التجمع يكرِّم المستشار الثقافي الإيراني السيد محمد مهدي شريعتمدار

 

السنة الرابعة عشر ـ العدد 165 ـ (ذو القعدة - ذو الحجة 1436 هـ) أيلول ـ 2015 م)

نشاطات آب 2015

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

أقام تجمع العلماء المسلمين حفل تكريم لسعادة المستشار الثقافي الإيراني السيد محمد مهدي شريعتمدار بمناسبة توليه مهامه الجديدة في لبنان حضره القائم بأعمال سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأستاذ صادق الفضلي على رأس وفد من السفارة، ووفد من نيجيريا يرأسه الشيخ إبراهيم زاكازاكي، إضافة إلى تجمع العلماء المسلمين بهيئاته كافة. وألقيت بهذه المناسبة كلمات.

بدايةً رحب رئيس مجلس الأمناء في التجمع الشيخ أحمد الزين بالحضور قائلاً:

من هذا المكان الطيب الطاهر ومنكم جميعاً معشر العلماء أتوجه إلى الله تبارك وتعالى بالحمد والشكر والثناء، كما يسعدنا ويشرفنا من بيت تجمع العلماء المسلمين في ضاحية بيروت الجنوبية أن أتوجه إلى المدينة المنورة إلى سيدنا ومولانا رسول الله(ص) بأزكى تحية وأعطر سلام الصلاة والسلام عليك يا سيدنا يا رسول الله وعلى آلك وأصحابك وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ويسعدني أن أتوجه إلى الضيوف الكرام وعلى رأسهم السيد محمد مهدي شريعتمدار وإلى عالمنا الشيخ الكريم إبراهيم من نيجيريا والوفد الكريم بأزكى تحية وأعطر سلام ولكم جميعاً معشر العلماء المسلمين من جميع المذاهب بتحية الإسلام، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

نحن هنا في تجمع العلماء المسلمين بدأنا بإذن وبركة وأمر من الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه، قام هذا التجمع وكذلك بمساندة وتأييد وبركة الإمام السيد الخامنئي حفظه الله تبارك وتعالى وبمحبة الشعب الإيراني العظيم، نسير في هذه البقعة المباركة التي تطل على القدس الشريف والمسجد الأقصى، في تجمع العلماء المسلمين رافعين راية الوحدة الإسلامية متجاوزين ما ينشر ويُشاع من دعوات للفتنة بين المسلمين، رافعين راية الوحدة الإسلامية لا إله إلا الله محمد رسول الله، تتطلع قلوبنا قبل أعيننا إلى المسجد الأقصى طالبين الحماية والدفاع عنها وإلى تحرير كل شبرٍ من الأرض الفلسطينية، نرفع الصوت عالياً نحن العلماء في تجمع العلماء المسلمين أينما ذهبنا في جميع بلاد إفريقيا وصولاً إلى الولايات المتحدة الأميركية، نعم وطأت أقدامنا الولايات المتحدة داعين للوحدة، داعين لحماية المسجد الأقصى ولتحرير كل شبر من الأرض الفلسطينية، لهذا نحن نلتقي دائماً وسنلتقي وسترتفع رايتنا بإذن الله. ونحن الآن نرحب بضيوفنا الكرام وبخاصة السيد محمد مهدي شريعتمدار مؤكدين لهم أننا على الدرب سائرون وإلى طهران متوجهون لنوجه التحية إلى سماحة السيد علي الخامنئي ومنه إلى بيروت إلى سماحة السيد حسن نصر الله رافعين راية المقاومة الإسلامية عالية خفاقة وصولاً للصلاة في المسجد الأقصى قريباً إنشاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ثم كانت كلمة رئيس الهيئة الإدارية الشيخ الدكتور حسان عبد الله جاء فيها:

والصلاة والسلام على أشرفِ خلقِ اللهِ معلِّمِ البشريةِ سيِّدِنا ونبيِّنا محمدٍ وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابِهِ المنتجبين.. جانب المستشار.. أيها الأخوة العلماء.. أيها الحضور الكريم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن قلنا إن الكلماتِ ستؤدي غرضَها في الترحيبِ بجنابِكم.. نكونُ مخالفينَ لواقعِ ما نشعرُهُ اتجاهَ شخصِكُمُ الكريم وما نأملُهُ من أجواءِ رحلتِكم معنا وسْطَ هذا البحرِ اللُّجيِّ المليءِ بالتياراتِ التي قد تؤخِّرُنا لكنها أبداً لن تُغرقَنا أو تُرجعَنا إلى حيثُ كنا..

هنا في هذا المكانِ حيثُ يجتمعُ ثلةٌ من علماءِ الدينِ الذين آلَوْا على أنفسِهم أن لا يسمحوا لمارِدِ الفتنةِ أن ينهضَ من قُمْقُمِهِ ولو كلَّفَهم هذا الكثيرَ الكثير من تضحيات.. وحيثُ المكانُ الذي انبثقَ منهُ نورُ دعوةِ الإمام الخميني العظيم "يا أيها المسلمون اتّحدوا".. نرحِّبُ بكَ بكلماتٍ ربما لا تلامسُ فضاءَ ما يستحقُّه حضوركم الكريم وتشريفكم لهذا الصرح الوحدوي الكبير.

الكلماتُ هنا تبقى عاجزةً كونها ستتحدثُ عن شخصٍ قادمٍ من دولةٍ إسلامها محمديٌّ أصيلٌ وقائدها عظيمٌ وحكيمٌ ورائعٌ في الحضور في حياتنا.

من هنا وكونُكُم ستشكلونَ منبراً للثقافةِ التي تعبِّر عن مضمون ما تريدُهُ الجمهوريةُ الإسلامية من وحدةٍ ثقافية إسلاميةٍ تفضي على الوحدةِ في السياسةِ التي تحملُ شعاراً طرحَهُ الإمامُ الخمينيُّ العظيمُ منذ أكثرَ من ثلاثين عاماً "لا شرقية ولا غربية"..

لا شك بأنّ الخطابَ الثقافيَّ، في ظلِّ ما تشهدُهُ المجتمعاتُ المعاصرةُ من تحدياتٍ وتحولاتٍ، هو خطابُ الأزمةِ: فمن جهةٍ، هناكَ الانهياراتُ السياسيةُ والإيديولوجيةُ التي أصابتِ العديدَ من الأفكارِ والنُّظُمِ والمشاريع. ومن جهةٍ ثانيةٍ، هناك الطّفراتُ المعرفيةُ التي شهِدَتْها الفلسفةُ وعلومُ الإنسان، والتي أسفرتْ عن انبثاقِ قراءاتٍ عجيبةٍ غريبةٍ من قبَلِ الملتحقين بركبِ الاستكبار العالمي بستارٍ دينيٍّ مذهبيٍّ لا وجودَ له أصلاً في ديننا. ومن جهةٍ ثالثةٍ، هناك الثوراتُ العلميةُ والتقنيةُ والمعلوماتيةُ التي ندخُلُ معها في طورٍ حضاريٍّ جديدٍ وهذا ما أنجزتهُ الجمهوريةُ الإسلاميةُ بصبرٍ وأناةٍ وحكمةٍ حتى وصلتْ إلى مصافِّ الدولِ الكبرى في عالمِ التكنولوجيا والبحثِ العلميِّ والطاقةِ النوويةِ التي انتصرتْ من خلالِ إصرارِ القيادةِ الحكيمةِ على تثبيتِ هذا الحقِّ.

لا بد من الإشارةِ إلى أن الغربَ الرأسماليَّ أقامَ بناءَهُ العلميَّ على النتائجِ التي توصَّلَ إليها علماؤنا المسلمونَ من قبلُ في مجالِ الطبِّ والهندسةِ والحسابِ والجبرِ والفلكِ وغيرِها من العلوم. وإذا كان العلمُ تراثاً إنسانياً عالمياً تتوقف نهضةُ أيةِ أمةٍ من الأمم على الأخذِ به، فإن واجبَنا يقتضي أن نستفيدَ من علومِ الشرقِ والغربِ بشتى الوسائلِ المتاحةِ، ونبني الصروح العلمية التي تجعلنا أمةً قويةً مرهوبةَ الجانبِ، وقد أمرنا القرآن ببناء القوة والأعداد لها ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾(الأنفال: من الآية 60). وإعداد القوة العسكرية اليوم المتمثلة في الطائرة والدبابة والغواصة والبندقية والمدفع والصاروخ وحتى الطاقة النووية السلمية... ولا يتم ذلك إلا بإتقان علوم كثيرة.

نحنُ نعوِّلُ على المخزون الثقافي الذي تختزنُهُ الحضارةُ الضاربةُ في عمق التاريخ.. حضارةُ الجمهوريةِ الإسلامية الإيرانية التي تتألقُ دائماً مهما عصفت بها المحنُ والحروب التي لم تهدأ منذ تأسيسها.

أيها الأحبة:

لعلَّ أحدَ أهمِّ ملامحِ أزمةِ الخطابِ الثقافيِّ المعاصرِ تكمن في محاولة التعرّف على عناصر ومكوّنات ثقافة العولمة وأدواتها الوظيفية، وكذلك ما تنطوي عليه من قضايا: الثقافة الوطنية، والهوية الحضارية، والخصوصية القومية. وإزاء ذلك كله، يبدو أنه من الضروري أن يعمل المرء على إعادة صياغة وترتيب أفكاره، بما يمكّنه من فهم وتشخيص هذه التحولات العميقة بدايةً، ومن ثَمَّ الانخراط في تحويل وتغيير الواقع الثقافي في اتجاه التكيّف الإيجابي مع معطيات وتحولات العالم المعاصر.

وعليه، أرى أنَّ تحديد مفهوم الثقافة يبدأ من الهدف الذي يخصّنا كبشر نعيش على هذه الكرة الأرضيّة، وكوننا، في الآن نفسه، شعوباً لها خصائصُها ومشاكلُها الاجتماعيةُ، ونصبو إلى أن نكون أكثر تمتّعاً بهذه الحياةِ وأكثرَ إنسانيّةً في علاقتنا ببعضنا البعض.

الثقافة ثقافات، وهي، بصفتها هذه، متغيّرة من متغيّرات التاريخ والمجتمعات، وإن كان من الممكن الكلامُ على ثوابتَ ثقافيّةٍ جوهريّةٍ تخصُّ القيمَ الإنسانيّةَ الكبرى. قيمَ الحريّةِ والعدالةِ وحقِّ الإنسانِ في عيشٍ كريم.

وقد تكون الثقافةُ في معنى من معانيها، أو في فترةٍ من تاريخها، تمرّداً، أو حالةً شعبيّة تعترضُ التاريخَ، تخرُجُ عليه لتواجِهِ السيّاسةَ من أجل سياسةٍ أخرى، وقد تتخذُ، لدى فئةٍ من فئاتِ المجتمعِ، طابَعَ المهادنةِ.. لكن يبقى أن هذه الثّقافةَ ليست ـ وفي مختلف حالاتها التاريخيّةِ ـ مجرّدَ موقفٍ، أو معادِلاً لموقفٍ، بل هي، وفي معناها الإنسانيِّ العام، نشاطٌ متنوِّعٌ يستهدفُ تكوينَ وعيٍ جمعيٍّ يناهضُ الظلمَ والقمعَ والاستبدادَ.

والثقافةُ هذه، هي وعيٌ ومعرفةٌ وتاريخ. وهي، في الآنِ نفسِهِ، موقفٌ لا من الواقعِ والمجتمعِ وحسب، بل أيضاً من الحياةِ والموتِ، من الغيبِ، من الزمنِ، من الـ(ما وراء)، من المرئيِّ وغيرِ المرئيِّ. تَزيدُنا المعرفةُ شعوراً بقوتِنا وإيماناً بفعلِنا. وكلما ازددنا معرفةً ازددنا قدرةً على الحوار.. على البناءِ والتقدُّم. وأن نتثقف يعني أن نصبحَ أكثرَ قدرةً على الاحتجاجِ. احتجاجٍ ضدَّ عدمِ كفايةِ الحياةِ، ضدَّ من يجعلِ الأرضَ حِصصاً للاختلاف والاقتتال.

أيها الأحبةُ.. جناب المستشار..

لستُ في مقام التنظير للثقافةِ أو تقديم أطروحةٍ ما.. أنا هنا بين أهل الثقافة وأصحابِ المعرفةِ أحاولُ أن أوصِّفَ واقع الحالِ تواضعِ ما أطرحُه.. وأحاولُ أن أركِّز على موضوع التحاور الذي يفضي في نهايةِ الأمر إلى نزعِ فتيل التفرُّقِ والتشتُّت.. والتأكيد على أهمية دور الثقافة الواعية في رفدِ الحوار بمادةٍ دسمةٍ تطرحُ الخلافاتِ وتستولدُ الوحدةَ بل تستنبتها من أرض إسلامنا المحمدي الأصيل.

الثقافة تغتني بالحوارِ، الحوارِ على قاعدةِ المختلف، المتنوّعِ. وليس على قاعدةِ الواحِدِ المتماثِلِ بذاته، أو المتوحِّدِ بهذه الذات، وإلا ركدتْ الثّقافةُ واستقرَّتْ في ركودِها الآيل بها إلى موتها. تموتُ الثقافة حين تتأبَّدُ بالواحد، أو تتماهى به. إذ ذاك نقبعُ، أو يقبعُ من يتبنى مثلَ هذهِ الثقافةِ، خارج التاريخ. ذلك أن التاريخَ حَراكٌ مستمرٌّ، وقوامُ حَرَاكهِ التناقضُ. التناقض لا التناحر، بل النّشاطُ القائمُ على التأمُّلِِ والحوارِ والتساؤل. التناقض الذي هو، أساساً، تناقضٌ بيْن عناصرِ الوجودِ والطبيعةِ، كما بين مكوّناتِ الواقعِ الاجتماعيِّ. تفقد الثّقافةُ قدرتها على الحياةِ، تَأْسَنُ، تتعفّن، حين تتماثل بذاتها.

الثقافة هي ما يشحذُ الحساسيّةَ، كما ويوقِظُ الحوارُ الروحَ النقديّةَ التي "تشكِّل محرِّكَ التقدّم"، والتي ـ أي هذه الروح النقدية ـ لا غنى عنها في كلِّ ثقافة، وذلك كي تستمرّ الحضارةُ بصفتها الإنسانيةِ في الوجودِ، وكي نتجدّدَ "محتفظِينَ بأفضلِ الأمورِ الإنسانيّةِ.. كي تكون لنا القدرةُ على الخروجِ من أنفسِنا، كي نصبحَ آخرَ وآخرينَ معجونينَ بطينِ أحلامِنا"، وكي لا نعودَ إلى بربريّةِ التخاطُبِ ونَغرَقَ في الاقتتالِ المدمّر.

نعم أيها الأحبةُ.. ثمة فروقاتٌ ثقافيةٌ بين الناسِ.. وهي دعائمُ للتلاقي في ما هو إنسانيٌّ عام. وهي، أي هذه الفروقاتُ، سبيلُ الإنسانِ كي تكون الحياةُ أفضلَ مما هي عليه. الثقافةُ هي محاولةُ الممكِنِ والانفتاحِ على الغير، واستهدافِ الحرية. ونحن في هذه المحاولة بحاجةٍ إلى القوة. القوة التي هي حليفُ المعرفة، المعرفة بما هي لسانُ القوة الصحيح. المعرفةُ القائمةُ على طموحٍ إلى الثقافةِ العالية، إلى الحرية، إلى العدالة، إلى عالم ما قبل الظهور.

هذا ما نجدُهُ ماثلاً في دورِكم الكريم أيها المستشارُ.. وهذا ما تنتظرُهُ ساحةُ اللقاءِ والتحاورِ في منتدياتنا وخصوصاً في ما نسعى إليه كتجمُّعٍ للعلماء المسلمين في لبنان.. لينطلق نحو تجمُّعٍ للعلماء المسلمين في العالم.

أهلاً بكم بين أهلكم.. ننهلُ من خيراتِ ما تقدِّمونَهُ للإسلام.. ونتآزرُ للوصولِ إلى مجتمع الإنسانْ.

وفي نهاية الحفل تكلم سعادة المستشار السيد محمد مهدي شريعتمدار قائلاً: 

ونحن في أرض المقاومة والجهاد والشهادة اسمحوا لي سادتي الأفاضل أن أقدم في توجيه التحية أقدم أب الشهداء الذي قدم ثلاثة من أبنائه في يوم القدس العالمي من العام الماضي قائد المقاومة في إفريقيا وفي نيجيريا الشيخ إبراهيم زاكزاكي حفظه الله. سماحة الشيخ العلامة رئيس الهيئة الإدارية في تجمع العلماء المسلمين، سماحة الشيخ العلامة أحمد الزين رئيس مجلس أمناء التجمع، سعادة القائم بأعمال سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأستاذ صادق الفضلي والوفد المرافق له،  أصحاب السماحة والفضيلة العلماء الأفاضل والحضور الكرام، يسعدني في بداية عملي وفي أول أيام مهمتي في لبنان أن أكون بينكم  في رحاب هذا التجمع الكريم الذي يعتبر أول تجمع علمائي وحدوي يجمع علماء الأمة بمختلف مدارسهم الفكرية على مدى التاريخ الإسلامي ليشكلوا فريقاً واحداً ولا أقول علماء الفريقين وإنما أقول فريق واحد، وأتقدم بالشكر الجزيل للقائمين على هذا الحفل الكريم وللمسؤولين في تجمع العلماء المسلمين على إقامة هذا الحفل وعلى الكلمات الطيبة التي سمعتها ولست أهلاً لها ولكن هذا إنما من حُسن ظنهم ولطفهم عسى الله أن أكون في موضع هذا الحُسن بالظن، يذكرني هذا التجمع بأيام انتصار الجمهورية الإسلامية في إيران بالثمانينات من القرن الماضي ببداية ارتباطي وعملي في لبنان وعلاقاتي مع مختلف الجهات في  هذا البلد بلد المقاومة، يذكرني بالثورة الإسلامية وبالإمام الخميني، هذه الثورة التي قلبت الموازين والمفاهيم وغيرت مسارات التاريخ لتؤسس لصحوة إسلامية نشهدها، يذكرني بالثورة الإسلامية التي نقلت أمتنا من موقع إلى موقع آخر من التبعية والرجعية إلى الاستقلال، من الانقسامات والفكر القومجي إلى الوحدة، إلى الاهتمام بفلسطين قضية مركزية لأمتنا الإسلامية، نقلت  الأمة من عصر الأنظمة إلى عصر الشعوب، إلى عصر المقاومة. يذكرني هذا التجمع بالمقولة الشهيرة للإمام الخميني عن ضرورة مواجهة وعاظ السلاطين وعاظ البلاط، وهذا التجمع هو خير تجمع وخير مثال وخير نموذج، على العلماء العاملين المقاومين الذين يقفون بوجه محاولات وعاظ السلاطين، هذا التجمع هو من ثمار حركة الإمام الخميني الذي أسس لهذا التجمع وبارك تأسيسه، وبقيت هذه المباركة مستمرة منذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا، هذا التجمع يذكرني بكبار علماء الأمة بموسى الصدر وشمس الدين وفضل الله والشيخ سعيد شعبان وفتحي يكن وبالشهداء من علماء الأمة الشهيد الصدر والبوطي وراغب حرب وعباس الموسوي، يذكرني بتاريخ هذه الأمة الحافل بالمقاومة والجهاد والشهادة. اليوم وفي هذا الاجتماع أود أن أشير إلى بعض النقاط إشارة سريعة:

أولاً: ما نعانيه وما نشهده اليوم من معاناة لأمتنا الإسلامية أتصور بأنه يدل على قوة هذه الأمة ومنعتها، لأن أمة ضعيفة لا يمكن أن يُحاك لها كل هذه المؤامرات وكل هذه التحديات، فهذه التحديات التي نعاني منها اليوم تدل على قوة أمتنا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وبعد نهاية الحرب الباردة وبعد أن حاولت الإدارة الأميركية أن تتفرد بالهيمنة على عالمنا بدأ الحديث عن ما سمي بالمارد الإسلامي وبدأت هذه المؤامرات وبدأت هذه المحاولات لضرب عزة هذه الأمة وقوتها عبر ما نشاهده اليوم من حروب داخلية ومن اقتتال ومن تيارات تكفيرية متطرفة، إذاً ينبغي أن نعمل جميعاً من أجل مواجهة هذه التحديات، ولكن في نفس الوقت ينبغي أن ندرك بأن هذه التضحيات مهما كبرت ومهما كانت جسيمة فإنها تعبر عن قوة أمتنا التي ينبغي بأن  نُفَّعِل مكامن القوة فيها لمواجهة هذه التحديات.

النقطة الثانية التي أود هنا أن أشير إليها هي الموضوع الذي طالما تحدثت عنه في أكثر من موقع وكتبت أيضاً مقالاً عنه وهو المقارنة بين خطابي الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب الإسلامية وأنتم خير نموذج لتحقيق الوحدة الإسلامية في صفوف أمتنا، أتصور بأن خطاب التقريب ينظر إلى الماضي، خطاب التقريب يركز أحياناً على تفاصيل المذاهب وفيها الكثير من الخلافات، خطاب التقريب خطاب نخبوي ينبغي أن يبقى بين أوساط العلماء وفي أروقة البحث العلمي، خطاب التقريب قد لا يركز على اهتمامات الأمة، لا يركز على ضرورة تشخيص العدو ومعرفة العدو، ناهيك عن موضوع الفرقة الناجية التي قد نتفق عليها جميعاً لكنها في النهاية قد تفرق لأنه لا يوجد أحد منا يقول لست من الفرقة الناجية والطرف الآخر هو من الفرقة الناجية، إذاً خطاب التقريب يجب أن يبقى بين العلماء وألا ينتشر بين أوساط الأمة، بينما خطاب الوحدة الإسلامية الذي أطلقه الإمام الخميني، خطاب ينظر إلى المستقبل يشخص العدو، يلغي كل الخلافات وكل التفاصيل ولذلك نحن لا نرى في فكر الإمام الخميني وأقوال الإمام الخميني لا نرى مرة واحدة يذكر فيها أو يتحدث فيها عن التقريب بين المذاهب، كل ما قاله الإمام الخميني ينحسر في موضوع الوحدة الإسلامية وفي خطاب الوحدة الإسلامية وأتصور بأن علينا أن نؤكد على هذا الخطاب، خطاب الوحدة الإسلامية وأن نبقي تفاصيل خطاب التقريب بين المذاهب الإسلامية في أروقة البحث العلمي خاصة .

وهذه النقطة الثالثة التي أود أن أركز عليها خاصة وأن الأعداء استغلوا موضوع المذاهب الإسلامية ليطرحوا الخلافات بين المذاهب الإسلامية على صعيد الإعلام، وهذا ما نعاني منه اليوم إذ يمكن أن نقول بأن الاختلاف بين المذاهب الإسلامية تقوقع اليوم في اللاوعي في عقل الكثير من المسلمين وهذا الذي يساعد على الكثير من حالات الاستقطاب التي نرى أن الجماعات التكفيرية والمتطرفة تمكنت من خلالها أن تستقطب العديد من شبابنا المسلم لأجل تنفيذ أجندتها لذلك ينبغي أيضاً وأؤكد هنا مرة أخرى بأن نبقي هذا الخطاب خطاب التقريب بين المذاهب في أروقة البحث العلمي. لا أريد أن أطيل عليكم وأنتم العلماء الأفاضل وأساتذتي في كل ما قلته لكن أحببت أن استغل هذه الفرصة للتأكيد على هذه النقاط للتأكيد على ضرورة صياغة خطاب إسلامي وحدوي موحد للتأكيد على ضرورة تعميم ثقافة الإسلام المحمدي الأصيل، هذا المصطلح الذي طرحه الإمام الخميني.

وأسألكم الدعاء لنا جميعاً في مهمتي الجديدة أن يوفقني ويوفقنا الله جميعاً لأداء دورنا ومهمتنا في هذا المجال، شكراً لكم جميعاً على هذا الحفل الكريم وفي نهاية كلمتي المتواضعة هذه أود أن أوجه التحية للمقاومة ولسيدها وأبطالها وشهدائها وعلمائها أيضاً، لقائد هذه المقاومة وراعيها الإمام الخامنئي ولكل من يعمل من أجل أن يعم مشروع المقاومة في مواجهة المشروع الاستكباري الاحتلالي الانبطاحيين، شكراً لكم جميعاً والسلام عليكم.


 

اعلى الصفحة