اللوحة الثانية: جداريات

السنةالثالثة عشر ـ العدد 146 ـ ( ربيع الثاني 1435 هـ) شباط ـ 2014 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

الصفحة الأولى عبرة الكلمات

سوف نبقى

سوف نبقى هنا‏ سَنُطَوِّفُ فوقَ السهولِ‏.. وحولَ الجبالِ‏ وبين البراري‏.. نمرُّ مع الضوءِ‏ ندخلُ بين شقوقِ الترابِ‏.. نسيلُ مع الماءِ‏ نَنْفذُ بين ثنايا الهواءِ‏.. نجوبُ الدروبَ‏ نزورُ البيوتَ‏.. نرفرفُ فوق الأسرّةِ‏.. نجلس حولَ الموائدِ‏ نقبعُ بين الممراتِ‏.. نقرعُ بلّورَ كلِّ النوافذِ‏.. نطرقُ أبوابَ كلِّ الغرفْ‏.. سوف نبقى هنا‏ لِنُعَلِّقَ فوقَ بروجِ اليمامِ‏ سيوفَ الشرفْ‏.

انفجار

انْفَجَرَ الضوءُ‏ والصوتُ أَفْرَغَ أَحْشَاءَهُ‏.. اْرتَجَّتِ الأرضُ‏.. سالتْ دماءُ الصخورِ‏ تناثَرَ فوقَ سَعيرِ الترابِ‏ رمادُ الشجرْ‏.. كُتَلُ اللحمِ ممزوجةٌ‏ ببقايا ثيابٍ مُضَرَّجَةٍ‏ دَبَّ فيها النسيسُ‏.. وأَزَّتْ شظايا العظامِ الطريّةِ‏ واْنصَهَرَ الكونُ‏.. لكنَّهُ وَحْدَهُ الوقتُ‏ راحتْ تحاصِرُهُ النارُ‏.. من كلِّ صوبٍ‏ ولا ينصهرْ‏.

محنة الكلمات

عبوسكَ يغتالُ فرحتي، ويقوِّضُ طمأنينتي، ولا شيء يعيد إليٌ ارتياحي: سوى وجهك حين يُقْبِلُ.. حين تُقْبِلُ عيناكَ تفرحُ طيورُ البلدةِ وتُزهِرُ أشجارُها، وتتراجعُ المباني قليلاً إلى الوراء لتوسِّع لخطوك الجميل، بينما تتفتح أبوابها والنوافذ بابتسامات واسعة. أرجوك لا ترحل يا وجه المحبوب.. منذ قليل كانت الشوارع ساكنة: تتكئ عليها الأرصفة وأعمدة الإنارة في تكاسل وإهمال وحزن.

سماتُ الليل

في الليل تنزرع الشوارع بالحنينِ‏.. الوجدُ يقتلعُ الخرائطَ من سنابلها.. العيون بنفسجٌ‏.. والليل شباكٌ يطلُّ على الندى‏.. الليل مرحلة المدى.. والليل مذبحة اليمامْ‏.. الليل قبعةُ الغريبِ، وخطوةُ الأعمى.. اتجاهٌ آخرٌ للموتِ‏ أو موتٌ أخيرْ..‏ الليل أجنحة الفقيرْ‏.. والليل صوتي عندما لا صوت لي‏.. الليلُ‏.. هذا الأسود المزروع في اللاشيء‏ هذا القمقم السحريُّ، والجسد الغريبْ..‏ الليلُ.. هذا المعطف السريُّ‏ هذا الانتقال من البعيد إلى القريبْ..‏ الليلُ.. هذا الشارع الروحيُّ‏ تعبره الصلاةُ.

قلب عاشق

لو كنتُ رسّاماً‏.. رسمتُكَ فوقَ أغلفةِ الدفاترِ‏.. فوق أردية الندى،‏ أو في حقول القلبِ‏.. فوق رغيف أحزاني،‏ على إسراء صوتي للنخيل،‏ على سقوفِ الغيمِ‏ والأبوابِ،‏ فوق تراب مقبرتي‏ وفي كُتُبِ الهواءْ.‏. لو كنتُ سيّافاً‏ بَتَرْتُ الوقتَ،‏ واغتسلتْ يداي بزيزفون الراحلين‏ من الجنوبِ إلى الجنوب،‏ لكنّ لي قلباً‏ يداوم في مدارس عشقكَ العليا‏ ولمْ يبْرحْ مدارجَ نهجكَ الروحيّ،‏ نادتهُ الشهادةُ‏ فارتمى..‏ والريحُ بعثرتِ الغيومَ الحاملاتِ‏ سلالَ أفراحي..‏ الغيومَ الهاجعاتِ‏ على نخيل الروحِ.‏

أسئلة

هل أرثي آلافَ القصائدِ التي لم تتحوّلْ إلى طيورٍ محلِّقةٍ فتأخُذُنا معها إلى عالمِ الحبِّ والجمالِ والخير.. أم أرثي الزمنَ الذي يمرُّ على أجسادِنا مثلَ عربةٍ عملاقةٍ تحطِّمُ ما تيسّرَ لها من الجلدِ والعظمِ؟!‏.. هل أغبطُ هذا الهواءَ الذي لم يمتلِكْهُ أحدٌ بعد... أم أرثي المساحاتِ الواسعةَ من البلادِ التي لم يكن لنا فيها موطئُ روح؟!.

مؤامرةُ الصمت

يغفو الليل.. أحدُهُم غرسَ حفرةً في قلب الرجل.. ليسرِقَ أحلاماً.. أسوأُ سرِقةٍ.. هي سَرِقةُ الأحلامُ.. آثارُ السرقةِ في كلِّ مكان.. في كلِّ شارع.. في كلِّ مدينة من مدن البلاد.. لكنَّ أحداً لم يشاهِدْها.. ولم تعتريه أيةُ دهشة.. أحياناً.. قصيدةٌ واحدةٌ تموءُ مثلَ قطةٍ محشورةٍ في زاويةٍ.. أفضلُ من مؤامرة الصمتِ على أحلامِنا المسروقة.

جهاتٌ أربع

نملكُ الدفءَ.. لكن في البردِ نكتشِفُ الحقيقةَ.. نعتليْ شُهُبَ اللغاتِ.. لكننا نتلعثم بالتاء في وصف الجريمة.. تمر بنا الأكفان والظلُّ الشامت وسياط الوصاية الكريمة.. فنوصد في الرئتين زفرتنا الضارية.. تُرى.. أنُقَسِّمُ الهمَّ رغيفاً في حضرة الحقل..؟.. أو نوصد الحلق في لجَّةِ النهر؟.

وهل ضاق بسرِّ غربتنا صبر الجهات الأربع..؟!

الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي 

زرقاء اليمامة ـ ثورة

خُذوا حِــذارَكم يا قومُ يَنفعُكُمْ      فَليسَ مــا قَد أرى بالأمرِ يُحْتَقَرُ

إنّي أَرى شَجراً مِن خلفِها بشرٌ      وَكيفَ تَجتمعُ الأشـجار والبشرُ

ثوروا بِأَجمعكم في وجهِ أوّلهم       فَإنّ ذلكَ مِنكم فَاِعلمـــوا ظَفَرُ

ضمّوا طَوائفكم مِن قَبْلِ داهـيةٍ      مِنَ الأمورِ الَتي تُخشـى وتُنْتَظَرُ

فغوِّروا كلّ مـــاءٍ قبلَ ثالثةٍ       فَلَيس مِن بعـده وِرْدٌ ولا صَدَرُ

وَعاجِلوا القومَ عندَ الليلِ إِذ رَقدوا    وَلا تَخافوا لَهم حَرباً وإن كثروا

سبط ابن التعاويذي ـ لوعةُ الحب

لَــــو لانَ قَلبُكَ في الهَوى       لَرَثَيتَ لي مِن لَــــوعَةِ الحُبِّ

لَكِن قَســوتَ فَما رَثيتَ لِذي        كَمَدٍ وَلا تَحــــنو عَلى صَبِّ

يا مَـــن أُواصِلُهُ عَلى مَلَلٍ        فيهِ وَيَهــجُــــرُني بِلا ذَنبِ

يُذَكي ضِرامَ الشَـوقِ في كَبِدي       وَيَذودُني عَن رَيقِهِ العَــــذبِ

كُن كَيفَ شِــئتَ فَما أَميلُ إِلى       عَــذلٍ وَلا أُصغي إِلـى عَتبِ

هَيهاتَ أَطمَعُ في السُــلُوِّ وَقَد       أَخَذَ الهَـــوى بِمجامِعِ القَلبِ

أَو أَن أَنالَ عَلى البِعادِ رِضى       مَن كانَ يَسـخَطُ بي عَلى القُربِ

باحثة البادية ـ حديثُ النفس

اصرفي ما اسـتطعتِ عنكِ الهموما      واحذري الحُزْنَ والأسى أن يُقِيما

قدِّري إنْ أصابَكِ الشــــرُّ يوماً      أنَّ ما زالَ عنكِ كان عظيمـــا

وإذا ما أصبتِ في الدهـــرِ مالاً      فاذكري فاقــداً لهُ محــروما

فتعيشـــي بغبطـــةٍ وهــناءٍ     ويكون الشـــقا لديكِ نعيمــا

عبد الجليل الطباطبائي ـ دعوة إلى الله

قُــل رَبِّيَ اللهُ المُهَيْمِــــنُ          وَاِســــتَقِم فيمـا أَحَـبْ

وَاعـــبُدهُ وفْقَ مُــــرادِهِ          وَاِلــزَم لَهُ حُســنَ الأَدَبْ

وَاِعلَــــم بِأَنَّـكَ عَـــبدُهُ          في كُلِّ حــالٍ، وَهـوَ رَبّ

عبد الرحيم محمود ـ تنزَّه الإلهُ

بَغى في قِســـمَةِ الأَرزاقِ ناسُ       وَقالــوا هكَذا قَسَـمُ الإلهُ

وَقالــوا إِنْ أَحَبُّ اللهُ عَبداً       بِرِزقَتِهِ المَقْــــدِرَةَ اِبتَلاهُ

دَعَونا إِن يَكُن هـذا صَحيحاً       يَرَ الفُقَـــراءُ مَعبوداً خَلاهُ

رَأَيتُ القَلبَ إِمّا ضاقَ صَبراً       بِمَحبوبٍ لِحِرمانٍ سَـــلاهُ

لَقَد وَصَفوا الإِلهَ بَشَــرِّ ظُلمٍ       بِمــا كَذَبوا تَنَزَّهَ في عُـلاهُ

  

اعلى الصفحة