اللوحة الثانية: جداريات

السنة الرابعة عشر ـ العدد 158 ـ (ربيع الثاني 1436 هـ) شباط ـ 2015 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

الصفحة الأولى عبرة الكلمات

موت الرسائل

كانا يكتبان.. المتحاربون من عادتهم, أنْ يكتبوا الرسائل.. استعار أحدهما من الآخر قلماً.. وأحدهما استعار من الآخر ورقة.. ولما انتهيا, سُمع صوت إطلاق نار.. وماتت الرسائل.

عبور

كأشباح بدون قوائم نعبر البحار لئلا نشرب الانكسار.. والليل لنعلق بدمعتيّ الفجر.. نعبر الأمس لننسى النسيان.. والموت لنغادر خطواتنا الهشة ولا ننزلق.. نعبر الحياة لتخومها الصلدة.. والجدران ليتماسك خوفنا وينتفض.. نعبر أنفسنا كي لا نرانا في ظهر المرآة.. لا وجوه ولا انعكاسات فقط.. نعبر، نعبر، نعبر المطليّ بالأحمر الفاقع فينا صوب الوجه الآخر للأشياء.

استقامة

تستقيم الدروب لكي تصل.. والحافات لكي تجرح.. تستقيم الخطوط لئلا تتقاطع.. والأشجار لكي تعلو فتنتصب.. تستقيم الأنهار لكي تنساب.. والجدران كي لا تتعانق فتهوي.. تستقيم الأيام لكي تأزف والليالي كي لا تتعثر فتطول.. تستقيم النوافذ لكي تُطل والأبواب لكي تأذن.. نستقيم كي نموت واقفين.

انحناء

ننحني عندما نشيخ.. ننحني في عزّ الصبا والشباب.. ننحني لكي نتعانق أحياناً بقوة الخداع أو لنتشابك بالأيادي ونصطرع.. ننحني لنتساوى في طول الباع أو في قصر جذور التجربة ننحني لنختزل قاماتنا الهشة كي لا نتمادى في تشعب منفلت ننحني لكي تتخطانا الأيام القادمة دون أن تترك وحلاً على ظهورنا ننحني لكي تمر العاصفة دون أن تقذفنا خارج الأبواب وحين نتمالك قاماتنا لننتصب لا نترك ثقباً بأصابعنا في زرقة السماء ولا انعكاسات وجوهنا على التراب.

تقوُّس

نتقوس كسديم يحدودب على حممهِ.. نتقوس لنمتلك الألوان جميعاً كقوس قزح يكوّر سمائهُ ويُولم لأمطارٍ مشمسة.. نتقوس كي لا تخطيء السهام المنطلقة من صوابنا ظهر زمان أدار لنا وجهه.. نتقوس لنكون السعف مظلات الزمان الخضراء والأشجار مثقلة بالثمار.. نتقوس لكي نلتقي في نهاية المطاف نلقي التحية على بعضنا تحت أقواس النصر على ذواتنا أو على شيخوخة أيامنا أو لننتشل ما سقط من أحلامنا/في غفلة عنا نتقوس.. لأننا مِقْوَلُ القولِ لا يمرح مأخوذاً إلا داخل الأقواس.

انحراف

ننحرف حين تحيد بنا الأشياء.. ننحرف عن المجرى كغصن في سورة الماء.. ننحرف لجهة مغايرة لنوازن خواء التجارب.. ننحرف لنجانب الريح أو لنراوغ التيار.. ننحرف كي نحيد قليلاً/عن مسار السهم القاتل.. ننحرف لكي نبتعد خطوة عن تفاؤل اليمين أو تشاؤم اليسار ونجسّ نبض المواجهة فينا.. ننحرف لنحرف الاتجاه/عن مركز الدوامة أو مسار العاصفة الهوجاء.. ننحرف لكي نتماهى في ظلالنا ونضيع أو نتخلى عن ملامحنا الساطعة للآخرين.. ننحرف فذروة الفضاء خارج الوسط.. ننحرف لكي لا يسدل علينا الستار لمقتضيات الضرورة الشامخة أو مساقط الظل الشحيح.. ننحرف لكي لا ننحرف.

الصفحة الثانية: (عيون الشعر العربي)

معروف الرصافي ـ الحقيقـة العاريـة        

هَلِ الكُفرُ إلاَّ أن ترى الحقَّ ظاهراً 

فتضرِبَ للأنظارِ من دونِهِ سِــتْرا

وأن تبصرَ الأشـياء بيضاً نواصِعاً 

فتُظهرَها للناسِ قانيةً حُمــــرا

إِذا كَانَ في عُريِ الجُسُـومِ قباحةٌ 

فأحسنُ شيءٍ في الحقيقة أن تعْرى

عمر بن أبي ربيعة  ـ هيبة

وإذا جِئتُها لأَشــــــكو إليها 

بَعضَ ما شَفَّني وما قَد شَــجَاني

هِبتُها، وازدُهيَ مِن الحُب عَقـلي 

وعَصَاني بِذاتِ نَفســي لِسَـاني

ونَسِــيتُ الذي جَمعتُ من القَول 

لَدَيها، وغَــابَ عنِّي بَيـــاني

امرؤ القيس ـ ليل

ولَيلٍ كَمَوجِ البحر أرْخَى سُدُولَه 

عَلَّي، بأنواع الهُمُـــومِ لِيبْتَلي

فقلت لَهُ لَمَّـــا تمطَّى بِصُلْبِهِ 

وأردَف أَعجَــازاً وَنَاءَ بِكَلْكَلِ

ألاَ أيها الليلُ الطَّويلُ ألاَ اْنجلي 

بصُبحٍ، وَمَا الإِصبَاحُ مِنْك بأمْثَلِ

مسلم بن الوليد ـ أيّام الصِّبا

 

واهاً لأيَّامِ الصِّبَا وزمانِــــه 

لو كان أســـعفَ بالمُقَامِ قَليلاَ

سَلْ عيش دهـرٍ قد مَضَتْ أيّامُهُ 

هل يستطيعُ إلى الرجوعِ سَـبيلاَ

لو عاد آخِـرُه كأوَّلِ عَهْـــدِهِ 

فيما مضى لم أشفِ مِنْـه غَلِيلاَ

أبو فراس الحمداني ـ الحرب

فلا تصِفَنَّ الحرب عندي فإنَّهــا 

طَعَاميَ مُذْ بِعْتُ الصِّبَا وشَـرَابِي

وقد عَرِفَتْ وقع المسامير مُهجتي 

وشُـقِّقَ عن زُرقِ النُّصُولِ إهابِي

ولَجَّجْتُ في حُلْوِ الزَّمانِ وَمُـرِّهِ 

وأَنفَقْتُ من عمري بغير حِسَـابِ

أبو الطيب المتنبي ـ سرورٌ وإساءة

إذَا سَاءَ فِعْلُ المرءِ ساءَتْ ظُنونُه 

وصدَّقَ مــا يعتادُهُ من تَوَهُّـمِ

وعادى مُحِّبِيهِ بقـــول عداتِهِ 

وأصبح في ليلٍ من الشـكِّ مُظْلِمِ

لِمَنْ تَطْلـُبُ الدنيا إِذا لم تُرِدْ بِها 

سُرورَ مُحِبٍّ أو إِسـاءةَ مُجرِمِ

سلم الخاسر ـ تأديب العيون

أتَتْنِي تؤنِّبُنِي فــي البُكَــاء 

فأهْلا بِهـا وَبتَأنِيبِهـــــا

تَقُول وفي قولها حِشـــمةٌ 

أَتبكي بعين تَــراني بِهَــا

فقُلْتُ إِذا اسْتَحْسَنَتْ غـيركُم 

أمَرْتُ الدُّمُوعَ بِتأديبهـــا 

  

اعلى الصفحة