اللوحة الثانية: جداريات

السنة الخامسة عشر ـ العدد 168 ـ ( صفر ـ ربيع الأول 1437 هـ) كانون أول ـ 2015 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

الصفحة الأولى: عبرةُ الكلمات

مشهدٌ من عينِ السِّكة!!

سبعةٌ أسفلَ الشاشةِ المطمئنَّةِ قد سقطوا.. الرِّيحُ في عين السكّةِ رماديَّةٌ.. والحرارةُ مُعْتدِلَةْ!.. المذيعةُ بعدَ قليلٍ ستختِمُ نشرتَها بابتسامتِها.. ثمانيةً أصبحوا.. والشَّريطُ يدورُ.. هناكَ دعايةُ شامبو.. عطورٍ.. عصيرٍ!.. تسعةً أصبحوا.. والشريطُ يدورُ رفيعاً ويسقطُ في حفرةٍ بجوارِ الرَّصيفْ.. عشرةٌ سقطوا والشّريطُ يدورُ.. ثلاثُ دقائقَ.. ينتصفُ الليلُ.. صاروا ثلاثينَ.. وانتصفَ الليلُ كانَ الحصادُ وَفيراً وكانَ الشريطُ يدورُ.. ولا أسئلَةْ.. صباحٌ جميلٌ، تقولُ المذيعةُ.. ها قد أطلَّ الصباحُ.. وصاروا ستةً وأربعين.. والموتُ يرقصُ في نهر دمٍّ على وقْعِ أحزمةِ القَتَلَةْ.

مشهدٌ من اليمن

وفي قَعْرِ يأْسي ويأسِكَ كانَ الأملْ.. وما خلفَ قُضبانِ سجني وسجنِكَ كانت سماءْ.. في دماري.. دمارِكَ كان لنا شاطئٌ وجبلْ.. ومواعيدُ رائعةٌ مع خيولٍ وأحلى ضياء!.. بعد عامينِ ونيِّفٍ وعُربٍ وأمريكان.. كما تعرفُ الآنَ لمّا نَزَلْ.. نعيشُ هناكَ.. ونحرثُ تلكَ الحقولِ نُمشِّطُ شَعْرَ الهواءْ.. ننامُ ونصحو ونعرفُ ما يَلزَمُ المجدَ من خُطواتْ.. وما يملأ الرُّوحَ من وَلَهٍ دافقٍ وغناءْ.. كلَّ يومٍ نوسِّعُ، ثم نوسِّعُ هذا الطريقْ.. كلَّ يومٍ على ولَدٍ طيِّبٍ يُطلِقونَ رصاصاتِهم.. والدّماءُ هنالكَ تعلو.. وتعلو.. على الرغم من خليجهم.. يقبعون في المَضيْقْ!.

كيف كنا؟!!..

ضيعنا جهات الأرضِ.. عدنا لسعير الأسئلة.. كيف كنا قبل أن تَسْتَدْرِجَ النارُ خطانا قبل أن نغتال حقلين من الورد ونزهو بثياب القتلة.. كيف كنا.. قبل أن نعقد أيدينا على خاصرة الأرض ونختار الوصايا المنزلة.. فاخترعنا أوّل الدنيا من التفاح والفاكهة الأخرى.. وأخطأنا أمام العرش صرنا مثلاً في الأمثلة، وامتلكنا شجر الجنة، من لوز وأعناب وقايضنا على الخلد بيوم ينتهي الخلد.. ونبقى أوّلَهْ.. وطفقنا نكسر الجدران بين الله والقلب، ونتلو سورة التكوين، باسم الله.. نختار العصور المقبلةْ.

إلى السيد حسن

ها أنا أستحضر اللحظةَ صوتَ النصر في عزمك.. لونَ العزّةِ في وجهك، هتاف الروح حين انولدَ القلبُ على زندك، أستحضرُ أنفاسَكَ.. عطرَ النبواتِ في مقتبل الوحي.. ها أن أستحضر البحر، كما اعتدنا على لجَّتِهِ.. استحضر الخلجان، عشب البحر، طير البحر، قطعاناً من الأسماك.. تصطفُّ على كفِّك.. سرّ البحر.. موج البحر.. مجذافي.. تطيرُ بي مع النّورس.. تسري معنا الأقمارُ.. ألتفّ بما يهطل من جنبيك من ضوء.. تذوب الروح في الضوء وقد تنكسر الشمس،.. وتذوي في بروج مقفلةْ.. وأرتمي عند أعتابِكَ أرجو لقاءَكَ.. فتغارُ من لثمِ جبينِكَ العلويِّ ملائكُ من أطراف الجنانِ مرسلة.

سيّد الأشجان

حريتي أنتَ.. القصيدةُ والرحيلُ إلى الولادة، يا سيِّد الأشجانِ، يا أغنيّةَ القلبِ المشاكسِ، يا اشتعالَ‏ الروحِ في وقتِ الإرادة...‏ رتّبْتَ أزمنتي وأمكنتي وحدّدتَ التدفّقَ في‏ الوريدِ، وكتبتني ما شاءتِ الكلماتُ ناضجةً وأسدلْتَ الغيومَ على الأفقْ، منكَ انطلاقي نحو مبتدأِ الزَّمنْ.. منكَ انطلاقي‏ نحوَ خاتمةِ المحنْ.‏

وجهُكَ آيةُ النور

ابتدي منكَ، ومنكَ ابتدأتْ كلُّ الأمنياتُ.. وفيكَ احتفى النصرُ.. ومن ومضِكَ فاضت كل تلك الأخيلةْ.. رؤاكَ انتشرتْ في عصبِ القلب، خُطاك اخترعتْ أفقاً، ومنكَ ابتدأتْ كلّ ليالينا، نشيداً كالغيوب المُرسلةْ.. أسميكَ.. أسمّي العزّةَ في وطني، وسمَ صباباتيْ على وجهكَ.. لغُزَ النصر والعزّة.. نجوايَ.. قنوطي حين لا ألقاكَ.. سرّ الملائكةِ في طلّتِكَ الغرّاء.. في دفئك إبّان صقيع القلب.. هذا أنتَ مويلاي.. سيِّدُ العطْرِ في رونقِ الأزهار.. فيضُ النورِ بعضُ طُهرِكَ.. ووجهُكَ آيةَ النورِ من سماءٍ الله منزَلَةْ.

أنت الزلزلة

أرتجي لقاءكَ ولو على حافة الثانية.. فاخرُجْ من دائرةِ الوقتِ.. وامنحني نفحةً من طهرِ يديكَ.. واتركني على قارعة الزمان.. لقاؤكَ مُنيَتي.. والزمنُ خؤونٌ.. فهل يترُكْ لي هنيهةً أُدركُ فيها عطفَكَ؟.. أحببتك، باسم الله: أحببتك.. وعلى ملةِ رسول الله طارت رُسلي، رفّ حمام زاجل يعلن للرائح والغادي شروح الصورة الأولى ويتلو سورة التوقِ.. أُسمّي الآن ألوانَكَ منذ الأخضرِ الغامِض.. حتى الأصفر الكاتبِ أسفارك... إني لا أرى الآن سواك.. ولكنّ السواقي صُنعة الوديان ما من جبل يحنو على ساقيه إلاّ وينهارُ.. سأنهار... وما من جبل ينهار إلاّ في البراكين إذا ما زلزلت الأرض ولا تستكينْ.. وأنت الزلزلةْ. 

الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي

أبو منصورالثعالبي ـ الأدبُ والذهب

مـــن كان ينفعُهُ الأدَبْ       ويُحِــلُّهُ أعلى الــرُّتَبْ

فلقد خَسِـــرْتُ عليهِ ما       وُرِّثْتُ مِــــن أُمٍّ وأَبْ

كم ضيعــةٍ كانتْ تصونُ       الـوَجْـهَ عن ذُلِّ الطَّلَبْ

أتلَفْتُهــا، لا فـي القِيانِ        ولا هوَى بِنْتِ الــعِنَبْ

بل في الحوادِثِ والحوائجِ        والنــوائبِ والنُّــوَبْ

كم قُلْتُ لمَّــــا بِعْتُها         وحَصَلْتُ في أَسْرِ الكَرَبْ

ذَهَبَتْ دجــاجَـتُنا التي        كانَتْ تبيضُ لـنا الذَّهَبْ

أبو القاسمِ الشَّابي ـ أحلامُ الشباب

ألا إنَّ أحْلامَ الشَّـــــبابِ ضَئيلَةٌ       تُحَطِّمُهـــا مثلَ الغُصونِ المَصائبُ

ســألتُ الدَّياجي عنْ أماني شَـبيبَتي      فقـالتْ تَرامَتْهـــا الرِّياحُ الجَوائِبُ

ولمَّا ســألْتُ الرِّيحَ عنهــا أجابَني      تَلَقَّفَهــا سَــــيْلُ القَضا والنَّوائبُ

فَصارتْ عَفــاءً واضْمَحَـلَّتْ كَذَرَّةٍ       على الشَّاطئ المَحْمومِ والموجُ صاخِبُ

ابن زيدون ـ ذمامُ الهوى

لَئِن قَصَّرَ اليَأسُ مِنكِ الأَمَـــل      وَحالَ تَجَـــنّيكِ دونَ الحِيَل

وَناجاكِ بِالإِفكِ فِيِّ الحَســـودُ       فَأَعطَيتِهِ جَهرَةً ما سَــــأَل

وَراقَكِ سِـــحرُ العِدا المُفتَرى       وَغَرَّكِ زورُهُـــمُ المُفتَعَل

وَأَقبَلتِِْهِم فِيَّ وَجــــهَ القَبولِ        وَقابَلَهُم بِشـــْـرُكِ المُقتَبَل

فَإِنَّ ذِمامَ الهَــــوى لَم أَزَل        أُبَقّيهِ حِفظاً كَمــــا لَم أَزَل

فَدَيتُكِ إِن تَعجَلي بِالجَـــــفا       فَقَد يَهَبُ الريثَ بَعضُ العَجَل

عَــلامَ اِطّبَتْكِ دَواعـي القِلى        وَفيمَ ثَنَتكِ نَواهــي العَـذَل

أَلَـم أَلـزَمِ الـصَبرَ كَيما أَخِفَّ       أَلَـم أُكثِرِ الـهَجرَ كَي لا أُمَلّ

أسامة بن منقذ الشيزري ـ دعاءُ مظلوم

أدعُــو على ظَالمي فيغضَبُ مِنْ      دُعَايَ قُـل لِـي عَـلامَ ذَا الغَضَبُ

هَجْـرُكَ لـي ظالمـاً وخَوفُكَ مِن      دُعَـايَ يَا ظالِمـي هُـو العَـجَبُ

يَدعو لِســاني والقلبُ من وَجَلٍ       عليكَ أن يُســــتجابَ لي يَجِبُ

وبَعْــدُ مَن لِي لو أَنّ وِزْرَكَ في       صَحيفتي في المَعَــــادِ يُكتَتَبُ

إبراهيم طوقان ـ الطريقُ إلى الفناء

لي بِالحَياة تَعلــق وَتَشــــدُّدُ          وَالعُمــر ما بَعدَ المَدى فَسـيَنْفَدُ

نَفَسٌ أُرَدِّدُهُ وَأَعلــــــم أَنَّهُ            لِلمَـــوت بَينَ جَوانِحـي يَتَرَدد

وَيَلــــمُّ بي أَلــم أُخاتله بِما           يَصف الطَبيبُ فَيَســتَكين وَيَخمَد

وَيســرني أَني نَجَوتُ مِن الأَذى           وَيلي كَأَني إِن نَجَـــوت مخـلد

وَكَأَنَّني ضَلّلتُ سَــــيرَ مَنِيَّتي           إِن الطَريقَ إِلــى الفَناء معــبّد

هَيهات لَســتُ بِخادع عَينُ الرَدى         عَين الــرَدى يَقظى وَعَينك تَرقد

أبو جعفر بن سعيد الأندلسي ـ صفاء الدهر

ســِرْ نحـو ما تختارُ لا تَسْمَعَنَّ      مــا قالـه زيدٌ ولا عمــــرو

كلُّهــــم يَحْمَــدُ مــا رُمْتَهُ      مهمـــا يســـاعدْ رأيَكَ الدهرُ

عجبتُ ممــن رام صدر العُــلا     يرومُ أن يصفــو لـــه دهــرُ

إبن بقي القرطبي ـ مصاب الدهر

من ظنّ أن الدهــر ليس يصيبه       بالحــادثات فإنه مغـــرور

فالق الزمـــانً مهِّوناً لخطوبه       وأنجـــرَّ حيثُ يجرُّكَ المقدورُ

وإذا تقلَّبَتِ الأمــورُ ولـم تدم        فســواءٌ المحـزون والمسرور

 

  

اعلى الصفحة