القلق الإسرائيلي من الاتفاق بين إيران والدول الكبرى

السنة الرابعة عشر ـ العدد 161 ـ (رجب 1436 هـ) أيار ـ 2015 م)

بقلم: عدنان عدوان

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

تطرق وزير حرب الكيان الصهيوني، موشيه يعلون، للإعلان عن اتفاق الإطار النووي بين إيران والدول الكبرى والذي تم توقيعه مؤخراً, واصفاً هذا الاتفاق بالخطر على سلامة وامن العالم الغربي ويهدد "إسرائيل".

ووصف يعلون إيران بأنها عامل عدم الاستقرار المركزي في المنطقة ولها اذرع "إرهابية" تمددت في أرجاء المنطقة.

"العصر الإيراني"!!

من جهته, اعتبر محلل الشؤون العربية في تلفزيون العدو يوني بن مناحم أن "الرابح الأساسي من اتفاق الإطار حول النووي هو إيران"، مشيراً إلى أن "القيادة الإيرانية نجحت في إنقاذ البلد من ثقل العقوبات الاقتصادية ودفع المجتمع الدولي للاعتراف بحقها بالنووي".

وبحسب بن مناحم "فقد دخل الشرق الأوسط مرحلة جديدة، عملياً إنها بداية "العصر الإيراني" في أعقاب التوقيع على اتفاق الإطار بين الدول الست الكبرى وإيران حول النووي، واعتبر أن "الاتفاق بين إيران والدول الكبرى يشكّل بداية تطبيع العلاقات بين إيران ودول العالم. لقد استعادت إيران مجدها الوطني وتستهزئ بـ"إسرائيل" وبالدول العربية". ولفت إلى أن "قدرة إيران التفاوضية أثبتت نفسها أمام ركاكة الغرب". وقال :"إيران حققت أغلب مطالبها وعلى رأسها رفع العقوبات الاقتصادية والاعتراف بحقها ببرنامج نووي لأغراضٍ سلمية. كذلك حصلت على موافقة دولية بحيازة 300 كلغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.6%..

أضاف: "إيران وقفت أمام كل التهديدات والضغوط حتى اللحظة الأخيرة. إيران تراهن على أنه في السنوات الـ15 القادمة الوضع سيتغير لصالحها من ناحية إمكانيات امتلاك قنبلة، فيما الدول الكبرى تبني على أنه خلال هذه الفترة الزعيم الروحي خامنئي ستوافيه المنية وتحل مكانه سلطة أكثر اعتدالاً. من نصدّق؟ تساءل بن مناحم!!".

وشدد بن مناحم على أن "رفع العقوبات عن إيران سيقوّيها كثيراً وسيجعلها القوة الرائدة في الشرق الأوسط. قوتها الاقتصادية ستزداد وسيكون بإمكانها دعم حلفائها في سوريا والعراق ولبنان واليمن وقطاع غزة بالمال والسلاح".

وتابع: "الدول العربية تشعر بأن الولايات المتحدة طعنتها في الظهر. الرئيس أوباما يسعى لاسترضائها ومن المفترض أن يدعو القادة العرب إلى اجتماع قمة في "كامب دافيد". ويخشى أوباما أن تحاول الدول العربية الآن تحقيق توازن استراتيجي مع إيران والبدء بعملية تسلّح نووي في الشرق الأوسط. السعودية من جانبها لا تنتظر. فلأول مرة منذ سنين أخذت على عاتقها دوراً فاعلاً ضد إيران وتجنّد دول الخليج ودول سُنّية إضافية في حلفٍ ضد إيران. وتدرس مع باكستان برنامجاً نووياً عسكرياً".

 وأشار إلى أن:"إسرائيل والسعودية، هما الخاسرتان الأساسيتان في الوضع الجديد الناشئ". وقال: "لقد خيّب الرئيس أوباما أملهما وأقام منظومة علاقات جديدة مع إيران على حسابهما. لكلتي الخاسرتين الأساسيتين الآن مصلحة في التقارب فيما بينهما والتعاون ضد إيران.

أسباب الغضب الإسرائيلي

بعد توصل إيران والمجموعة السداسية الدولية مؤخراً إلى اتفاق مبدئي لتسوية الأزمة بشأن برنامج إيران النووي في مدينة لوزان السويسرية، والذي اعترفت فيه الدول الكبرى بحق إيران في امتلاك التقنية النووية السلمية وتعهدت برفع الحظر عنها مقابل التزامها بالشفافية والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أعرب الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن أمله بالتوصل إلى اتفاق نهائي وملزم بين طهران والسداسية يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

 كما اعتبر رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اتصال مماثل مع الرئيس الأمريكي اتفاق لوزان بأنه يشكل خطراً على الكيان الإسرائيلي، ودعا طهران إلى الاعتراف رسمياً بما أسماه حق هذا الكيان في الوجود، في وقت يعلم الجميع أن الجمهورية الإسلامية في إيران تعتقد اعتقاداً جازماً بأن الكيان الإسرائيلي هو غدة سرطانية ولابد من استئصالها.

 وعلى الرغم من محاولة أوباما تهدئة نتنياهو وبيان موقفه إزاء اتفاق لوزان وتأكيده له بشأن التزام واشنطن بالدفاع عما أسماه "أمن إسرائيل"، إلا أن هذا التأكيد لم يخفف من غضب وقلق نتنياهو حسبما أوضح البيت الأبيض.

 والتساؤل الذي يُطرح هنا يدور حول مدى مصداقية السعودية في السعي لحفظ امن واستقرار المنطقة في وقت تسعى فيه الرياض وكما يعرف الجميع إلى شراء أسلحة متطورة بعشرات المليارات من الدولارات لاسيما من أمريكا وفرنسا لتكون في طليعة البلدان المستوردة للسلاح في العالم، إضافة إلى ما تقوم به الرياض من تقديم الدعم اللا محدود للجماعات الإرهابية كـ "داعش" و "القاعدة" التي ترتكب جرائم بشعة يندى لها جبين الإنسانية ضد شعوب المنطقة خصوصاً في العراق وسوريا.

 وإذا كانت السعودية جادة فعلاً في حفظ أمن واستقرار المنطقة كما تدّعي، فلماذا تهاجم اليمن - البلد الفقير والمنهك اقتصادياً - بحجة الدفاع عن الشرعية في هذا البلد؟! ولماذا ترسل الرياض قواتها العسكرية إلى البحرين لقمع شعبها ومنعه من المطالبة بحقه المشروع في تقرير مصيره والعيش بحرية وكرامة؟! ولماذا يدعم النظام السعودي الجماعات التكفيرية والمتطرفة في لبنان ويساعدها في قتل القيادات اللبنانية الوطنية المخلصة، ويحرص على دعم سياسيين غير مؤهلين ولا نزيهين بالأموال الطائلة وعبر وسائل الإعلام كي يتسلموا مناصب حساسة وخطيرة في هذا البلد؟!.

 وإذا كانت الرياض صادقة فعلاً في ترحيبها باتفاق لوزان وسعيها لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، فلماذا يعلن وزير خارجيتها سعود الفيصل عن نية بلاده التزود بالسلاح النووي، وهو ما كشفه أيضاً موقع المدينة نيوز الإخباري نقلا عن صحيفة هآرتس الإسرائيلية في ديسمبر الماضي، عندما أشار إلى وجود وثيقة خاصة بـ CIA تؤكد أن السعودية ستبادر لشراء قنبلة نووية من باكستان أو من دولة أخرى إذا لم يتم وقف برنامج إيران النووي؟! ولماذا يؤكد السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير في لقاء مع شبكة "CNN" الأمريكية أن بلاده ستبني برنامجها النووي الخاص وستصنع قنبلتها النووية لمواجهة ما أسماه تهديد إيران النووي.

 هذه التصريحات السعودية وغيرها جاءت متناغمة ومنسجمة تماماً مع التصريحات والمزاعم الإسرائيلية التي وصفت اتفاق لوزان بين إيران والدول الست الكبرى بأنه سيء للغاية كما ورد على لسان وزير الشوؤن الإستراتيجية في حكومة الكيان الإسرائيلي يوفال شتاينتز.

وعن الأسباب التي دعت الكيان الإسرائيلي والسعودية إلى اتخاذ هذا الموقف من اتفاق لوزان يمكن الإشارة إلى ما يلي: 

 ١- الاعتراف الرسمي من قبل الدول الكبرى لاسيما الغربية وفي مقدمتها أمريكا بحق إيران في امتلاك التقنية النووية السلمية، أغاظ الرياض وتل أبيب خصوصاً وان الاتفاق اعترف أيضاً بحق طهران بتخصيب اليورانيوم لتوفير ما تحتاجه من الطاقة النووية السلمية داخل أراضيها.

 ٢– الاتفاق النووي مهّد الأرضية لتوسيع العلاقات بين إيران والدول الغربية في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية، وهذا الأمر أغضب السعودية والكيان الإسرائيلي أيضاً كونه يعد انتصاراً ومكسباً مهماً لإيران لا يروق للرياض وتل أبيب أن تحققه طهران من خلال إبرامها اتفاق لوزان مع السداسية الدولية. 

 ٣– تخشى السعودية والكيان الإسرائيلي من زيادة قدرات إيران الإقليمية واتساع نفوذها في المنطقة الذي اكتسبته بما حققته من إنجازات كبيرة ومهمة في كافة المجالات السياسية والأمنية والتي تجلت ثمارها بوضوح من خلال دعمها الثابت والمتواصل لقوى المقاومة التي تتصدى ببسالة للمشروع الصهيو/أمريكي في المنطقة ووقوفها المبدئي إلى جانب الشعوب المظلومة ضد الجماعات الإرهابية والتكفيرية لاسيما في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

 هذه الأسباب وغيرها هي التي دعت السعودية والكيان الإسرائيلي إلى معارضة إبرام اتفاق لوزان على الرغم من الترحيب الظاهري الذي أبدته الرياض إزاء هذا الاتفاق. فهذا الترحيب بحسب اعتقاد أغلب المراقبين يرمي في الحقيقة إلى خلط الأوراق وذر الرماد في العيون للتغطية على الجرائم البشعة التي يرتكبها النظام السعودي في الوقت الحاضر لاسيما ضد الشعب اليمني الصامد.

ماذا بعد الاتفاق؟

قد ﻻ يكون القلق الصهيوني من توقيع الاتفاق النووي الإيراني في لوزان، مصدره الخوف من إيران، ومن القدرات العسكرية الإيرانية، وقد يشكك البعض وعلى رأسهم خصوم إيران، بأنه ﻻ يوجد من الأصل عداء إيراني لإسرائيل، وكل ما تدعيه وتفعله إيران بهذا الخصوص كذب ومفتعل "وهمروجة" إعلامية، وهدفها التمدد بالتشيع على حساب السنة، لإقامة الإمبراطورية الفارسية ليس إلا. قد يكون هذا الكلام صحيحاً، مع أن التاريخ والواقع ليس كذلك، والأكيد المؤكد أن هناك قلقاً بعد التوقيع  المذكور "وثورة" صهيونية للدفاع عن الدور القيادي التاريخي للحركة الصهيونية عالمياً.

نعم.. لقد كانت الصورة التي توسط فيها وزير خارجية إيران وخلفه العلم الإيراني بين وزراء خارجية الدول الأكبر والأعظم في العالم أكثر من ناطقة ومعبرة عن اللحظة والانجاز التاريخي الإيراني، وقد يسجل التاريخ أن هذه أول صورة عالمية ﻻ يكون مصورها صهيونياً، منذ صور اتفاقية يالطا التي قسمت العالم، وصور تأسيس عصبة الأمم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 م.

تتعدد الاجتهادات والآراء وتكثر المدارس الفكرية حول دور الصهيونية العالمية وقاعدتها إسرائيل في القرار الدولي في كافة ميادين الكون والحياة البشرية، سياسية كانت، أم اقتصادية، وغير ذلك من مناحي الحياة بما فيها من نوبل وأوسكار..إلخ. فهناك من يرى أن العالم يقاد من الصهيونية العالمية كما الشركات الكبرى التي يديرها ويتحكم في شؤونها رئيس مجلس إدارة الشركة. وهناك من يرى أن إسرائيل ليست إلا قاعدة متقدمة للإمبريالية العالمية تنفذ الأوامر والتعليمات الأمريكية حالياً والبريطانية سابقاً، وهناك وجهة نظر ومدرسة فكرية ثالثة تمثلني وانتمي إليها، لا تقلل من الدور المميز للحركة الصهيونية في القرارات الدولية كافة، وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط، التي يكاد ينحصر القرار بشأنه بيدها وحدها، وتعتبر قراراتها سارية المفعول وتعامل قاعدتها الإسرائيلية كدولة فوق القانون الدولي.

توقيع اتفاق الإطار النووي مع إيران على الرغم من معارضة الإجماع الصهيوني العالمي، داخل الكيان وخارجه، الذي تجلى بالدور الذي لعبه جميع الصهاينة وخاصة الأمريكيين منهم أثناء زيارة التحدي والاستفزاز، التي قام بها نتنياهو وخطابه الاستعراضي وحفاوة استقباله المدبرة بعناية شديدة في الكونغرس الأمريكي، ﻻ بد وأن يثير الريبة والقلق من بروز عصر إيراني قد يهدد النفوذ الصهيوني العالمي، وخاصة في الشرق الأوسط الذي تتوسطه إيران، تلك النفوذ الممتد منذ أن وقفت الحركة الصهيونية إلى جانب بريطانيا ضد ألمانيا. واستطاعت هذه الحركة بما لها من نفوذ داخل الولايات المتحدة أن تقنع الإدارة الأمريكية ـ بناء على طلب بريطانيا ـ بدخول الحرب. وقد حصلت الحركة الصهيونية مقابل ذلك على وعد بلفور بإنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين.  مهد الطريق لإقامة الكيان الصهيوني عام 1948 م، وكرس الصهيونية العالمية كرئيس لمجلس إدارة العالم.

إن توقيع الاتفاق، أنهى عشر سنوات من المفاوضات، وفتح الطريق واسعاً أمام عودة إيران للحضن الدولي، وبات من الصعب إن لم يكن من المستحيل على إسرائيل مهاجمة دولة وقعت اتفاقاً دولياً وتاريخياً يضمن سلمية برامجها النووية. وما يثير سخطها وغضبها، أنها لم تنجح، وربما لأول مرة، في ثني العالم المتمثل بالدول الست عن التوقيع على الاتفاق رغم ما بذلته من جهود قصوى، وتخشى إسرائيل من اعتبار ذلك سابقة في العلاقات الدولية، ولذلك فإننا نجدها تبالغ  في الحديث عن تأثيرات وأبعاد ومخاطر الاتفاق عليها وعلى "السلم العالمي"!! لتحقيق أهدافها، والحفاظ على مستقبلها ودورها، ولتحقيق أهداف آنية كالتي تتحقق الآن من ابتزاز لواشنطن وانتزاع تعهدات والتزامات اتجاهها، فمنذ توقيع الاتفاق والإدارة الأمريكية منشغلة في الدفاع عن نفسها، ولا هم لها سوى طمأنة إسرائيل ليلاً ونهاراً لدرجة الابتذال والمهانة، وأعلنت أنها لن توقع اتفاقاً بشأن برنامج إيران النووي قد يمثل تهديدا لإسرائيل. وتسعى لطمأنتها لإتمام توقيع الاتفاق النهائي في حزيران القادم. كما تعمل لتعزيز علاقاتها مع الأعراب الذين لا هم لهم سوى معاداة إيران. وكل ذلك للحفاظ على مستقبلها ودورها الذي لن يتزعزع في هذه المرحلة طالما بقيت الولايات المتحدة الأمريكية على مواقفها التي أكد عليها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عندما قال في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز":  "سأعتبره فشلاً من جانبي، فشلاً جذرياً لرئاستي، إذا أصبحت إسرائيل أضعف خلال عهدي أو نتيجة لعمل قمت به". وأضاف: "هذا لن يشكل فشلاً استراتيجياً فحسب، بل أعتقد أنه سيكون فشلاً أخلاقياً"!!.

إن اتفاق لوزان بسويسرا لن يغير مجرى التاريخ، ولن يؤثر كثيراً في المدى المنظور على واقع ومستقبل إسرائيل، ولكن لا شك بأن تطوراً بالغ الأهمية قد حصل، ﻻ يجوز المبالغة في تضخيمه من جهة، كما لا يجوز التقليل من شأنه من جهة أخرى، وما يهمني هنا التأكيد على ضرورة رؤية الواقع كما هو…الواقع الذي يؤشر على أن لإيران المستقبل دوراً هاماً وحيوياً يجب على الشعب الفلسطيني أن يأخذه بعين الاعتبار والاهتمام الكبيرين.

الخوف من إزالة العقوبات

هاجم رئيس حكومة إسرائيل المنتخب لولاية ثالثة على التوالي، بنيامين نتنياهو, مجرد احتمال التوصل إلى اتفاق بين الدول الكبرى (5 + 1) وإيران، خلال المفاوضات التي جرت بصورة مكثفة في مدينة لوزان السويسرية في الأيام الأخيرة، واعتبر أن إبرام اتفاق كهذا هو بمثابة منح جائزة لـ"العدوانية" الإيرانية، بينما وصف إسرائيل بأنها في مقدمة الدول "المعتدلة والمسؤولة"!.

وقال نتنياهو، وفقاً لبيان صدر عن مكتبه، إن "الاتفاق الآخذ الذي تم التوقيع عليه في لوزان يوجه رسالة مفادها أن من يمارس العدوان لا يدفع أي ثمن عليه، بل بالعكس إيران تتلقى المكافأة مقابل عدوانها". 

واعتبر أن "الدول المعتدلة والمسؤولة في المنطقة وفي مقدمتها إسرائيل والعديد من الدول الأخرى، ستكون في مقدمة المتضررين من هذا الاتفاق"، وأن "لا يمكن تفهم كيف أنه عندما تواصل قوات مدعومة من قبل إيران احتلال المزيد من الأراضي في اليمن، تتغاضى الدول العظمى في لوزان عن هذا العدوان. لكن نحن لا نتغاضى وسنواصل التصدي لأي تهديد". 

وكان نتنياهو قد صرح بأنه التقى عضوين في مجلس الشيوخ الأمريكي، و"أعربت في محادثاتي معهما عن قلقنا العميق إزاء التسوية المرتقبة مع إيران في إطار المحادثات حول ملفها النووي. وهذا الاتفاق، مثلما تبدو الأمور حاليا، يؤكد جميع مخاوفنا وحتى أكثر من ذلك". 

وأضاف أنه "في موازاة الاتصالات التي تجري من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق الخطير، يحتل وكلاء إيران في اليمن (يقصد الحوثيين) أجزاء كبيرة من هذه الدولة ويحاولون الاستيلاء على مضيق باب المندب الاستراتيجي، مما يغير توازن الملاحة وإمدادات النفط العالمية". 

وتابع نتنياهو أنه "بعد المحور الذي ربط بين بيروت ودمشق وبغداد، تقوم إيران بعملية كماشة أيضاً في الجنوب من أجل الاستيلاء على الشرق الأوسط كله واحتلاله. إن المحور الذي يربط بين إيران ولوزان واليمن يشكل خطرا كبيرا على البشرية ويجب التصدي له وإيقافه". 

كذلك اعتبر موشيه يعلون، أن اتفاق لوزان هو اتفاق "سيء جداً"، والتوقيع عليه سيشكل "مأساة" للغرب وللدول المعتدلة في الشرق الأوسط.

وقد أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية على أن أي اتفاق مع إيران لا يوقف برنامجها النووي برمته سيكون اتفاقاً سيئاً، خصوصاً في حال رفع العقوبات المفروضة عليها.

وأشار الصحافي والسفير الإسرائيلي السابق في موريتانيا، بوعز بيسموت، في صحيفة (إسرائيل اليوم)، إلى أن مفاوضات لوزان شبيهة إلى حد كبير بتلك التي جرت عشية توقيع الاتفاق الأولي بين الدول الكبرى وإيران بعد "أيام من التوتر" و"مشاورات دراماتيكية في اللحظة الأخيرة".

وأضاف بيسموت أن هذا الاتفاق، "سيشكل العمود الفقري للاتفاق الدائم الذي سيوقع في 30 حزيران المقبل وسيحظى بسهولة بلقب "مسيرة الأغبياء"..". ويقصد الكاتب بـ"الأغبياء" الدول الكبرى، التي لا ترى، برأيه، استغلال إيران لأية ثغرة من أجل التوسع، وأن "الإيرانيين، الذين بمفهومهم هم استمرار للثورة الإسلامية، يواجهون صعوبة في تصديق إلى أي درجة العالم أعمى من شدة غبائه، أو حتى أسوأ من ذلك: يفعل ما يفعله طواعية".  

واعتبر بيسموت أن "أكثر ما هو رهيب في هذه القصة هو أنه يتوقع أن يعيد العالم إيران إلى عائلة الشعوب، وإزالة العقوبات التي تحققت بجهد بالغ عنها والسماح لها بالحفاظ على قدرة نووية خطيرة ولا حاجة لها، فقط لأن العالم لا يكترث بنتائج وانعكاسات ذلك. دعوا زعماء الغرب يرفعون شارة النصر ويعودون إلى عواصمهم. وإسرائيل والدول السنية ستضطر إلى التنظيف خلفهم... ربما قرروا في البيت الأبيض أنه لا ينبغي وقف هذا الاتفاق". 

وأضاف بيسموت أن البديل لاتفاق لوزان هو أنه "تعين على المفاوضات منح إيران الحد الأدنى. وبدلاً من ذلك حصلت على مكانة دولة عظمى تكاد تكون مطابقة للدول التي تتفاوض معها. أنظروا إلى إيران في العام 2003، وانظروا إليها اليوم، وهذا بعد ثماني جولات من العقوبات في مجلس الأمن الدولي ومراقبة اللجنة الدولية للطاقة الذرية. وتخيلوا كيف ستبدو بعد إزالة كل هذا عنها". 

وحول الاتفاق نفسه، كتب بيسموت "دعونا نضع أنفسنا، نحن دولة اليهود، جانبا للحظة. أولا، الاتفاق يضمن لآيات الله سنوات طويلة في الحكم بدلا من إلقائهم في سلة نفايات التاريخ، مثلما كان بالإمكان فعله في العام 2009، وإن لم يكن ذلك من أجل أحد فمن أجل أبناء شعبهم. لكن في العام 2009 كان الغرب في حالة طيار أوتوماتيكي وتمت برمجته لتحقيق أمر واحد: اتفاق". 

وتابع أنه "واضح أن هذا الاتفاق سيقود إيران لأن تصبح دولة عظمى إقليمية خطيرة وقبل أن يصل أولادنا إلى المدرسة الثانوية ستُرفع الرقابة عنها. كيف يمكن أن أحدا لم يفكر بأنه طالما يحكم نظام كهذا، يجب أن تكون دائما مراقبة إذا كانوا سيذهبون نحو اتفاق سيء كهذا؟".

اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت آحرونوت"، أليكس فيشمان، أنه "يتوقع أن تحصل إيران على اعتراف دولي بمكانتها كدولة عتبة نووية. وهذا حدث تاريخي مؤسس سيؤثر من الآن فصاعدا على أداء كل واحدة من الدول في الشرق الأوسط".

وأردف فيشمان أن "ثمة شكاً في ما إذا كان سيتذكر أحد باراك أوباما أو جون كيري اللذين قادا هذه العملية، لكن تراث الدمار الذي أبقياه وراءهما في كل ركن لمساه في الشرق الأوسط سيرافقنا لسنوات طويلة". 

واعتبر فيشمان أنه "ليس مستغرباً أن، موشيه يعلون، ورئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، أصدرا تعليمات لجهاز الأمن والجيش الإسرائيلي بالاستعداد لوضع تدخل فيه إيران رسميا إلى حيز يسمح لها بأن تكون دولة عتبة نووية، متحررة من معظم قيود العقوبات. ويعني ذلك أن إيران، بعد إزالة كافة الممنوعات عنها بالتدريج، ستستمر من دون عائق في نشاطها التآمري في الشرق الأوسط". 

ولفت المحلل إلى أن لتوقيع اتفاق بين إيران والدول الكبرى انعكاسا على ميزانية الأمن الإسرائيلية وعلى خطة العمل المتعددة السنوات للجيش الإسرائيلي، "وبكلمات أخرى، الجيش وأجهزة الاستخبارات سيركزون القدرات الاستخباراتية والعسكرية استعدادا لإمكانية اتخاذ قرار بوقف هذا التهديد في أي نقطة زمنية" في إشارة إلى هجوم إسرائيلي في إيران.

واعتبر فيشمان أن اتفاقاً كهذا يشكل "فشلاً استراتيجياً" لإدارة أوباما، "إذ أنه الآن بالذات تتصارع في اليمن قوى مؤيدة لأمريكا، السعودية ومصر والأردن ودول الخليج، وبمساعدة أمريكية، ضد قوى شيعية تعمل تحت رعاية السلاح الإيراني نفسه وبالتنسيق مع طهران". 

ووصف فيشمان السياسة الأمريكية في هذا السياق بأنها "منزوعة عن الواقع"، وأن أداء الولايات المتحدة "متناقض"، معتبرا أن "من يمنع اليوم نشر السلاح الإيراني بين المتمردين في اليمن هم ليسوا الأمريكيين أو الأوروبيين، وإنما أسلحة الجو في إمارات الخليج التي أغلقت مسارات الطيران بين اليمن وإيران". 

وأضاف فيشمان أن الأمريكيين "استسلموا في عدة جبهات خلال المفاوضات مع إيران"، بأن سمحوا لإيران بإجراء أبحاث نووية وتطويرها، وبأن الإيرانيين يمتنعون عن كشف معلومات حول حجم التطوير النووي العسكري لديهم، وبتخفيف العقوبات، وعدم ذكر الاتفاق لتطوير الصواريخ الإيرانية العابرة للقارات.

وخلص فيشمان إلى أن الاتفاق سياسي وهو "اتفاق سيء"، وسيسمح بالهدوء حتى نهاية ولاية أوباما، "لكنه يبقي سحابة نووية في سماء الشرق الأوسط لسنوات طويلة أخرى". وتجاهل فيشمان، كالمعتاد، الترسانة النووية الإسرائيلية، التي تمكن إسرائيل من التلويح بها بين الحين والآخر لمنع تحرك مناهض لسياستها الاستعمارية.  

اعلى الصفحة