خيارات الولايات المتحدة بعد الاتفاق الأولي مع إيران

السنة الثالثة عشر ـ العدد 145 ـ ( ربيع أول 1435 هـ) كانون ثاني ـ يناير ـ 2014 م)

 ترجمة وإعداد: محمد عودة

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

ترجمات

معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية، أنطوني كوردسمان

إن المنافسة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وإيران تقودها أربعة عوامل هي نجاح أو فشل العقوبات وتأثير تلك المنافسة على صادرات النفط الخليجي ونجاح أو فشل الجهود الرامية إلى الحد من خيارات إيران النووية والمدى الأوسع للتحكم بالأسلحة واحتمالات التوصية بتغيير النظام.

لكن نجاح المفاوضات أوحى أن إذابة التوترات بين إيران والولايات المتحدة مُشرعة لدى الطرفين. فبين أيلول وتشرين الثاني، أصبحت إيران والغرب قريبين إلى حد إبرام صفقة بشأن البرنامج النووي الإيراني أكثر مما شهدته العقود الماضية من التفاوض. وخلال عملية التفاوض التي حصلت في جنيف عرض وزير الخارجية الإيراني مجموعة من المقترحات المعدلة على الطاولة. وعلى الرغم من أن الطرفين رفضا الكشف عن طبيعة العرض جراء الإجراءات الدبلوماسية للمحادثات المستمرة، قيل عنها إنها تقنية وتهدف إلى التأكيد لمجموعة الـ5+1 أن برنامج إيران النووي هو لأهداف سلمية ومدنية. ومقابل تلك العروض، عبّر الوفد الإيراني عن رغبة في أن تُخفف العقوبات على الاقتصاد بُغية إظهار النية الحسنة، عرض كانت الولايات المتحدة قد رفضته سابقاً قائلةً إن أي تخفيف للعقوبات يجب أن يتم بعد اتخاذ خطوات ثابتة لتفكيك الجانب العسكري من البرنامج النووي الإيراني. ومؤشر إضافي عن الطبيعة الجدية للمحادثات أتى على شكل لقاءات ثنائية نادرة بين المسؤولين الإيرانيين ونظرائهم الأمريكيين بعد أن انتهت المفاوضات الرسمية.

واستؤنفت المفاوضات في جنيف في أوائل تشرين الثاني مع لقاء مثمر بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا خلال ذلك الوقت. وفي نهاية المحادثات، بدا أن اتفاقاً قد يُصبح في متناول اليد. وعُزز هذا الأمر عندما اختصر وزير الخارجية الأمريكي جولة من المحادثات في الشرق الأوسط من أجل حضور مؤتمر بدعوة من السيدة أشتون، ممثلة الاتحاد الأوروبي في المفاوضات. وكشف كيري عن الإطار العام للمقترحات قائلاً إنها ستوقف التطور النووي لإيران لمدة ستة أشهر مقابل تخفيف بسيط للعقوبات، من ضمنها فك القيد عن المقدرات التي جُمدت سابقاً.

وبدت المفاوضات أنها ستنهار جراء تفاصيل تقنية والانتقادات التي طالت التنازلات المُقدمة باعتبارها لن تمنع إيران من الاستمرار في تخصيب اليورانيوم وتطوير المفاعل القادر على إنتاج البلوتونيوم. وسُلط الضوء على مخاوف أخرى تتعلق بما يمكن فعله بشأن مخزون إيران من اليورانيوم المُخصب. وفيما بدا كيري حذراً من إلقاء اللوم على طرف مُحدد، أشارت التقارير الإعلامية إلى أن فرنسا (إضافة إلى إسرائيل غير العضو في مجموعة الـ5+1 وغير المتمثلة في المحادثات) كانت الأكثر اعتراضاً على مجموعة الشروط المُقدمة في المحادثات.

ولكن، في 24 تشرين الثاني، بعد أربعة أيام إضافية من المفاوضات، حصل خلالها تدخل لمرتين من قبل وزير الخارجية كيري، تم التوصل إلى صفقة بعد 11 ساعة من التفاوض. وتطرق الاتفاق إلى إجراءات بناء الثقة، خصوصاً في ما يتعلق بالطبيعة العسكرية للبرنامج النووي الإيراني والمنشآت العسكرية الأساسية ومخزون اليوارنيوم المُخصب بنسبة 20% والمنشأة النووية آراك. وقوبل الاتفاق بترحيب معقول في طهران، وحتى من قبل بعض المتشددين. كما أن آية الله الخامنئي دعا إلى مدح الرئيس روحاني والفريق المفاوض جراء إنجازهم. والجدير بالذكر أن نجاح الصفقة تم بمساعدة الدور الذي قام به السلطان قابوس بن زايد، حاكم عمان. فمنذ عام 2011، كان للسلطان قابوس دور مساعد في حصول مفاوضات سرية بين الولايات المتحدة وإيران.

ونشر البيت الأبيض تقريراً يُفصل الطبيعة التقنية للاتفاق في ما يخص التخصيب ومفاعل المياه الثقيلة في آراك وآلية المراقبة المُتبعة. وأتى التقرير وكلام المسؤولين في الإدارة الأمريكية سريعاً للإشارة إلى أن تخفيف العقوبات محدود في طبيعته وأن مقدرات إيرانية كبيرة ستبقى قيد الحجز: 7 مليارات دولار من المقدرات الإيرانية سيُفك الحجز عنها وفقاً لشروط الاتفاق وسيبقى ما يُقارب الـ100 مليار دولار قيد الحجز والعقوبات المستمرة على النفط ستُكلف إيران 30 مليار دولار و15 مليار دولار من الإيراد الذي تكسبه إيران سيذهب إلى حسابات مُقيدة في الخارج. إضافة إلى ذلك، في خطاب مُتلفز من البيت الأبيض، أكد الرئيس أوباما أن الشكل العام لنظام العقوبات باق على ما هو عليه، مُشدداً أنه "في حال لم تفِ إيران بكامل التزاماتها خلال مرحلة الستة أشهر، سوف نعلق تخفيف العقوبات ونعمل على زيادة الضغط".

مما لا يدعو للدهشة أن تزيد الصفقة الجديدة من المخاوف لدى حلفاء أمريكا، خصوصاً إسرائيل والسعودية اللتين لطالما كانتا خصماً مُطلقاً لإيران. فالسعودية وإيران على نحو متزايد وقفتا في الجانبين المتصارعين للحرب الأهلية السورية، حيث قدمت السعودية المساعدة للمتمردين فيما قدمت إيران ووكيلها حزب الله الدعم لنظام الأسد. وصرحت السعودية مراراً وتكراراً أنه في حال امتلكت إيران الأسلحة النووية ستعمل من أجل الحصول هي أيضاً على الترسانة النووية. وهناك توقع أيضاً أنه في حال أُبرم اتفاق نهائي بين إيران والقوى الغربية، ستسعى السعودية إلى التنصل من الاتفاقات الأمنية مع الولايات المتحدة.

أما إسرائيل فكانت أكثر تشدداً في نظرتها لصفقة جنيف، حيث وصفها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "بالخطأ التاريخي" وحذّر من أن "اليوم العالم أصبح مكاناً أكثر خطورة لأن النظام الأكثر خطورة في العالم قد خطا خطوة هامة باتجاه امتلاك السلاح الأكثر خطورة في العالم". وأشار المسؤولون الإسرائيليون إلى أن تخفيف العقوبات قد تخفف الضغوط الاقتصادية بقدر يكفي لأن تشعر إيران بأنها ليست مضطرة إلى العودة إلى طاولة المفاوضات في نهاية فترة الستة أشهر. وفي السيناريو الأكثر سوءاً، تتخوف إسرائيل من أن يتجدد الاقتصاد والبرنامج النووي الإيرانيين على حد سواء. وأشار مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي أجرى مناورات طيران بعيدة المدى وهو مستعد لضرب إيران لوحده حتى بدون دعم الولايات المتحدة. وأتت تلك التصريحات بعد فترة من النقد الواضح بين البلدين، حيث انتقدت إسرائيل محادثات جنيف وأبدت رفضها للقضايا المتعلقة بعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.

المبادرات والحملات الإعلامية الأمريكية على مر العقد المنصرم

بغض النظر عن كيفية جريان الأحداث، لكن مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة ترغب أولاً في رؤية نظام أكثر اعتدالاً وديمقراطيةً في إيران. ولكن، اعتمدت الولايات المتحدة إلى حد كبير على الحملات الإعلامية ودعم المنفيين الإيرانيين من أجل التأثير على الرأي العام الإيراني منذ سقوط الشاه وهي تعلم أن أي دعم علني للمعارضة الداخلية في إيران سيؤدي إلى رد فعل خطير. والأمر سيان حتى بالنسبة لخيارات العمل السري. والولايات المتحدة لديها مستوى عملي محدود للتأثير على الأحداث في إيران وأي دعم مباشر للمعارضين الإيرانيين من شأنه أن يُضعفهم ويؤدي إلى مزيد من الضرر.

لكن الولايات المتحدة أطلقت سلسلة من المبادرات على مر العقد المنصرم لتعزيز موقف الأطراف المعارضة في إيران. فبدأت إذاعة فاردا بثها في تشرين الأول عام 1998 كمشروع لإذاعة أوروبا الحرة بالمشاركة مع صوت أمريكا وهي تبث أثيرها الآن على مدى 24 ساعة. كما أن صوت أمريكا أنشأت خدمة اللغة الفارسية في تموز 2003. وفي تموز 2007، سُميت شبكة الأنباء الفارسية وتشمل الإذاعة والتلفاز والانترنت.

ومنذ العام 2010، وسعت إدارة أوباما مجال برامجها لتعزيز الديمقراطية. وإضافة إلى الجهود التقليدية لتمويل الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، سعت الإدارة إلى العمل مباشرة مع أفراد داخل إيران منتظمين حول القضايا السياسية مثل العناية الصحية والبيئة والعلوم. وبدأت واشنطن تتحدث عبر تويتر بالفارسية والعربية وبذلت إدارة أوباما جهوداً من أجل مساعدة المعارضة الإيرانية في إبطال محاولة الحكومة لمراقبة الاتصالات أو قطعها.

واستناداً إلى نيويورك تايمز، قامت الإدراة بجهد عالمي لنشر إنترنت "ظل" وأنظمة خلوية يمكن للمعارضين استخدامها من أجل تقويض قدرة الحكومة على مراقبة شبكات الاتصال أو قطعها. وعلى نحو مشابه، تمول وزارة الخارجية إنشاء شبكات لا سلكية سرية يمكن أن تسمح للنشطاء بالتواصل بعيداً عن متناول الحكومة، وهذه محاولة لها انعكاساتها الواضحة على أي حزب إيراني معارض. وقد قامت الولايات المتحدة بعدد من الخطوات الإضافية لمساعدة الإيرانيين على الولوج إلى الانترنت من خلال تسهيل القيود أمام الإيرانيين في تنزيل برامج أمريكية من السوق الحرة والسماح بتصدير البرامج الأمريكية الرامية إلى تقويض القيود الإيرانية على الانترنت.

وفي كانون الأول 2011، أطلقت الولايات المتحدة "سفارة افتراضية في إيران"، موقع على الانترنت سرعان ما أغلقته طهران جراء ادعاءات بأن الولايات المتحدة كانت تحاول تجنيد العملاء وتعمل على التغيير الداخلي للنظام. لكن مسؤولين في وزارة الخارجية ادعوا أن الموقع مجرد محاولة للتواصل مع الإيرانيين بشأن القدرة على تأمين تأشيرات سفر للطلاب وشرح السياسة الأمريكية. ولكن من الواضح أن المحاولة كانت تهدف إلى إضعاف دعم النظام ضمن الشباب الإيرانيين الأذكياء تقنياً. وأتى في رسالة النيروز للرئيس أوباما في آذار 2012 أن الولايات المتحدة تسعى لمساعدة الإيرانيين على إبطال قيود الحكومة على الانترنت ووسائل الإعلام الأخرى. وتلك كانت المحاولة الأمريكية الأخيرة لصنع وسائل ومصادر إعلامية تابعة لأمريكا وتكون متوفرة للسكان داخل إيران.

لكن من غير الواضح ما إذا كانت الجهود الأمريكية قد كُتب لها النجاح في تغيير طبيعة أو سلوك النظام الإيراني، على الرغم من أنها بالتأكيد ساعدت المعتدلين والمعارضين الإيرانيين للنظام في أن يكونوا على اطلاع وقدمت بعضاً من الدعم الخارجي. ولا يزال بعض الخبراء الأمريكيين يعتقدون أن الانقسامات الداخلية في إيران ستؤدي إلى اضطرابات سياسية شعبية. ولكن، تشير الأدلة لغاية الآن أن الحكومة في طهران تمسك بالسلطة بنجاح بعد الاضطرابات واسعة الانتشار في العام 2009 ومواجهة المظاهرات في أوائل العام 2011 وتشرين الأول 2012.

تجدر الإشارة إلى أن الانتخابات الإيرانية في آذار 2012 لانتخاب 290 مقعداً في البرلمان لم تؤد إلى مظاهرات واسعة رغم أن مرشحين جديين للمعارضة مُنعوا من الترشح وكان هناك على الأقل بعض الفروق في احتساب الأصوات. ويبدو أن القائد الأعلى كان قادراً على إبعاد فريق الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بهدوء وتعزيز سلطة الفئة المحافظة الأساسية. كما أن الانتخابات الرئاسية عام 2013 كانت سلمية هي الأخرى ولم تؤد إلى التظاهر أو إعلاء صوت الانتقاد كما حصل إبان الانتخابات الرئاسية عام 2009. علاوة على ذلك، يبدو أن روحاني قد أصبح أكثر شعبية منذ انتخابه ولدى القائد الأعلى رغبة أكبر على قبول الاعتدال.

كما أنه لا وجود لإشارات عن تحديات فعلية أو انقسامات داخل الجيش أو الحرس الثوري أو الباسيج أو أجهزة الاستخبارات. وكان هناك فقط إشارات رمزية عن معارضة منظمة في العامين الذين تليا الانتخابات الرئاسية عام 2009: والمعارضة تتألف إلى حد كبير من رجال الدين الذين خسروا السلطة وتظهر أرقام الاستطلاعات التي جرت أواخر العام 2011 وجود دعم شعبي ثابت لبرامج إيران النووية.

على الرغم من ذلك، بدأت انتفاضات سياسية بعد سنوات من الكبت دون أي إنذار. فقد أثرت العقوبات على الاقتصاد الإيراني والحياة المعيشية للإيرانيين وبدت أقليات هامة داخل إيران تعبر عن خيبة أملها من الحكومة في طهران. وهذا قد يدفع النظام إلى تعديل موقفه بشأن القضية النووية ولا بد للولايات المتحدة من الاستمرار بالوقوف إلى جانب الديمقراطية وحقوق الإنسان. وما من دليل لتاريخه يوحي بأن الولايات المتحدة تتوقع تغييراً للنظام أو وجود أي برنامج سري من شأنه أن يُحرز تقدماً هاماً في سبيل إقناع كثير من الإيرانيين بعدم وجود نية عدائية لدى أمريكا. ولكن تغيير النظام من الداخل غير وارد.

المقاربة غير المباشرة

المقاربة الأفضل أمام الولايات المتحدة قد تكون عبر تقديم الحاجة الشاملة من أجل إبرام اتفاق نووي مع إيران وتخفيف المخاوف الإيرانية وحدّة استخدام فئات إيرانية للتهديدات الأمريكية والخارجية كعذر للقمع. وقد يكون المطلوب تشجيع التطور المدني والاقتصادي وترك الإيرانيين بأن يكون لهم قرار تعديل أو تغيير النظام.

وهذا لا يعني قطع محاولات الاتصالات الإستراتيجية التي تسمح للإيرانيين خارج إيران بالتواصل مع أولئك في الداخل أو الحملات الإعلامية التي تمنع الحكومة الإيرانية من تشويه أو إلغاء الوقائع المُحيطة بقضايا تبدأ من الاقتصاد وصولاً إلى حقوق الإنسان أو الدعم القوي لجهود الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الخارجية.

بل يعني تفادي الإدعاء السياسي والصيحات الفارغة لتنفيذ عمل سري فمثل تلك الأعمال من شأنها أن تلحق الضرر بالمعارضة الداخلية في إيران وعدم دعم الجهات المتطرفة كمجاهدي خلق وتكرار الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان في دعمها للمنفيين الذين يفتقرون إلى المصداقية.

إن إدراج منظمة مجاهدي خلق كمجموعة إرهابية له سببه. فقد هاجمت المنظمة وقتلت مسؤولين أمريكيين خلال السبعينيات وشنت حملة من الإرهاب الإجرامي في صراعها على السلطة مع الخميني. وعندما خسرت، أصبحت أداة في يد صدام حسين لغاية الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003. وحتى إن وافقت الولايات المتحدة على تمويلها أو مدها بالمساعدات فهي لا تحظى بدعم شعبي هام داخل إيران ومعروف عنها وقوفها مع العراق في الحرب الإيرانية العراقية وتنفيذها لهجمات إرهابية ضد الحكومة الإيرانية.

بل يجب على الولايات المتحدة أن تبذل جهداً أكبر لتعديل النظام أو تغييره بأسلوب مختلف. والرسالة الأمريكية للشعب الإيراني، ولأي أطراف أخرى في النظام التي ترغب بالتغيير ولديها النية في التخلي عن العناصر الخطيرة للبرنامج النووي الإيراني والسلوك الإيراني، يجب أن لا تركز كثيراً على العقوبات والتهديد بالحرب.

ويجب على الولايات المتحدة أن توضح بشكل مستقل وبالتعاون مع مجموعة الـ5+1 أن هناك حوافز كثيرة مقابل أن تتخلى إيران عن جهودها ذات العلاقة بالأسلحة النووية وتأسيس علاقات أفضل مع الولايات المتحدة. وهذا يشمل إنهاءً سريعاً للعقوبات وحوافز تجارية وذات علاقة بالاستثمارات وتسهيل القيود على تأشيرات السفر وغيرها من الإجراءات التي تُظهر للشعب الإيراني والنظام بأن الولايات المتحدة لديها برامج وأهداف إيجابية واضحة من شأنها أن تدر بالنفع على إيران. وهذا لا يعني التخلي عن العقوبات أو البحث عن الأمن، بل يعني الوثوق بأن السبيل الأنجع لتعديل وتغيير النظام على حد سواء هو عبر خلق مناخ لا يمكن فيه للنظام من استخدام التهديد الأمريكي من أجل تمتين صلابة الشعب الإيراني.

وفيما تلحق العقوبات الضرر بالشعب أكثر من النظام، فهي تؤتي أكلها. ومع استمرار تآكل الوضع الاقتصادي قد يلجأ النظام إلى مقاربات صارمة أكثر من أجل السيطرة على غضب الشعب اتجاه الوضع الاقتصادي. وهذا من شأنه أن يقلق النظام داخلياً، بدلاً من الضغط عليه من قوة خارجية.

انعكاسات السياسة الأمريكية

قد يستغرق الأمر سنوات عديدة من أجل معرفة ما إذا كان الاتفاق بين إيران ومجموعة الـ5+1 سيعالج البعد النووي وبدرجة أقل إلى تقارب أوسع بين إيران وجيرانها من جهة وبين إيران وأمريكا والأعضاء الآخرين في مجموعة الـ5+1 من جهة أخرى. والنجاح يتطلب تنازلات من كلا الجانبين إضافة إلى رغبة من قبل مجموعة الـ5+1 وخصوصاً الولايات المتحدة لتقديم حوافز اقتصادية وسياسية حقيقية لصالح إيران.

لجميع الأسباب التي أوضحت خلال هذا التحليل، لا وجود لاتفاق يمكن أن يكون اتفاقاً مثالياً. فهي مجرد بداية ولا أحد يضمن المستقبل والاتفاق لا يوقف كل نشاط التخصيب الإيراني أو يبعد إيران عن التقنية المتطورة التي وصلت على قاعدتها إلى حافة السلاح النووي. كما أنه لا يبعد إيران عن خيار تسليح صواريخها بنظام توجيه نهائي وتحسين قدرة الفتك لدى رؤوسها الحربية التقليدية.

إن للاتفاق حدوداً تعني بأن الولايات المتحدة يمكن أن تخفف العقوبات فقط في حال تم التوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران وأنها ستستمر في نشر تواجدها العسكري في الخليج وأنها ستواصل تقديم المساعدة للدول الخليجية والعربية الصديقة من أجل تعزيز قدرات قواتها العسكرية ودفاعاتها الصاروخية وأنها ستستمر في ضمان أمن إسرائيل.

في الوقت نفسه، إذعان إيران الكامل للشروط التي وُضعت في الاتفاق الأولي يمكن أن يعالج القضايا الأمنية موضع الاهتمام. فالنقاش الحالي بشأن برامج إيران النووية يُركز على محاولة إبقاء إيران بعيدة عن امتلاك سلاح نووي واحد أكثر مما هو على حاجة إرساء توازن عسكري أكثر استقراراً في الخليج عبر منع إيران من الحصول على قوة نووية جدية ووقوع سباق تسلح نووي في المنطقة. لهو مرجو إبقاء قدرات إيران في حدها الأدنى، لكن من الضروري أيضاً أن يكون ذلك واقعياً.

ولكن، تلك الجهود لا بد من دعمها أيضاً برغبة في إرجاع العقوبات والحفاظ على تعزيز القوات الخليجية العربية والتوضيح بأن الولايات المتحدة تتعهد بمروحة صادقة من خيارات الضربات الوقائية وقوة الردع الممتدة وأشكال أوسع من الاحتواء العسكري.

الخيارات الأمنية الضرورية

النتيجة النهائية تكون بأن سنوات من الجهد الحذر مطلوبة من أجل تحديد ما إذا كان المزج بين عقوبات خارجية ومفاوضات سيؤدي إلى تغييرات أساسية ودائمة في سلوك إيران وتقدمها باتجاه تطوير سلاح نووي. والأسئلة المطروحة أمام الطرفين ستكون حول ما إذا كانت إيران فعلياً جدية وما إذا كانت الولايات والدول الأخرى الساعية إلى إحراز تغييرات ثابتة في برامج إيران النووية ستقدم مزيجاً صحيحاً من الجزر والعصي بُغية تغيير سلوك إيران على أساس دائم.

باختصار، لا بد للولايات المتحدة والأعضاء الآخرين في مجموعة الـ5+1 من بذل كل ما باستطاعتهم من أجل الحد من قدرة إيران على تحسين قدرتها ومنعها من الحصول حتى على سلاح نووي واحد. ولكن هذا لا يعني التوصل إلى اتفاق مثالي يتعدى الشروط المفصلة في الاتفاق الأولي ويبدو أنه من غير المحتمل لأي اتفاق مثالي أن يكون ملموساً على أي مستوى سياسي عملي وتقني.

بل التركيز الأساسي للولايات المتحدة ومجموعة الـ5+1 يجب أن يكون على التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يحرم إيران كلياً من قدرة العمل سرياً على امتلاك قوة نووية فعالة مدعوماً بتوضيح جلي أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى شن حرب استباقية وأن الحالة الفضلى لإيران هي قوة ردع أمريكية ممتدة وتهديد نووي إسرائيلي متزايد وإمكانية قوية لإنشاء قوة نووية سعودية مدعومة بصواريخ ودفاعات جوية أكثر فاعلية.

إعطاء الأولوية للدبلوماسية مع وضع مستويات جديدة من الاحتواء والردع والأمن

إن العقوبات والدبلوماسية هي الأفضل بين مجموعة الخيارات، لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت قادرة على منع تطور إيران باتجاه امتلاك قدرة الأسلحة النووية أو ما إذا كانت المفاوضات الناجحة ستثمر تغييرات بعيدة المدى في العلاقة الأمريكية- الإيرانية. فيجب على الولايات وحلفائها الاستمرار في تطوير الدفاعات الصاروخية الفعالة. كما ينبغي على الولايات المتحدة مواصلة جهودها الأساسية لردع إيران واحتوائها. كما أنها لا بد من الحفاظ على عرض "قوة الردع الممتدة" المفتوحة أمام الدول الخليجية العربية والحلفاء الآخرين في المنطقة.

يجب على الولايات المتحدة أن تبقى جاهزةً لتنفيذ ضربات وقائية. ولا بد لها من الإيضاح بأنه في حال أجرت إيران أي اختبارات نووية أو ثبت تجميعها للأسلحة النووية أو بدأت بنشر أسلحة نووية فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى تبرير استخدام الولايات المتحدة للقوة العسكرية. في الوقت نفسه، يجب على الولايات المتحدة أن تقبل العمل مع الدول الخليجية العربية والحلفاء الآخرين في المنطقة من أجل احتواء إيران على جميع المستويات.

كما لا بد للولايات المتحدة أن تكون جاهزة للحالات الطارئة التي يمكن أن تشعل اشتباكاً كبيراً أو حرباً في الخليج أو ضربات وقائية إسرائيلية ضد إيران أو عمل عسكري أمريكي كبير في حال تصاعدت الأزمة إلى نقطة تُجبر فيها الولايات المتحدة على قصف قواعد إيران الخاصة بالقوات اللا متناظرة أو القوات التقليدية أو التكنولوجيا النووية أو القوات الصاروخية. كما ينبغي لها أن تكون مستعدة للتعامل مع حقيقة أن تجتاز إيران الخطوط الحمراء الهامة. فلا بد للولايات المتحدة وحلفائها من الاستمرار في إيجاد السبل الرامية إلى تحذير إيران من أي جهد إيراني كبير يهدف إلى "إغلاق الخليج" أو اشتباك واسع النطاق بين إيران الولايات المتحدة أو حلفائها من شأنه أن يؤدي إلى عمل عسكري تصعيدي.

ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها أن تكون مستعدة لخطورة عدم تحسن العلاقات على مستوى أوسع. وبذلك يمكن أن تصبح الأعمال العسكرية المحدودة أو الإيضاحية اشتباكات خطيرة ويمكن للحوادث أن تتحول إلى حرب. في الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي تقدم إيران باتجاه امتلاك قدرة الأسلحة النووية إلى دفع إسرائيل لشن ضربات استباقية ما سيُجبر الولايات المتحدة على الاختيار بين شن ضربات خاصة بها "لإنهاء العمل" أو لا تحرك ساكنا وتضيع فرصة تأخير البرنامج النووي إلى فترة أطول من الزمن.

إذا ما استمرت فترة المواجهة والعقوبات إلى سنوات عدة، دون انتقال إيران فعلياً إلى امتلاك الأسلحة النووية، قد يحصل ازدياد مستمر في أسعار النفط وتصاعد الضغط على الاقتصاد العالمي. وهذه الفترة من الوقت ستسمح لإيران أيضاً بتحسين قدراتها اللا متناظرة والمعركة السياسية على نحو ثابت. أما إذا أكملت إيران صنع سلاح نووي خلال تلك الفترة دون أن يحصل رد عسكري أمريكي حاسم، فهذا من شأنه أن يدفع الدول الأخرى إلى تعليق العقوبات أو التظاهر باتخاذ موقف عدائي خوفاً من الانتقام الإيراني.

في الوقت نفسه، جميع الأطراف ذات العلاقة لا بد أن تبقي بالحسبان أن النتائج السياسية والإستراتيجية العالمية لاستبدال خيار العقوبات والدبلوماسية بخيار استخدام القوة لا يمكن التنبؤ بها وتنطوي على مخاطر كبيرة فلا بد لخيار استخدام القوة من أن يكون الحل الأخير. فقد يؤدي استخدام القوة إلى إنهاء أي فرصة للدبلوماسية ويدفع إيران إلى الرد عسكرياً أو استخدام وكلائها وإحداث أزمة اقتصادية خطيرة في العملية.

إن النجاح المؤقت من الضربات الوقائية المحدودة قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إقناع النظام الإيراني بأن الأسلحة النووية هي حاجة مهما كانت التكلفة من أجل البقاء ومنع أي هجمات مستقبلية. كما أنه قد يدفع إيران إلى الانسحاب من اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة والشروع في برنامج شامل وموزع للأسلحة النووية. وقد يؤدي إلى فترة من الاحتواء شبيهة بالحرب الباردة.

إن أي عمل عسكري يجب أن يُنفذ فقط في حال أصبح واضحاً أن النظام الإيراني قد وصل إلى مرحلة لا يمكن ردعه مع وجود دليل قوي على أن إيران تنتج الأسلحة النووية وتنشرها بسرعة. كما أنه يجب أن يحصل فقط بعد أن يكون هناك تقدير دقيق حول المخاطر الناجمة عنه. فشن الحرب سهل مقابل العيش مع نتيجته.

الخيارات الأساسية المنظورة للسياسة الأمريكية

من الناحية العملية، وفقاً للمتغيرات المعقدة لا بد للولايات المتحدة من اتباع الخيارات التالية:

- يجب على الولايات المتحدة أن تفعل كل ما بوسعها للحفاظ على عقوبات الأمم المتحدة والمتعددة الجوانب والأحادية الجانب والتصرف فوراً في حال لم تذعن إيران لشروط الاتفاق الأولي أو الاتفاق النهائي في حال إبرامه. فالوقت لمقاربات تدريجية قد انتهى. وإذا كان لا بد من حل سلمي لهذا النزاع لا بد أن يحصل قبل أن تجري إيران اختبارات لجهاز نووي أو تنشر سلاحاً نووياً. كما لا بد أن يتم قبل أن تنفذ إسرائيل أي عمل وقائي أو تغرق المنطقة في سباق تسلح نووي أو تقوم إيران بإنشاء قاعدة للتكنولوجيا تكون متطورة بحيث يصعب على أساليب التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تكتشف البرنامج السري للأسلحة النووية الإيرانية.

- التوضيح بأن الولايات المتحدة وحلفاءها سيقدمون الحوافز لإيران ثم تعليقها وإعادة العقوبات في حال لم تذعن إيران. ويجب على الولايات المتحدة أن تظهر للبلدان الأخرى أنها ومجموعة الـ5+1 يقدمون لإيران حوافز من أجل تعليق نشاطاتها ذات الصلة بالأسلحة غير الشرعية وشرح وتبرير العقوبات بأساليب يمكن للدول الأخرى في المنطقة فهمها. ولأن تخفيف العقوبات لا يكفي، إيران بحاجة إلى التأكد من أن الولايات المتحدة وبقية أعضاء مجموعة الـ5+1 سيقدمون حوافز لها علاقة بإمدادات النفط والتجارة والاستثمار وتطوير الطاقة. وإذا كانت العقوبات هي "العصا" يجب أن تعمل الولايات المتحدة لضمان أن يكون هناك "جزر" حقيقي وفوري.

- العمل بشكل وثيق مع الحلفاء الأوروبيين والخليجيين والإسرائيليين. لا يمكن للولايات المتحدة أن تضمن بأن يلحقها حلفاؤها إذا لم تتوصل معهم وتستشيرهم وتتعامل معهم كشركاء. ففي هذا المجال لا بد للولايات المتحدة أن تكون شفافة بالقدر الكافي من أجل إقناع العالم بأنها لا تكرر الأخطاء التي ارتكبتها في الذهاب إلى الحرب في العراق وبأنها لن تتصرف بتسرع وبأنها ستستمع كلما حاولت أن تكون هي القائد.

- وضع قضية مقنعة أمام الشعب الإيراني وحلفائها والعالم بأن إيران تسعى إلى امتلاك الأسلحة النووية. فمن غير الكافي الاستشهاد بتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاستمرار في الضغط الدبلوماسي. بل يجب على الولايات المتحدة أن تواصل العمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والحلفاء الأساسيين من أجل إظهار الأخطار الناجمة عن نشاطات إيران والإقناع بمدى التهديد الذي تشكله. ولا بد للولايات المتحدة من أن تشرح كيف يمكن لأزمة في الخليج أن تهدد جميع البلدان، بما فيها البلدان النامية خارج المنطقة. ولا بد من قيام الولايات المتحدة بتلك المسألة عبر الاتصالات الإستراتيجية الفعالة وبشكل موضوعي قدر الإمكان.

- استخدام جهود نقل الأسلحة لزيادة العقوبات. فيجب على الولايات المتحدة أن تضمن بأن لا تنقل الصين وروسيا والدول الأخرى أسلحة متطورة وتقنيات عسكرية إلى إيران، إضافة إلى أي تقنيات وتجهيزات يمكن أن تُستخدم من أجل تطوير الأسلحة النووية. في السنوات القليلة الماضية، انخفضت نسبة شحن الأسلحة الروسية والصينية إلى إيران وهذا الأمر لا بد أن يستمر. في الوقت نفسه، لا بد للولايات المتحدة من العمل مع حلفائها الخليجيين العرب وتركيا من أجل منحهم مزيجاً قوياً من الدفاعات وقدرات الردع ومساعدة إسرائيل في الحصول على الأمن المطلوب من أجل تقليص حافزية الضربات الوقائية والقيام بكل ما أمكن لجعل العراق بلداً آمناً وشريكاً أمنياً حقيقياً.

- العمل مع الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية وحلفائها من أجل تعديل الاتفاقيات الضرورية لضمان الامتثال الكامل للاتفاق الجدي والممكن تحقيقه. ولن يكون كافياً بالنسبة لإيران تخفف حجم المخاوف الفورية التي تتحدث عنها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. بل يجب أن يكون واضحاً بأن أي تفاوض ينتهي باتفاق قابل للتطبيق.

- تفادي التدخل العدائي على شاكلة تغيير النظام، مع دعم الاتصالات الإستراتيجية للمنفيين الإيرانيين وتشجيع الحركة الداخلية باتجاه الاعتدال والديمقراطية. ويجب على الولايات المتحدة أن تركز على تعديل النظام عند التعاطي مع القضية النووية والتهديد في الخليج وترك مسألة تغيير للإيرانيين.

- محاولة منع الإسرائيليين من تنفيذ ضربات استباقية التي من شأنها إنهاء أي فرصة لنجاح المفاوضات. فالهجوم الإسرائيلي لن يدفع الشعب الإيراني إلى إلقاء اللوم على عاتق حكومته أو البرنامج النووي. بل سيؤدي إلى تصلب حول القومية ودعم الحكومة. وفيما العقوبات الجديدة بدأت تلحق الضرر بالشعب وتزيد من حالة الغضب اتجاه الحكومة نظراً لسياساتها الاقتصادية غير المسؤولة، يمكن لضربة استباقية إسرائيلية أن تعكس هذا التقدم الذي استغرق سنوات عديدة.

- دعم التحكم بالسلاح وتعزيز اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة ومنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأدوات اللازمة وجعل حرية عملها خياراً سياسي هام. ولكن، يجدر القيام بهذا الأمر مع العلم أن خيار منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل لن يُطرح قيد التفاوض في شكل جدي في المدى القريب.

على أمل أن يؤدي الاتفاق الأولي إلى الحد من قدرة على إيران على تطوير أسلحة نووية وتقديم القاعدة الأساسية من أجل علاقات أفضل بين إيران والولايات المتحدة وجيران إيران وتخفيف التوترات مع إسرائيل، سيسمح بمستوى من الثورة الداخلية في إيران يمكن أن تحل بديلاً عن أي خيار لتبديل النظام وفي النهاية يجهز الأرضية لأشكال أوسع من التحكم الإقليمي بالأسلحة ويؤدي إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. ولكن الأمل ليس بديلاً للتجربة أو الأعمال الحقيقية الضرورية من أجل تحويل الأمل إلى واقع. 

اعلى الصفحة