر.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تزعم اجتماع الحكومة الذي اقر هذا المشروع، قال في مستهل الجلسة "دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وتوجد فيها مساواة في الحقوق الفردية لكل مواطن، ونحن نشدد على ذلك، ولكن الحقوق القومية تمنح للشعب اليهودي فقط، وهي العلم والنشيد الوطني وحق أي يهودي في الهجرة إلى البلاد".

وعندما يؤكد نتنياهو أن الحقوق القومية لليهود فقط، سواء المستوطنين في الكيان الصهيوني أو في الخارج، فهذا يعني أن الديمقراطية والأمن والعمل والصحة والتعليم والجنسية هي لليهود فقط، ولا تنطبق على غيرهم.

نتنياهو قدم خدمة كبيرة للشعب الفلسطيني وكل الشعوب العربية والعالمية الشريفة التي تحارب العنصرية بأشكالها كافة، عندما أماط اللثام عن الوجه الحقيق للعنصرية الإسرائيلية في أبشع صورها، وحصر الحق الديمقراطي لليهود فقط وأسقطه عن العرب من المسيحيين والمسلمين، ولهذا يجب أن لا يسمح لأي مسؤول غربي بعد اليوم أن يكرر المقولة الكاذبة حول الديمقراطية الإسرائيلية الوحيدة وسط محيط عربي ديكتاتوري، فلا يمكن ان تلتقي الديمقراطية مع العنصرية إلا في إسرائيل.

العنصرية كأيديولوجيا

مما لا شك فيه أن كافة الإجراءات وممارسة التطهير العرقي التي تقترفها سلطات الاحتلال الصهيوني تنم عن عنصرية خطيرة، تنافي كافة القوانين والأعراف الدولية وشرعة حقوق الإنسان.

وفي هذا الصدد، فلا بد من التذكير بقرار الأمم المتحدة في عام 1975، الذي اعتبر الصهيونية حركة عنصرية، قائمة على التنفيذ العنصري، ولا تعترف بحق الشعب العربي الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.

إن نظرة سريعة للمشهد الكارثي في الأرض الفلسطينية المحتلة، تؤكد أن السياسة العنصرية الصهيونية هي التي تتحكم في مفاصل القرار، فالإعدامات الميدانية التي يتعرض لها الشاب الفلسطيني, وهدم المنازل، وتجريف المقابر الإسلامية، وهدم المباني الأثرية المحاذية للمسجد الأقصى، والأبنية الوقفية، لإقامة حدائق توراتية مزعومة تحيط بالمسجد، إلى جانب إطلاق أسماء عبرية على الشوارع والمعالم الجغرافية، يشير إلى هذه العنصرية بأبشع صورها.

وفي هذا السياق، لا بد من التذكير بأن سلطات الاحتلال قد شرّعت أكثر من "30" قانوناً عنصرياً، لمعاقبة شعبنا الفلسطيني في المثلث والجليل والنقب، حيث منعت الفلسطينيين من استذكار النكبة، وفرضت غرامات باهظة على كل من يقوم بهذه الفعالية، كما سنّت قانوناً يمنع اليهودي من تأجير أي عقارات للفلسطينيين.. أي بمعنى آخر منع الفلسطينيين من الانتقال والسكن في أي مكان داخل كيان العدو، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تطور هذا السلوك العنصري البغيض إلى سلوك فاشي، تمثل في معاقبة مدير مدرسة لطالب تكلم مع زميل له بالعربية، والى تعبئة طلبة المدارس ومشجعي المباريات الرياضية بكراهية متناهية للعرب والقيام بشتمهم خلال المباريات، وإطلاق الهتافات المعادية "الموت للعرب" في صورة عنصرية بغيضة، تذكر المجتمع الدولي بهتافات النازيين في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي..

ومن ناحية أخرى، فلا بد من التأكيد على حقيقة هامة، وهي أن التأييد والدعم الأمريكي للعدو الصهيوني المحتل، إلى جانب التواطؤ الأوروبي المشين، كانا ولا يزالان السبب الرئيس في رفض العدو الامتثال لقرارات الشرعية الدولية، وإصراره على انتهاك القانون الدولي, واستعمال الأسلحة المحرمة "الفسفور الأبيض" في ضرب المدنيين، والاعتداء الهمجي على كل من حاول الوصول إلى قطاع غزة المحاصر لإيصال المعونات الغذائية والأدوية والمعدات الطبية لأكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني يعانون حصارا ظالما بشعا لا مثيل له في التاريخ.

إن ممارسات العدو الصهيوني الطافحة بالعنصرية، وجرائم التطهير العرقي، كما يتجسد ذلك بأبشع صوره في القدس العربية المحتلة، تؤكد أننا أمام صورة جديدة للنازيين، الذين قادوا العالم إلى الموت والدمار، ما يفرض على شعوب الأرض، والتي ذاقت ويلات العنصرية أن تنهض من جديد لمكافحة العنصرية الصهيونية والتي تشكل خطرا على الأمن والاستقرار في المنطقة وعلى السلم العالمي.

وما من شك أيضاً, بأن العنصرية ضاربة في أعماق المجتمع الصهيوني حتى تحولت إلى نهج وسلوك وثقافة حياتية تُمارس وتتجلى بأبشع صورها ومظاهرها في التعاطي اليومي مع فلسطينيي الـ 48 ومما يساهم في استشراء واستفحال ظاهرة العنصرية الرعاية والدعاية التي تحظى بها من قبل الإعلام الإسرائيلي وتصريحات القادة الصهاينة المعادية لكل من هو عربي .

إن أكثر فئة تتضرر من النهج العنصري السائد هي الأقلية الفلسطينية التي تعيش داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1948 والبالغ تعدادها مليون ونصف المليون.. فهذه الفئة مضطرة للتعاطي مع المجتمع الإسرائيلي والاحتكاك به وهي تتحمل الكثير وتقف بصلابة صابرة صامدة متحدية كل المظاهر العنصرية التي تواجهها.

إن كياناً بُني على أسس عنصرية خالصة ورسخ ثقافة الكراهية للآخر لا يمكنه أن يخلص من عقدته حتى لو أراد التخلص إذ ليس من السهل قلب موازين ثقافية تربت عليها الأجيال الإسرائيلية بسهولة وبساطة.. وليس من السهل فطامها من حالة الإدمان العنصري التي تعيشها.. فالعنصرية لم تعد ظاهرة مَرضية يمكن علاجها بل تحولت هنا إلى فكرة وإيديولوجيا تلازم المجتمع الإسرائيلي بكل شرائحه!

في استطلاعات للرأي أجرتها معاهد صهيونية متعددة بينت أن غالبية اليهود يرون بالعربي قذرا لا يمكن التعايش معه وتقبله.. معطيات مذهلة أبرزها الاستطلاع وفي مقدمتها أن اليهودي لا يثق بالعربي ويرى بان وطنه هو مناطق السلطة! العنصرية ترسخت في ذهن المجتمع وأصبحت جزءا من ثقافته الحياتية وممارساته اليومية.

العنصرية كنهج وسلوك!

كل الساسة الصهاينة يبنون مجدهم السياسي والحزبي على حساب العرب وضربهم... فمعيار قوة ووطنية أي سياسي وقائد إسرائيلي تكمن في مدى عدائه للعربي وتنكره للحق الفلسطيني.. رئيس الوزراء السابق اسحق رابين اعتبروه ملكاً لإسرائيل لأنه انتهج سياسة تكسير العظام إبان الانتفاضة الأولى.. آرئيل شارون استمد قوته وجبروته من مجزرة صبرا وشاتيلا.. أفيغدور ليبرمان وسّع شعبيته لأنه انتهج التطرف ونادى بترحيل العرب .. لذلك فأزمة "المجتمع الإسرائيلي" مركبة ومعقدة وهي نهج وسلوك قيادة وشعب.. كلاهما يتحملان المسؤولية.

من الطبيعي والبديهي أن يكون المسئول الأول عن هذه العنصرية هي الطبيعة البنيوية للمشروع الصهيوني العنصري, وأن يكون المسئول عن استشراء واستفحال ظاهرة العنصرية هي القيادة السياسية والدينية التي لم تترك مناسبة إلا وأطلقت التصريحات التحريضية والعنصرية ضد الأقلية الفلسطينية هنا, ناهيك عن تشريع القوانين "الابرتهايدية" لتضييق الخناق على الفلسطينيين وبالتالي إجبارهم على ترك وطنهم والرحيل!

مخططات إسرائيلية عنصرية عديدة تحاك بالسر والعلانية.. "الخطر الديموغرافي" الذي يشكله فلسطينيو الـ "48".. أو القنبلة الديموغرافية الموقوتة كما يسمونها، فكل المعطيات تشير إلى أن تعداد العرب هنا سيتساوى مع تعداد اليهود بعد عشر سنوات أو أكثر وهذا ما يخيف الصهيونية لأنها ستفقد يهوديتها وطابعها.

إسرائيل أرادت لنفسها أن تكون خالية من العرب فعندما زار "بن غوريون" منطقة الجليل في الستينات ذهل من رؤية القرى العربية القائمة فسأل مرافقيه: هل نحن في سوريا أم في إسرائيل؟!..

منذ ذلك الوقت بدأت القيادة الإسرائيلية بالتفكير الجدي في كيفية التخلص من "القنبلة الديموغرافية" المسماة عرب الداخل, فبدأت بمصادرة الأراضي التابعة للمواطنين العرب وبناء المستوطنات عليها وتحديدا في الجليل لتغيير طابعها العربي وكان انفجار يوم الأرض عام 76 احتجاجاً على سلب ونهب ما تبقى من أراضٍ.

لقد منيت مخططاتهم بفشل ذريع لأن الإنسان الفلسطيني تمسك أكثر بأرض آبائه وأجداده واعتبرها جزءا من كينونته وبقائه فالأرض بالنسبة له مكوِّنٌ من مكوناته الحياتية.

لقد دأبت إسرائيل على تشريع قوانين تحدُّ من مجال تحرك العرب وتطورهم الاقتصادي وتفاعلهم السياسي مع شعبهم وأمتهم.. قوانين تحرم إحياء ذكرى النكبة سُمي بقانون النكبة وقانون الولاء للدولة فكل من يزور دولة معادية يحاكم ويسجن والعديد العديد من القوانين الهادفة إلى تدجيننا وتطويعنا وبالتالي سلخنا عن شعبنا وامتنا!. ناهيك عن سياسة تضييق الخناق وعدم إفساح المجال أمامنا للتقدم والتطور في شتى المجالات السياسية والاقتصادية وحتى العلمية!

على الرغم من هذه التصرفات العنصرية الوقحة ما زال الفلسطيني يقاوم الظروف متمسكاً بالحياة بمرارتها وحلوها لا تثنيه أي قوة أو قانون عن شق طريقة بكرامة وعزة منسجماً ومندمجاً مع قضايا شعبه وأمته.

إسرائيل تدرك تماماً أن من تسميهم "الأقليات" وتضطهدهم هم الخطر الحقيقي والجدي عليها وان أي اضطهاد قد يؤدي إلى الانفجار لكنها لم تستخلص العبر من تجاربها السابقة.. لذا فهي الآن تدرس وبجدية إمكانية التخلص من عرب الداخل من خلال تهجيرهم بعدما فشلت في تطويعهم..

عندما بَدأ مشروع الترحيل يطفو على السطح كان الرد حاسما من قبل الفلسطينيين.. قالوا إذا أرادت إسرائيل ترحيلنا فعليها أن تجهز "مليون تابوت" لأننا نفضل الموت على الرحيل... لن نرحل وسنبقى هنا على صدورهم كالجدار وفي حلوقهم كشوكة الصبار.. كأننا عشرون مستحيل في اللد والرملة والجليل.. وعلى إسرائيل أن تدرك أن زمن الخوف والهلع ولّى إلى غير رجعة وإذا كانت تفكر بأنها ستكرر تجربة الـ "48" فستكون قد جنت على نفسها, لأن الفلسطينيين لن يقفوا مكتوفي الأيادي إزاء ما سيواجهونه من مخاطر..

قالوا: "نحن أصحاب الوطن الشرعيون والحقيقيون ولسنا دخلاء مثلهم أو ضيوفا على موائدهم.. هنا لنا حاضر وماضٍ ومستقبل.. فليشّرعوا ما يشاؤون من قوانين وليضيّقوا الخناق أكثر لكننا لن نرحل ولن نهون لأننا هنا سنبقى ما بقي الزعتر والزيتون.. سنبقى جزءاً من الجرح الفلسطيني والحلم العربي والذاكرة الجماعية.. تعودنا على عنصريتهم وأصبح لدينا مناعة مكتسبة وتعودنا على الظلم والاضطهاد وتعايشنا معه بكرامة وعزة وسنستمر بالحياة ننجب الأطفال جيلاً وراء جيل متسلحاً بالانتماء للوطن والشعب.. محصناً بالكرامة والعزة.. فليشربوا البحر"!!.

حركة "كاهانا حي"

لا يزال مناصرو حركة "كاهانا حي" الصهيونية المحظورة والعنصرية يحلمون "بإعادة بسط السيادة اليهودية على أراضي إسرائيل الكبرى".

وفي خطاب ألقاه أمام "200" شخص في تجمع أقيم في القدس المحتلة بمناسبة ذكرى اغتيال الزعيم الروحي لهذه الحركة الحاخام مئير كاهانا عام 1990 على يد مصري في نيويورك قال يكوتييل بن ياكوف، احد قادة "كاهانا حي"، بلهجة تفوح عنصرية: "يجب طرد جميع العرب من إسرائيل الكبرى". وتبعت هذه الصرخة موجة من التصفيق الحار من الحضور الذي شارك في التجمع الذي نظمه بن ياكوف الأمريكي الأصل والمقيم في مستوطنة تابوا شمال فلسطين المحتلة احد معاقل مناصري عقيدة كاهانا.

وأمام هؤلاء المناصرين، يكرر منظم الحدث أن "كاهانا كان على حق"، ثم يعود ليذكر بأبرز أفكار مرشده السابق: "إعادة بسط السيادة اليهودية على جميع أجزاء إسرائيل الكبرى التي باعتها الحكومات الإسرائيلية لأعدائنا، ونقل الفلسطينيين إلى الدول المجاورة وسحب حق التصويت من العرب الإسرائيليين الذين يؤيدون (نشاط) الإرهابيين ضد الدولة اليهودية". وخارج القاعة، يوزع مناصرون المنشورات ويجمعون التبرعات لتمويل نشاطات المجموعة وموقعها على شبكة الانترنت.

وعلى الرغم من حظر هذه المجموعة منذ العام 1994 حين قام أحد ناشطيها بارتكاب جريمة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية بقتل "29" مسلماً كانوا يصلون داخل الحرم، لا يزال أعضاؤها ينظمون اجتماعات بانتظام ومن دون عقاب.

والمفارقة أن حفل ذكرى اغتيال كاهانا تم في قاعة تحمل اسم اسحق رابين، رئيس الوزراء السابق الذي قتل على يد متطرف يهودي في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 1995. حيث أن أحد ناشطي كاهانا على ما يبدو أن لم يستطع ان يتمالك نفسه، فركل اليافطة التي كتب عليها اسم رابين الحائز على جائزة نوبل للسلام، ركلة عنيفة في الوقت الذي بدأت في جميع أنحاء (إسرائيل) احتفالات إحياء ذكراه.

ويقول ليني غولدبرغ احد المسؤولين في الحركة وناشر كتب الحاخام كاهانا بالإنكليزية والعبرية والروسية، إن اتهام مناصريها بالإرهاب لا أساس له من الصحة. ويضيف "من العبث جداً أن ينظر إلينا على أننا إرهابيون في حين أن الحكومة تجري مباحثات مع مجرمي منظمة التحرير الفلسطينية" وقد وقف خلف طاولة عليها كتب تحمل عناوين لا التباس فيها، مثل "يجب أن يرحلوا"، وكلها كتب معدة للبيع.

وبين كل خطاب وآخر يقوم مغن بإحياء الحفل برفقة موسيقيين. المغني هو دوف شورين، احد سكان مستوطنة كريات أربع بالقرب من الخليل، وهو يقول انه معاد للصهيونية لكنه عضو في "حركة كاهانا حي". وقد اصدر حتى الآن اسطوانتين بعنوان "الانتقام التوراتي" و"أسياد الأرض". وتسخر هذه الاسطوانة الأخيرة من عمل يحمل العنوان ذاته وينتقد المستوطنات. وبقبعته السوداء وسيكارته، يبدو شورين الذي يمزج الانكليزية بالعبرية أقرب إلى صورة "الهيبي" من الصورة التقليدية للمستوطن المتدين. لكن خطابه لا يثير أي شك في حقيقة نواياه. وهو يشدد على أن "هناك نوعين من العنصرية. العنصرية السيئة، مثل عنصرية هتلر، والعنصرية الجيدة، وهي عنصرية الله، الذي اختار الشعب اليهودي من بين الأمم"!!.

وفي قاعة موازية، يتناول الضيوف الطعام وهم ينظرون بكره شديد للعرب من الخدم الذين يقدمون المشروب والحلوى!.

الاحتفال بمحرقة دوما!!.

لا زالت حكومة العدو الصهيوني ماضية في مشروعها الاستيطاني بكافة الوسائل وأخرها إقرار الكنيست الإسرائيلي، القانون الاحتلالي المسمى "مكانة الهستدروت الصهيونية العالمية والوكالة الصهيونية"، بغالبية 53 صوتاً ومعارضة 48، ما يعني أنه يعزز مكانة الهستدروت العالمية والوكالة اليهودية من خلال تعزيز قسم الاستيطان في هذه المنظمات الصهيونية، وتأصيل صلاحيات واسعة لهذا القسم، بما يمكنه من أن يعمل كمؤسسة شبه حكومية، من أجل تطوير مصالح الحركة الصهيونية عامة، ومشاريع الاستيطان تحديداً، وهو مؤشر على أن "الدولة" أداة في خدمة المشروع الصهيوني، والقانون يحول أيضا المنظمتين الصهيونيتين لذراع رسمية للحكومة الإسرائيلية، ترعى المشروع الاستيطاني.

وفي مشهد إرهابي مروع  لا يمكن تصوره والذي يثبت للعالم أجمع حقيقة إرهاب المستوطنين نقل التلفزيون الإسرائيلي حفلة الرقص لعشرات المستوطنين المتطرفين المسلحين بالسكاكين والأسلحة والزجاجات الحارقة وصور الطفل الشهيد علي دوابشة، حيث احتفل هؤلاء  بجريمتهم النكراء في قرية دوما وطعنهم لصور الطفل الشهيد علي دوابشه، الذي لم يتجاوز من العمر 18 شهراً. هذه الصور تثبت مدى إجرام ووحشية هذه العصابات التي تمارس يومياً إجرامها المنظم واعتداءاتها المتكررة على المواطنين الفلسطينيين، وآخرها الاعتداء ومحاولة قتل عائلة حسين النجار من قرية بيتلو غرب رام الله بمهاجمة منزل العائلة  وإلقاء قنابل الغاز السامة في داخله ما أدى إلى إصابة أفراد العائلة والتي تضم رضيعاً في الشهر التاسع بالاختناق، ولولا يقظة رب العائلة وأهالي قرية بيتلو لكان مصير العائلة الموت المحقق، وقد خط هؤلاء الإرهابيون، الذين يتخذون من المستوطنات والبؤر الاستيطانية أوكاراً لهم شعارات على جدران المنزل تحمل في فحواها شهوة القتل والانتقام كان منها "رسالة انتقام من معتقلي صهيون" ويقصدون بذلك المستوطنين المعتقلين للاشتباه بتورطهم في ارتكاب جريمة إحراق عائلة دوابشة.

 في الوقت نفسه هاجم المستوطنون  بلدة كفر حارس وأقاموا صلوات تلمودية بعد إغلاقهم للطرقات واعتداءهم على المواطنين وهو مشهد يتكرر في هذه القرية الفلسطينية في محافظة سلفيت ويترافق مع أعمال عربدة للمستوطنين، الذين توفر لهم قوات وشرطة الاحتلال الرعاية والحماية.

كل هذه الجرائم تتم بالتواطؤ مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي وجهازها القضائي، الذي يجد الأعذار للمجرمين ليواصلوا جرائمهم ويكرروها. وإضافة إلى الغطاء القانوني، يتسابق الوزراء في حكومة نتنياهو لإرضاء المستوطنين حيث قالت وزيرة "القضاء الإسرائيلي" اييلت شكيد بأن: "البيت اليهودي كله يستغل الفرص السياسية لدفع البناء في الضفة"، جاءت أقوالها هذه خلال لقائها مع عشرات المسؤولين في مستوطنات الضفة الغربية،  الذين طالبوا بإلغاء "تجميد البناء في المستوطنات"، وفيما يتعلق بتشريع البيوت التي أقيمت على أراضي فلسطينية خاصة، قالت شكيد "شكلنا حتى الآن لجنة لترتيب الأمر، وأؤمن أننا سنبدأ قريباً برؤية الثمار والتغيير".

وفي تطور يشي بعنصرية ترعاها الحكومة دعا رئيس تنظيم لهافا العنصري الإرهابي، بنتسي غوبشطين، إلى حظر احتفالات عيد الميلاد واصفاً العرب المسيحيين في البلاد بمصاصي الدماء وأنه يتوجب طردهم من البلاد.

"عرس الدم"

كما هو معروف فإن كيان التطهير العرقي الصهيوني، ولد من رحم العنصرية، وقامت ركائزه على نفي شعب البلاد الأصلي، زوروا له شهادة ميلاد في أروقة الغرب الاستعماري وخاصة وعد بلفور البريطاني، وأمدوه بكل مقومات الوجود: هجرة وتمويلا وتسليحا وصناعة. لبست الكيان الطارئ ثوب اليسار والاشتراكية في البدايات عبر الكيبوتس، تلك "الكومانات" الاستعمارية لتضليل شعوب الأرض، واستقوا شعارات كاذبة، لا أساس لها في الواقع، وأنشأوا لها رواية مزورة، ثم تدريجيا كشفت كليا عن أنيابها الإجرامية، حتى لم يعد أمر عنصريتها وفاشيتها سراً على شعوب الأرض.

كان الفلسطينيون، الذين اكتووا بالمجازر والمذابح منذ عشرينيات وثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، واكتووا بالنكبة الصهيونية وتآمر الرأسمالية الغربية وتواطؤ الأشقاء عام 1948، يعرفون من هي "إسرائيل"، وماذا تمثل بالنسبة لهم. لكن لم يكن أمر معرفتها من الفلسطينيين وأبناء الشعوب العربية ذات شأن كبير. لأن الأمر الهام، هو إدراك شعوب أمريكا وأوروبا وأمريكا اللاتينية وباقي شعوب الأرض حقيقة الدولة الدموية، ليرتقوا لمستوى الجريمة، التي ارتكبت بحق الشعب العربي الفلسطيني، ويعيدوا الحقوق السياسية والاقتصادية كاملة له من خلال الدعم غير المشروط بضمان حرية واستقلال دولة فلسطين على كامل الأراضي المحتلة وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس ما يسمى بقرارات الشرعية الدولية.

ما تقدم ليس سرداً إنشائياً لتدبيج الكلام، ولكن لتذكير كل شعوب الأرض، بأن دولة الاحتلال والعدوان الإسرائيلية، ومظاهر العنصرية والفاشية، التي تنضح منها على مرأى ومسمع العالم، ليست وليدة اليوم أو الأمس القريب، بل هي متجذرة في الوعي الصهيوني، الذي تفوق على الفاشيين الايطاليين والنازيين الألمان، والدليل سلسلة طويلة من مذابح ومجازر نفذتها عصاباتها وجيش الموت اللا أخلاقي في قبية ودير ياسين وكفر قاسم والدوايمة وصبرا وشاتيلا وبحر البقر وغزة وخان يونس ومخيم جنين وفي كل بقة من الأرض الفلسطينية وآخرها حرق ثم قتل الشهيد محمد أبو خضير مطلع تموز 2014 وحرق عائلة دوابشة في نهاية تموز 2015. وما زالت حكومة نتنياهو ومجموعات "تدفيع الثمن" و"لهباه" و"شباب التلال" وغيرها من المسميات القميئة للوحوش الآدمية الصهيونية اليهودية، تنتج مزيداً من التغول والإيغال في مستنقع المجزرة والمحارق الجديدة.

وما شريط الفيديو، الذي بث مؤخراً عن عرس الجماعات الصهيونية المتطرفة، التي كانت ترقص على طبول العنصرية والمحرقة في دوما جنوب نابلس إلا خير دليل على المستوى، الذي وصل إليه أولئك الفاشيون الصهاينة من الوحشية المنفلتة من عقال أي وعي بشري، على مرأى ومسمع من حكومة نتنياهو، التي شكلت الغطاء والحامي لأولئك القطعان المستعمرين. الذين حملوا السكاكين وهم يمزقون صورة الطفل علي شلالدة، ابن العام والنصف، الذي حرقوه مع والديه في بيته.

أين هو العالم الحر مما يشاهد؟.. أين اوباما وكيري وأعضاء المجلسين من العنصرية الصهيونية؟! وأين أوروبا وروسيا والصين واليابان والعرب الأشقاء؟ وإلى متى سيبقى الصمت والاختباء خلف عبارات تافهة لا تساوي شيئاً أمام جرائم مجرمي الحرب الإسرائيليين؟.. لا نريد العدالة كاملة، لأننا نعلم أن العدالة المطلقة صعبة المنال، وحتى النسبية، ولكن نريد الحياد الإيجابي لإنصاف شعبنا من محارق الصهاينة وحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، المنتجة لكل مظاهر الفاشية، والداعمة لخيار الاستعمار وقتل خيار السلام، وإبقاء الشعب العربي الفلسطيني أسير لمشيئة خططهم الجهنمية ومجازرهم ومذابحهم.

دولة ترفض خيار التسوية السياسية، وّتُصر على العيش في مستنقع المحرقة لإبادة الشعب الفلسطيني، لن تفلح في البقاء مهما كان حجم وثقل  الدول، التي تدعمها وتقف خلفها. لان إرادة البقاء والدفاع عن الذات الفلسطينية أعظم من كل أسلحة موتهم العنصرية.

اعلى الصفحة