أوضاع البحرين (الحلقة الثانية)

السنة الخامسة عشر ـ العدد 168 ـ ( صفر ـ ربيع الأول 1437 هـ) كانون أول ـ 2015 م)

بقلم: الشيخ خضر نور الدين

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

دخول قوات درع الجزيرة وبعض المعلومات عنه.. وبداية الحوار بين السلطة والمعارضة.

دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين

في 14 آذار عام 2011 وخلال فترة الاحتجاجات الشعبية دخلت قوات درع الجزيرة البحرين بعد أن طلبت حكومة مملكة البحرين الاستعانة بها. وقالت الحكومة أن القوات جاءت لتأمين المنشآت الإستراتيجية.

من جهة أخرى أعتبرها البعض وخصوصاً إيران بمثابة غزو للبحرين. فيما ردت البحرين على لسان وزير خارجيتها خالد بن أحمد آل خليفة. أن قوات درع الجزيرة لن تبارح البحرين حتى يذهب الخطر الإيراني. وقد تقدمت إيران بشكوى في مجلس الأمن بشأن إرسال درع الجزيرة إلى البحرين. وقد اتُهمت هذه القوّات من قِبل المعارضة بارتكاب جرائم، خلال تدخلها في البحرين، كمنع الطواقم الطبية من تقديم العلاج للجرحى وقتل المدنيين.

شاركت السعودية بأكبر عدد من الجنود (1.200 جندي)، وبعدها الإمارات (800). ولم ترسل الكويت قوات برية وأرسلت قوات بحرية بقيادة المقدم ركن بحري عبد الكريم العنزي، الذي صرح بأن قوته جاهزة للدفاع عن البحرين، وأن الدفاع عن البحرين مثل الدفاع عن الكويت. ويعود السبب في عدم إرسال الكويت أي قوات برية على حد قول الحكومة، في تفضيل الكويت القيام بدور دبلوماسي وشعبي لتهدئة الأوضاع بدلا من إرسال قوات برية.

سببت هذه المواقف نوعاً من الحيرة لدى الحكومة الكويتية، حيث أنها تسببت في تصعيد بعض التوترات الداخلية وخاصة بين السنة والشيعة (والذين يمثلون ما بين 25-30% من سكان الكويت). فمن جهة لم ترد الكويت التخلي عن حليفتها السعودية، ومن جهة أخرى لم يرد أغلبية الشعب الكويتي رؤية ثورة شيعية تُحقق مطالبها. فقررت إرسال قوات بحرية بدلاً من برية حلاً وسطاً.

وهنا رأيت أنه من المناسب عرض تقريرٍ مفصّل عن قوّات درع الجزيرة، التي سبق وأُنشئت وأخفقت في كل المهام التي كان من المفروض تحقيقها.

معلومات عامة عن درع الجزيرة

هي قوات عسكرية مشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي وتم إنشاؤها عام 1982. بهدف حماية امن الدول الأعضاء مجلس التعاون الخليجي وردع أي عدوان العسكري. يقود القوات في الوقت الحالي اللواء مطلق بن سالم الأزيمع.

التأسيس

قرر المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته الثالثة (المنامة، نوفمبر 1982م) الموافقة على إنشاء قوة درع الجزيرة. قائد قوات درع الجزيرة حالياً هو اللواء الركن السعودي حسن بن حمزة الشهري.

التسمية

في البداية. تم تشكيل قوة أطلق عليها اسم "قوات درع الجزيرة" وفي انعقاد المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته السادسة والعشرين (أبو ظبي، ديسمبر 2005) تمت الموافقة على اقتراح الملك عبد الله ابن عبد العزيز آل سعود بتعديل المسمى من قوة درع الجزيرة إلى قوات درع الجزيرة المشتركة.

موقع القوات

يقع مقر قوات درع الجزيرة المشتركة في المملكة العربية السعودية, محافظة حفر الباطن, مدينة الملك خالد العسكرية قرب الحدود بين الكويت والعراق.

تفاصيل القوة

تتألف قوات درع الجزيرة من فرقة مشاة آلية بكامل إسنادها وهي (المشاة والمدرعات والمدفعية وعناصر الدعم القتالي) وتتألف القوة التأسيسية من لواء مشاة يقدر بحوالي 5 آلاف جندي من عناصر دول مجلس التعاون الست (السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعمان). أغلب جنود القوة هم من السعودية مع أعداد أصغر من باقي الدول. وبهذه القوة فإن القدرة القتالية لقوات درع الجزيرة تؤهلها فقط لخوض حرب دفاعية. استراتيجياً تشكل قوات درع الجزيرة قيمة إستراتيجية محدودة من الناحية الأمنية وهي غير قابلة للتصدي لأي عدوان واسع النطاق.

بعد الاجتياح العراقي للكويت. قامت المملكة العربية السعودية بتكرار دعواتها لزيادة التعاون الداخلي للدول الأعضاء في درع الجزيرة كما دعمت اقتراح السلطان قابوس بزيادة أعداد قوات درع الجزيرة إلى مائة ألف جندي إلا أن مع هزيمة القوات العراقية في نهاية فبراير 1991 تقلصت الأصوات الداعية إلى زيادة قوة درع الجزيرة ضمن الأعضاء كما انتهى مشروع زيادة قوات درع الجزيرة في ديسمبر 1991 بضغط سعودي

المراحل التي مر بها درع الجزيرة

- أعلن سلطان بن عبد العزيز في ديسمبر 2005 عن تفكيك قوات درع الجزيرة على أثر التوترات السعودية القطرية وإدراك مجلس التعاون أن القوات لم تكن بالمستوى المطلوب.

- في نوفمبر 2006. نظر "مجلس الدفاع المشترك في دول مجلس التعاون الخليجي" اقتراحاً سعودياً لتوسيع قدرات الدرع وإنشاء نظام مشترك للقيادة والسيطرة. وكانت قوة درع الجزيرة في عام 2006 تقدر بحوالي 7000 فرد.

- وفي ديسمبر 2007. صرح رئيس جهاز الأمن الوطني الكويتي الشيخ أحمد فهد الأحمد الصباح لصحيفة جلف ديلي نيوز (بالإنجليزية:Gulf Daily News) أن دول المجلس تخطط لإنشاء بديل لقوة درع الجزيرة وقال أن الخيارات دائما تكون موحدة.

- وفي عام 2010. تجاوزت القوة عتبة الثلاثين ألف عسكري من ضباط وجنود بينهم نحو 21 ألف مقاتل.

المشاركات العملية

الغزو العراقي للكويت

قبيل الغزو العراقي للكويت في 2 أغسطس سنة 1990. كانت قوات درع الجزيرة المتواجدة في حفر الباطن تتألف من لواء سعودي ولواء مشترك من باقي قوات دول مجلس التعاون الخليجي والقدرة القتالية لهذا القوات هي الدخول في حرب دفاعية. في حين تألفت القوة العراقية المهاجمة للكويت من سبع فرق عسكرية من الحرس الجمهوري ولم تقم قوات درع الجزيرة المتواجدة في حفر الباطن بأي رد عسكري على الاجتياح العراقي للكويت. ما أظهر رمزية وفشل قوات درع الجزيرة. في حماية أحد أعضاء. تحالف درع الجزيرة من عدوان مباشر ويشير مدير العمليات الحربية بالجيش الكويتي اللواء الركن فالح عبد الله الشطي بأن قائد درع الجزيرة أتصل به مع شروق شمس يوم الخميس 2 أغسطس ليخبره بعدم استطاعه تنفيذ طلبه بالتحرك إلى الكويت بسبب عدم وجود أوامر بالتحرك.

حرب الخليج الثانية

بسبب عجزها الشديد خلال فترة الاستعدادات لحرب الخليج. قرر الأمير خالد بن سلطان تفكيك القوات وإعادة كل أجزائها إلى وحدتها الوطنية.

الغزو الأمريكي للعراق

في عام 2003. قرر وزراء الدفاع والخارجية للدول مجلس التعاون في اجتماع عقدوه في جدة نقل قوات درع الجزيرة إلى الكويت أثناء حرب العراق بناء علي طلب الكويت التي اتخذت إجراءات احترازية.

جلسات الحوار بين السلطة والمعارضة

طالبت المعارضة أن يتولى ولي العهد رئاسة الحوار للمشاركة فيه، وأن تكون المبادئ السبع التي تمّ طرحها في فبراير/شباط 2011 والتي لم توافق عليها في حينها هي جدول أعماله. وبالتوازي استمرت في تنظيم التظاهرات، وقررت المشاركة فيه قبل انطلاقه بساعات في 2 يوليو/تموز 2011، بمشاركة كافة مكونات الشعب البحريني من تيارات فكرية وقوىً سياسية واقتصادية ومنظمات المجتمع المدني وجمعيات معارضة، لكنها عادت وانسحبت منه احتجاجاً على نسبة تمثيلها، ولأن الحوار لن يكون مجديًا حسب رؤيتها.

لم يؤثر انسحاب القوى المعارضة على مجريات الحوار الذي خرج بالعديد من المرئيات التي تم التوافق حولها. وبدوره قام مجلس الوزراء يوم 31 يوليو/ تموز 2011 بتشكيل لجنة حكومية معنية بمتابعة تنفيذ المرئيات برئاسة الشيخ "محمد بن مبارك آل خليفة"، نائب رئيس مجلس الوزراء؛ وكان من ضمن المرئيات التي أفضى إليها الحوار 10 مرئيات تتطلب إجراء تعديل في الدستور أقرتها السلطة التشريعية؛ حيث منحت سلطة أكبر لمجلس النواب المنتخب، كما تم نقل مسؤولية رئاسة المجلس الوطني من رئيس مجلس الشورى إلى رئيس مجلس النواب، فضلاً عن إعطاء المجلس المنتخب الصوت الحاسم في أي خلاف تشريعي قد ينشب بين مجلسي الشورى والنواب، وأصبح بإمكان النواب استجواب الوزراء علنًا خلال جلسات البرلمان، وليس في لجان محددة، كما يحق للمجلس أيضًا إجراء مناقشات بشأن أية قضية يراها مناسبة، بغض النظر عما إذا كانت على جدول الأعمال أم لا.

ولكن المعارضة بعد انسحابها من الحوار قدمت يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول 2011 مبادرة سميت بـ"وثيقة المنامة" طالبت فيها بحكومة تمثل الإرادة الشعبية، ونظام انتخابي جديد، وسلطة تشريعية تتكون من غرفة واحدة منتخبة، وقيام سلطة قضائية مستقلة ماليّاً وإداريّاً وفنيّاً ومهنيّاً، واشتراك جميع مكونات المجتمع في تشكيل الأجهزة الأمنية والعسكرية، وإيجاد صيغة دستورية عبر جمعية تأسيسية، أو عبر استفتاء شعبي عام، وهي مطالب تحقَّقَ بعضُها عبر حوارِ التوافقِ الوطني الذي انسحبت منه، مثل التعديلات الدستورية بمنح مجلس النواب صلاحيات أوسع، والاستقلال المالي والإداري للسلطة القضائية وغيرها، وكان بالإمكان إجراء دورة أخرى من الحوار لمناقشة كيفية تنفيذ هذه المطالب التي تحتاج إلى مزيد من الوقت لدراستها ولتوفير البيئة السياسية الملائمة لتنفيذها محليّاً وإقليميّاً.

وفي أغسطس/ آب 2012، دعا وزير العدل البحريني كافة الجمعيات السياسية لإيجاد أرضية مناسبة للحوار السياسي، كما دعا ولي العهد لحوار وطني على هامش فعاليات منتدى حوار المنامة يوم 7 ديسمبر/كانون الأول 2012، وأشادت بدعوته قوىً إقليمية ودولية. كما حاولت جمعية الوفاق عرض مبادرة للحوار يوم 19 يناير/كانون الثاني 2013 قدمها الأمين العام للجمعية خلال مؤتمر صحفي، وجاء فيها أنه ليس أمام القيادة السياسية البحرينية لحل الأزمة إلا تشكيل حكومة يكون للمعارضة نصف مقاعدها، وتتولى هي الإعداد للحوار، وهي المبادرة التي لم تلق قبولًا من قبل الحكومة.

في يوم 21 يناير/كانون الثاني 2013 دعا ملك البحرين إلى حوار وطني اعتُمدت عدة معايير تكفل نجاحه تتمثل في الآتي:

- اختيار التوافق لا المغالبة العددية لتحديد جدول أعمال الحوار وتوصياته.

- الوعد بتنفيذ مخرجات الحوار في إطار من المؤسسات الدستورية.

- التأكيد على أن جلسات الحوار محددة المدة، ويمكن تمديدها إذا لزم الأمر، وأيضاً أن تكون مغلقة عن وسائل الإعلام حتى تكون بعيدة عن تأثيرات المعارك الإعلامية، على أن يكون للحوار مركز إعلامي يقدم موجزاً يوميّاً عن الجلسات من أجل ترسيخ مبدأ الشفافية، وإدارته من خلال منسقين من غير المشاركين في الحوار، على أن ترفع التوصيات التي تتمخض عن ذلك الحوار إلى الملك لإقرارها مباشرة.

لقد اعتبرت المعارضة تلك المبادرة على أنها "خدعة ولا يُنتظر منه شيء"، والمطالبة بأن يكون الحوار بين الحكومة والمعارضة فقط. تلا ذلك تقدمها بتسع مطالبات إلى وزير العدل لمشاركتها في الحوار رفضتها الحكومة باعتبارها شروطاً، وهي: "اعتبار الحوار تفاوضاً وليس حواراً، وأن يكون للملك مُن يمثله فيه، وتأكيد أن نتائج المفاوضات ستكون قرارات وصيغاً دستورية وليست توصيات، مع تقديم أجندة للمفاوضات، وآلية التفاوض، وأن يكون تمثيل جميع الأطراف فيه متكافئاً، ووضع جدول زمني للمفاوضات، وتوضيح آلية تنفيذ الاتفاق النهائي، مع توفير ضمانات التنفيذ". ثم أعلنت قبولها المشاركة في الحوار الذي انطلقت فعالياته يوم 10 فبراير/شباط 2013 بمشاركة جميع الأطراف السياسية: 3 ممثلين عن الحكومة، و8 ممثلين عن البرلمان، إضافة إلى 8 ممثلين عن جمعيات المعارضة، و8 ممثلين عن جمعيات ائتلاف الفاتح.

اعتبرت السلطة أن الشروط التي وضعتها المعارضة للمشاركة في الحوار لم تكن مقبولة، ومنها:

- الدعوة إلى وقف المحاكمات الجنائية التي تراها المعارضة سياسية.

- إطلاق سراح السجناء الصادرة في حقهم أحكام قضائية.

- إرجاع المفصولين من الكادر الطبي إلى أعمالهم.

- المطالبة باستبعاد المستقلين المحسوبين فعلياً على النظام من الحوار.

واعتبرت السلطة أن دعوة المعارضة إلى عصيان مدني في الذكرى الثانية للأحداث، والتي توافق الرابع عشر من فبراير/ شباط وهو اليوم الذي يحتفل فيه الشعب البحريني بصدور الميثاق الوطني، لا تتناسب مع البدء بالحوار. أي بعد يوم واحد من انعقاد الجلسة الثانية من الحوار يوم 13 فبراير/ شباط 2013، لتصل بعد ذلك إلى تعليق مشاركتها فيه يوم 22 مايو/ أيار 2013 لمدة أسبوعين  بعد أن قامت السلطة بعملية تفتيش منزل المرجع الشيعي الشيخ "عيسى قاسم" في البحرين.

وعلى الرغم من أن المعارضة عادت مرةً أخرى لتشارك في جلسات الحوار والتي وصل عددها إلى 23 جلسة مع بداية شهر رمضان، واتفاق كافة الأطراف على استئنافه مجدداً عقب عيد الفطر، وعودتها لتشارك في جلساته بحضور الجلسة 24 بتاريخ 28 أغسطس/ آب 2013، إلاَّ أن مؤشرات أظهرت وجود ما قد يعرقل الحوار، ومنها عدم اطمئنان المعارضة بتنفيذ مخرجات الحوار. ومن ثم تعليق مشاركتها في الحوار للمرة الثانية، اعتراضاً على توقيف نائب الأمين العام لجمعية الوفاق "خليل المرزوق"، بتهمة التحريض على العنف والتعاون مع ائتلاف "14 فبراير"، وبقيت مشاركتها معلقةً في جلسات الحوار على الرغم من الإفراج عنه مؤقتاً.

ومع ذلك، فقد استؤنفت الجلسات التشاورية للحوار بين ممثلي الحكومة وممثلي السلطة التشريعية، بغرفتيها الشورى والنواب يوم 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2013، في ظل غياب الجمعيات المعارضة، وتمّ إعطاء مهلة لهذه الجمعيات إلى 3 ديسمبر/ كانون الأول 2013 للرجوع إلى طاولة الحوار.

ويمكن التوقف عند مواقف بعض الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ودول أوروبية أخرى التي أثنت على حرص الحكومة البحرينية على إنجاح الحوار ودعوتها الأطراف كافة للمشاركة فيه، على الرغم من عدم حضور المعارضة. وكان واضحاً مواقف بعض منظمات حقوق الإنسان من توجيه النقد للحكومة، وهو النقد الذي وصل أيضاً إلى التشكيك في جدوى الحوار بدعوى استمرار وجود سجناء رأي، واتهام الحكومة بعدم تنفيذ توصيات تقرير "بسيوني" الذي حمّل السلطة البحرينية في كثير من بنوده مسؤولية الأحداث في البحرين، مما دفع بالمعارضة إلى مقاطعة الحوار مع السلطة، واتهامها بالتراجع عن وعودها بالسير في طريق الإصلاح. 

اعلى الصفحة