اللوحة الثانية: جداريات

السنة الرابعة عشر ـ العدد 159 ـ (جمادى الأولى 1436 هـ) آذار ـ 2015 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

الصفحة الأولى عبرة الكلمات

دَمُ الحَقِيقَة

أَصْغَى وَلَكنْ لم يَجِدْ شَيئاً!!.. فَقَالَ: أُفَسِّرُ النَّصَّ الغَرِيبَ كَمَا تُفَسِّرُهُ الغَرَابَةُ.. لم يَجِدْ شيئاً يَدُلُّ على الغَرَابةِ.. هَيَّأَ الأَدَوَاتِ ثانِيَةً وَفَجَّرَ بُقْعَةً أَدَّتْ إلى هَدْمِ السِّيَاقْ.. صَرَخَ: ماذا فَعَلْتُ؟!... أعادَ تَرْتِيبَ الأُمُورِ وهو يردد: - أنا أُحَاوِلُ.. فَلْيَظَلَّ النَّصُّ مَفْتُوحَاً كَأبْوَابِ السَّمَاءِ.. دَمُ الحَقِيقَةِ لا يُرَاقْ.

زوارق الروح

في وَضَحِ اللُجَجِ الليْلِيَّةِ لا يَصْدِمُنِي الصَّخْرُ.. وَلاَ آوِي لِجَزِيْرَةِ وَهْمٍ.. وَالصَّوْتُ القَادِرُ يَجْعَلُنِي أَزْدَادُ وُضُوْحَاً حِيْنَ تُغَيِّبُنِي ظُلُمَاتُ السَّحَرِ.. هذا وَقْتِي وَسَبِيلي الْفِضِّيُّ وَإِنِّي في هَذِي الأَثْنَاءِ أَقُولْ.. وَالأَسْمَاكُ أَتَتْ طَائِعَةً لِشِبَاكي.. وَأَنَا المَحْمُولْ.. فَوْقَ زَوَارِقَ مِنْ شَجَرِ الأَنْوَارِ تُنَجِّيْنِي مِنْ سَطْوَةِ أَمْوَاجِ النَّفْسِ وَمِنْ تِيْهٍ يَتَوحَّشُ فِيهَا هِيَ لَيْسَتْ أَهْلاً لِلْمَطَرِ.. وَزَوَارِقُ رُوْحِي لا تُبْحِرُ إِلاَّ في المَطَرِ!.

حكايات

في الليْلِ تُقْتَرَفُ الحِكَايَاتُ الطَّوِيْلَةُ.. أَيُّها المُصْغِي تَحَمَّلْ! رَيْثَما يَرْتَدُّ مَاءُ الفَجْرِ.. يَمْحُو كُلَّ ما قُلْنَاهُ.. يَغْسِلُنَا مَنَ القِصَصِ القَدِيْمَةِ عِنْدَهَا نَمْضِي لَنَبْتَكِرَ الجَدِيْدَ.. وَنَنْزَوِي في الكَوْنِ أَكْبَرَ كَوْكَبَيْنِ يُرَاقِبَانِ الشَّمْسَ عَنْ كَثَبٍ.. وَنَكْتَشِفُ الحَقِيقَةَ في اخْتِفَاءِ الجَمْرِ مِنْ دَمِنَا وَنُدْرِكُ أَنَّنَا البَطَلاَنِ في كُلِّ الحِكَايَاتِ التي تَهَبُ الحَيَاةَ لِمَنْ يُتَابِعُهَا وَتُشْعِلُهُ لِيُصْبِحَ كَوْكَبَا.

وجع الذكريات

ثقيلةٌ ذكرياتُنا‏.. لنرم قليلاً من حجارتها بباب النعاس‏.. لنلقِ بعض يقيننا‏ في جيوب الظلام‏.. ماذا نفعلُ بكلِّ هذه النجومِ النائمةِ حولنا؟..‏ بكل هذه الأيام الميتةِ في أكفّنا؟‏.. بأحبَّتنا الخائرين من الشوق؟!!‏.. بمساءاتنا المتكاثرة؟!!.. لنترك قليلاً من رمادنا في المراعي‏.. لنترك بعض جمرنا في المحيطات‏.. لنترك قليلاً من لهفتنا على نوافذ الزمان..‏ ولنَدَعِ الوقتَ ينقرُ أخبارَنا‏.. ربما ينبتُ حبقُ الأمنيات على رؤوسنا‏.. ربما نعود مرةً..‏ أو مرةً إلى أشلائنا..‏ ربما نلتقي بغفلةٍ عن الوقتِ المكابرِ فنعلِنَ ولادَتنا من رفيفِ أرواحنا.

لا أتخيّل

وَإِنِّي قَرِيبٌ.. أُجِيْبُ النِّدَاءَ المُعَطَّرَ.. قَبْلَ النِّدَاءِ.. ولا أَتَخَيَّلُ أنّي تُرَابٌ تَطَاوَلُ مِنِّي القَصَائِدُ حَتَّى تَصِيرَ نَخِيلا!.. ولا أَتَخيَّلُ أَنِّي مَجَازٌ وَحُبُّكِ فَجَّرَ فِيَّ الحَقِيقَةَ حَتَّى حَمَلْتُ المَجَرَّةَ تَقْطُرُ مِنْهَا الشُّمُوسُ.. وَتَسْكَرُ فيها النُّجُومُ.. ولا أَتَخيَّلُ أَنِّي سَأَغْفُو قليلا!..

لـم آتِ بَعْدُ ..

الوقتُ لا يَكْفي لأُضْرِمَ في السَّحابِ حَرائِقي.. والأرضُ لا تَكْفي لأُطْلِقَ في مَجاهِلِها خُيُوليَ تَارَةً.. وَزَوارِقي.. لم آتِ بَعدُ.. ورُبَّما ما كُنتُ.. مُخْتَلِفاً أَراني عنْ كياني.. ليْ مَغارِبُ لم أصِلْ يَومَاً إليها.. مِثْلَما لم أَحْظَ يَومَاً بِالوُصولِ إلى ضِفَافِ مَشارِقي.

مرور

سأعرِفُ كيف ألتقِطُ البحار‏ََ مثلَ الهموم‏.. أزرعُ وجهي في المحاراتِ..‏ تقرؤني نوافذي وترمي الورودَ للجهات‏.. ها أنا أمرُّ‏ غريباً كما كنتُ.. مرورَ الغيومِ‏ِ في حقل الرياح‏ِ.. حاملاً جرارَ الصَّباحِ‏.. في دَمي صفصافةٌ أسوق بها النهارات‏ِ.. وعلى كتفي صوتها قلعة مغلقة‏.

أنا وأنتِ

غداً‏.. يحكي الرملُ عن رجلٍ وملاكٍ‏ يمرّان على الضوءِ‏.. ينكسرانِ قبلَ طلوعِ القهر‏.. يصيرُ كلٌ منهما‏ مدينةً غابرة‏.. غداً..‏ أحنُّ إلى دفاترِ الذاكرةِ.‏. أنبلج من الوهم‏ِِ الذي يخيفنا من الفراقِ بُعَيْدَ اللقاءِ السريعِ على غيمةٍ مسافرة.. وقد أصيدُ من التخومِ قطا الأسئلة‏.. أجمع العتمة والضوء‏ وأمضي خلف التحولات‏.. وقد أمرّ بباعة اليقين‏ِ.. أشتري حكايات مدجّنة‏ وعطراً أخرس‏ وقد أشتري سكراً لحزني‏ أو علبة تطوي الأزمنةْ‏..

الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي 

عبد الله بن المبارك ـ الصديق

إذا صاحبتَ في الأسفار قوماً       فكن لهم كذي الرحمِ الشفيق

بعيبِ النفس ذا بصَرٍ وعِلـمٍ       عَمِيَّ القلب عن عَيبِ الرفيق

ولا تأخــذ بعثَرةِ كلّ قومٍ       ولكن قل هلمّ إلى الطريق

فإن تأخذ بهفوتهــم تمَلّ       وتبقى في الزمان بلا صديق

رابعة العدوية ـ مناجاة

راحتي يا إخوتي في خلوتي       وحبيب دائمـاً في حضرتي

لم أجد لي عن هواه عوضاً       وهــواه في البرايا محنتي

حيثما كنت أشــاهد حسنه       فهــو محرابي إليه قبلي

إن مت وجداً ومـا تم رضى       وا عنائي في الورى وا شقوتي

يا طبيب القلب يا كل المنى       جد بوصلٍ منك يشفي مهجتي

يا سروري يا حياتي دائماً       نشأتي منك وأيضاً نشوتي

قد هجرت الخلق جمعاً أرتجي       منك وصلاً فهو أقصى منيتي

بحر بن الحارث ـ شرُّ العيشة

منْ عاشَ خمســينَ حولاً بعدها مائةٌ       من الســنينَ وأضحى بعْدُ ينتظرُ

وصار في البيتِ مثلَ الحِلْسِ مُطَّرَحاً        لا يُســتشارُ ولا يُعْطى ولا يذَرُ

ملَّ الحـــياةَ ومـــلَّ الأقربونَ له      طولَ الحياةِ وشَــرُّ العيشةِ الكَدَرُ

إبراهيم طوقان ـ الطريقُ إلى الفناء

لي بِالحَياة تَعلــق وَتَشــــدُّدُ          وَالعُمــر ما بَعدَ المَدى فَسـيَنْفَدُ

نَفَسٌ أُرَدِّدُهُ وَأَعلــــــم أَنَّهُ            لِلمَـــوت بَينَ جَوانِحـي يَتَرَدد

وَيَلــــمُّ بي أَلــم أُخاتله بِما          يَصف الطَبيبُ فَيَســتَكين وَيَخمَد

وَيســرني أَني نَجَوتُ مِن الأَذى           وَيلي كَأَني إِن نَجَـــوت مخـلد

وَكَأَنَّني ضَلّلتُ سَــــيرَ مَنِيَّتي           إِن الطَريقَ إِلــى الفَناء معــبّد

هَيهات لَســتُ بِخادع عَينُ الرَدى         عَين الــرَدى يَقظى وَعَينك تَرقد

أبو القاسمِ الشَّابي ـ أحلامُ الشباب

ألا إنَّ أحْلامَ الشَّـــــبابِ ضَئيلَةٌ       تُحَطِّمُهـــا مثلَ الغُصونِ المَصائبُ

ســألتُ الدَّياجي عنْ أماني شَـبيبَتي      فقـالتْ تَرامَتْهـــا الرِّياحُ الجَوائِبُ

ولمَّا ســألْتُ الرِّيحَ عنهــا أجابَني      تَلَقَّفَهــا سَــــيْلُ القَضا والنَّوائبُ

فَصارتْ عَفــاءً واضْمَحَـلَّتْ كَذَرَّةٍ       على الشَّاطئ المَحْمومِ والموجُ صاخِبُ

أسامة بن منقذ الشيزري ـ دعاءُ مظلوم

أدعُــو على ظَالمي فيغضَبُ مِنْ      دُعَايَ قُـل لِـي عَـلامَ ذَا الغَضَبُ

هَجْـرُكَ لـي ظالمـاً وخَوفُكَ مِن      دُعَـايَ يَا ظالِمـي هُـو العَـجَبُ

يَدعو لِســاني والقلبُ من وَجَلٍ       عليكَ أن يُســــتجابَ لي يَجِبُ

وبَعْــدُ مَن لِي لو أَنّ وِزْرَكَ في       صَحيفتي في المَعَــــادِ يُكتَتَبُ

أبو منصور الثعالبي ـ الأدبُ والذهب

مـــن كان ينفعُهُ الأدَبْ       ويُحِــلُّهُ أعلى الــرُّتَبْ

فلقد خَسِـــرْتُ عليهِ ما       وُرِّثْتُ مِــــن أُمٍّ وأَبْ

كم ضيعــةٍ كانتْ تصونُ       الـوَجْـهَ عن ذُلِّ الطَّلَبْ

أتلَفْتُهــا، لا فـي القِيانِ        ولا هوَى بِنْتِ الــعِنَبْ

بل في الحوادِثِ والحوائجِ        والنــوائبِ والنُّــوَبْ

كم قُلْتُ لمَّــــا بِعْتُها         وحَصَلْتُ في أَسْرِ الكَرَبْ

ذَهَبَتْ دجــاجَـتُنا التي        كانَتْ تبيضُ لـنا الذَّهَبْ 

  

اعلى الصفحة