الولايات المتحدة الأمريكية - زمن سقوط من السماء

السنة الثالثة عشر ـ العدد 152 ـ (شهر شوال 1435 هـ)آب ـ 2014 م)

بقلم: الشيخ محمد قبيسي

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

تتزايد العلاقات الدولية تعقيدا بشكل لم يشهده العالم من ذي قبل. الدول أقل انغلاقاً واستقلالية وأكثر تشابكاً وتداخلاً. الحدود الجغرافية تتراجع أهميتها لصالح الاقتصادات والشبكات الأمنية العابرة.. الإعلام الفضائي يجتاح الحدود ليصنع الرأي العام داخل الدول.. الإعلام الالكتروني يعبر المجتمعات ويختطف الهويات الثقافية ويفرض شكل الحياة ومضمونها.

في ظل هذا المناخ المعولم البالغ الخطورة تبرز الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر موجه ومستثمر في كل هذه المجالات، وصاحبة أكبر وأوسع القدرات والخبرات، وتمتلك أكثر من 700 قاعدة عسكرية برية وبحرية عبر العالم، وتتحكم بالسياسة الدولية وبحركة التجارة العالمية، ولديها أضخم تجمع للعقول ومراكز البحث، وصاحبة أضخم وأقوى اقتصاد وقدرة مالية في العالم، مما يجعلها قادرة على التحكم والسيطرة، لقد بلغت الولايات المتحدة قدرة لم تبلغها أي دولة في العالم.

السيطرة على الشرق الأوسط

حيث تمثل منطقة الشرق الإسلامي الموطن التاريخي لحركة النبوات والرسالات واعرق الحضارات، وتحتفظ بقوة كامنة يمكن أن تكون منافسة للغرب، وحيث تشكل شريانا حيويا نفطيا وتجاريا للعالم، فقد عمل الغرب وبريطانيا سابقا، وأمريكا لاحقا على تحقيق السيطرة التامة على هذه المنطقة، ومنع شعوبها من امتلاك أسباب النهوض والقوة والتقدم، وبذلك يمكن للولايات المتحدة بناء إمبراطورية عظمى تسيطر على العالم كله.

من أجل هذا الهدف قامت الولايات المتحدة وقبلها بريطانيا بتنفيذ خطط وبناء شبكة من العلاقات والمعاهدات والقواعد، ولكنها قد قامت ببناء ذلك كله على أساس التالي:

1. تحويل إيران الإمبراطورية الفارسية الشيعية البائدة إلى قاعدة قوية لها، بهدف حماية نفط المنطقة وإبقائه تحت سيطرتها، ومنع السوفييت من الاقتراب من المياه الدافئة، ومنع أي بوادر نهوض في إيران والمحيط، والعمل على اجتثاث الإسلام فيها من الوجود، وإلحاقها كليا بالغرب

2. تحويل تركيا الإمبراطورية العثمانية السنية المتهاوية إلى قاعدة ثانية لها، بهدف حماية مصالحها في المنطقة، ومنع السوفييت من الاقتراب من المياه الدافئة، ومنع أي بوادر نهوض في تركيا والمحيط، واجتثاث الإسلام فيها كما في إيران، وإلحاقها بالغرب.

3. احتلال فلسطين ومسجدها الأقصى الشريف، وطرد أهله منها، وتحويلها إلى أكبر وأهم وأقوى قاعدة عسكرية إسرائيلية أمريكية في المنطقة، بهدف تأمين وحماية المصالح الأمريكية والغربية، ومنع أي نوع من أنواع النهوض لشعوبها ودولها، خاصة دول الطوق المحيطة بفلسطين "مصر وسوريا والأردن" عبر التوسع والبلطجة وعبر إشعالها بالأزمات والحروب وتطويقها بالمعاهدات والاتفاقيات العسكرية والأمنية، لتبقى مستكينة خاضعة ومستلبة الإرادة.

طريق الخيبة

سقطت إيران الشاه وانتصرت الثورة الإسلامية وأصبحت إيران قاعدة استنهاض إقليمية عظمى لشعوب العالم الإسلامي، وقد أخذت على عاتقها بشكل جاد العمل على تحرير شعوب المنطقة من الهيمنة الأمريكية المستحكمة كمرض عضال، والإسرائيلية التي تهدد المنطقة برمتها، فقامت بدعم حركات التحرر والمقاومة في فلسطين ولبنان وفي الكثير من دول العالم، وسرعان ما أخذت تؤتي هذه الحركات أكلها وتحقق انتصارات باهرة خاصة في فلسطين ولبنان، وهو تغير من شأنه أن يسلب المنطقة استقرارها وهدوءها ريثما تستوي على الجودي.

لقد شعرت الولايات المتحدة ودول الغرب باكراً بالخطر من وجود إيران وتصديرها للثورة، ما دفع بها إلى المواجهة على مراحل:

في المرحلة الأولى: قامت بمواجهة إيران ومحاصرتها، عن  طريق دفع العراق وبدعم من السعودية ودول النفط إلى محاولة احتلال منطقة خوزستان العربية، وصولاً إلى تقسيم إيران وإجهاض الثورة، وقد استمرت الحرب ثماني سنوات وانتهت في عام 1988، ولكن إيران التي خرجت من الحرب منتصرة رغم الجراح، عملت سريعا لاستعادة عافيتها، ولتكون دولة إقليمية قوية في أقل من عشر سنوات، وفي جعبتها تجربة عسكرية عظيمة وفريدة.        

في المرحلة الثانية: وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام  1991، قامت بإنشاء مزيد من القواعد العسكرية في "السعودية وقطر والكويت والبحرين وعمان" كما قامت بذريعة واهية وانطلاقاً من هذه القواعد بفرض حصار اقتصادي ونفطي من خلال برنامج "النفط مقابل الغذاء" وهو برنامج دولي جائر حول العراق إلى دولة جائعة وخائرة، وقد استمر لفترة اثني عشر عاماً قبل أن تهاجم العراق وتحتله ومعها القوات الغربية عام 2003، في حرب إستباقية هدفت إلى محاصرة إيران ومنعها من دعم الثورة القائمة في العراق والسيطرة عليه كخزان نفطي إستراتيجي. وبالمقابل فقد راحت إيران تتابع عملها في دعم فصائل المقاومة هناك إلى أن خرجت القوات الأمريكية عام 2012 من العراق، مقرة بالهزيمة، وإيران التي تتابع بمثابرة وجدارة برامجها في الصناعات النووية المدنية، وتعمل على تطوير صناعاتها وقدراتها العسكرية المتعاظمة، تعرف كيف تذيق الولايات المتحدة طعم الخيبة، وتشعرها بالقلق المتزايد والخوف وانعدام اليقين.

في المرحلة الثالثة: وحيث أدركت مبكراً فشلها في العراق، توجهت لتعوض خسارتها عبر دفع إسرائيل عام 2006 للقيام بحرب لتحطيم رأس حزب الله في لبنان، وقد انتهت الحرب دون أن تحقق أي مكاسب، فيما استطاع حزب الله أن يحقق انتصاراً إلهياً مدوياً مرعباً في دلالاته لإسرائيل وللغرب على حد سواء، مع تزايد مطرد لقوته الصاروخية. وفي العام 2008 دفعت إسرائيل بقواتها نحو مدينة غزة لتلوي ذراع المقاومة الإسلامية هناك، ولكن أيضا دون جدوى، وخرجت غزة الصابرة أقوى، وعاد الأمريكيون يجرون أذيال الخيبة.

العجز والتخريب

في المرحلة الرابعة: أدركت الولايات المتحدة الأمريكية عدم قدرتها على البقاء طويلاً في العراق، وعن عجزها عن تحقيق أهداف سياسية عبر تنفيذ تهديداتها في لبنان وفلسطين، فقررت تخريب (المنطقة الصلبة) التي يمتد تأثير إيران إليها وهي "العراق وسوريا ولبنان وفلسطين" بحرائق لا تنطفئ، من خلال حروب بديلة لا يكون فيها لأمريكا وإسرائيل أي دور عسكري مباشر، وعبر إثارة الأزمات في "مصر واليمن والسودان وباكستان وأفغانستان"، قبل أن تنجح إيران في مساعدة هذه الدول وتمكينها من التحرر والخروج من دائرة السيطرة والتحكم الأمريكي والإسرائيلي، بل وإشعال حرائق في جميع دول العالم الإسلامي منعاً لحصول أي نتائج جدية  للانتفاضات هناك، وخوفا من تغييرات كبرى في كل العالم الإسلامي. وكان الهدف الأمريكي الأساسي من كل ذلك:

1. حماية ما تبقى من هيبة الردع المتآكل وإصلاح ما أمكن من السمعة الأمريكية التي تضررت إلى حد كبير، بحيث انك لا تجد دولة مكروهة لجهة أدائها السياسي والأخلاقي في العالم كله وحتى لدى الغربيين أنفسهم كالولايات المتحدة الأمريكية، لقد أصبحت الدولة الأكثر مكروهية في العالم، وقد خسرت أمريكا على مدى خمس وثلاثين عاما قدرا من بهائها وجلالها، ومن رصيدها السياسي والعسكري والدبلوماسي بما لا يمكنها تعويضه، ولن تستطيع تعويضه.

2. منع إيران من تنامي قدرتها ونفوذها،على مستوى منطقة غرب آسيا، والمقاومة في فلسطين ولبنان، وعلى مستوى العراق وسوريا، وعلى مستوى دول خليج النفط، وعلى مستوى الصحوة العربية والإسلامية المتنامية، من النواحي السياسية والثقافية والعسكرية والاقتصادية.

3. حماية إسرائيل، فبعد أن أصبحت المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين على درجة من الاقتدار والقوة، وبعد أن تعرضت جبهة إسرائيل الداخلية للانكشاف والتخلخل في حرب تموز 2006 فقد باتت تشعر بعدم الثقة من قدرتها على ربح المعركة القادمة، وهو ما يعني وجود خطر جدي على كيانها، ولا ننسى التغيرات السياسية الإيجابية التي تركتها انتصارات المقاومة الإسلامية ضد إسرائي على الساحة العربية والإسلامية.

4. حماية تدفق النفط، وإبقائه تحت السيطرة الأمريكية، لضمان وصوله بالكميات والأسعار المناسبة إلى أوروبا وأمريكا، بعد أن تعاظمت قوة إيران وباتت قادرة على سد مضيق هرمز الممر الحيوي للنفط، وبعد أن خرج النفط الإيراني والعراقي بدرجة كبيرة من تحت السيطرة الأمريكية.

5. حماية الدول الإسلامية الحليفة لها، وخاصة المملكة العربية السعودية الدولة العربية الحليفة الجدية الوحيدة للولايات المتحدة الأمريكية والقادرة على فعل شيء مؤثر عبر المال والفكر الوهابي التكفيري، والتي ليست هي اليوم على ما يرام، وتمر في ظروف غير مستقرة، وتتعرض لأخطر أزمة على مستوى الحكم، في منطقة تهتز من أقصاها إلى أقصاها، أما الدول الباقية فهي ليست سوى فائض جغرافي تعربد فيه أمريكا كقواعد عسكرية للهيمنة والتسلط، وما سوى ذلك فركام من الكرامة المداسة.

6. منع قيام أي صحوة شعبية حقيقية للتحرر من السيطرة الأمريكية والإسرائيلية، فالمنطقة التي تحاول شعوبها التخلص فيه من الاستبداد الذي عانت منه عقوداً طويلة من الزمن، تعلق في أحابيل الاستكبار الأمريكي الذي يعرف كيف يروضها، فهو يستنزفها ويجعلها عرضة للازمات العميقة، فيسفه جدوى نهوضها، ثم يدعوها عبر كذبة الديمقراطية والإصلاح والدعم المالي المشروط  ليعيدها إلى مربع الاستعمار من جديد، فتكون شعوب المنطقة قد رزحت تحت الاستعمار مرتين، مرة عبر الاستبداد، ومرة عبر الديمقراطية.

وهكذا فقد اتحدت إرادة إسرائيل والسعودية وتركيا وبعض دول الخليج (الحليفة لأمريكا) في فتح حرب مذهبية إرهابية تهدم الهياكل والبنى التحتية وتقطع الرؤوس داخل الدول والبلدان الممانعة والحليفة لإيران، بل وغالبية دول المنطقة، بقيادة أمريكا والغرب، وقد كان أهمها الحرب ثلاث سنوات على سوريا، وهي حرب أظهر فيها أراذل العرب  وأمراؤهم على حد سواء كل خسة وعمالة وبربرية، وقد قرنوا ذلك بالإسلام زوراً وبهتاناً، وهو ما فعلوا مثله في العراق، وفشلت الحرب في تحقيق أي تغيير في دور سوريا وحزب الله الذي ساهم فيها، كما فشلت من ذي قبل في البقاء في العراق وتغيير هويته السياسية .

الحزام المشتعل

في المرحلة الخامسة: وحيث حصاد الفشل الذريع في سوريا، فقد قررت أمريكا ومعها السعودية وتركيا كحليفين أساسيين في الحرب على إيران وسوريا والعراق والمقاومة العمل على اقتطاع منطقتين واحدة بين العراق وسوريا في (محافظتي نينوى وصلاح الدين) وفي (محافظات الحسكة والرقة ودير الزور) أما الثانية في إقليم كردستان مع التوسع إلى مدينة كركوك.

 وُضعت الخطط وأعطت أمريكا الأمر وبدأ التنفيذ من قبل البيشمركة بقيادة البارزاني، وداعش بالتحالف مع فلول البعث بقيادة عزت إبراهيم الدوري، بدعم مالي سعودي ونافذة جغرافية تركية. لقد كان للعملية أبعاد وأهداف إستراتيجية أوسع مما هو ظاهر، وبداية لإشعال المنطقة كلها، ولا يقتصر الأمر على إقامة دولة أو دويلات جديدة.

لقد فشلت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها "إسرائيل الغاصبة وتركيا والسعودية" في الحرب على سوريا وإسقاط النظام فيها، فشلاً إستراتيجياً، أمام التحالف الذي تمثله "إيران وسوريا وحزب الله، وإلى حد ما العراق" وقد أفرزت هذه الحرب الكثير من الأزمات لهذا التحالف، إفلاس أمريكي سياسي وعسكري، وعدم قدرة على تعويض الخسارة، خطر من فائض أعداد المسلحين التكفيريين الذين يتقهقرون ويتناحرون في سوريا، وقلق إسرائيلي وتركي وسعودي من وجود هلال عربي إسلامي على حدودها، ومن تعاظم قوته وطموحاته، ومن إمكانية مواجهة إسرائيل لحرب من شأنها تغيير كل المنطقة. وهذا ما دعا أمريكا للانتقال إلى بدائل جديدة، وليست الخطوة التي بدأت في نينوى سوى بداية الحريق الذي تعمل على إشعاله أمريكا وهي لا تدري إلى أين سيصل بها، إن ذلك يعتبر تخطياً للخطوط الحمراء الإيرانية، واستهدافاً لها، وكما أن ما جرى ويجري في العراق غير منفصل عما جرى في سوريا ولبنان وفلسطين سابقاً، كذلك فإن ما يجري في فلسطين اليوم واليمن غير منفصل عما يجري في العراق، لقد أصبح المشهد أكثر وضوحاً، وفلسطين الحبيبة والجسورة بدت أكثر فأكثر حضوراً في تحديد اتجاه البندقية الجهادية للأمة، ومع التماع صواريخ المقاومة في تل أبيب وتعرض مطار بن غوريون للقصف الصاروخي عدة مرات، ومع استدعاء قيادة جيش العدو لأربعين ألف جندي من جنود الاحتياط لديه، تكون قد عادت مسألة تحرير فلسطين والمسجد الأقصى إلى نقطة الارتكاز الطبيعي، وإلى الأولوية رقم واحد، باعتبارها الهدف الأول والمُلحْ الذي لا يقبل التأجيل، وستكون المنطقة كلها حزاماً من نار تشعله المقاومة بدراية وروية وحزم.

ولن يغمض لأمريكا وحلفائها إزاء ما تتعرض له جفن، وستواجه المخاطر المحدقة بمصالحها بسلسلة من الفتن والأزمات والنزاعات حيثما استطاعت ذلك، فالمال السعودي جاهز والخطط جاهزة، والجحافل المخدوعة من حملة بنادق لا تطلق إلا للخلف أيضاً جاهزة لتكون وقوداً لها. لقد فشلت في إسقاط النظام في سوريا وهي الآن تحاول إسقاط النظام في العراق. إن غايتها كما أشرنا آنفاً أن تجعل المنطقة الصلبة والممانعة من إيران إلى فلسطين مشتعلة وغير قابلة للحياة، مشغولة بنفسها  وبتذبيح أبنائها، ولتبقى إسرائيل الفتاة المدللة بخير، يبخرها الحكام العرب ويطلبون ودها صباح مساء، وحتى تستمر أمريكا بالسيطرة على النفط، وتبقي إيران والشعوب المنكودة في منطقتنا في حالة ضعف، رهينة للعصبيات، غير قادرة على التأثير، بعيدة عن فلسطين والجهاد في سبيل تحريرها.

لقد بلغت المنطقة مرحلة من الصراع المستميت بين إيران وحلفائها، وبين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، فإما سقوط إيران المقاومة والتجديد للاستعمار الأمريكي المستديم، أو تحرير المنطقة من النفوذ والهيمنة الأمريكية والإسرائيلية إلى الأبد. فالمنطقة تمر في مخاض كبير وعسير، فإما أن يفضي إلى ولادة شرق أمريكي إسرائيلي متجدد، وإما أن يفضي إلى شرق إسلامي حر ومستقل، وإنه من الخيار الأخير غير بعيد.

سيلف الطغاة المنطقة بصنوف الحروب الخداعية، فكونوا على حذر، إذ من غير المتوقع أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية وبعد أكثر من ثلاثين سنة من التراجع والفشل بصدد إعلان نهاية النزاع، وكذلك فإن من غير المتوقع أن تكون إيران المتمسكة بمواقفها المحقة والعادلة والثابتة تجاه فلسطين وتجاه شعوب المنطقة وقضاياها، قد عقدت العزم على الإذعان والتراجع، وهي إذ تحقق النجاحات وتقدم النموذج في المقاومة المستقيمة والشجاعة والحكيمة، وتتحمل بصدق كل التبعات، ستكون أكثر إقداماً وشجاعة، وأكثر قرباً من تحقيق النهاية الطيبة لهذا الشرق العظيم، فهذا زمن سقوط المستكبرين من السماء، وصعود المستضعفين إلى السماء وإن السقوط يبدأ من العقيدة والدوافع الباطنية: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾(الحج: من الآية31).

وما دام أن أمريكا وحلفاءها هم الذين يخسرون ويندحرون مرة تلو أخرى، فنحن واثقون بالغد المشرق لهذه الأمة، ولا نقول إلا قول الله تعالى في القران الكريم حكاية عن ما جرى في قصة النبي(ص) وصاحبه أبي بكر، حيث تربصت قريش بالنبي شراً، وهما في غار ثور في مكة المكرمة ﴿إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(التوبة:40).

نحن الآن في مرحلة الثبات، وفي الشوط الأخير من مقاومة المسلسل الاستكباري الأمريكي الطويل، والنصر سيكون حتماً حليف المسلمين المجاهدين الذين وعدهم الله بالنصر، الغيارى على الإسلام المحمدي الأصيل، النقي غير الملوث بالتطرف والإرهاب، ولن يكون النصر للمستحمرين لأمريكا وإسرائيل حتماً، وستكون نهاية الولايات المتحدة الأمريكية الهلاك كما هو مصير الطغاة دائماً، وإن غداً لناظره لقريب. ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾(الأنبياء: 105).  

اعلى الصفحة