اللوحة الثانية: جداريات

السنة الثالثة عشر ـ العدد 153 ـ (ذو القعدة 1435 هـ) أيلول ـ 2014 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

الصفحة الأولى عبرة الكلمات

 إلى سيد الخصب

سَلِمتْ عيناهُ -حين أضجُّ إليهِ‏ - من نغماتي‏ وأرجُّ سكينةَ سنبلِهِ وأمدُّ بنظرتِهِ‏ كلَّ حقولِ الخِصبْ‏.. وأتابِعُ على إيقاعِ صبرِهِ لحنَ حياتي.. وأرفعُ كأسَ الأفقِ لزنبقةٍ‏ في رأسهِ.. أو على بياضِ جبينه.. أو عندَ عتباتِ قلبهِ.. أملؤها من شهده‏.. وأُبارِكُ كلَّ الأسى الآتي.. وأباغِتُ غفوتَهِ بالضوءِ وبالنعناعِ‏ وبالنارنج..‏ وأُعيدُ لقلبي المتعبِ من سنا إشراقِهِ ماءَ وضوءٍ وابدأُ صلاتي.

إلى أيمن

طفلُ القلبِ أيمنُ.. إخالُهُ اليومَ يحلمُ‏.. أن طواحينَ أنسٍ تدورُ بقربِ وسادته‏.. وكثيراً من الوردِ يعصر عطراً على الروحِ،‏ يا نارُ كوني سلاماً‏ ويا ريحُ هزي لهُ النخلَ‏ كيما يقرَّ أيمنُ عيناً‏ وتهنأ أحلامُهُ السلسبيلُ.‏

إلى السيد القائد

صوتُهُ أحبُّ إليَّ‏ فقد أشعلَ العشقَ،‏ إن الصلاةَ بقربِهِ أنسٌ..‏ وها هو يرفلُ قربَكَ يسجدُ على التربةِ.. يعفِّرُ خديهِ معكَ ويرفلُ بالدعاءْ..‏ ولَكمْ تحلو بقربِ تلاويحِهِ الصلاة.. أول العابرين إلى ضفة الحزنِ‏ معشوشباً بألوانِ الحياةْ.. أجملُ العاشقين..‏ سلاماً على لونِهِ‏ كلما أغمضَ جفْنَهُ‏ بُشِّرَ بملاكٍ يرافقُ ضحكتَهُ.. ‏من مكارِم وجنتهِ.

في البحث عن نافذة

في الصباحِ الشَّتويِّ أفَتِّشُ عن لُحَيْظةٍ لا يأخُذها الدهر مني سنينَ عذاب.. أرتاحُ.. ثم لا فرقَ.. أكَلَني التيَّارُ العصيُّ أم تناوشَتْني أيدي الفِرَقْ.. وصلتُ إلى شرفةٍ عاليةْ تَلفَّتُّ لم أجدِ النافذةْ.. وأَبصرتُ جرحاً: ثلاثينَ سجناً.. وعشرينَ نُصباً ولما رآني طيفُ  الحبيبِ دسَّ في راحتي وجهَهُ والأغاني.. وأشرعَ ألفَ نافذةٍ على الأمل.. وأنا في الصباح الجديدِ أضيّعُ النافذة.. أبحثُ الآنَ عن نافذة.. عن نافذة..

للصبر أوان

تبقى هناك الأرضُ، والإنسانُ‏.. يبقى السندِيانْ‏.. والطفلُ يحفظ درسَهُ الحجريَّ‏ عند مقالع الصُّوّانِ‏ تحت السنديانْ.. هاتي، بُنيَّتي، جُرْعةَ الماء القَراحِ...‏ وكِسْرَةَ الخبز المُقَمَّرِ..‏ تابعي الشدوَ المبارَك‏ واستعيني بالزمان..‏ للصبر يا ابنتي، أوانٌ‏، مثلما للنصر يا ابنتي أوانْ.‏

إلى أخي الذي رحل باكراً

خذني إلى أرضٍ تفجِّرُ دهشتي الأولى وتجمعُ في يديها قوسَ ألواني لأذكرَ من ذكراكَ حلوَها ومرارَها وأوسِّدَ الجسَدَ المدمَّى بالحنينِ إلى يديكْ.. بعضُ الندى، أحتاجُ في عزِّ الرَّدى، لأُحطِّمَ الأصنامَ في درْبي وأعدو في الطّريقِ لمقلتيكْ.. وأرتِّبَ الأرضَ التي إن ما تدورُ الآن دورَتَها ستأخذني إليكْ.. ما زلتُ أنتظرُ منذُ السفرِ المهيب معكَ.. ما زلتُ أنتظرُ تلويحةَ يديكْ.

النفخ في الرماد

يا أيها القلمُ المعبأُ بالنوايا الطيبات.. وبالوداد.. هذا زمانٌ لا يليق بنا.. هذا زمانٌ لانهياراتِ المطامح وانتحاراتِ المنى.. هذا زمانٌ للسلوك الرخو واللفظِ المخنَّثِ والفساد.. هذا زمان للجرادْ.. فابلع مَدَادَكَ.. لم يعد يُجدي العناد كل الذي سطَّرْتَ من شِعْرٍ طوال العمر نفخٌ في الرماد.

حكمة

ليس في إمكان شجرة حبّ صغيرة نبتت للتوّ، أن تُواسيك بخضارها، عن غابة مُتفحِّمة لم تنطفئ نيرانها تماماً داخلك وتدري أنّ جذورها ممتدة فيك... 

الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي

 

ابن دريد الأزدي ـ العقل زينة

وَأَفضَلُ قِسـَـــمِ اللهِ لِلمَرءِ عَقلُهُ       فَلَيسَ مِـنَ الخَيراتِ شَـيءٌ يُقارِبُه

فَزَينُ الفَتى فـي الناسِ صِحَّةُ عَقلِهِ       وَإِن كانَ مَحظــوراً عَلَيهِ مَكاسِبُه

يَعيشُ الفَتى بِالعَقــلِ في كُلِّ بَلدَةٍ        عَلى العَقلِ يَجري عِلمُــهُ وَتَجارِبُه

وَيُزري بِهِ فـي الناسِ قِلَّـةُ عَقلِـهِ       وَإِن كَرُمَت أَعراقُهُ وَمَناسِــــبُه

إِذا أَكمَلَ الرَحمانُ لِلمَـرءِ عَقلَــهُ       فَقَـد كَمُلَـت أَخـلاقُهُ وَمَــآرِبُه

محمد بن حازم الباهلي ـ الرزق والناس

ما الجودُ عن كثرةِ الأموالِ والنسبِ     ولا البلاغة فــي الأكثار بالخُطَبِ

ولا الشجاعةُ عن جســمٍ ولا جلدٍ      ولا الأمـانةُ عـن إرثِ أبٍ فــأب

لكنّها همــم أدت إلــــى تَجَحٍ       في كل ذاك بطبعٍ غير مكتســـب

والرزقُ عن قدرٍ يجـري إلى أجلٍ       بالعجـز والكيس والتضييع والطلب

والناسُ فيمــا أرى عندي بأنفسهم       لا بالقبور ولا الأســلافِ والنسب

صفوان بن أدريس التجيبي ـ فتكُ الحبِّ

أَينَ أَيَّامُـــنَا اللَّـوَاتِي تَقَضَّت      إِذ زَجَرنَا لِلأُنسِ أَيمَـــنَ طَيرِ

وَإتِلافٍ عَهِــدتُهُ مِــن كِرامٍ       سَـارَ صَرفُ النَّوَى بِهِ أَيَّ سَيرِ

شَــعَبَ الدَّهرُ شَملَهُمْ بَعدَ جَمعٍ      رُبَّ نَفــعٍ أَزَالَهُ حُكــمُ ضَيرِ

حَكَمَ البَينُ فِـي مُــنَاهُم فَقَضّوا     لاحـتِكَامِ الفِـرَاقِ طَرف نُمَـيرِ

لَيسَ لِي غَيرَهُم مِنَ الأُنسِ إنسٌ        يَا تُرَى هَل لَهُــم هُنالِكَ غَيرِي

كُلَّمَــا مَــرَّ ذِكرُهُم قَالَ قَلبِي      ذَكَرَ اللهُ مَــن ذَكَرتَ بِخَــيرِ

تقية بنت غيث الصورية ـ صبرٌ وسلوان

هاجَتْ وساوسُ شوقي نَحْوَ أَوْطَانِي       وبان عَنِّي اصطِبَاري بعد سُـلْواني

وبتُّ أَرْعَى السُّــهَا والليلُ مُعْتَكِرٌ       والدمعُ مُنْسَـجِمٌ من سُحْبِ أَجْفَاني

وعاتَبَتْ مُقْلَتِي طيفاً أَلَــمَّ بهـــا       أَهـكَذَا فِعْــلُ خِـلاّنٍ بخــلاّنِ

نأَيْتُ عنكم وفي الأحشاءِ جَمْرُ لَظىً       وسُــقْمُ جِسْمي لِمَا أَهْوَاهُ عُنْواني

إذا تذكرتُ أيّامــــاً لنا سَــلَفَتْ      أَعانَ دمعي على تَغْريق نســياني

ابن سهل الأندلسي ـ صبر على الحبيب

كَم قُلتُ لِلمَحبوبِ بِت ســالِماً       فَقالَ لـــي مِن نَخوَةٍ أَنتَ بِت

فَظَلتُ أَســــعى خَلفَهُ لاثِماً       آثارَه ذُلاً فَلَــــم يَلـــتَفِت

فَكُلُّ مَــن لامَ عَلـــى حُبِّهِ       لَمّـــا رَأى صَبري عَلَيهِ بُهِت

إبراهيم طوقان ـ سهاد المحب

مسَّــهدون وَهُم حَيرى مَحاجرهم       تَنوطهـــا بِنُجوم اللَيل أَســبابُ

أَن يَخْـبُ للحُـبِّ في أَكبادهم قَبس      سَـقَتهُم مِن شَــراب المهل أَكوابُ

وَكَيفَ يَبغون عَن نار الهَـوى حِوَلاً     وَعِندَهُـم قاصِرات الطَـرف أَترابُ

يحي بن زياد الحارثي ـ الجدُّ والهَزْل

لا خـيرَ في الهـَـزْلِ فاترُكْهُ لطالِبِهِ     واهرُبْ بعِرْضِكَ منهُ أوشـَكَ الهَرَبِ

للجدِّ ما خُلِقَ الإنسـانُ فالتَمِســـَنَّ     بالجــدِّ حظَّـك لا باللهـوِّ واللَّعِبِ

لا يلْبَثُ الهزلُ أن يجـــني لصاحِبِهِ    ذمـَّاً ويُذْهِبُ عنه بهجـــةَ الأدبِ

   

اعلى الصفحة