السنة الرابعة عشر ـ العدد 156 ـ (صفر 1436 هـ) كانون أول ـ 2014 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

أخشى البدايةَ

أخافُ البدايةَ‏.. لكنَّ زيتونةً تجمعُ الشّملَ في لغتي‏ نبّهتني:‏

"تماسكْ‏.. فتخرُجُ كلُّ الفصولِ‏ لتَعْبُرَ نهجَ نشيدكَ‏

ثمّ انْقَسِمْ قريتين على قلبِ طفلٍ‏ ووحّد خطابك فيهِ.. وخلِّ البدايةَ من وردهِ

والنهاية مفتوحةً‏ ربّما ستكونُ الوطَنْ.‏.

وإنْ أخرجوا منكَ سوسنةً سكنتكَ‏.. استعِدْ عطرها‏.. فالأريجُ يؤدّي إليك‏َ

وهذا الطّريق الأحاديُّ غيرَّكْ.. لا تبتئسْ‏.. فالأنينُ شجنْ.‏

وهذي النّهاية لابدّ منها لصنع البدايةِ‏.. لا بدّ للحرف‏ من لحظةٍ من زمنْ.‏

***

هنا...‏ أعبُرُ الحزنَ وحدي‏ وأرسمُ من حبرِ صبري عليّْ.‏

فأحيا،‏ إذاً أبدأُ المفردات‏ِ.. وأكتبُ أشجاني في مآقي الكتابْ

ولكنّني لست أبكي‏ فقلبي لديّْ.‏

وكلّ القصائدِ زاولَها قلمي‏.. فاكتشفتُ بأني بُنَيّْ.‏

وأنّي غريبٌ عن السّربِ‏ والدُ نفسي‏ ولا أشبِهُ البحرَ‏..

لا ولا أنا توأمُ روحْ..

لا أبتغي الشهرةَ..‏ إنما أشتهي صفةً جمَّعَتْها القصائدُ..‏

ولا أبدأ النارَ من جذوةٍ.‏. والبكاءَ من دمعةٍ لأنوحْ..

قلمي شامخٌ وحروفي تنامُ على غيمةٍ في سطوري‏

وقبلي قناديلُ كشفي‏ وبعديَ طوفانُ نوحْ.‏

***

سألتكَ عن ألقِ الشّعرِ‏.. قلتَ: كلانا يعمّرُ بركانَه‏

فغمرتُ شموسكَ ضمنَ سحابِ القصيدةِ‏ في سفح روحي‏

ومِلْتُ أقبّلُ منعطفَ البحرِ‏ عند حضوركَ

هذا أنا عندما يشعرُ البحرُ قربيَ‏.. بأنَّ عصافيرَهُ تشتهي زورقي‏

ولأنّكَ تنساني أكثرَ ليلكَ في أوّلِ الحبّ‏ِ في آخر القلبِ..‏

في لحظات الحضورِ..‏ أخاتلُ من سبقوا مركبي‏

لاكتشاف كواكبِ روحِكَ.. أحفُرُ اسميَ على راحتَيكَ‏

وأعلن أنّيَ هِمْتُ كما هامَ قلبي‏

كما دخلَ العاشقونَ إلى صُوَرِي.‏

أتَذْكُرُ الّذي نَقَلَ الحبَّ‏ بينَ نوافذِ المساءِ وفواصلِ العمرِ؟‏

هذا أنا.. أبداً‏.. والبداية بعض العتابِ‏

فحين ينامُ الملاكُ في أضلعي‏ ممسكاً خفْقَهُ عن منامي‏

يطيرُ إلى لهفتي‏ بلبلٌ خارجٌ من صلاتِكَ‏

يُخرجُ ناياتِه كي أفيقَ‏ وأعْرِفَ أنّ المآذنَ استمالتْ دعاءَ الصبحِ على شفاهكَ..‏

كي لا أراكَ،‏ وكي لا يصافِحَني صوتُ الدعاءِ‏

ما الّذي أرتجيهِ؟‏

وأنتَ القصائدُ العصيةُ تغني الضراعةَ مفردةً‏ كي تجمِّعَها نزهةً في يديَّ‏

وأنتَ الأنا‏ والثّريّا‏

وكوخُ البنفسج.. آوي إلى نبعةٍ قربه‏

فأرى الشّمسَ ترشُحُ من سقْفِهِ‏ وأرى الكروان يعيدُ روائعَهُ.. إذا رآني أدثّر أحلامنا.‏

فسامحني‏ بأن يتجاوزَ عشقُكَ ديوانَ شعري‏

وظلَّ كعادةِ ثغركَ‏ حين يصعِّدُ لحنَ دعاءٍ حميمْ:‏

"إلهي.. لإن أدخلْتني النار.. لأخبِرنَّ أهل النارِ بأني أحبك.."

وسامحني إن قلتُ للعصافير على ذرى البشائرِ..

أنكَ تعصف بالروحِ نسيماً.. وتسكنُ النبضَ حميماً..

قصري حروفُ قصائدكَ.. ووجيبُ فؤادي فرادتكَ..‏

فطوّقْ غرقي‏ إن سقطتُ شغوفاً بما لذَّ منكَ.. وما طاب منّا‏

وأقولُ: أولَ كلاميَ هذا.. أقولُ.. ما قد لا يُقالُ:

سأحتاج ظلّكَ إنْ سافرَ الجسمُ عن مركبي‏ كي يظلَّ بريقُكَ مشتعلاً في مراياي.‏

يا قصّةً عبرتْ كالقطارِ‏ بساتين من غادروني‏

ويا مستقيمَينِ ينحدرانِ أماماً‏ وراءَ القطارِ‏

أقولُ:‏ فخذني‏ لأنشقَّ عنكَ إلى نحلتينِ.. تبنيانِ صرحَ مباهجنا‏

ودعني أحرّرُ من سجنِ طهرِكَ‏ كلَّ ارتعاشٍ يؤدّي لنيسانَ..‏

منكَ ابتدأتُ‏ ومن وجنة أكّدتها شفاهي.‏

سمعتُ دعاءَ الصّباح.. يردِّدُ.. ‏

"واجعل صباحيَ هذا نازلاً عليَّ بضياء الهدى.. ومسائي جُنَّةً من كيد العدا.."

قلتُ.. سأعبرُ الصباحَ إلى الصباحْ.. إلى مهابطِ الهدى..

وأمشي إلى جزرٍ‏ عانَقَتْها المياهُ‏ الهارجةُ من الصمِّ الصياخيدِ عذبةً وأُجاجا..

وأغرزُ في كلِّ واحدةٍ قمراً‏ ليكونَ لكَ علماً‏ يرفعونَ ضرورتَهُ في المساء‏

وحين الصّباح ينكَّسُ مثل لهاثي..

أبعْدَ الذي قلتُ‏.. مولى الروحِ.. أخشى البداية‏َ.. والزَّمَنَ الكهلَ؟‏

ليس افتراضاً خروجيَ عن السّربِ‏ لكنّما البدءُ صعبٌ‏

كحالِ النهايةِ‏..  

أولُ الكلامِ كآخرهِ.. والسّهلُ ما بَين... بينْ.‏

ودوماً أسائلُ ذاكرةَ البحرِ فيكَ وفيَّ..

زمني‏.. كيفَ... أينْ؟.‏

لتبقى الأغاني معلّقة‏ والمدى واحداً‏ والقصائدُ عينْ.‏

اعلى الصفحة