السنة الثالثة عشر ـ العدد 148 ـ ( جمادى الثانية 1435 هـ) نيسان ـ 2014 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

ولادةٌ عسيرة..

جاءتْ مُبَشِّرَةً تقولُ:‏ سيولَدُ الإنسانُ من رَحِمٍ لِحزنِنا في الكتابْ‏..

وستولدُ الأسطورةُ الأولى بذاكَ اليومِ‏ قبلَ شروقِ منفانا‏ ببحرٍ أو سرابْ‏..

قالتْ مبشِّرةً سيولدُ!!

غيَر أني لم أُصدِّقْ وقتَها‏ فَجَنِيْنُنَا لا يبتدئ‏ إلا إذا ابتدأَ الحسابْ.‏

لم نكنْ يا بحرُ إلا شاهدينَ على المدائنِ‏ وهي تُخرجُ آخرَ الشعراءِ عن دينِ القصيدةِ،‏

لم نكنْ إلا سبايا!! ما الذي اغتالَ الشروقَ؟‏

ومن تآمرَ ضدَّ إنسانِنا‏ كي نراهُ متعريَّاً أمام الأحزانْ؟!

أيها الإنسانُ قد يمضي بنا العمرُ القصيرُ ولا نَفِيكْ‏..

أيها الإنسانُ إنْ قالتْ خبايانا:‏ اصطفوا الخلَّ الوفيَّ سنصطفيكْ‏..

وكفى دليلاً للمحبَّة أنه‏ ما ردَّ موتكَ عنكَ غيرُ الموتِ فيكْ..  

لن يكملوا أنشودةً أخرى،‏ ولن نلجَ المدى إلا إذا خَلُصَ المدى‏.. هل ذاكَ حتفُ الريحِ؟‏!.. إيَّانا وإيَّاكمْ فُطمنا قبلَ أعوامٍ‏.. احتكمنا للبنادقِ وقتها‏ لكنها ذابتْ حياءً.‏.

آهِ ما أعلى جنوني حين يهذي العمرُ!!

مرَّتْ كالخيولِ رسائلٌ‏ تحكي عن البشرِ الذينَ أحبُّهمْ،‏

وأحبُّ أن تسمو الحقيقةُ في أصابعهمْ،‏ وأن يتشكَّلوا كالأبجديةِ من جديدْ‏..

خدَّاعةٌ قالتْ: سيأتينا وليدٌ في البريدْ‏..

خدَّاعةٌ‏ نسيتْ بأنَّ الحلمَ شاعَ كأصدقائي‏ ثمَّ صبَّرهُ الجليدْ‏..

تلكَ المدائنُ تاجُنا‏.. شمخَ المغني..‏ إنها أسماؤنا..‏

صمتَ المغني‏.. أَخرجتْ حكَّامنا‏.. طقَّ المغني‏ ثم باعوا لحنهُ‏.. فبدأتُ بحثي..

كانَ قبلَ الجسرِ معتقلٌ‏ وبعدَ الجسرِ شاويشٌ‏ وبين الضفتينِ مخيَّمٌ‏.. وواصلتُ بحثي‏..

كيفَ أدخلُ برزخَ الإنسانِ‏ والتاريخُ يشغلُ نفسهُ بزيارةٍ لفلانَ؟!

كيفَ أُفَجِّرُ الذكرى‏ وطيبُ القلبِ ذابَ مع الجرائدِ‏ في شرابِ الصبحِ؟!..

تابعتُ المسيرَ‏ وجدتُ نفسي غيرَ ما كانتْ عليهِ!!..

فقلتُ للمرآةِ:‏ هل ما زلتُ أجملَ من تراثي؟‏

غَصَّتِ المرآةُ،‏ أخفتْ دمعها،‏ وتوجهتْ نحوَ الهبوطِ،‏ وكسَّرَتْ أوصالها‏ فبقيتُ وحدي‏.. وحدها عرفتْ بأني‏ لم أَعُدْ ضدَّاً لضدي‏

لم أعد ـ فيما رأتْ ـ‏ إلا حكايا تُضحكُ الأطفالَ‏.. والأطفالُ أطولُ قامةً من وردِ قَدِّي‏..

يا ذا الإنسانُ تُقنا لكْ‏.. ورداً لمنْ صانكْ..‏ ومليكَنا المرصودْ‏ إنْ خاننا خانكْ‏

هي رؤيتي لملامحَ امتدتْ إلينا من جدودٍ‏

كان إذْ جاءَ الصباحُ‏ يهبُّ فينا الكرْمُ، والتفاحُ، والفأسُ النبيلُ..

وكان ينهضُ في ثيابِ أطفالنا‏ غزلُ البيادرِ..‏

غَيَرَ أنَّ الهمَّ ألبسنا عباءتهُ،‏ وسيَّرَنا إلى اللاشيء منفصلينَ‏ في نزقٍ وطينْ‏..

أيها الإنسانُ أنت أحلانا‏.. وإنْ مرَّتْ وِصاياتٌ‏ وخانَ خرافَنا نايٌ حزينْ‏..

أنتَ ذاك النايُ مُتَّهَمٌ بترويجِ الهمومِ،‏ ومفرطٌ بمعسكرٍ للخائفينْ‏..

سقطَ المعسكرُ فوقَ قلبي‏ لم أكنْ بعدُ انتبهتُ‏ فمهنةُ البوليسِ مدهشةٌ‏

تراهمْ يخرجونَ ولا تراهمْ يدخلونَ‏

وكلُّ مجزرةٍ تُعَدُّ‏ يشاعُ أنَّ الغيمَ فجَّرها،‏

وأنَّ فصائلَ الأشجارِ خانتنا،‏ وأنَّ وراءَ أشجارِ الصنوبرِ‏ بئرُ يوسفَ في بلادٍ يعمهونْ‏.. هُمْ كالجرائدِ‏ أصدقُ الأنباءِ فيها برجُها‏ لكنها أيضاً ظنونٌ في ظنونْ.‏.

سأصحو‏.. أميطُ اللثامَ عنِ الليلِ‏.. أُغلِقُ وجهَ النوافذِ.. أهمسُ..

"أيها الإنسانُ إذا أنتَ أخرجتَ كلَّ العصافيرِ منكَ‏ بكمْ تُشترى؟‍‍!..

أتساءلُ؟!.. من يحتوي جثتي في الغيابْ؟!.. يخيطُ بنومي زُرارَ البيادرِ؟!..

وأحملُ حزني‏ وسلةَ جرحي‏ وأكتبُ فوقَ الشواهدِ:

أنتَ‏ الإنسانُ أيها المحبوبُ الساكنُ عمق المشاعر..

أنتَ قصيدةُ الشجونِ تولدُ كل لحظةٍ بجلباب شاعرْ

اعلى الصفحة