مؤسسة الأزهر والتقريب بين السنة والشيعة

السنة الثالثة عشر ـ العدد 148 ـ ( جمادى الثانية 1435 هـ) نيسان ـ 2014 م)

بقلم: الدكتور الشيخ محمد شقير(*)

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

لا يخفى على أي متابع الدور الكبير الذي قام ويقوم به الأزهر الشريف وعلى مدى عقود متطاولة في التقريب بين المذاهب الإسلامية، وفي مواجهة الفتنة المذهبية، التي يراد لها أن تستعر بين السنة والشيعة، وقد تعاون الأزهر الشريف في ذلك مع العديد من الحوزات العلمية والمرجعيات الإسلامية سواء في النجف أو قم.

لقد تميز الأزهر بدوره في نشر الإسلام الوسطي ومواجهته لتلك الأفكار التي تدعو إلى الفرقة والتنازع والتعصب ورفض الحوار والتحريض والتهميش والعنصرية، بل القتل بسبب الاختلاف في الرأي المذهبي وفي فهم الإسلام.

كان الأزهر وما زال إحدى ركيزتين تشكل مع المرجعيات الإسلامية في النجف وقم ضمانة للجم الفتنة والتقريب بين المسلمين وتصحيح المسار وتصويب أي مسعى أو موقف قد يكون ضاراً بالوحدة بين المسلمين وجمع شملهم.

لكن، خوفاً على الأزهر الشريف من الضغوط التي تمارس عليه ومن حوله، وحرصاً على هذه المؤسسة العريقة والأصيلة وعلى دورها الرائد، أجد من الضروري الإشارة إلى جملة من النقاط التي ترتبط بما طرحه الأزهر الشريف، وتحديداً الرسائل التي بعث بها الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف إلى مراجع المسلمين الشيعة في العراق وإيران ولبنان .

هذه المبادرة تدل على غيرة على المسلمين ووحدتهم وعلى حرص كبير في مواجهة رياح الفتنة والتفرقة التي تعصف بالبلاد والمجتمعات الإسلامية، لكن لا بد من الالتفات إلى ما يلي:

أولاً: إن ما ينتظر أن يكون عليه الأزهر هو القلعة لجميع المسلمين وليس فقط لمذهب دون آخر.

ثانياً: إن الأزهر الشريف أكبر من أن يأخذ ببعض تلك الادعاءات حول اختراق شيعي لمصر أو غيرها، أو أن يُدفع للانخراط في تلك الموجة المفتعلة لأخذ المنطقة إلى الفتنة المذهبية.

ثالثاً: هناك مخطط يعمل على تضخيم أي حادثة بين السنة والشيعة و على إحياء الخلافات القديمة وتحويلها إلى متاريس مذهبية ووقوداً للفتنة، وهنا تصبح مسوؤلية المؤسسات الدينية أكبر في تفنيد أية محاولة من ذاك القبيل.

رابعاً: إن الفضائيات التي تعمل لإشعال الفتنة والحروب بين المسلمين ليست فضائيات شيعية أو سنية، بل هي فضائيات فتنوية، إما بسبب من جهل أو لارتباط مشبوه، ولذا لن يكون صحيحاً احتساب بعض تلك الفضائيات على الشيعة أو على السنة لأن هذا الأمر سوف يسهم في المساعدة على الفتنة، والنفخ فيها، بل ينبغي أن يكون الإسلام الوسطي سنياً كان أو شيعياً في مواجهة كل أدعياء الفتنة بمعزل عن اللباس المذهبي الذي يتلبسون به.

خامساً: أما في موضوع سب الصحابة أو السيدة عائشة أم المؤمنين، فإن موقف المرجعيات الإسلامية الشيعية واضح في هذا الموضوع من حرمة هذا الفعل والتحذير منه، وخصوصاً في هذا الزمن الذي علا فيه صوت بعض الجماعات المذهبية التي تقوم على تكفير شيعة أهل البيت والعداء لهم، والتفرقة بين المسلمين وضرب وحدتهم وزرع الفتن بينهم.

سادساً: إن مشكلة إيران مع الولايات المتحدة وحلفائها العرب أنها لم تقبل بترك فلسطين, وما إثارة ادعاءات التفريس والتشييع إلا لتكون وسيلة لإضعاف محور المقاومة في المنطقة وفي صلبه إيران، كي ترتاح إسرائيل من التهديد الوجودي الذي بات يشكله لها ذلك المحور.

سابعاً: هل يستقيم أن نطالب إيران بعدم التدخل في الشوؤن الداخلية للدول وعلى رأسها البحرين، وفي المقابل نطلب من أصحاب القرار في إيران إعطاء حقوق المواطنة كاملة لبعض المواطنين الإيرانيين، فما الذي تفعله إيران في موضوع البحرين إلا أنها تطالب بالأمر نفسه لشعب البحرين بإعطائه حقوق المواطنة كاملة، فكيف لنا أن نعتبر مطالبتنا إيران بإعطاء حقوق المواطنة كاملة نصحا لها، في حين أن مطالبة إيران لبعض الدول بإعطاء حقوق المواطنة كاملة تدخلاً.

إن ما ذكرناه هو من باب الحرص على الدور الوسطي الذي تقوم به مؤسساتنا الإسلامية في الوحدة والتقريب، وخصوصاً الأزهر الشريف، وتأكيداً على ضرورة الاستمرار في هذا العمل الوحدوي والنهج الوسطي، دون التأثر بأية عوامل أو ضغوط تدفع للابتعاد عن ذلك  النهج وأهميته.

عضو المجلس المركزي في تجمع العلماء المسلمين(*)

اعلى الصفحة