اللوحة الثانية: جداريات

السنة الثالثة عشر ـ العدد 149 ـ (رجب 1435 هـ) أيار ـ 2014 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

الصفحة الأولى عبرة الكلمات

ذاكرة

قلبي فاض به الحزنُ.. حدَّقتُ ملياً.. كان الشعر ملاذي.. والذكرى زادي.. قلبي محترقٌ بالوجد.. وروحي عائمةٌ في ماء الماضي.. ها أنذا أجلس في صمتي.. أتحدث مع أطيافٍ تمطرها الوحدة باستمرار وأمد يدي.. ألمِسُ وردَ الذكرى.. تعبُقُ رائحةُ الأيامِ المرة.. تمتلئُ الوحدةُ بوجوهٍ ضاعت وسط غبار الأعوام أنظر في الأعينِ.. لا أتذكَّرُ اسماً أو أحداً.. أتساءل من أغواكم بالقفز إلى ذاكرة أتعبها النسيان.

وهم الطفولة

بَيْنَ قَوْسَيْنِ‏ مِنْ شَجَرٍ وَسَحابٍ‏.. يَعودُ المَساءُ إلى البيتِ..‏ قنطرةٌ تُقفلُ راجعةً إلى شرفة البناء القديم.. أُغلِقُ البابَ‏ خَلْفَ ذكرياتي الشبابيّة‏.. تغْزو الحِكاياتُ وَهْمَ الطفولةِ‏ أمامَ المواقِدِ‏.. أَنْعَسُ‏.. آكُلُ عنباً وتيناً‏.. أنامُ‏.. أأنامُ الآنَ..؟‏.

إرادة

أريدُ أن أرقُبَ ولادةَ نجمكِ في برج قلبي لأنعم بسنا ابتسامةِ الفجرِ على محياكِ الفريدْ.. وأرعى طقسَ انبجاسكِ للحياةِ ليعود الخفقُ في حنايايَ من جديد.. وتريدين أن تحلِّقي في فضائي وأنا الآن لا أملك سوى ما ينقصُ من الوقتِ ولا يزيدْ.. أنا أريدُ.. وأنتِ تريدينَ.. والله يفعلُ ما يريد.

حضورٌ في غياب

نَوَافِذُ مُشْرَعَةٌ في سَدِيْمِ الحُلم... لُغَةُ العُبُورِ تَمَزَّقَتْ‏ وَتَشَابَكَتْ فِيهَا الحُرُوفُ..‏ تَحَجَّرَتْ كُلُّ الجُذُورِ..‏ فَلَمْ تَعُدْ تَرْبُوْ بِهَا أَرْضٌ..‏ وَلَمْ يَخْضَرَّ غُصْنٌ..‏ كُلُّ مَا نَلْقَاهُ يَحْتَرِفُ التَّخَفِّي..‏ لا ثَبَاتَ لِمَا نُشَاهِدُهُ..‏ حُضُورٌ في غِيَابٍ‏ أَوْ غِيَابٌ في حُضُورٍ.

لغةُ العبور

لُغةُ العبورِ محيطةٌ بالكونِ..‏ كلُّ جذورِها وصلتْ‏ إلى كبدِ الحقيقةِ..‏ كلُّ شيءٍ راسخٌ..‏ والليلُ لا يمحو النهارَ..‏ وكلَّما حلَّ الرَّبيعُ ستزهرُ الأشجارُ..‏ والأعمى يُخالفُ في طريقتِهِ البَصيرَ..‏ وكمْ مَلأْنَا مِنْ فراغَاتٍ‏.. لكن.. لا تزالُ هُناكَ مساحةٌ‏ بيضاءُ‏ لَيْسَتْ‏ مُشْبَعَهْ!.

عاشق

هناك‏ نداءٌ أعبرُهُ ويعبرني‏.. رصاصٌ معرَّفٌ ‏وسقوطٌ يأتيني لأنساه‏ُ.. أنا أيضاً‏ لا أستطيع إلاّ أن أكون جبلاً مثَلَ مقاومٍ‏ لأتعلَّمَ الدعاءَ‏ وكيف أشتعل.. أنا‏ متَّهمٌ بهدفي.. وبإضاءةٍ‏ قضمت سلاحنا العميق.‏. بمقاومةٍ لا أُنكِرُها.. لكنني عاشقٌ حدَّ الثمالةِ فماذا أصنع؟.

شمس‏

فاجَأَتْها الفراشاتُ باكيةً‏ تشهقُ بنهرٍ من الدمعِ‏ مقهورةً‏ فامتطتْ صهوةَ البحرِ‏ ثمَّ انْثَنَتْ غاربَهْ‏ داهمَتْني،‏ وكنتُ على شرفةِ الحلمِ‏ أُزجي النجومَ‏.. فجَّمَعْتُها، ثمَّ جازفْتُ:‏ أُفْرِدُها كي أرتِّبَ أحزانها وفقَ روحي‏ فجاءَتْ على هيئةِ الشمسِ وضَّاءةً لاهبَةْ‏.

أحلام

حين أضَعنا وجوهَنا الجميلةَ بقينا بلا ملامح, مشدودينَ إلى الحلمِ القديمِ وبيوتِ الطين التي نبنيها وحين يأتي موجُ البحر يُلغيها، نبني في الغدِ بيوتاً أجمل.. الآنَ ما عادتْ لدينا أحلامُ الطفلِ وتفاؤلُه وقدرتُهُ على انتظارِ الغد، صارتِ الأيامُ ثقيلةً, تحمِلُ في طياتها المجهولَ الذي لا نعرفه, ولولا إيمانٌ عميقٌ راسخٌ ورضا بالقدرِ.. خيرِهِ وشرِهِ.. لانغمستِ الروحُ في بحورِ الألم.

الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي

ابن جُبير ـ المشتكى لله

رأى الحُزنُ مَا عِندِي مِنَ الحزنِ والكَربِ        فَرُوِّعَ مِن حَالِي فَلم يَســتَطِع قُربِي

وأظهَــرَ عَجزاً عَن مُقَاوَمَة الأسَــى        وأيقن أنَّ الخَطبَ أعظَمُ مِــن خَطبي

وقال التَمـِس غَيرِي لِنَفسِــكَ صَاحـِبا       وَقُل لِلرَّدى حَسبي بَلغت المَدى حسبي

فَقُلتُ وَهَـــل يَكفِينيَ الوَجــدُ صَاحِبا       وكَيفَ وَمَـا بي قَد تَعَدَّى إِلى صَحبي

فَلمّــا انتَهَت بي شِــدَّتي في مُصِيبَتي      وَبَرَّحَ بِي يَأســي رَجَعتُ إِلى رَبِّي

فاســـتَنشِـقت رَوحَ الـرِّضَى بِقضَائِهِ       فَنَادَيتُ يَا بَردَ النَّســــِيمِ عَلى قلبِي

إِلى الله أشـــكُو بِالـرَّزَايَا وَفِعلِهــا       فَقَد كَدَّرَتْ شِربِيَ وقَد رَوَّعَتْ سِـربِي

ابن أبي البِشر ـ جريُ الأقدار

إن الأمــورَ على الأقـدار جـاريةٌ       وكلُّ ذي أمـلٍ يســعى إلى أَمَدِ

جــادَ الزمـان على هذا وضنّ على       هذا، فأصبح لا يخلــو من الكمدِ

ابن مجاور ـ فقه الإفلاس 

صديقٌ قال لـــــي لَمّــا رَآني       وَقــد صَلَّيتُ زُهـــداً ثمَّ صُمتُ

على يـدِ أيّ شــيخٍ تُبتَ قُـل لي        فقلــتُ علــى يـد الإِفلاس تُبتُ

       

إبراهيم بن عباس الصولي ـ السَّفرُ الرزق

إِنّـي اِغتَرَبتُ أُرَجِّــي أَن أَنال غنىً      وَلَــم أَكُـن أَوّلَ الـفِتيان مُـغـتَرِبا

فَإِن رَجَــعتُ وَلَــم أَرجِـع بِفائِدَةٍ       فَلَســـتُ أَوّلَ مـَنْ أَخطـاهُ ما طَلَبا

وَكَيفَ بِالرِّزق لــي أَم كَيف يَجـلِـبُه     سَــعيٌ إِذا اللهُ لَـم يَجعَـل له سَـبَبا

لَو شــــاءَ رَبّي أَقَمنا في مواطِننا       حَتّى يَســــــوق إِلَينا رِزقَنَا جَلَبا

ابن دُريد الأزدي ـ الدهر والباء

لَن تَســــتَطيعَ لأمـرِ اللهِ تَعقيبـا       فَاِسـتَنجِدِ الصَبرَ أَو فَاِستَشعِرِ الحوبا

وَاِفزَع إِلى كَنَفِ التَسـليمِ وَاِرضَ بِما       قَضى المُهَيمِنُ مَكروهـاً وَمَـحبوبا

إِنَّ العَـــزاءَ إِذا عَـزَّتهُ جائِحَـةٌ        ذَلَّــت عَريكَتُهُ فَاِنقــادَ مَجـنوبا

فَإِن قَرَنتَ إِلَيهِ العَـــزمَ أَيَّـــدَهُ        حَـتّى يَعـودَ لَـدَيهِ الحُزنُ مَغلوبا

فاِرمِ الأَسـى بِالأُسى يُطفي مَواقِعَها        جَمراً خِلالَ ضُلوعِ الصَدرِ مَشبوبا

مَن صاحَبَ الدَهـرَ لَم يَعدم مُجَلجِلَةً         يَظَلُّ مِنهــا طِوالَ العَيشِ مَنكوبا

ابن رُزيق ـ رجاء

أرى السـماءَ ترضُّ الأرضَ بالمطرِ       والبرق بالومض يرمى الجوَّ بالشررِ

والرعدُ زلزلَ ركنَ الأرضِ مـدفعُهُ       والناسُ بالباس بين الأمــن والخطرِ

هل أنت مولايَ مـن غيمِ النوالِ كما       أرجــوك تُتْحِفُ سَقْياً روضةَ الفِكَرِ

ويصبح الثغـــرُ بالآلاء مبتسِــماً       كما تبسَّـــمَ ثغرُ الأرضِ بالزهَرِ

الشريف الإدريسي ـ الجار والدار

لَيتَ شِـــعري أَين قَبري       ضاعَ في الغُــربَةِ عُمري

لَم أَدَع للعينِ ما تَشـــتاقُ       فـــي بَرٍّ وَبَحـــــرِ

وَخَـبِرتُ الناسَ وَالأَرضَ         لَــدى خَيرٍ وَشَــــرِّ

لَـم أَجِـد جـاراً وَلا داراً        كَمــا فــي طَيّ صَدري

فَكَأنـــي لَــم أَسِــر        إِلا بِمَـــيتٍ أَو بِقَفــرِ 

  

اعلى الصفحة