ترجمات
تقدير التهديد العالمي لجماعة الاستخبارات الأمريكية للعام 2014

السنة الثالثة عشر ـ العدد 147 ـ ( جمادى الاولى 1435 هـ) آذار ـ 2014 م)

ترجمة وإعداد: محمد عودة

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

مدير الاستخبارات الوطنية، جايمس كلابر

 

تقرير صدر عن وكالة الاستخبارات الوطنية الأمريكية يُلخص التهديدات والتحديات التي تراها الوكالة واردة في العام 2014 وقد أُلقي التقرير من قبل مدير الوكالة جايمس كلابر على مسامع لجنة الاستخبارات في الكونغرس.

مكافحة الاستخبارات

إن التهديدات التي تشكلها جماعات الاستخبارات الأجنبية خلال العام 2014 ستستمر في التطور من حيث المجال والتعقيد. كما أن القدرات والنشاطات التي تستخدمها الجماعات الأجنبية، سواء كانت رسمية أو غير رسمية، في سعيها من أجل الحصول على معلومات أمنية وطنية أمريكية هي جديدة وأكثر عدائية وأكثر تطوراً من الناحية التقنية.

تهديد المطّلعين على الأسرار

إضافة إلى التهديدات التي تشكلها وكالات الاستخبارات الأجنبية، ستشكل تهديدات المطّلعين على الأسرار الداخلية تحدياً دائماً. والمطّلعون على الأسرار الذين لديهم رغبة إلحاق الأذية يمكن أن يستغلوا قدرتهم على الوصول إلى البيانات من أجل نشر كميات كبيرة من المعلومات الحساسة والسرية كجزء من عقيدة شخصية أو بناء على توجيه حكومة أجنبية. لذا الكشف غير المصرح عن هذه المعلومات إلى الدول المعادية أو النشطاء غير الرسميين أو الوكالات الأخرى سيبقى تهديداً خطيراً.

التهديدات الأولوية للاستخبارات الأجنبية

 إن محاولات اختراق جهاز صنع القرار الوطني الأمريكي والقاعدة الصناعية العسكرية ومؤسسات الأبحاث الأمريكية ستظل واردة. ونقدر بأن التهديدات الأولية للاستخبارات الرسمية على المصالح الأمريكية في العام 2014 ستظل مصدرها روسيا والصين بناءً على قدراتهما ونيتهما ومجالهما العملاني الواسع. كما ستستمر وكالات الاستخبارات الأجنبية المتطورة في استخدام الوسائل الإنسانية والسايبرية من أجل جمع المعلومات الأمنية الوطنية. وهي تسعى إلى الحصول على بيانات على أنظمة الأسلحة المتطورة والمعلومات من الشركات الأمريكية ومؤسسات الأبحاث التي تتعامل في مجال الطاقة والمال والإعلام والدفاع والتقنية ذات الاستخدام المزدوج.

الإرهاب

تنبثق التهديدات الإرهابية من مروحة عدائية من الأطراف الإرهابيين، بدءاً من المجموعات الرسمية إلى متطرفي العنف الداخلي وصولاً إلى الأطراف الأجنبية. وتستمر البيئة التهديدية بالانتقال إلى مروحة أكثر عدائية من الأطراف مما يُحتّم مواصلة التطورات الإيجابية التي أُحرزت في السنوات السابقة. فالهجمات المعقدة والمتطورة وواسعة النطاق المنبثقة عن القاعدة ضد الداخل الأمريكي قد انخفضت إلى حد كبير. لكن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا قد سرّع من توسّع تلك الحركة المتأثرة بشكل كبير بالقضايا المحلية والإقليمية. ولكن، الانتشار أدى إلى حالة طوارئ لمراكز قوة جديدة وزيادة في التهديدات من شبكات شبيهة بالمتطرفين مع ارتباط بمجموعات متعددة. لذا إمكانية الأحداث العالمية على إشعال الأعمال العنفية حوال العالم تعيق التحذير المتقدم والتعطيل تنفيذ المؤامرات.

التآمر الداخلي

المتطرفون في الداخل: من المحتمل أن يستمر المتطرفون في الولايات المتحدة تشكيل التهديد الأكثر تحدياً للداخل الأمريكي. وكما يُشير الهجوم المأساوي في نيسان 2013، يمكن للمتطرفين في الداخل أن يعملوا لوحدهم أو في مجموعات صغيرة ويمكن لقدرتهم على إخفاء تطرفهم الأيديولوجي أن تمثل التهديدات الصعبة والفتاكة.

القاعدة في شبه الجزيرة العربية: مستندة على موطئ قدمها الآمن في اليمن، حاولت القاعدة في شبه الجزيرة العربية في عدة مرات أن تهاجم الداخل الأمريكي. ونرى أن المجموعة تشكل تهديداً كبيراً وتبقي على نيتها لاستهداف الولايات المتحدة والمصالح الأمريكية في الخارج.

القاعدة بشكل عام: إن الضغط المستمر لمكافحة الإرهاب والنكسات التنظيمية الأساسية وحالة الطوارئ لمراكز القوة الأخرى على حركة التطرف العالمي، جميعها وضعت القاعدة في مسار تنازلي منذ العام 2008. وقد ساهمت في تخفيض قدرة المجموعة على شن هجوم كارثي ضد الداخل الأمريكي وهشمت منزلتها كقائد لحركة التطرف العالمي. لكنها على الأغلب تأمل باستعادة عافيتها بعد سحب القوات الأمريكية من أفغانستان في العام 2014.

النشاطات الإرهابية في الخارج

التهديدات المستمرة للمصالح الأمريكية في الخارج: نواجه تهديداً متواصلاً للمصالح الأمريكية في الخارج. فمعظم المجموعات المتطرفة السنية ستجدول بشكل أولوي قائمتها المحلية والإقليمية، لكن السفارات الأمريكية والمنشآت العسكرية والأفراد سيظلون في خطر داهم في أجزاء من جنوبي آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا.

تأثير سوريا: أصبحت سوريا موقعاً هاماً للمجموعات المستقلة وتلك المرتبطة بالقاعدة من أجل تجنيد وتدريب وتجهيز عدد إضافي من المتطرفين، الذين قد يلجأ بعضهم إلى تنفيذ هجمات في الخارج. كما أن الأعمال العدائية بين السنة والشيعة يشتد في سوريا وينزلق إلى البلدان المجاورة التي تنجر بشكل متزايد إلى صراع مماثل.

إن إيران وحزب الله ملتزمان بالدفاع عن نظام الأسد وقد قدما الدعم بُغية ولوج هذه الغاية، من ضمن ذلك إرسال مليارات الدولارات في مساعدة عسكرية واقتصادية وتدريب الأفراد الموالين للنظام والمسلحين العراقيين الشيعة ونشر أفراد لهم في البلاد. فينظر حزب الله وإيران إلى نظام الأسد على أنه شريك أساسي في "محور المقاومة" ضد إسرائيل وهما مستعدان لمواجهة أخطار كبيرة في سبيل الحفاظ على النظام إضافة إلى طرق النقل الأساسية.

إيران وحزب الله

خارج المسرح السوري، لا يزال حزب الله وإيران يشكلان تهديداً مباشراً لمصالح حلفاء الولايات المتحدة. وقد زاد حزب الله من نشاطه الإرهابي العالمي في السنوات الأخيرة ليصل إلى مستوى لم نشهده منذ التسعينيات.

التعاون في مكافحة الإرهاب

كلما أصبح التهديد الإرهابي أكثر انتشاراً وصُعب كشفه، كلما أصبح التعاون مع الشركاء في مكافحة الإرهاب أكثر أهمية. إن البيئة السارية في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا من المحتمل أن تعقد أكثر الظروف الخطيرة لعملنا مع الحكومات من أجل اجتثاث انتشار الإرهاب.

أسلحة الدمار الشامل وانتشارها

لا تزال الجهود الرسمية من أجل تصنيع أو الحصول على أسلحة الدمار الشامل وأنظمة إطلاقها تشكل تهديداً كبيراً لأمن الولايات المتحدة والقوات المنتشرة والحلفاء. ونحن نركز على التهديد والآثار التي تهز استقرار الانتشار النووي وانتشار المواد ذات العلاقة بالحرب الكيميائية والبيولوجية وتطوير أنظمة إطلاق أسلحة الدمار الشامل. وأصبح من الماضي التحدث فقط عن دول قليلة تمتلك التقنيات الأكثر خطورة. فالمواد والتقنيات البيولوجية والكيميائية تنتقل بسرعة في الاقتصاد العالمي، وكذلك الأفراد الذين يتمتعون بخبرة علمية لتصميمها واستخدامها. والاكتشافات الأخيرة في العلوم الحيوية أيضاً تنتشر عالمياً وبشكل سريع.

إيران وكوريا الشمالية تطوران قدرات أسلحة الدمار الشامل

لا نزال نعتقد أن الأهداف الإستراتيجية التوسعية لإيران من أجل تعزيز أمنها ومنزلتها ونفوذها الإقليمي تؤدي إلى السعي من أجل قدرات تحقق لها أهدافها المدنية وتمنحها القدرة على بناء أسلحة نووية تُطلق من خلال الصواريخ، إن هي أرادت ذلك. في الوقت نفسه، دفعت حاجة إيران الملحة لتخفيف العبء الاقتصادي إلى القيام بتنازلات بشأن برنامجها النووي عبر خطة العمل المشتركة مع مجموعة الـ5+1 والاتحاد الأوروبي في 24 تشرين الثاني 2013. وفي هذا السياق، نُقدر بأن إيران تحاول الموازنة بين الأهداف المتضاربة. فهي تريد تحسين قدراتها النووية والصاروخية فيما تتفادى الآثار الحادة، مثل الضربة العسكرية أو العقوبات التي تهدد النظام. ولكن لا نعرف ما إذا كانت إيران في النهاية ستقرر صنع الأسلحة النووية.

لقد حققت إيران تقدماً تقنياً في عدد من المجالات، من ضمنها تخصيب اليورانيوم والمفاعلات النووية والصواريخ البالستية، التي من خلالها يمكن إن قررت ذلك أن تصنع أسلحة نووية تُطلق من خلال الصواريخ. هذه التطورات التقنية تعزز تقديرنا بأن إيران لديها القدرة العلمية والتقنية والصناعية من أجل إنتاج الأسلحة النووية في النهاية. وهذا يجعل القضية المركزية مبنية على قرار سياسييها إن هم قرروا ذلك.

وفي إشارة خاصة، أحرزت إيران تقدماً خلال العام الماضي عبر تركيب أجهزة طرد إضافية في محطة تخصيب الوقود وتطوير تصاميم أجهزة طرد مُحسّنة وتخزين المزيد من هكسافلورايد اليورانيوم منخفض التخصيب. هذه التحسينات دفعت إيران قدماً باتجاه امتلاك قدرة إنتاج اليورانيوم الصالح للأسلحة عبر استخدام منشآتها المُعلن عنها ومخزون اليورانيوم، إن هي قررت ذلك. ورغم هذا التقدم، نعتقد بأن إيران لن تكون قادرة على تحويل المواد المحفوظة وإنتاج ما يكفي من اليورانيوم الصالح للأسلحة قبل أن يتم الكشف عن هذا النشاط. كما تواصل إيران العمل باتجاه بدء تشغيل مفاعل المياه الثقيلة بالقرب من آراك.

نعتقد بأن إيران ستختار الصاروخ البالستي كوسيلة لإطلاق السلاح النووي، إن قامت بصنع هذه الأسلحة. وصواريخ إيران البالستية قادرة على إيصال أسلحة الدمار الشامل وتمتلك المخزون الأكبر من الصواريخ البالستية في الشرق الأوسط. كما أن تقدم إيران في عربات الإطلاق الفضائية، إلى جانب رغبتها في ردع الولايات المتحدة وحلفائها، يؤمّن لطهران الوسائل والحافزية من أجل تطوير صواريخ ذات مدى أبعد، من ضمنها تلك البالستية العابرة للقارات.

نُقدر بأنه إذا ما طبّقت إيران بالكامل الخطة المشتركة، فإنها ستُعلّق مؤقتاً توسيع برنامج التخصيب لديها وتلغي إنتاجها وتخزينها لليورانيوم المُخصب بنسبة 20% وتظهر شفافية إضافية بشأن منشآتها النووية الموجودة والمُخطط لها. هذه الشفافية ستمنح التحذير المبكر لأي انتهاك باستخدام تلك المنشآت.

تُشكّل برامج الأسلحة النووية والصاروخية في كوريا الشمالية تهديداً خطيراً على الولايات المتحدة والبيئة الأمنية في شرقي آسيا، وهي منطقة تحتوي النسبة الأكبر من السكان والجيوش والاقتصاد في العالم. وتصدير كوريا الشمالية للصواريخ البالستية والمواد المرتبطة إلى بلدان عدة، من ضمنها إيران وسوريا، ومساعدتها في بناء سوريا لمفاعل نووي الذي دُمر في العام 2007، يظهر مدى توسع نشاطها في نشر الأسلحة. ورغم إعادة تأكيد التزامها لتطبيق البيان المشترك الذي صدر في أيلول 2005 بعدم نقل مواد نووية أو تكنولوجيا أو معرفة، لا تزال كوريا الشمالية في وارد تصدير التكنولوجيا النووية.

وإضافة إلى إجراء الاختبار النووي الثالث في 12 شباط 2013، أعلنت كوريا الشمالية عن نيتها في "تعديل وتغيير" استخدامات المنشآت النووية الموجودة لديها بما فيها منشأة تخصيب اليورانيوم في يونغبيون وإعادة تشغيل مفاعل الغرافيت المُعدل الذي توقف عن العمل في العام 2007. ونعتقد أن كوريا الشمالية تابعت تنفيذ إعلانها عبر توسيع حجم منشأة التخصيب لديها في يونغبيون وإعادة تشغيل المفاعل الذي كان يُستخدم سابقاً لإنتاج البلوتونيوم. وكانت كوريا الشمالية قد عرضت علناً شاحنة KN08 للصواريخ البالستية العابرة للقارات لمرتين. ونعتقد أنها بدأت بالخطوات الأولية لنشر هذا النظام، على الرغم من عدم القيام باختباره. إن كوريا الشمالية ملتزمة بتطوير تكنولوجيا الصواريخ بعيدة المدى القادرة على تشكيل تهديد مباشر على الولايات المتحدة. وجهودها لإنتاج وتسويق الصواريخ البالستية تزيد من مستوى المخاوف الأمنية الإقليمية والعالمية.

وعلى الرغم من العجز في قواتهم العسكرية التقليدية، يركز قادة كوريا الشمالية على قوة الردع والدفاع. ولطالما قدّرنا بأن، من وجهة نظر بيونغيانغ، قدراتها النووية هي بنيّة الردع وتحقيق المكانة الدولية والدبلوماسية القهرية. لكننا لا نعلم العقيدة النووية أو مفاهيم الاستخدام لدى بيونغيانغ.

أمن أسلحة الدمار الشامل في سوريا

 وافقت سوريا على اتفاقية الأسلحة الكيميائية في 14 تشرين الثاني 2013 وهي في المراحل الأولى لتفكيك برنامج أسلحتها الكيميائية الهجومية، وقد قدرنا بأن سوريا كان لديها برنامج نشط للحرب الكيميائية وتحتفظ بمخزون من خردل الكبريت والسارين وفي أكس إضافة إلى مخزونها من الذخيرة بما فيها الصواريخ والقنابل الجوية وقذائف المدفعية التي يمكن استخدامها لإيصال المواد الكيميائية. ولغاية أن يتم تدمير المواد الكيميائية بالكامل أو نقلها من البلاد، يمكن للمجموعات أو الأفراد في سوريا أن تضع يدها على مواد ذات علاقة بالأسلحة الكيميائية. والولايات المتحدة وحلفاؤها يراقبون مخزون سوريا من الأسلحة الكيميائية عبر التفتيش وعملية التدمير التي تديرها منظمة الحد من انتشار الأسلحة الكيميائية.

ونعتقد أن بعض عناصر برنامج الحرب البيولوجية في سوريا قد يكون متطوراً إلى ما بعد مرحلة الأبحاث والتطوير وقد يكون قادراً على الإنتاج المحدود بالاستناد إلى مدة وجود البرنامج. وأفضل ما نعرفه أن سوريا لم تسلح بشكل ناجح أي مواد بيولوجية في نظام إطلاق فعال، لكنها تمتلك الأسلحة التقليدية التي يمكن تعديلها من أجل إيصال المواد البيولوجية.

مكافحة الفضاء

ستزداد تهديدات الخدمات الفضائية الأمريكية خلال العام 2014 مع سعي الخصوم المحتملين إلى امتلاك قدرات تعطيلية ومدمرة للخدمات الفضائية. والقادة الصينيون والروس يُدركون الفوائد المعلوماتية الفريدة التي تقدمها الأنظمة الفضائية وهم يُطورون القدرات لتعطيل الاستخدام الأمريكي للفضاء في أي نزاع. على سبيل المثال، تسلط الكتابات العسكرية الصينية الضوء على حاجة اختراق وتعطيل وتدمير الأقمار الصناعية الاستطلاعية وتلك الخاصة بالملاحة والاتصالات. ولدى الصين قدرات التشويش على الأقمار الصناعية وهي تسعى من أجل الحصول على الأنظمة المضادة للأقمار الصناعية. وفي العام 2007، أجرت الصين اختباراً مضاداً للأقمار الصناعية ضد قمرها الصناعي. وتؤكد العقيدة العسكرية الروسية للعام 2010 على الدفاع الفضائي كمكون حيوي لدفاعها القومي. ويُؤكد القادة الروس علناً أن القوات المسلحة الروسية تمتلك أسلحة مضادة للأقمار الصناعية وتقوم بالأبحاث المضادة للأقمار الصناعية. كما تمتلك روسيا أجهزة تشويش على الأقمار الصناعية وهي تسعى أيضاً للحصول على أنظمة مضادة للأقمار الصناعية.

التهديدات الإقليمية

الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا

الربيع العربي: في السنوات الثلاث منذ اندلاع الربيع العربي، دول عدة أجرت تقدماً متعثراً في انتقالها بعيداً عن الحكم السلطوي. رغم ذلك، على الأغلب سيستمر الاضطراب السياسي والعنف في كافة أنحاء المنطقة خلال العام 2014 حيث أن إسقاط الزعماء وإضعاف الأنظمة قد أديا إلى تفشي النزاعات العرقية والطائفية التي تولد العنف المزعزع للاستقرار.

• في سوريا، على الأغلب ستستمر الحرب الأهلية المتواصلة في إشعال التوترات الإقليمية والطائفية. وقد أصبحت سوريا معركة بالوكالة بين إيران وحزب الله اللبناني من جهة وبين الدول العربية السنية من جهة أخرى. والتخوف من الإنزلاق إلى الصراع قد وسّع التوترات الطائفية في العراق ولبنان وسيزيد من الاضطراب. كما أن تدفق أكثر من مليوني لاجئ سوري إلى البلدان المجاورة سيستمر في تشكيل ضغط على البلدان المقصودة، خصوصاً الأردن ولبنان.

• إن الفوضى المرتبطة بالانتقالات الحكومية قد عززت تردي الأوضاع السياسية في بعض الحالات، والمثال الأبرز مصر، حيث أسقط الجيش حكومة الأخوان المسلمين المُنتخبة ديمقراطياً في صيف عام 2013.

• إن الدعم العام للحكومات التي أتت إلى السلطة في المنطقة عام 2011 يتبدد، ديناميكية من المحتمل أن تؤدي إلى اضطرابات جديدة وزيادة في استئناف الأوضاع المتطرفة ضمن الشعوب العربية وتقليص احتمال تطبيق الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة لكن غير الشعبية.

الاتجاهات الإقليمية الثلاثة التالية ستشكل تحدياً للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط في العام 2014 وما بعده:

- أمكنة غير مستقرة: إن الصراعات المستمرة من أجل حكومات جديدة في أمكنة مثل طرابلس والقاهرة لتوسيع سلطتها في كافة البلاد والصراع الداخلي في سوريا قد أديا إلى إيجاد فرص سانحة للمجموعات الإرهابية كي تجد أمكنة غير مستقرة بحيث تستخدمها في محاولة زعزعة استقرار الحكومات الجديدة والإعداد لهجمات ضد المصالح الغربية.

- الضائقة الاقتصادية: عدة دول في المنطقة تواجه ضائقة اقتصادية من غير المحتمل أن يكون هناك قدرة على التخفيف من وطأتها عبر المستويات الحالية للمساعدة الغربية. وإخفاق الحكومات في المنطقة في تحقيق التوقعات الشعبية من أجل تحسين الاقتصاد قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الأنظمة الهشة.

- وجهات نظر سلبية اتجاه الولايات المتحدة: إن بعض الحكومات الانتقالية أكثر تشكيكاً مما كانت عليه الموجودة قبل الربيع العربي بشأن التعاون مع الولايات المتحدة. وهي قلقة بشأن حماية السيادة ومقاومة التدخل الخارجي، ما لذلك من إمكانية إعاقة الولايات المتحدة في مكافحتها للإرهاب وغيرها من الجهود. إضافة إلى ذلك، عدم رضا بعض الدول الخليجية العربية عن السياسات الأمريكية بشأن إيران وسوريا ومصر قد تدفع تلك البلدان إلى تقليص تعاونها مع الولايات المتحدة في القضايا الإقليمية وأن تعمل بشكل أُحادي بطرق قد تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة.

مصر: الحكومة المصرية المؤقتة قد أكملت إلى حد كبير مهام المرحلة الانتقالية في الوقت المطلوب، لكن حملة القاهرة لفرض النظام ضد المعارضة، بما في ذلك اعتبار الإخوان المسلمين مجموعة إرهابية قد قوضت إمكانيات تثبيت الاستقرار وتشكيل الحكومة الجامعة. فتواجه مصر تهديد تفشي العنف المسلح الذي بشكل أساسي سيكون موجهاً ضد الدولة وسيستغل عدم قدرة الحكومة الانتقالية على إحكام سيطرتها على شبه جزيرة سيناء. فمنذ العام 2011، ظهرت سيناء كأرضية ملائمة للمسلحين، ومن ضمنهم الإرهابيين، من أجل تخطيط الهجمات وتسهيلها وشنها. ولكن على الأغلب لن يؤخر مستوى التظاهرات والعنف المسلح تقدم مصر نحو الانتخابات التشريعية والرئاسية.

سوريا: نُقدر بأن النظام السوري والمجموعات المتمردة يعتقدون أنهم قادرون على تحقيق انتصار عسكري في الصراع الدائر. ولكن، نظراً لقدراتهم الخاصة ومستويات الدعم الخارجي، من الصعب التغيير الحاسم لسياق الصراع في الأشهر الستة القادمة لصالح أي من الطرفين.

والرئيس الأسد لا يزال رافضاً للتفاوض بشأن تنحيه عن السلطة. وبالتأكيد لا يزال الأسد لديه النية بأن يبقى حاكم سوريا ويُخطط من أجل الفوز في دورة جديدة لسبع سنوات في الانتخابات الرئاسية التي يمكن أن تجري في أوائل منتصف العام 2014.

إن الظروف الإنسانية في سوريا في العام القادم على الأغلب ستبقى متدهورة. فالاقتتال المستمر يدفع نحو مزيد من النزوح الداخلي وتدفق اللاجئين إلى البلدان المجاورة. وقدّرت الأمم المتحدة، في كانون الثاني 2014، أن 9.3 مليون نسمة من السوريين بحاجة للمساعدة الإنسانية داخل البلاد، من ضمنهم 6.5 مليون نسمة نزحوا داخلياً، وأنه على الأقل 2.4 مليون نسمة من السوريين مسجلون لاجئون في المنطقة. كما أن وكالات المساعدة الدولية تواجه تحديات مستمرة في سبيل الوصول إلى أجزاء من سوريا جراء نقاط التفتيش وإغلاق الطرقات والحصار الذي تفرضه الحكومة السورية والاقتتال.

إيران: أحرز الرئيس روحاني تغييراً في الموقف السياسي في إيران باتجاه الوسط، لكن لا نعرف ما إذا كان سيُحرز انعطافة في التوجه الفاشستي في السياسة الإيرانية خلال الأعوام القادمة. كما أن اقتصاد إيران سيستمر معاناته دون تخفيض شامل للعقوبات، التي تدفع روحاني وفريقه لأن يكونوا تكنوقراطيين في آدائهم في المفاوضات النووية. فمنذ انتخابه، تلقى روحاني دعم المرشد الأعلى الذي أسكت بعض الانتقادات المتحفظة. ولكن، لطالما اعتبر المتشددون أن عبء العقوبات سيخرق في النهاية ائتلاف العقوبات الدولية وهم قلقون من تقارب روحاني مع الغرب، إضافة إلى وعوده بتحقيق الاعتدال الاجتماعي والسياسي. لا بد لروحاني من الحفاظ على دعم المرشد الأعلى من أجل مواصلة التقدم في جدول أعماله السياسي.

ستواصل إيران تصرفها بشكل متشدد في مواجهتها للمصالح الأمريكية كما أن أداءها سيدفع الصراعات الإقليمية إلى مزيد من التأزم. والمسؤولون الإيرانيون بالتأكيد يعتقدون أن دعمهم هو الأساس في الحفاظ على نظام الأسد في سوريا وهذا الدعم سيستمر خلال العام 2014 لتقوية النظام. في الشرق الأوسط الأوسع، ستواصل إيران تسليم السلاح والمساعدات الأخرى للمجموعات الفلسطينية والمتمردين الحوثيين في اليمن والمسلحين الشيعة في البحرين من أجل توسيع النفوذ الإيراني ومواجهة التهديدات الخارجية. كما أن طهران، التي تدفع نحو حكومة مستقرة بقيادة شيعية وموالية لإيران في بغداد، قلقة بشأن الوضع الأمني المتدهور في العراق. وعلى الأغلب ستسعى طهران بكل جهد من أجل إيجاد التوازن بين حماية الامتيازات الشيعية في العراق وتفادي التصرفات العلنية التي تؤدي إلى مزيد من الأعمال العنفية ضد الشيعة. في أفغانستان، على الأغلب ستسعى طهران من أجل إبرام اتفاقيات أمنية إضافية مع كابول وتدعم المرشحين الموالين لإيران في الانتخابات الرئاسية هذا العام من أجل زيادة نفوذها على حساب الولايات المتحدة وتحافظ على مساعدتها السرية للمجموعات المتمردة الأفغانية. ترى إيران أن ارتفاع حدة الطائفية هو تطور إقليمي خطر، لكن نعتقد أن مسؤولية إيران لحماية وتقوية الجماعات الشيعية سيكون بشكل متزايد على حساب رغبتها في تجنب العنف الطائفي. لذا، من المحتمل أن تؤدي أعمال إيران إلى مزيد من كب الزيت على النار بدلاً من إخمادها ما سيزيد من حدة التوتر الطائفي.

العراق: مسار العراق في العام 2014 سيعتمد بشكل كبير على كيفية مواجهة بغداد للتحدي المتصاعد للقاعدة في العراق وإدارة العلاقات مع السكان السنة المسلوبة حقوقهم في البلاد. والحدث المحوري سيكون إجراء الانتخابات الوطنية في 30 نيسان. والسكان السنة بالخصوص لا بد أن يقتنعوا بأن الانتخابات ستكون عادلة من أجل الحفاظ على التزامهم بالعملية السياسية والمساعدة في إخماد العنف المتصاعد في العراق.

إن العراق يشهد ازدياداً في العدد الإجمالي للهجمات في كافة أنحاء البلاد إلى مستويات لم تكن موجودة منذ خروج القوات الأمريكية في العام 2011. ورغم أن المستوى العام للعنف يبقى أقل بكثير مما كان عليه في العام 2007، شهد العام 2013 عمليات انتحارية وتفجير سيارات مُفخخة نُفذت على يد القاعدة في العراق لامست نسبتها تلك التي حصلت في العامين 2007-2008، حيث بلغت النسبة ما يُقارب الـ68 إلى 80 عملية في الشهر.

كما أن الحرب الأهلية الممتدة في سوريا تهز استقرار العراق وتشعل المواقف العرقية-الطائفية وترفع من منسوب القلق بشأن تفشي أعمال العنف. كما أن الصراع السوري سهّل بشكل أكبر من عملية تدفق المتطرفين السنة بين العراق وسوريا ما أسهم في ارتفاع منسوب هجمات القاعدة في العراق.

اليمن: نعتقد بأن اليمن قد أحرز نجاحاً مؤقتاً في المراحل الأولى لعملية الانتقال من نظام علي عبد الله صالح. ولكن، لا يزال اليمن يواجه تهديدات لاستقراره من القاعدة المتعافية في شبه الجزيرة العربية وجراء الانقسامات بشأن البنية المستقبلية للدولة. ورغم أن حكومة عبد رابح منصور الهادي قد أنهت مؤتمر الحوار الوطني العام، لم تتوصل الأطراف إلى اتفاقية بشأن البنية الفدرالية للدولة التي دعا إليها الحوار.

وستكون رغبة الجيش اليمني في الحفاظ على ضغطه ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية هاماً بالنسبة إلى استعادة المنظمة لعافيتها. ورغم أن الاقتصاد اليمني قد شهد استقراراً منذ تولي هادي لمنصبه عام 2012، ستبقى المساعدة الأجنبية أمراً مهماً للتخفيف من المشاكل الاقتصادية الحادة والظروف الإنسانية الصعبة في البلاد.

لبنان: على الأغلب سيستمر لبنان في العام 2014 بأن يعاني من الاقتتال الطائفي بين اللبنانيين والهجمات المتبادلة بين المتطرفين السنة وحزب الله، التي تستهدف المصالح لكل طرف. كما أن الصراع في سوريا يُعد المحرك الأساسي للاضطراب الطائفي والهجمات الإرهابية في لبنان. وفي العام 2013، أدى الاقتتال الطائفي والاغتيالات السياسية في طرابلس وبيروت وصيدا إلى مقتل ما يزيد عن مائة لبناني. كما أن ازدياد منسوب وحدّة أعمال العنف في لبنان قد يندلع ليصبح أكثر انتشاراً وخطورةً.

وصف الأمين العام لحزب الله (السيد) حسن نصر الله الصراع بأنه عمل دفاعي ضد المتطرفين السنة المدعومين من الغرب وادعى أن هذا التهديد يمكن أن يطال جميع اللبنانيين في حال سقط نظام الأسد.

من جانبهم، نفذ المتطرفون السنة عدة تفجيرات في بيروت عام 2013 وأوائل العام 2014 في المناطق التي يسيطر عليها على الشيعة في جنوبي بيروت ما أدى مقتل 75 شخصاً وجرح أكثر من 500 آخرين. كما ادعى المتطرفون السنة مسؤوليتهم عن التفجيرات الانتحارية التي حصلت في تشرين الثاني 2013 واستهدفت السفارة الإيرانية في بيروت. والقادة السلفيون السنة يدعون داعميهم إلى مساندة المعارضة السورية ما يُهدد بتصعيد التوترات الطائفية.

إن لبنان يواجه تحديات إضافية مع التدفق المستمر للاجئين السوريين. ففي أوائل كانون الثاني 2014، وصل أكثر من 800000 لاجئ سوري إلى لبنان. ويُساهم اللاجئون السوريون بزيادة العبء على الاقتصاد اللبناني المنهك والضغط على نظاميه الصحي والتعليمي الضعيفين. وبالتأكيد لن يعود اللاجئون إلى سوريا نظراً لأعمال العنف المستمرة والافتقار إلى التحسن الاقتصادي.  

اعلى الصفحة