اللوحة الثانية: جداريات

السنة الثانية عشر ـ العدد 143 ـ ( ذو الحجة  1434 هـ ـ محرم 1435 هـ) تشرين ثاني ـ 2013 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

الصفحة الأولى عبرة الكلمات

غياب

ضحكتُكَ التي تركتَها هنا.. تسللت من بين أضلعي فوق صدري التّعِبِ.. وحلقت.. تسلقت الجبال صخرةً على إثر صخرةٍ.. وصارت سحابة بيضاء مرصعة بزهرها الأحمر.. لما أعياها التيه.. حطت ضحكتُكَ على جبيني الرَّطبِ.

نجومٌ لا تضيء

لكي نكْبُرَ.. هناكَ مئاتُ الطرقِ.. إلا أن أكثرَها شعبيةً هي السفرْ.. فوضَّبْنا أحلامَنا.. وبضعَ سنينٍ عتيقة.. واتجهنا نحو شطِّ الأمان.. وهناك أغرتنا عباراتُ الترحيبِ الزرقاءُ المصلوبةُ على اللافتات.. أضاعَنا الطريقُ.. وانفرطَ عُقْدُ الأخطاء.. وخَبَا الفجرُ مشدوهاً كئيباً.. وعربَدَ الشقاءُ فتيِّاً لاهثاً.. ليغمِسَ أرواحنا الحُبلى بالأماني في نقيعِِ البؤس.. هذا هو أولُ درسٍ مجانيٍّ تقدِّمُهُ لكَ الأيامُ اللدنة..

ظلامُ السنين

كانَ حظُّنا سيئاً.. لقد كبُرْنا جميعاً.. ومرَّت السنونُ كأيامْ.. تكبُرُ ويضجُّ الشبابُ في ثيابكَ.. تمرُّ هذه الأيامُ.. وأنتَ تمضغُ أحلامَكَ.. ثم تنامْ.. وتركلُ سَنواتِكَ المقرَّرةَ.. إلى ذاكَ الشيءِ الجميلِ الملونِ.. إلى ما نسميهِ عبثاً بحرَ أوهامْ.. ذلكَ الشيءُ المقدود في ذاكرتنا.. نسميه عجزاً حلماً.. حين نعجزُ – عادةً - نلجأ إلى الأحلامْ.. يا إلهي.. "الذاكرةُ ليست على ما يرام"!!.. وتخبطُ بكفك على جبهتكَ...آه تذكرتُ.. إنه "المستقبل".

جواد

تُصرُّ على أن تكونَ "بطلاً".. وتُكرِّرُ: "لكلِّ جوادٍ عثرة".. ناسياً أو متناسياً أنكَ لستَ جواداً!!.. يقتادُكَ التعبُ إلى مجاهلِ اليأسِ.. وتتذوقُ عصفَ الجحيمِ.. وخسفَ الجنونْ.. ولا تدري أين غداً ستكونْ.. كغصنٍ تدلى من شجرةٍ ميتةٍ.. أو بالخريفِ أشبه ما تكونْ.. ليالٍِ تشهقُ بسوادٍ دقيقٍ ذكيٍّ.. يصطادُ كلَّ أشيائِكَ الجميلةِ.. ليُذيبها في محلولِ السكونْ.

ظمأ

تحاولُ.. وكلُّ المحاولاتِ.. تنتهي بالعودةِ من جديدٍ إلى ذات الأسئلة.. التي ترمقك في أعينِ المرآةِ كلما دنوت منها.. أين هي تلك الأيام المضيئةُ الموعودةُ على لسانكَ ألف مرةٍ.. أين هي النجوم.. أين ذلك الدفء الذي تألفه جراحكَ القديمةُ.. ثم آه.. أين هي جراحكَ القديمةُ.. هي الأخرى هَجَرَتْ مع كل من هَجَرَكَ..!!

ألم

امتصت الأرضُ الكلامَ.. وبقينا حيث لا شيء يغرقُ.. وها أنتَ.. الآن.. في قعر هذه الليلة الرتيبة.. التي حفلت باستدعاءات متعاقبة لترادفٍ مُلِحٍّ بين عمرين.. وزمنين ومكانين.. تهيلُ تُربَ ذاكرتكَ الموؤدةِ بحثاً عن مظانٍّ جديدةٍ للألم الذي يتلوى داخلكْ.. من ألهب فيكَ الألم.. من؟

هناك

في مكانٍ ما.. كُنتَ هناكَ.. بعيداً عن كلِّ هذا الضجيجِ.. الذي يتغذَّى على ألوانٍ من البِشْرِ.. هناك.. حيثُ القمرُ الذي يملأُ السماءَ.. حيثُ.. السحابُ الذي يُجلْجِلُ في كل مكان.. حيث.. اللهفةُ المجنونةُ للمطر.. حيثُ التسبيحُ بحمد الله.. وذلكَ الوجلُ اللذيذُ.. الذي يذيبُ أرواحنا.. ويغسل قلوبنا.

هموم

آهٍ منها هذي الهمومْ.. آهٍ من أهاتكَ والهمومْ.. تَقْذِفُ بكَ بَعدَ سنين وتعلنُ: "غيرُ صالحٍ للحياة ".. وتدومْ.. يحوطكَ السوادُ.. لتعرفَ بعدِ فواتِ الهطولِ..أنكَ حين تقعُ سوف لن تقومْ.. أنَّ الحياةَ.. كائنٌ حيٌّ.. يقتاتُ الموتَ ويفرِزُ الأطيافَ.. أفعى بكلِّ مفترقٍ من اليأسِ.. تبثُّ السمومْ.

زلزلةُ الخطرْ

أيقظتَني أيقظتَ قلبي فاشتعلتُ مع المطرْ‏.. عوَّدتني أن ألتقيكَ بكلِّ خافقةٍ وأُزهرُ في الوترْ.. وأنا فؤادُكً إذ يهلُّ، أنا المدائنُ والحياة.. أنا المُكَوْكَبُ بالثّمرْ.. روحي‏ مكاني حيثُ تحلمُ أن تحطَّ بعدَ زلزلةِ الخطرْ

الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي 

النابغة الذبياني ـ طلب الدنيا

مَنْ يَطلبِ الدَّهرُ تُدْرِكْهُ مَخَالِــبُهُ    وَالدَّهـرُ بالوِتْرِ نَاجٍ، غَيْرُ مَطلوبِ

مَا من أُنَاسٍ ذَوِي مَجْــدٍ وَمَكْرُمَةٍ   إلاَّ يَشُـدُّ عَلَيْهِم شِــــدَّةَ الذَّيْبِ

حَتَّى يُبِيدَ، عَلَى عَمَدٍ سَــرَاتَهُـمُ    بالنّافِذَاتِ مِنَ النَّبْـلِ المَــصَاييبِ

إنّي وَجَدتُ سِهَامَ المَوتِ مُعرِضَةً     بِكُلِّ حَتْفٍ مِنَ الآجَــالِ، مَكْتُوبِ

الشافعي ـ مكارم الأخلاق

عَفَوّتُ ولم أَحْقـد عَلى أَحَــدٍ     أَرَحْتُ نَفسِي من هَمْ العَـدَاوات

إِنْي أُحَيّيِ عَـدُوِّي عِنْدَ رُؤيَتِـه     لأَدْفَـعَ الشَّـر عَنِّي بالتَحِيَّـات

وَأُظْهِـرُ البِشْرَ للإِنْسان أَبْغُضُهُ      كَمَا إنْ قَدْ حَشَى قَلْبِي مَحَبَّـات

عبد الله بن المبارك  ـ عداوة الحاسد

كُلُّ العَـدَاوَةِ قَد تُرْجَى إمَاتَتُهَا     إلاَّ عَدَاوَةُ مَنْ عَادَاكَ مِنْ حَسَدِ

فَإنَّ فِي القَلبِ مِنْهَا عُقْدَةً عُقِدَت    وَلَيْسَ يَفْتَحُهَــا رَاقٍ إلَى الأبَدِ

إلا الإلَهُ فإنْ يَرْحَــمْ تُحَلُّ بِه     وَإنْ أبَاهُ فلاَ تَرْجُوهُ مِنْ أحَـدِ

أم عمرو بنت مكدِم ـ رثاء

ما بالُ عَينك مِنها الدمعُ مِهــراقٌ      ســحّاً فَلا عازبٌ عنها ولا راقِ

أَبكي على هالكٍ أَودى فَــأَورَثني      بَعدَ التفرّقِ حُزناً حــــرّه باقِ

لَو كانَ يُرجعُ ميتاً وجدُ مُشــفِقَةٍ       أَبقى أَخي سـالماً وجدي وَإِشفاقي

أَو كانَ يُفــدى لَكانَ الأهلُ كلُّهمُ       وَمـا أُثَمِّــرُ مِن مـالٍ له واقِ

لَكِن ســـهامُ المَنايا مَن نصبنَ له     لَـم يُنْجِهِ طبُّ ذي طبٍّ ولا راقِ

فَاِذهَب فَلا يبعدنك الله من رجــلٍ      لاقى الّذي كلُّ حيٍّ مثلُــهُ راقِ

فَســوفَ أَبكيكَ ما ناحَت مطوّقةٌ       وَما سَرِيَتُ مَعَ السَّاري على ساقِ

تميم الفاطمي ـ فعلُ العيون

إن كانت الألحاظُ رُسْـلَ القلوبْ       فِينا فمـــا أَهْونَ كَيْدَ الرّقيبْ

قَبَّلتُ من أَهْوى بعيني ولـــم       يشـــعر بتقبيليَ خَدُّ الحبيبْ

لكنّه قــــــد فَطنَتْ عينُه      بســرِّ عيني فطْنَةَ المُسْتَريبْ

إن كان عِلمُ الغيبِ مُسْــتَخْفياً       عنّا فعندَ اللّحظ علــمُ الغيوبْ

باحثةُ البادية ـ الدين والوفاء

إن الفتاةَ حديقــةٌ... وحــياؤها        كالماء مــوقوفاً عليه بقاؤهـــا

بفروعها تجـري الحياةُ فتكتســي       حُـللاً يروقُ الناظراتِ رَوَاؤهــا

إيمانُهـــا بالله أحســـنُ حليةٍ        فيها فإما ضاعَ.. ضاعَ بهــاؤها

لا خير في حُسْــنِ الفتاةِ وعلمِها       إن كان في غير الصلاح رضاؤها

فجمالُهـــا وقفٌ عليها إنمـا       للناس منها دينُهــــا ووفاؤها

 

  

اعلى الصفحة