اللوحة الرابعة: ملامح وأقلام

السنةالثالثة عشر ـ العدد 146 ـ ( ربيع الثاني 1435 هـ) شباط ـ 2014 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

أمريكا و خرافة القوة العظمى

الكتاب: خرافة القوة العظمى.. (استخدام القوة الأمريكية وسوء استخدامه)
الكاتب: نانسي سودربرج ـ ترجمة
الناشر: المركز القومي للترجمة

صدرت حديثاً عن المركز القومي للترجمة بمصر الترجمة العربية لكتاب خرافة القوة العظمى.. استخدام القوة الأمريكية وسوء استخدامها للمؤلفة نانسي سودربرج مستشارة السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون.. ومن ترجمة أحمد محمود.

تستعرض نانسي في كتابها المذكرات السرية للبيت الأبيض في عهد كلينتون، والتي رفعت عنها السرية، بحيث تقدم رؤى متعمقة تفسر عملية اتخاذ القرار، من خلال عملها كمستشارة للسياسة الخارجية في ذلك الوقت، لتصل في النهاية أن مستقبل أمن أمريكا يعتمد بالكامل على التغلب على خرافة القوة العظمى. كما تبين المؤلفة أن هذا الكتاب ليس عبارة عن مذكرات بل إنه يقدم رواية لسياسة أمريكا الحديثة من خلال جميع المناصب التي شغلتها بداية من موقعها كأحد مساعدي حملة كلينتون الانتخابية في العام 1992، وكمسئولة بمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض من عام 1993 إلى عام 1996، وسفيرة في الأمم المتحدة من عام 1997 إلى عام 2001 وحالياً داعية سياسية خارجية بمجموعة الأزمة الدولية التي لا تستهدف الربح، حيث يأخذ الكتاب القارئ إلى ما وراء الكواليس، مستخدماً المذكرات السرية التي رفعت عنها السرية مؤخراً، وغيرها من الوثائق والمقابلات الشخصية على معظم المستويات الرفيعة، وبذلك يقدم الكتاب رؤى متعمقة لعملية اتخاذ القرارات التي يواجهها كل الرؤساء، وهي العملية التي يمكن أن تكون عشوائية وغير منظمة، وتقوم بالتأكيد على معلومات غير مكتملة، وغالباً ما تنطوي القرارات على الاضطرار للاختيار بين خيارات تفتقر جميعها إلى الجاذبية، حيث يهدف هذا الكتاب إلى أن يكون شهادة على تصحيح أهمية دور أمريكا القيادي ومسئوليتها في العالم وعلى الرغم من هذا الدور فقد أظهر الحادي عشر من سبتمبر ضعف أمريكا، لذا فإن مستقبلها يعتمد على إنهاء خرافة القوى العظمى.

وترى المؤلفة أن المسار الجديد للسياسة الخارجية الأمريكية، يجب أن يعمل باتساق مع المجتمع الدولي بدلاً من التصادم معه، حيث على الرغم من أنها قوه عظمى إلا أن تحديات القرن الواحد والعشرين لا يمكن التغلب عليها إلا بحشد الرأي العام العالمي لمصلحة أهداف أمريكا وبالقيادة على نحو يتبعه العالم، حيث أدت سياسة الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة إلى انتكاس هذا الهدف، وبحسب المؤلفة، فإنه يتعين على القوة العظمى الوحيدة تنظيم قواها، تلك القوى التي تتجاوز جيشها، فلهذا –على حد قولها- فإنه من الواجب أن تستعيد أمريكا مكانتها باعتبارها البلد الذي يلهم التغيير ويقود الآخرين إلى تحسين المجتمع العالمي. كيف ينبغي على واشنطن أن تتصرف كي تقود العالم بحنكة دبلوماسية وسياسية؟ هل المطلوب مقاربة جديدة للقوة الأمريكية في القرن الحادي والعشرين؟ هل هناك حدود للقوة الأمريكية؟ كان هناك اعتقاد خاطئ في أعقاب انتهاء الحرب الباردة بأن الولايات المتحدة أصبحت من القوة بحيث يمكنها فعل ما تريد، بغض النظر عن الحلفاء والتكاليف والنتائج. لكن الأحداث في العراق أثبتت أن أمريكا قد تكون على قدر غير معقول من القوة، لكنها ليست القوة المطلقة.

يهدف هذا الكتاب إلى أن يكون شهادة على أهمية تصحيح دور أمريكا القيادي ومسؤوليتها في العالم. ذلك أنه بينما أظهر الحادي عشر من سبتمبر ضعف أمريكا، فمن الممكن كذلك أن يحدث الجمهور على دعم المشاركة الأعمق مع سائر العالم التي لن تجعل أمريكا أكثر أمناً فحسب، بل سيساعد كذلك قادة المستقبل على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين الكثيرة وعالم أكثر تعقيداً من أي وقت في التاريخ البشري.

ويحاول هذا الكتاب تحدي الرؤية شديدة الشيوع الخاصة بسياسة بيل كلينتون الخارجية التي كتبها في المقام الأول أناس من الخارج فشلوا في تقويم دقائق السياسة الخارجية والتحديات ومنجزات الرئيس الأمريكي الثاني والأربعين في فترة بالغة الحساسية مؤخراً وغيرها من الوثائق والمقابلات الشخصية على معظم مستويات الحكومة الرفيعة ليوضح في النهاية أن مستقبل أمن أمريكا يعتمد بالكامل على التغلب على خرافة القوة العظمي…

ماذا عن مؤلفه هذا الكتاب؟.. إنها "انسي سودربرج" مستشارة السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي بيل كلينتون منذ حملته الانتخابية في عام 1992 حتى نهاية فترة رئاسته الثانية. وفي الفترة من عام 1993 إلي 1996، كانت مسئولية من الفئة الثالثة في مجلس الأمن القومي، وكانت في الفترة من عام 1997 إلي عام 2011 سفيرة أمريكية في الأمم المتحدة، وعندما جاءت إدارة جورج بوش عام 2000 عملت نائبه رئيس مجموعة الأزمات الدولية، وهي الآن محللة للشؤون الدولية على كبريات محطات التلفزة الأمريكية والعالمية.

في تصدير الكتاب يكتب "كلينتون نفسه" يقول، باعتبار نانسي سودربرج أحد أول كبار المسؤولين في إدارتي التي تقوم سياسة بلدنا الخارجية على مدى العقد الماضي، فهي تقدم في كتاب "خرافة القوة العظمي" تحليلا للقرارات التي اتخذناها، وما كان لها من أثر يتسم بالرؤية المتعمقة وبكونه مثيراً للاهتمام. ولأن عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية كان على قدر كبير من الاعتماد المتبادل، فلم يكن بمقدور بلدنا الانسحاب من مشكلات العالم، كما لم يكن بإمكاننا حلها بمفردنا، بل كان علينا تعزيز المؤسسات والعادات الخاصة بالتعاون الدولي، مع الاحتفاظ بقدرتنا على العمل بمفردنا إذا لزم الأمر لحماية أمن أمريكا..

ما الذي سعت إليه أمريكا في ذلك الوقت من أجل تحقيقه؟ بحسب بيل كلينتون: تصالح الولايات المتحدة مع خصميها الأساسيين إبان الحرب الباردة، روسيا والصين، بطريقة تعزز الاستقرار والفرص الاقتصادية والحرية، بناء أوروبا التي كانت موحدة لأول مرة، وكذلك الحرية والديمقراطية، بتوسيع حلف الناتو ودعم توسيع الاتحاد الأوربي، العمل على إنهاء الحروب الدينية والعرقية والقبلية في الشرق الأوسط وأيرلندا الشمالية والبوسنة وكوسوفو تيمور الشرقية والعديد من البلدان الأفريقية. العمل على احتواء انتشار أسلحة الدمار الشامل من خلال توسيع برنامج "نان لاجر" والاتفاقيات مع كوريا الشمالية والتصديق على اتفاقية الأسلحة الكيماوية، والتوسيع غير المحدد لمعاهدة خطر انتشار الأسلحة النووية. وزيادة قدرة أمريكا على منع الهجمات الإرهابية من خلال تنفيذ القانون والاستخبارات والجهود العسكرية. هل استطاعت أمريكا على الرغم من قوتها العسكرية تحقيق الأغراض المتقدمة وغيرها الكثير أم أنها عجزت عن فعل ذلك؟ وكيف وصل الأمريكيون إلى قناعة مفادها أن فهما جديدا ينبغي أن يسود البلاد؟.. هذا كله ما ستحدثنا عنه المؤلفة في هذا الكتاب الجدير بالقراءة لفهم حقيقة وواقع خرافة القوة العظمى. ومعركة فناء أمريكا "أرماجادون".

تختتم المؤلفة كتابها الضخم الذي يقع في نحو سبعمائة صفحة من القطع الكبير بالحديث عن السير قدماُ، وعندها إنه إذا كان لا بد من رؤية الولايات المتحدة مرة أخرى على أنها قوة من أجل التقدم والعمل من أجل مصالح المجتمع الدولي ككل، فلا بد أن تغير مسارها، إذ جعلت سنوات بوش بشكل خاص – وحكما أوباما من بعده – من أمريكا المهيمنة أقل أمناً وليس أكثر أمناً، وجعلتها تخسر الدعم بين الحلفاء وتخلف المزيد من الأعداء بتبنيها بسياسات ثبت فشلها.. ما الذي يتطلبه هذا المسار الجديد؟.

اعلى الصفحة