اللوحة الثانية: جداريات

السنة الرابعة عشر ـ العدد 157 ـ (ربيع أول 1436 هـ) كانون الثاني ـ 2015 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

الصفحة الأولى عبرة الكلمات

نشيد

طوفانُ الصمتِ يفجِّر سَدَّ كياني.‏. أَسأل.. أسألُ...‏ حتى أَعرى من أسئلتي..!!‏ وأفتِّش في مضمار الأوراق الثملى عن ريش الريحِ.. وعن فأسٍ تجتثُّ الأرقَ المتمدِّدَ في ينبوع الحبر،‏ فأصحو فوق العشب الظامئِ،‏ بعد رحيل ضباب المدِّ..‏ لأبحث عن ترنيم نشيدٍ في شفتيَّ..!!‏

 من يُسعف

نشوى روحي، والفجرُ يضيء مُحَيّايَ‏ الغضَّ المتألقَ،‏ في خُيلاء اللحظةِ..‏ يَنْفُثُ من أعماق الصدرِ،‏ سلامَ حياةٍ تُنعش رئتي،‏ ويظلُّ يدورُ أمامَ بساطِ العينِ‏ رفيفُ غبار الدهشةِ.. ‏يَسكنني،‏ وتظلُّ الأسئلة القتَّالةُ.‏. تستهوي لغتي..!!‏ فتطيرُ نوارسُ أيامي من أمواج اللهفةْ:‏ مُنقاراً تحت جَناحِ الدفءِ،‏ وعيناً تُبحر،‏ خلف رمال الضِّفَّةْ..!!‏ مَن يسعف هدأةَ بال الروح بعذب الرَّشفةْ..؟!.

أسئلةٌ لعاشق

في الوقتِ رصيفٌ منطفئٌ،‏ ومقاعدُ لا تتذكّرها الأطيافُ...‏ فهل تحتاجُ لنبعٍ في هذي الساعاتِ ليرسمَ فيكَ الدَّفقَ،‏ وأنتَ سواكْ؟!‏ والمشهدُ مرتعشُ الأطرافِ.. فهل تحتاجُ صباحاً في هذا القفرِ المقروحِ...‏ لترسمَ في الأزهارِ إناءْ؟!‏ وأراكَ تعيدُ تفاصيلَ الخطواتِ بلا جدوى...‏ فوقَ المتناثرِ من لحمِ الطرقاتِ...‏ فيسقطُ في الأنحاءِ مساءْ.

 زفرةُ عابد

مَنْ أطلقَ فينا قنوطَ الليلِ.. فصرنا الضراعةَ في طقسِ الدعواتْ؟!‏ وشفاهُنا أغرقها الموجُ المتعالي عند ضفافِ الحلمِ.. فتنامتْ داخلها الأصواتْ‏.. مَنْ أسلمنا في هدأةِ حلمٍ يانعةٍ لِلُهاثِ دمائنا.. فارتفعتْ دوننا الصلواتْ؟!‏ مَنْ أدخَلَنا محرابَ التوبةِ..‏ حينَ بدأنا نلمُّ الريحَ مِنَ الأشجارِ،‏ ونطلقُ عصفورَ اللحظاتْ؟!.

حديث الذات

كدحٌ وكدحٌ،‏ والخطواتُ تهاجرُ في أفقِ الخطواتْ‏، ما كانَ لنا في البدءِ رحيقُ اللحظةِ.. حتّى ينكرنا الليلُ الشغفيُّ،‏ وتقتلنا الشبهاتْ‏..!! إن لنا في النهار سبحاً طويلاً.. وارتقاءً وصبواتْ.. لكن.. في عتمةِ التباعدِ كانتْ رحلتُنا،‏ والغلُّ مرتفعٌ،‏ والوقتُ مُواتْ‏.. للسيرِ إلى أقصى الأهواءِ،‏ ورجمِ النافذةِ المُثلى،‏ وبلوغِ الذاتْ‏.

طبيعة

أنتَ جميلٌ.. طيِّبٌ هكذا.. خفيفٌ هكذا.. لِمْ تستقيمُ والخطوطُ.. استقامتْ عارية؟.. لِمْ تلتَفُّ والحبالُ تلتفُّ على كلِّ شئ؟.. لم تلتحم ولا حاجة إلى لصاق آخر؟.. ابقَ في الطبيعة.. طبيعتك هكذا.. جميلة هكذا.. تلقائية هكذا.. ابق هكذا.. كما أنت.. هكذا لِمْ تنحني.. والأقواسُ حواليك كثيرة‍؟.

حروب

قلتُ أنامُ قليلاً.. لكن هذه المدينة جاءت تستلقي في جسدي.. كيف أتفرّغ لصمتي؟؟.. وكلّ هذه الحروب تقتحمني.. أقاتلُ بلا يدين.. أرافقُ خيبةَ الحجرِ في المساء.. ولي مجرى غريب؟!!.

اشتعال..

وأطفو كومضة برقٍ أضيئُ الطرقات.. وأُشعل العتمة.. كلُّ جهات الجسد اشتعلت وعينيْ وحدها مطفأةْ.

إضاءة

النّخلة.. تلكَ التّي تهادت وانحنى ظلّها وارفاً.. لست أدري كيف صارت نشيداً يتناسلُ مثل سحابٍ.. ثمّ يخبو.. على أعجازها مضى الوقتُ سريعاً.. لم تشتعل لكنّها أضاءتْ. 

الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي 

أبو العلاء المعري ـ هذيان الأمالي

أريدُ الإِنَاخَـــــــةَ في منزلٍ          وقد حُـدِيَتْ لِسَـــواهُ جِمَالِــي

فَمَنْ مُخْبِري أَغَرِيقُ البحـــــارِ           أَلْقَــــى الرَّدى أم دَفِينُ الوِصَالِ

هـَـوِيتُ انْفِـرادِيَ كَيمَا يخـِـفَّ           عَمَّــنْ أَعَاشِـرُ ثِقْـلُ احْتمَالِــي

أَمـــا لِيَ فِيمَـا أَرَى رَاحـــةٌ                مَدَى الدهـــر من هَذَيانِ الأَمَالِي

عبد الله بن العباس الربيعي ـ زيــارة

بأبي زَوْرٌ أَتاني بِالغَلَــــــسْ             قُمْتُ إجـلالاً لَه حَتــَّى جَــلَسْ

فَتَعَانَقْنَا جَمِيعاً سَـــــــاعةً             كَادَتْ الأَرْوَاحُ فيهـــــا تُخْتَلَسْ

قلتُ يا سُــــؤلي ويَا بَدْرَ الدُّجى        في ظلام اللَّيلِ ما خِفْتَ العَســَسْ

قال قَد خِفْتُ ولَكِنَّ الهَـــــوى          آخِــــــذٌ بالروحِ منِّي والنَفَسْ

زَارَني يَخْـــــطُر في مِشْـيتَه       حَــوْلَه من نُورِ خـــدَيه قَبَسْ

جميل بثينة ـ وعدٌ كسحابة

لو تعلمين بما أجِنُّ من الهــوى           لعذرتِ أو لَظَلَمْتِ إن لمْ تعـذُري

لا تحســبي أني هجرتُكِ طائعاً            حَدَثٌ لَعَمْرُكِ رائعٌ أن تَهْجُــري

يهواكِ، ما عِشْتُ الفؤادَ، فإنْ أَمُتْ         يتبعْ صدايَ صداكِ بين الأقـْـبُرِ

يا ليتني ألقى المنيَّـــــةَ بَغْتَةً                 إن كانَ يومُ لقائِكُم لم يـَـــقْدِرِ

ما أنتِ والوعـــدُ الذي تعدينني            إلا كبرقِ سحابةٍ لم تُمْطِــــرِ

خداش بن زهير العامري ـ قوم

أَلَمْ تعلمي والعلمُ ينفـعُ أهْلَـــه        وليس الذي يدري كآخـرَ لا يدرِي

بأنَّا على سـرَّائِنَــا غيرُ جُهَّـلٍ           وأَنَّا على ضرَّائِنَا من ذوي الصَّبْرِ

ونَلْبَسُ يومَ الـرَّوْع زعفاً سوابغـاً           مضاعفـةً بيضاً لها حُـثَثٌ تجرِي

ونفْرِي سـرابيـل الكمـاةِ عَلَيْهِمُ          إذا مـا التقينـا بالمهنَّدةِ البـتـر

ونصـبـر للمكـروهِ عِنْـدَ لِقَائِه          فنرجـعُ عنـه بالغنيمةِ والذكـرِ

علي بن الجهم ـ في السجن

إِلى الله فِيما نابَنا نَرْفَعُ الشَّكْـوى              ففي يَدِهِ كَشْـفُ الضَّرُورَةِ والبَلْوى

خَرَجْنا مِنَ الدنيا ونحنُ مِنَ أَهْلهـا           فلسنا مَنِ الأَحْياءِ فيها ولا المَوْتى

إِذا جاءَنا السَّـجَّانُ يومـاً لِحاجَةٍ                عَجِبْنـا وقُلْنـا جاءَ هذا مِنَ الدُّنيا

ونَفْرَحُ (بِالرُّؤْيـا) فَجُلُّ حديثنـا                 إِذا نحنُ أَصْبَحْنا الحدِيثَ عَنِ الرُّؤْيا

فإِنْ حَسُنَتْ لَمْ تَأتِ عجلى وأَبْطَأَتْ           وَإِنْ قَبُحـت لم تَحْتَبِسْ وأَتَتْ عَجْلى

ابن الرومي ـ دَمعة على الشباب

لا تلْحُ مــن يبكـي شـبيبتــه       إلاّ إِذا لــم يبكهـا بِـــــدَمِ

عيـبُ الشبيبـة غِـوَلُ سـكرتها          مقــدارَ ما فيهـــا من النعـمِ

لســنا نراهـا حقَّ رؤيتهـــا        إِلا زمانَ الشـــيب والهَــرَمِ

كالشــمس لا تبدو فضيلتُهــا       حتى تَغَشَّــى الأرضُ بالظُّلَـمِ

ولَرُبَّ شــــيءٍ لا يبيّنـــه       وجدانُــه إِلا مع العـــــدمِ 

  

اعلى الصفحة