السنة الثالثة عشر ـ العدد 152 ـ (شهر شوال 1435 هـ)آب ـ 2014 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

نحو ضفاف الروح

(أنشودة للسؤال‏)

لماذا إذا أوصد الليلُ بابيَ‏.. والذكرياتُ استبتني‏

وحرَّقني في الظلام قميءٌ‏ ليسمع آهي ويُخرس لحني‏..

وداس فؤادي زحفُ الجرادِ‏..

وساءلَ شيبيَ ثغرٌ فتيٌّ‏: لماذا هو العمرُ يمضي احتراقاً‏؟..

لماذا يفتَّتُ صبرُ الفؤادِ‏.. وتذوي على الرملِ أحلى السنينْ‏؟..

لماذا إذا داهمتني الظنونْ‏!...

تذكّرتُ معنى فناء الحبيب‏ بذات الحبيبِ،

ومعنى التحام السواقي‏ ومعنى اعتناق الغصونْ‏؟..

وأقعد عند ضفاف شبابي‏

أراقبُ قافلةً من سنينٍ‏ زُرعنَ كحباتِ قمحٍ بتلك الروابي‏..

وكانت نوافذُ العمرِ تُشرَعُ في‏ المساءِ وتُسلمني الضفّتينْ‏

فأبحرُ نحو الأقاصي‏ التي ما استبتها الظنونْ‏..

وتاهتْ عيونيَ في الأفقِ‏.. هرولَ وجهيَ خلفَ خطايَ‏..

أفتِّشُ عن نخلةٍ ما سقاها غثاءُ‏ بل الطلُّ روّى وأسقى الغصونْ‏..

فهفهف قلبي اشتياقاً‏ لجذوةِ جذعٍ يلوحُ وحيداً‏

هفوتُ إليهِ، حنوتُ عليهِ‏ بدفقة حبّي، بلهفةِ طيرٍ حنونْ‏..

التفَتُّ ورائيَ‏.. كانت ضفافُ الروحِ تمحو خطايَ‏..

وتنثر في الريح دفتر عشقٍ فريدْ‏..

تطاردني مثل ذئبٍ تحاصره‏ فوهات الحديدْ‏..

ويبحثُ عن مكمنٍ مؤتمنْ‏ ليرخي الجفونَ التي أحرقتها‏ ليالي الشجنْ‏..

وتُولم للقادمين مآدب عشقٍ مريبٍ‏.. فلوّحتُ بالساعدينْ‏.. سلاماً،

ألا أيها الحاقدونَ‏.. سلاماً، أبالحقد ترفع دار الوطنْ؟‏

وأقعد عند ضفاف شبابي‏.. أفكّر هل كان ما كانَ وهماً ولمح سرابِ‏..

غداةَ الضفافُ تحاصرُ ذئبَ الفلاة الجريحِ‏ وترميهِ من حالقٍ للمحنْ‏..

لماذا ضفافي تحاصرني‏ واستجرتُ بصفصافها‏ من عوادي الزمنْ‏؟!!..

وكيف تقلِّبُ لي في أماسي الغياب‏ المريرة ظهر المجنْ‏..

أحقّاً ضفافي خرائبُ دمعٍ هتونْ‏؟..

محالٌ!!‏ ضفافي البنفسجُ والياسمينْ‏.. ضفافي التألّق والزيزفونْ‏

ضفافي الأماني العِذابُ‏.. الشباب العصيّ، الملاذ الأمينْ‏..

ولكنّها حاصرتني عشيّ انكساري‏.. وما كان عذراً لديها جنوني‏..

وأنّي أحمل في الصدرِ دفءَ‏ الفرات وعطر الفراتِ‏

وشوقُ الشواطئ يحنو‏ على مقلتي في ليالي عثاري‏.

وأقعدُ عند ضفافِ شبابي‏ فيسألني الصحبُ: أين الطريقْ‏؟..

فأبكي وأبكي لأنّ الدليل‏ أضاعَ الطريقْ‏..

وأشتاق للصدق في صوت الحبيب‏.. لدفء يعشش عند ضفاف الروح..

وأسرجُ خيليَ مجنونةً للرحيلِ‏.. تحمحمُ مسغبةً للصهيلِ‏

وكانتْ شموسي تغيبُ التياعاً‏.. فأدخل كهف الظلامِ الملولِ‏

فألمح في آخر الأفق وجهاً‏ كنجم الشمال العصيّ الأفولِ‏

يبشّ بوجهي‏ يؤانسني حين يزهر في القلب حزنٌ‏

ويذبل في الليل ضوء الشموعْ‏..

يكركر في قاع قلبي‏ ويرشد خطوي لدرب الرجوعْ‏..

لماذا إذا أوجع الليلُ قلبيَ؟؟.. لماذا إذا زاحَمَ الفأرُ دربي‏؟؟

تذكرتُ معنى فناءِ الحبيبِ‏ بذات الحبيبِ‏..

ومعنى اعتناق السواقي‏ ومعنى غياب المحنْ‏.. ومعنى ائتلاق الوطنْ‏؟ 

اعلى الصفحة