اللوحة الثانية: جداريات

السنة الرابعة عشر ـ العدد 163 ـ (رمضان ـ شوال 1436 هـ) تموز ـ 2015 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

الصفحة الأولى عبرة الكلمات

حدِّثْ عن الأزمان

يُحكى أنّ ضفافَ‏ القهرِ‏ تمدُّ ذراعاً‏ للإنسانْ‏ في يومٍ‏ لا تعرفُ مَنْ سَيكونُ‏ السابق فيهِ،‏ أطيفُ النورِ؟..‏ أَمِ الشيطانْ؟‏.. بدأتْ‏ أرتالٌ تتوافدُ‏ من أصقاعٍ‏ عَقَرَتْ وجعَ‏ الكونِ‏ على قدميها..‏ لا وقتَ‏ لتبدأ طقسَ الحبِّ‏.. فهذا زمنُ‏ العنفِ... الرعبِ‏ فحدّثْ عن هذي الأزمانْ‏.. لا تسألْ‏ أين حَلَلْتُ الآنَ؟‏ أَتَيْتُ البيتَ‏ ولا عنوانْ‏.. هذي أزمانٌ تعبتْ‏ منّا‏.. سقطتْ من أيدينا..‏ فرّتْ‏ تبحثُ عن أقوامٍ‏ خُلقوا‏ والموتُ بأيديهمْ‏.. مصباحٌ من زيتِ دماءٍ‏ هطلتْ‏ برداً وسلاماً‏ عطشاً‏ يلتهمُ النيران.‏. فحدّثْ عن هذي الأزمانْ‏.

نداء عذب

اللَّيلُ يَرْتَشِفُ المدى‏ نَجْماً‏ تَلأْلأَ في كؤوسِ‏ أَحِبّتي‏ عادَتْ إليه الشارداتُ‏ على هُدَى‏ ـ هاتِ اسقني مِنْ بَوْحِ عَيْنَيْكَ‏ الغرامَ‏.. ولا تزِدْ‏ فالشعرُ يعتصرُ‏ الكلامَ‏.. مِنَ الضِّفَافِ السابقاتِ‏ إلى شجوني‏.. تَرْوي حكايةَ عُمْرِها‏ والدمعُ يلهثُ في عيوني.‏

قلقُ شاعِر..

ذَرَّةٌ مِنْ قَلَقِ الشَّاعِرِ تَكْفِي‏ لِتُحِيْلَ الكَوْنَ وَجْهَاً لِقَصِيْدَهْ...‏ فَتَأَمَّلْ أَيُّهَا السَّارِحُ في وَجْهِ البَعِيْدَةْ..‏ وَانْتَثِرْ في الصَّفْحَةِ البَيْضَاءِ‏ إِيْقَاعَ شُجُوْنٍ..‏ وَانْتَظِرْ في فُسْحَةِ الغَيْبِ تَرَاتِيْلَ جَدِيْدَةْ..‏ كُلَّمَا أَطْلَقْتَ سِرْبَاً مِنْ دُمُوْعٍ‏ فَوْقَ مَوْجِ البَحْرِ‏ فَاحْلُمْ‏ أَنْ يَصِيْرَ الدَّمْعُ في البَحْرِ جَزِيْرَةْ..‏ حَوْلَهَا الأَمْوَاجُ حَيْرَى‏ وَفَقِيرَةْ..‏ وَعُيُوْنُ الشِّعْرِ فِيهَا لا تَنَامُ..‏ إِنَّما الشِّعْرُ عَلَى الرُّوْحِ سَلاَمُ!.‏

مَجْنُون..

لَيْسَ مَجنُونَاً ولكنْ‏ ذَاتَ يَوْمٍ وَجَدَ الأَرْضَ خَرَابَا..‏ لَمْ يَمُتْ مِنْ رَوْعَةِ المَشْهَدِ لكنْ‏ أَخْرَجَ القَلْبَ مِنَ الصَّدْرِ كِتَابَا!..‏ قَرَأَ الحُبَّ بِصَمْتٍ..‏ ثُمَّ نَادَى‏ رَدَّدَ القَفْرُ جَوَابَا.. حَلَّتِ الأُنْثَى كَطَيْفٍ يَتَهادَى‏ مَدَّ لِلطَّيْفِ ذِرَاعَيْهِ.. تَصَابَى..‏ بَعْدَهُ الأَرْضُ تَعَالَتْ‏.. تُرْبُهَا صَارَ سَحَابَا..‏ ليسَ مَجنُونَاً ولكنْ‏ ذاتَ يَوْمٍ وَجَدَ الأَرْضَ خَرَابَا!..‏

صَدِيقُ الوَهْم ..

صَارَ تَارِيْخَاً صَدِيْقُ الوَهْمِ‏ وَالْعِبْءِ الثَّقِيْلِ..‏ لَمْ يَعُدْ يَأْوِي إلى الوَاحَاتِ‏ في وَقْتِ الأَصِيْلِ..‏ لَمْ يَعُدْ يَقْوَى عَلَى زَرْعِ النَّخِيْلِ..‏ أَقْفَرَتْ عَيْنَاهُ مِنْ إِيْمَاضِهَا الشِّعْرِيِّ‏ وَاسْتَعْصَى عَلَيْهِ الفَجْرُ‏ في لَيْلِ السَّبِيْلِ..‏ لَيْسَ للتَّارِيخِ مِنْ وَجْهٍ جَمِيْلِ!.

نهاية !

رسم لنفسه حديثاً ذا مسارٍ جميلٍ طويلٍ.. عميقٍ!!.. انطلق مع أعذب الحديثِ.. أروعِهِ، تحدَّثَ كثيراً مع نفسه عن الشعور الذي سيكون حديثاً لمن يستحقه.. كان كلُّ هذا.. قبل،.. أما بعدَ أن التقت النظرات.. وجهاً لوجهٍ، والتقت الأعين في محيط رؤية واحدة.. أضحى كلُّ ما سَبَقَ عبثاً لا يتجاوز الخيال.. لذا.. صمت عن الحديث.. واكتفى بأنفاس متلاحقة ونظرات متوالية.. ووقفة دائمة!!.

هم واحد!

سعى لأن يستمع لصوته وجاهد لأن تكتحل الأعين بالنظر لربيعه، أبدع في رسم كل صنوف وطرق ووسائل الخطوات لكن الذي لم يكن في البال ولا في رسم كل الخطط أن البحث كان مشتركاً.. لذا لم يكن التعب بقدر الخطط!!.

فشل!

أنطلق برسم الأمل.. ووصل إلى الخطوة قبل الأخيرة، لكن!!.. تراجع عن المضي في طريقه.. فالأمل أجمل من الفشل!!.

خيال

أتى في ذاكرته ذاك اللقاء الجميل حد القتل!!.. وكيف ضاعت عنده كل صور الحزن، أتى في ذاكرته كل الأحاديث وكل العبارات وكل الخيالات المرسومة ذات يوم.. أتى في ذاكرته صور بلا حدود لأعمق حديث.. لكنه نسى في زحمة تذكره.. أن ذلك اللقاء لم يكن سوى في خيالاته!!

الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي 

أبو إسحاق الألبيري ـ أهل النار

وَيلٌ لأَهـلِ النـارِ فـي النـارِ        مــاذا يُقاســونَ مِـنَ النـارِ

تَنقَــدُّ مِـن غَيظٍ فَتَغلي بِهِـم       كَمِـرجَـلٍ يَغـلي عَلى النـارِ

فَيَســتَغـيثونَ لِكَـي يُعتَبـوا         أَلا لَعــاً مِـن عَـثرَةِ النـارِ

وَكُلُّهُـــم مُـعـتَرِفٌ نـادِمٌ       لَــو تُقبَلُ التَوبَةُ فـي النـارِ

يَهوي بِها الأَشـقى عَلى رَأسِهِ        فَالوَيلُ لِلأَشــقى مِـنَ النـارِ

فَتارَةً يَطفــو عَلـى جَمرِها         وَتارَةً يَرسُــبُ فـي النـارِ

وَكُلَّمــا رامَ فِـراراً بِهــا          فَرَّ مِـنَ النـارِ إِلـى النـارِ

يَطوفُ مِـن أَفعـى إِلى أَرقَمٍ         وَسُــمُّهـا أَقوى مِنَ النـارِ

العفيف التلمساني ـ سلام الحبيب

أُحْـكُمْ فَفِيكَ العَـذَابُ عَذْبُ       مَـا بَعْدَ حُلْوِ الخِطَابِ خَطْبُ

لِـي وَلَـهُ فِـي هَـوَاكَ فَارَ          وَدَمْــعُ صَبٍّ عَلَيْكَ صَبُّ

وَمَــا تَنَزَّهْتُ فِيكَ حَتَّـى          فِيكَ نُزِّهْــتُ حِـينَ أَصْبُو

وَأَمْكَنَنِي مِــنْ لَمَاكَ بَرْقٌ           مِـنَ الحَـيَا لاَ يَكَادُ يَخْـبُو

يَا سَـائِلي عَنْ شَـذَا نَسِيمٍ         قَمِـيصُهُ بِالـوِصَالِ رَطْبُ

ذَاكَ سَــلاَمُ الحَبِيبِ وَافَى         فِـي عَهْــدِهِ لِلِّثَامِ قُـرْبُ

إِذَا تَجَلَّــى عَلَـى النَّدَامى         فَهْوَ لَهُمْ خُضْرَةٌ وَشُــرْبُ

ابن العطار الإشبيلي ـ كتمان الهوى

كَتَمتُ الهَوى صَبراً وَلَم أَرضَ بِالعُذرِ       وَأَســـكَنتُه بَين الجَـوانِحِ وَالصدرِ

فَزادَ اِشـتِياقي وَاسـتَهَلّت مَـدامِـعٌ         وَباحَـت خَـفِيّاتُ الفُـؤادِ وَلَـم أَدرِ

فَـو اللهِ أُخفي الحُبَّ بَعـدَ اِفتِضاحِهِ          وَلَـو حُـطَّ عِندَ الكاتِمـينَ لَهُ قَدرِي

فَيَومـي إِذا مـا بُحـتُ عِيدٌ وَلَيلَتي            بِذِكراي مَـن أَحـبَبتُه لَيلَـةُ القـدر

الحسين بن مطير الأسدي ـ يوم الجود ويوم البؤس

لَــهُ يَــوْمُ بُؤْسٍ فِــيهِ للنَّاسِ أَبْؤُسٌ       ويَــوْمُ نَعِيـمٍ فـيهِ للنّـاسِ أَنْعُـــمُ

فَيَمْــطُرُ يَوْمَ الجُــودِ مِـنْ كَفِّهِ النَّدَى      وَيَمْـطُرُ يَوْمَ البَأْسِ مِــنْ كَفهِ الــدَّمُ

وَلَوْ أَنَّ يَوْمَ البُؤْسِ خَلَّى عِقَابَهُ عَلَى النَّاسِ       لَـــمْ يُصْبِحْ عَلَــى الأَرْضِ مُجْـرِمُ

وَلَـــو أَنَّ يَوْمَ الجُــودِ خَلَّـى نَوَالَهُ        عَلى الأَرْضِ لَمْ يُصبِحْ عَلَى الأَرْضِ مُعْدِمُ

عبد المحسن الصحاف ـ من عجائب الزمن

تمـوت الأســد فـي الغابات جوعـا       وتأكل مــا اشـتهـت عـور الذئاب

وتمــكث بالطــوى زمـناً طـويلا       ولحـــم الطـير يطــرح للـكلاب

وخــنزير ينــام علــى فـراش        تنعّـــم بالحـــرير المســتطاب

وذو جهـــل ينام علــى ســرير     وذو أدب ينـــام علــى الـتراب

صالح السوسي القيرواني ـ رحمة الله الواسعة

قَد خفتُ مِن ضيقِ صَبري وَالذُنوب لَها       وَقربه عظمـت فــي العَيش آهـاتي

فَقُلـتُ لا تَجــزَعي يا نَفسُ إِن لَنـا       في رَحمةِ الله مــا بِهِ مَسَـــرّاتي

ما ضاقَ بي بَطنُ أُمِّــي حينَ كَوَّنني       وَكَوَّن الكَـون جَــبارُ السَــماواتِ

فَكَيفَ بَعـدَ وَفاتـي لَيسَ يَشــمَلُني          مِـن واســعِ العَفوِ ما يَمحو خَطيآتي

  

اعلى الصفحة