عشرون عاماً على مسيرة أوسلو – الميزان
(الجزء الثاني والاخير)

السنة الثانية عشر ـ العدد 143 ـ ( ذو الحجة  1434 هـ ـ محرم 1435 هـ) تشرين ثاني ـ 2013 م)

بقلم: ترجمة وإعداد: حسن سليمان

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

معد أبحاث الأمن القوي - شلومو بروم
 

معايير الاختبار

عندما نحاول فحص مسيرة سياسية معقدة في موضوع على هذا القدر من الخلاف مثل مسيرة أوسلو، يطرح على الفور سؤال مقاييس فحص المسيرة. ولا يمكن للاختبارات أن تكون منقطعة عن التعريف – الذي هو بالتأكيد سياسي – للأهداف الوطنية، أو بتعبير آخر – الرؤيا الوطنية لإسرائيل. فمن ناحية محبي بلاد إسرائيل الكاملة، فان الهدف الوطني الأساس هو السيادة الإسرائيلية الكاملة على كل أراضي بلاد إسرائيل التاريخية. من ناحيتهم، مسيرة أوسلو هي فشل منذ لحظة ولادتها لأنها وضعت لنفسها هدفا ولد في الخطيئة، وهو يتناقض مع الهدف الوطني الأساس لإسرائيل.

كان واضحاً لمبادرِيْ المسيرة بأنه لن تكون إمكانية للوصول إلى اتفاق دائم دون تقسيم أرض بلاد إسرائيل التاريخية بين إسرائيل والفلسطينيين.

لغرض هذا المقال، فان الاقتراح هو تبني التعريف التالي للرؤيا الوطنية الإسرائيلية، التي تتلاءم على ما يبدو وفهم مفكري مسيرة أوسلو: "ضمان وجود إسرائيل بصفتها الدولة القوية الديمقراطية للشعب اليهودي". ثمة في هذا التعريف ثلاثة عناصر مركزية: الوجود، الدولة القومية اليهودية والدولة الديمقراطية، ومن هذه العناصر تنشأ الحاجة للوصول إلى اتفاق دائم مع الفلسطينيين ينهي النزاع معهم، على أساس مبدأ دولتين للشعبين. لا يوجد سبيل لضمان وجود أغلبية يهودية صلبة في دولة إسرائيل – الذي هو الشرط لوجود إسرائيل دولة القومية الديمقراطية للشعب اليهودي – دون تطبيق حل الدولتين للشعبين. ولكنه لا يمكن أيضاً ضمان الوجود دون الضمان بان في نهاية المسيرة ينشأ واقع آمن، يسمح لإسرائيل بأن تتصدى بنجاح للتهديدات الأمنية.

على أساس هذه الفرضيات، فإن المعيارين الأساسيين المقترحين هما:

1. إلى أي حد نجحت المسيرة في أن تقربنا من تحقيق هدف حل الدولتين.

2. بأي قدر حوفظ على أمن إسرائيل في المسيرة. لهذين المعيارين ثمة معنى لأن يضاف مقياس ثالث، وهو كم كانت المسيرة ناجعة وصحيحة. فسواء انتهت المسيرة بنجاح أم بفشل في تحقيق الأهداف، فإن ثمة معنى للسؤال ما هي أسباب النجاح أو الفشل؛ وهل كان ممكناً عمل ذلك بشكل أفضل؛ ما هي الأمور الصحيحة التي تمت في إطار المسيرة وما هي الأخطاء.

مدى تحقيق هدف ضمان هوية إسرائيل عبر حل الدولتين لا خلاف في أن إسرائيل لا تزال بعيدة عن تحقيق هذا الهدف. فمسيرة أوسلو لم تنجح في منع استمرار الوضع الراهن للسيطرة الإسرائيلية في يهودا والسامرة (الضفة)، واستمرار اتساع مشروع الاستيطان والمعنى هو أن إسرائيل تنزلق إلى واقع دولة ثنائية القومية ليست حقاً دولة ديمقراطية وذلك لأنه يوجد جمهور كبير من الفلسطينيين لا يتمتع بحقوق المواطن.

 ولكن لا ينبغي الاكتفاء بهذا الجواب فقط، وذلك لأنه هكذا نتجاهل إمكانية أن تكون ضرورات موجودة تجعل من الصعب جداً تحقيق الهدف الكامل، أو للأسف، تطيل جداً المسيرة التي لا تزال نهايتها صعبة على الرؤية. واستتباعاً لهذا السؤال، هناك معنى لأن نسأل أليس هناك أهداف وسطى يقرب تحقيقها إسرائيل من تحقيق الأهداف المنشودة، وبأي قدر تحققت الأهداف الوسطى. عند محاولة الإجابة على هذه الأسئلة أيضاً يكون الجواب أكثر تركيباً.

أولاً، أدت مسيرة أوسلو بطريق ملتوٍ إلى فك الارتباط أحادي الجانب عن قطاع غزة. ومن الصعب الافتراض أن إسرائيل كانت ستصل إلى ذلك لولا هذه المسيرة. فقد كان فك الارتباط عن غزة خطوة أولى هامة لضمان الفصل بين إسرائيل والكيان السياسي الفلسطيني. وثانياً، وكنتيجة لمسيرة أوسلو تبلور لدى الجمهور الإسرائيلي والفلسطيني تأييد واسع لحل الدولتين وثمة أغلبية صلبة تؤيد هذا الحل. ولا يشكل الرأي العام الإسرائيلي عائقاً حقيقياً أمام تطبيق الحل. ثالثاً، تشكلت في المناطق الفلسطينية نواة كيان سياسي إقليمي فلسطيني في شكل السلطة الفلسطينية، وجرى البدء بعملية بناء دولة فلسطينية ومؤسساتها بما في ذلك أجهزة أمن تقيم تعاوناً وثيقاً مع أجهزة الأمن الإسرائيلية. وأخيراً "ذبحت" في أثناء المسيرة العديد من "البقرات المقدسة"، والتي شكلت عوائق جدية في وجه إمكانية تطبيق حل الدولتين، ولهذا فقد تقلصت جوهرياً فجوات هامة بين الطرفين. ومثال نموذجي عن مثل هذه "البقرة المقدسة" هو "القدس الموحدة لأبد الآبدين".

 لا يمكن لنا أن نفهم أهمية هذه الانجازات دون فحص للوضع السياسي الإسرائيلي – الفلسطيني عشية انطلاق مسيرة أوسلو. فحتى فوز اسحق رابين في انتخابات 1992، كانت تحكم إسرائيل على مدى 15 سنة إيديولوجيا بلاد إسرائيل الكاملة. وكان اسحق شامير، الذي كان رئيس الوزراء قبل اسحق رابين، وافق على الانضمام إلى مسيرة مدريد (أواخر 1991) وإجراء مفاوضات مع الدول العربية، ولكن نيته كانت التسويف لغرض تحقيق رؤيا بلاد إسرائيل الكاملة. وكانت قنوات المفاوضات الثنائية مع سوريا ومع الأردن في إطار مسيرة مدريد قنوات عابثة، لم  تعقد فيها مفاوضات جدية. ولم يوافق شامير على إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين، ولهذا ضم الوفد الأردني مندوبين فلسطينيين، زعم أنهم يمثلون الفلسطينيين المحليين في المناطق المحتلة. أما عملياً فقد عينتهم م.ت.ف لأنه لم يكن أي فلسطيني مستعداً لأن يكون عضواً في وفد المفاوضات دون إقرار م.ت.ف وتوجيهها. وكان إبقاء على الوضع الراهن في المناطق ومواصلة مشروع المستوطنات هي الأهداف الحقيقية لإسرائيل، في ظل تجاهلها لخطر الانزلاق إلى دولة ثنائية القومية وغير ديمقراطية. وكانت ثمة صعوبة جمة في تحطيم هذا الواقع، والمفاوضات التي أدت إلى التوافق على إعلان المبادئ والشروع في مسيرة أوسلو هي التي أحدثت التغيير.

ضمان أمن إسرائيل

لقد انطوت مسيرة أوسلو على الأخذ بمخاطر أمنية، لم يكن بدونها أي سبيل للتقدم إلى اتفاقات سياسية وغيرها مع الأطراف العربية. وحتى قرار بسيط مثل السماح للعمال الفلسطينيين بالعمل في إسرائيل – كان معناه مخاطرة أمنية معينة. والسؤال هو هل كان الأخذ بالمخاطر متوازناً، وهل اتخذت الخطوات المناسبة لتقليص هذه المخاطر.

لقد نبعت المخاطر الأمنية الملموسة من الاستعداد لمنح السلطة الفلسطينية صلاحيات أمنية في قسم من المنطقة، وفي هذا الإطار السماح لهم بتشكيل قوات مسلحة بحجم محدود ومع سلاح محدود، وكذا من الموافقة على الدخول إلى المناطق لفلسطينيين من منظمات م. ت. ف كانوا يشاركون في الماضي في أعمال الإرهاب.

كما أن ثمة ادعاءً سائداً بأن المسيرة نفسها خلقت لدى محافل فلسطينية مختلفة الدافع لاستخدام العنف، والحافز للثورة ضد الاحتلال الإسرائيلي في ظل استخدام السلاح، مثلما وجد الأمر تعبيره في الانتفاضة الثانية. والادعاء هو أنه لو لم يرفع مستوى توقعات الفلسطينيين، لما كان رد فعلهم مثلما كان. بمعنى أنه لو لم يذهب باراك إلى مؤتمر كامب ديفيد، لما كانت انتفاضة ثانية. وعند فحص العلاقة بين العنف الفلسطيني والمسيرة السياسية، فإننا نجد بالفعل بعض الأحيان تناسباً إيجابياً يمكن أيضاً شرحه. فقد سعت منظمات الإرهاب إلى إفشال المسيرة السياسية عبر العمليات. وبالفعل، فإن توقيت اندلاع الانتفاضة الثانية هو الآخر كان مرتبطاً بالإحباط الذي نبع من فشل قمة كامب ديفيد. والسؤال هو أما كان يمكن لعنف فلسطيني مشابه أن يندلع حتى دون مسيرة أوسلو. مع كل ما في تحليل السيناريوهات التي لم تقع من هذا النوع من صعوبة، فان الجواب المحتمل لهذا السؤال يمكن استخلاصه من تحليل تاريخ السيطرة الإسرائيلية في المناطق. فقد تميزت هذه بموجات من اندلاع العنف. ومثال بارز على ذلك هو الانتفاضة الأولى. فقد اندلعت بسبب إحباط متراكم في ظل غياب مسيرة سياسية. ومع أنها بدأت كانتفاضة شعبية دون استخدام للسلاح، إلا أنها تدهورت بعد وقت ما إلى استخدام السلاح. وبشكل عام يمكن لنا أن نرى تكراراً معروفاً مسبقاً يبدأ فيه الفلسطينيون بالانتفاض على الاحتلال باستخدام السلاح. وتنجح أجهزة الأمن الإسرائيلية في التغلب على خلايا الإرهاب وتصفيتها، ويتبلور اعتراف لدى الفلسطينيين بأنهم لن ينجحوا في تحقيق هدفهم باستخدام العنف وعندها يبحثون عن سبيل آخر – انتفاضة شعبية أو طريق سياسي – ولكن هذا أيضا فشل. وفي هذه الأثناء تمر السنين وينشأ جيل جديد من الشبان لم يشعر على جلدته بثمن استخدام العنف، فيعود إلى طريق العنف وهلم جرا. الافتراض في أنه إذا لم تكن مسيرة سياسية ترفع توقعات الفلسطينيين فإنهم سيسلمون بالاحتلال ولم يستخدموا العنف، يبدو مدحوضا. وبالمناسبة، في هذا السياق، يبدو أن فوز اسحق رابين في انتخابات 1992 قد تحقق، بقدر كبير، بتأثير موجة من الإرهاب الشعبي الفلسطيني العفوي في فترة ما قبل الانتخابات.

 أما بالنسبة للمخاطر الأمنية المباشرة التي نبعت من تسليح الفلسطينيين ودخول إرهابيين سابقين إلى المناطق، مشكوك أنه كان لمعظمهم دور مركزي، غير النفسي، في الثمن الأمني الذي دفعته إسرائيل في مسيرة أوسلو. فقد كان في  المناطق الفلسطينية سلاح غير قليل حتى قبل ذلك. ومعظم الخسائر التي لحقت بإسرائيل كانت في العمليات الانتحارية. وقد استندت هذه إلى مادة متفجرة معدة محلياً لم تكن لها أي صلة بسلاح السلطة الفلسطينية. وكاد زعماء الإرهاب و"مهندسون" على أنواعهم يكونون جميعهم من "إنتاج محلي". ولم تشكل أجهزة الأمن الفلسطينية نفسها مشكلة حقيقة لقوات الأمن الإسرائيلية، وإن كان أفراد منها انضموا إلى العمليات الإرهابية. أما "الإرهابيون الشيوخ" ممن عادوا من تونس إلى المناطق فلم يشكلوا المشكلة الحقيقية. وبالفعل، خلق الاتفاق الانتقالي وإقامة السلطة الفلسطينية قيوداً على حرية عمل قوات الأمن في المناطق(أ) حيث المسؤولية الأمنية حسب الاتفاقات كانت في يد الفلسطينيين. وكان الافتراض في أنه سيكون التعويض عن ذلك عبر التعاون الأمني مع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية. وبرر هذا الافتراض نفسه في جزء من الفترة فقط. ولكن حين تبين أن الفلسطينيين لا يفون بتعهداتهم، لم يخلق الاتفاق واقعا منع الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن من أن تستعيد لنفسها حرية العمل في حملة "السور الواقي" وفي الأعمال المتواصلة بعدها.

إن أحد الاعتبارات الأساس التي ينبغي أن تؤثر على أخذ المخاطر الأمنية هو منع وضع تصبح فيه غير قابلة للتراجع. وأخذت الترتيبات الأمنية التي تقررت في الاتفاق الانتقالي بالحسبان هذا الاعتبار، وفي نظرة إلى الوراء تبين أنها كانت في محلها. ولم تشكل قوات الأمن الفلسطينية عائقاً ذا مغزى في وجه استعادة حرية العمل الأمني الإسرائيلية. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الواقع الأمني المستقر الذي نشأ بعد الانتفاضة الثانية ومساهمة مسيرة أنابوليس، مع صفر عمليات تقريبا وتعاون وثيق من أجهزة الأمن الإسرائيلية والفلسطينية تسمح بالعودة التدريجية إلى شروط الاتفاق الأصلية، وعلى رأسها حرية العمل الأمني الكاملة لإسرائيل.

 ولكن البحث الكامل في الآثار الأمنية لمسيرة أوسلو ليس ممكناً إذا امتنعنا عن البحث في المساهمة الإسرائيلية في خلق مشاكل الأمن، ابتداء من المذبحة التي ارتكبها باروخ غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي وفي ردود الفعل الإسرائيلية على هذه المذبحة، والتي في إطارها كان السكان الفلسطينيون في الخليل هم الوحيدين الذين عوقبوا على المذبحة، بما في ذلك الأعمال الإسرائيلية الاستفزازية. وفي أثناء هذه الفترة تبلور نمط عمل يتمثل في أنه كلما ظهر احتمال لاستقرار الواقع الأمني، اتخذت إسرائيل أعمالاً أشعلت الأجواء من جديد. وثمة على ذلك بضعة أمثلة باردة. الأول هو تصفية يحيى عياش، "مهندس" حماس في قطاع غزة في كانون ثاني 1996. وقد صفي بقرار رئيس الوزراء شمعون بيريز بعد أن توصل عرفات إلى الاستنتاج بأنه لا يمكنه أن يواصل اللعب مع محافل الإرهاب وأنه ملزم بالعمل ضدها بجدية. وقد عملت أجهزة الأمن الفلسطينية في هذه الفترة بتعاون مع نظيرتها الإسرائيلية. كما مارس عرفات ضغطاً سياسياً جديداً على زعماء حماس وحملهم على اتخاذ قرار بوقف الإرهاب. وأدت تصفية عباس إلى موجة فتاكة من العمليات الانتحارية وكانت لها آثار جسيمة على السياسة الإسرائيلية. في أيلول 1996، وبعد أن أدى التعاون بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى استقرار أمني، قرر نتنياهو فتح نفق المبكى، ما أدى إلى انفجار المواجهات بين الطرفين على الرغم من أنه كان في الخلفية توتر بسبب عدم التزام إسرائيل بتعهداتها في الاتفاق الانتقالي والامتناع عن استئناف المفاوضات. وفي كانون الثاني 2002 صادق رئيس الوزراء ارئيل شارون على تصفية المسؤول الكبير في منظمة فتح، رائد الكرمي في طولكرم.  وقد جاءت هذه التصفية بعد أن توصل عرفات في أعقاب العمليات في البرجين التوأمين في نيويورك في 11 أيلول 2001  إلى الاستنتاج بان استمرار الانتفاضة العنيفة يلحق ضررا بالقضية الفلسطينية، كونه يخلق تماثلا بين القاعدة وبين الفلسطينيين. وقد اتخذ أعمالاً جدية لوقف العمليات واستقرار الوضع الأمني بنجاح بارز. فقد انخفض حجم العمليات في الفترة ما بعد هذا القرار إلى نحو الصفر. أما تصفية الكرمي فقد أوقفت هذه المسيرة وأدت إلى الاستئناف الكامل لدائرة العنف حتى "آذار الأسود" (2002) والذي قتل فيه 135 إسرائيلياً في عمليات انتحارية.

 لقد دفعت إسرائيل الثمن الأمني الأساس في الانتفاضة الثانية. ولا تزال حاجة ماسة إلى بحث حقيقي في إطاره توضع فيه كل المواد (بما فيها السرية) تحت تصرف الباحثين لمحاولة تحديد أسباب اندلاع الانتفاضة، ولماذا كانت على هذا القدر من التواصل والدموية. وسيتعين على هذا البحث، أولاً أن يدرس المسألة موضع الخلاف العميق – هل الزعامة الفلسطينية (عرفات) خططت للانتفاضة، أم أن هذه كانت انفجاراً شعبياً، وأخطأ عرفات حين قرر "امتطاء ظهر النمر". مسألة مركزية ثانية هي هل ساهمت إسرائيل في نشوء وارتقاء الانتفاضة الثانية، تواصلها وطابعها الإجرامي بسبب رد فعلها غير المتوازن حين بدأت. ثمة صلة بين الأجوبة على السؤالين، وذلك لأنه إذا لم تكن الانتفاضة الثانية مخططة لكان من المحتمل جداً أن يكون ممكناً كبح جماحها ووقفها في مرحلة مبكرة – قبل أن يسفك دم فلسطيني كثير وينشأ دافع عال جداً للثأر – بذات الشكل الذي صد فيه التصعيد في أعقاب فتح نفق المبكى في 1996.

 إن محبي نظريات المؤامرة على أنواعهم يمكنهم ظاهراً أن يستنتجوا بأنه توجد هنا سياسة إسرائيلية ثابتة تقضي بمنع الاستقرار والهدوء الأمني. يبدو أن هذا الادعاء ليس صحيحاً على نحو ظاهر. فهذه الحالات تعكس بقدر أكبر مشاكل في اتخاذ القرارات وفي التفكر مما تعكس النوايا المبيتة. فقرارات مثل تصفية عياش وكرمي لم تنبع من سياسة واعية لمنع الهدوء بل من إغراء الفرصة التنفيذية في ظل تجاهل الآثار المحتملة لهذه الأعمال.

تحليل عملية المفاوضات

 إن الانتقاد المركزي على مسيرة أوسلو هو كونها تقوم على أساس تسويات انتقالية، دون اتفاقات بشأن أهدافها النهائية. فقد اتفق الطرفان على تأجيل المفاوضات على المواضيع الحساسة للاتفاق الدائم – الحدود، القدس واللاجئين، والاكتفاء باتفاقات انتقالية على حكم ذاتي فلسطيني. وكان الافتراض أن هذه ستكون مسيرة بناء ثقة، تسهل لاحقا النقاش في مواضيع التسوية الدائمة. أما عملياً، فقد أعطت التسويات الانتقالية فرصة للمحافل المعارضة للاتفاق في الطرفين  لإفشال المفاوضات، من خلال استخدام العنف. كما أنها خلقت دافعاً لدى الطرفين لأن يحققا لكل طريق ممكن ذخائر تسمح لهما بترسيخ مواقفهما. وكانت يد إسرائيل في هذه العملية هي العليا، لأنه يوجد عدم تماثل للقوة في صالح إسرائيل. وهكذا مثلاً، خلقت المسيرة دافعا قويا لتوسيع المستوطنات. والمسيرة التي كان يفترض بها أن تكون بناء ثقة أصبحت مسيرة هدم ثقة. ولهذه الأسباب يدعي المنتقدون بأنه كان من الأفضل لو أن المفاوضات بدأت في كل المواضيع الجوهرية للاتفاق الدائم.

واستناداً لهذا الانتقاد ينبغي لنا أن نفحص أولاً، هل البديل المقترح كان قائماً وعملياً، وثانياً، هل كانت مسيرة أوسلو أفضل من البديل الإضافي لمواصلة الوضع الراهن وغياب كل مفاوضات ناجعة على تسوية مع الفلسطينيين. وعلى السؤال الثاني سبق ان جاء جواب في المقال حيث ورد أن استمرار الوضع الراهن مثلما كان في عشية مسيرة أوسلو كان البديل الأسوأ. يبدو أن الجواب على السؤال الأول هو الآخر سلبي. فبديل المفاوضات الناجعة على جوهر التسوية الدائمة لم يكن واقعياً. والنقاشات العابثة في مجموعة المفاوضات الإسرائيلية – الأردنية – الفلسطينية، التي عملت كجزء من مسيرة مدريد، والاتصالات المتواصلة في القنوات المختلفة بين إسرائيل و م.ت.ف – أوضحت بان الطرفين غير ناضجين بما فيه الكفاية للمفاوضات على التسوية الدائمة، وللاثمان التي يتعين عليهما أن يدفعاها في المواضيع الحساسة. وهذا الادعاء صحيح على نحو خاص للطرف الإسرائيلي – الجمهور وزعمائه. ويكفي أن نرى الصعوبة التي كانت للزعامة الإسرائيلية التي كانت في الحكم في كل الألوان، من يسار أو يمين، كي يتفوهوا بتعبير "حل الدولتين للشعبين"، والنطق بعبارة "دولة فلسطينية". وحتى في الفترة اللامعة للمسيرة، عندما دارت مفاوضات ناجعة ووقعت اتفاقات، لم ينبس رئيس الوزراء رابين ولا وزير الخارجية بيريز بهذه التعابير. وفي العام 1999 فقط، عندما بدأت الاستعدادات للمفاوضات على التسوية الدائمة ولم يعد ممكنا التملص من القول ان النتيجة النهائية ستكون إقامة دولة فلسطينية بدأ التعبير يكون دارجا على السنة الشخصيات الإسرائيلية الحاكمة أيضاً. ولا غرو أن الطرفين تمسكا بالسابقة التي أعطت شرعية للمسيرة: اتفاق كامب ديفيد بين رئيس الوزراء مناحيم بيغن والرئيس المصري أنور السادات. فقد تقرر في هذا الاتفاق أن تعقد مفاوضات بين الطرفين على حكم ذاتي فلسطيني. وبدت هذه للطرفين مرحلة أولى مريحة قبل الدخول إلى المفاوضات على التسوية الدائمة. كما يجدر بالذكر أن سابقة اتفاق السلام مع مصر جسدت أهمية التسويات الانتقالية كخطوات لبناء الثقة، أتاحت لاحقاً مفاوضات ناجحة على اتفاق السلام. فاتفاق فصل القوات في سيناء والذي وقع في عهد حكومة رابين الأولى (1974) وضع الأساس للتوقيع على اتفاق السلام مع مصر بعد نحو خمس سنوات.

إذا ما قبلنا بهذه الاستنتاجات فإن المرحلة التالية اللازمة في فحص مسيرة أوسلو هي أن نفحص هل كان تحول المسيرة إلى مسيرة هدم الثقة، انهيار المسيرة والأثمان الأمنية التي دفعت أمراً محتماً، أم أنه ارتكبت من الجانب الإسرائيلي أخطاء كان ممكناً منعها، وهي – مضافة إليها أخطاء مشابهة في الجانب الفلسطيني، مثل الامتناع في مراحل مختلفة عن العمل الحازم ضد الإرهاب – أدت إلى انهيار مسيرة أوسلو. جواب جزئي جاء على ذلك في التحليل الأمني. كما أن للسلوك الأمني الإسرائيلي كانت مساهمة في التدهور.

بالنسبة للمفاوضات نفسها، بداية على التسويات الانتقالية، ولاحقا على التسوية الدائمة، تطرح عدة أسئلة مركزية:

 1. العلاقة بين إدارة المفاوضات في طواقم متخصصة وبين لقاءات الزعماء.

2. الموقف من الأحداث الخارجية.

3.  المفاوضات العلنية حيال الاتصالات السرية.

4. كيف تتبلور المواقف الأولية، ومسألة الخطوط الحمراء.

5. كيف يبقى على الزخم؟

6. كيف تمنع تطورات على الأرض تضر بفرص الوصول إلى اتفاق؟

 طبيعة إدارة المفاوضات – أن مفاوضات مركبة مثل تلك التي بين إسرائيل والفلسطينيين مضنية وتستغرق زمنا طويلا جدا. فلا يمكن إدارتها بين الزعماء ذوي الانشغالات الكثيفة. فهؤلاء لا ينبغي أن يتدخلوا فيها إلا عندما يكون مأزق وتكون حاجة إلى حل مشكلة معينة، أو في نهايتها، عندما يكون تحقق توافق في معظم المواضيع بين أطقم المفاوضات، وتكون حاجة إلى تدخل الزعماء لأجل التغلب على العوائق القليلة الأخيرة. في أحيان قريبة، يخطئ الزعماء الإسرائيليون بالتعلل بالوهم في أنه يمكنهم أن يجملوا وحدهم الأمور مع الطرف الآخر. ولكن اللقاءات بين الزعماء هي أحداث دراماتيكية وتأسيسية. إذا لم تعد كما ينبغي وإذا ما خلف الزعماء قدرا أكبر مما ينبغي من المواضيع التي لم يتفق عليها مسبقا، فالنتيجة هي بشكل عام فشل له آثار واسعة. ومثال بارز على ذلك هو فشل أيهود باراك في مؤتمر كامب ديفيد 2000.

 أحداث خارجية – توجد أنواع مختلفة، من المهم على نحو خاص ذكر اثنين منها: استخدام العنف من جانب جهات ترغب في تفجير المفاوضات، وتطورات سياسية تخلق إحساساً بالإلحاح. فاستخدام العنف يطرح دوما السؤال هل ينبغي مواصلة المفاوضات. لقد ثبت اسحق رابين الجملة التالية، على أساس قول بن غوريون من عهد الحرب العالمية الثانية (بالنسبة لسلطات الانتداب البريطاني): "نكافح الإرهاب وكأنه لا توجد مفاوضات، ونجري المفاوضات وكأنه لا يوجد إرهاب". ولكن حتى رابين لم يعمل بموجب هذا القول، وجمدت المفاوضات في حالات عديدة بسبب العمليات، وليس دوما لان الطرف الفلسطيني لم يتعاون في مكافحة الإرهاب، بل بسبب الخوف من الرأي العام. وكان الأساس في قول رابين هو الافتراض انه لا ينبغي منح جائزة للمبادرين بالإرهاب من خلال وقف المفاوضات. كان ينبغي، بالتالي، العمل بشكل ثابت بموجب هذه السياسة. درس مركزي آخر لمسيرة أوسلو هو أنه كان ينبغي الاجتهاد لتجاهل أحداث خارجية تخلق إحساساً (مصطنعا في أحيان كثيرة) بالإلحاح. وهكذا مثلاً، ذهب أيهود باراك إلى مؤتمر كامب ديفيد في ظروف انعدام النضج فقط لان ولاية الرئيس كلينتون كان توشك على الانتهاء. وكانت النتيجة، في أحيان كثيرة، إدارة مغلوطة للمفاوضات وخلق الظروف التي تؤدي إلى فشلها.

العلنية مقابل السرية – عندما تدار المفاوضات بشكل علني جدا، يمكن بسهولة الاستنتاج بأن الطرفين المشاركين غير معنيين بنجاحها، وأنهما يستدعيان فشلها. بداية يجب أن تبنى ثقة متبادلة تؤدي إلى تفاهمات أساسية في اتصالات سرية. ثمة أهمية كبيرة للأجزاء العلنية من المفاوضات، لان الطرفين يحتاجان إلى نيل التأييد في الرأي العام، ولكن يجب الحرص على ألا يلحق جراء ذلك ضرر في نجاعة المفاوضات. فإدارة المفاوضات في وسائل الإعلام تضر بالثقة المتبادلة، وينبغي أن يعزى لها بعض من أسباب المأزق في السنوات الأخيرة.

الموقف الأولي والخطوط الحمراء – في حالات عديدة دخلت إسرائيل إلى المفاوضات وهي تستند إلى الافتراض بأن إدارتها تشبه محاولة الوصول إلى صفقة في سوق الشرق الأوسط. يصل الطرفان إلى المداولات مع مواقف بعيدة عن مواقفهم ولهذا فلديهم مساحة واسعة للحل الوسط. هذا افتراض متعال على الشريك في المفاوضات وغير صحيح على حد سواء. وقد أدى إلى إخفاقات عديدة في أثناء المفاوضات. الفلسطينيون لم يدخلوا إلى المفاوضات على افتراض أن لديهم مجالاً واسعاً للمناورة، بل العكس هو الصحيح. فقد دخلوا المفاوضات وهم يؤمنون بأن أساس التنازلات قدموها قبل أن تبدأ مسيرة أوسلو، منذ 1988، حين تبنت م.ت.ف حل الدولتين واعترفت في إعلان المبادئ في حدود 67. وكانت النتيجة عدم تماثل صرف بين الطرفين. وهكذا، في كامب ديفيد، جراء باراك مع مواقف أولية كانت بعيدة جدا عن كل حل يمكن للفلسطينيين أن يقبلوه، وكان على علم بذلك. والنماذج الواضحة هي المواقف الأولية في المجال الإقليمي وفي القدس. فقد طلب الجانب الإسرائيلي أن يضم إلى إسرائيل قسما كبيرا من يهودا والسامرة – أكثر من 13.3%، دون أي تعويض للفلسطينيين، ومواصلة السيطرة لفترة زمنية طويلة  في غور الأردن أيضاً، الذي يشكل 10% أخرى من المساحة باستئجار طويل المدى، وبالإجمال، 23.3%. وبنفس الشكل، كان الموقف الأولي بالنسبة للقدس هو أن القدس الموحدة بسيادة إسرائيل. وكانت النتيجة انه بدأت عملية سريعة من التراجع الإسرائيلي عن مواقف غير معقولة. وخلق هذا الوضع معضلة لدى الطرف الفلسطيني – فهل من المجدي التوقف او محاولة الحصول على مرونة إسرائيلية أخرى – وبالتالي كان له دافع لمواصلة المفاوضات وعدم الوصول إلى اتفاقات توقف تراجع باراك عن مواقفه. لو أن باراك وصل إلى المفاوضات مع مواقف أولية أقرب إلى خطوطه الحمراء الحقيقية، لدار صراع جبابرة على كل تغيير صغير في المواقف، ولنشأ دافع قوي في الطرفين للوصول إلى اتفاق. يمكن بالطبع الادعاء بان المسافة بين الخطوط الحمراء للطرفين لم تسمح بالوصول إلى اتفاق، ولكن عندها نعود إلى الادعاء الأصلي، في أنه لا ينبغي أن يعقد لقاء بين الزعماء إلا عندما تتقلص جداً الفجوة بين مواقف الطرفين. وأخيراً، يطرح أيضاً السؤال كيف تعرف الخطوط الحمراء. فهذه ليست مطلقة بشكل عام، لأن في تحديدها ينبغي التعاطي ليس فقط مع ما هو مرغوب فيه بل مع ما هو ممكن. كما أن الخطوط الحمراء تستوضح في ظل المفاوضات بين الطواقم من الطرفين، وقبل لقاء الزعماء.

الإبقاء على الزخم – خطأ ثابت آخر كان تجاهل أهمية الإبقاء على الزخم – في المفاوضات. في حالات عديدة، بعد النجاح، في مرحلة معينة من المسيرة توقف الزخم، وإسرائيل لم تواصل المفاوضات. هكذا كان مثلاً بعد أن وقع الاتفاق الانتقالي مع م.ت.ف. ووجهت حكومة إسرائيل اهتمامها إلى قناة المفاوضات مع سوريا. وحتى عندما أصبح أيهود باراك رئيسا للوزراء، فضل بداية الانشغال بالمفاوضات مع سوريا، وكذا أيهود اولمرت تبنى في حينه سياسة مشابهة. وخدم فقدان الزخم هدف المعارضين للاتفاق في الطرفين وسهل عليهم العمل ضده. كما كان يتعارض أيضاً مع الفكرة المركزية لإعلان المبادئ، وبموجبها بعد خمس سنوات من التوقيع على الاتفاق الانتقالي يفترض بالطرفين أن يوقعا على اتفاق دائم يحل كل المسائل الجوهرية. وقد استوجب الأمر الشروع في مفاوضات على الاتفاق الدائم في وقت مبكر قدر الإمكان. المفاوضات الحقيقية على الاتفاق الدائم لم تبدأ إلا في عهد رئيس الوزراء باراك، بعد أن مرت السنوات الخمسة التي خصصت له، وبعد أن فشلت المحاولة للتوصل إلى تسوية مع سوريا. وكان لعملية أبقت على الزخم – تؤدي إلى تقدم يظهر بادي العيان على الأرض أيضاً – احتمال أفضل لأداء دوره الأصلي كعملية بناء للثقة.

منع التطورات على الأرض من أن تضر بفرص الاتفاق – أحد الأسباب الأساس للفجوة العميقة بين الطرفين والتي تمنع استئناف المفاوضات والتقدم فيها هو استمرار المشروع الاستيطاني وتسارعه. احد مظاهر الضعف الأساس لمسيرة أوسلو كان الواقع المريح للتوسع الاستيطاني الذي خلقه الاتفاق الانتقالي، ولاسيما من خلال تقسيم الأرض إلى مناطق أ و ب و ج. وتقع المنطقة ج في 60% من أراضي الضفة الغربية، وهي تحت السيطرة الكاملة، المدنية والأمنية، لإسرائيل. وخلق هذا التعريف وهما استغله جيداً مؤيدو المشروع الاستيطاني، في أن هذه أرض مسموح لإسرائيل فيها أن تتصرف كما تشاء. ووجد هذا الدليل تعبيره في الحاضر أيضاً، في اقتراحات اليمين السياسي لضم مناطق ج إلى إسرائيل. واضح أنه لا يوجد أي احتمال للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين في إطاره يقيموا دولتهم على 40% من أراضي الضفة فقط. وكان ينبغي على المبادرين لمسيرة أوسلو أن يفهموا التأثير السلبي لهذه التسويات على فرص التوصل إلى تسوية في المستقبل والامتناع عن الاستسلام لإغراء ما بدا كحفاظ على أقصى حرية عمل لإسرائيل. عملياً، حرية العمل التي ابقي عليها كانت لتوسيع المشروع الاستيطاني ووضع عراقيل إضافية في الطريق إلى التسوية.

الخلاصة

الاستنتاج من التحليل المطروح هنا هو أن البنية الأساس لمسيرة أوسلو، أي الاتفاقات الانتقالية وفي أعقابها المفاوضات على التسوية الدائمة، كان نتيجة ضرورات سياسية ثقيلة الوزن في الطرف الإسرائيلي، ولم يكن ممكناً البدء بشكل مختلف لمسيرة مفاوضات مع الفلسطينيين توقف الانحدار إلى واقع الدولة ثنائية القومية، ولكن لا يعني هذا أن فشلها كان محتماً. فقد ارتكبت أخطاء غير قليلة في إدارة المسيرة من جانب الطرفين، ويحتمل أنه لو منعت هذه، لكان يمكن للنتائج أن تكون مختلفة. ويركز المقال على الطرف الإسرائيلي بسبب الرغبة في استخلاص الدروس القابلة للتطبيق.

واضح أن الاستنتاجات تستند إلى التعريف السياسي لأهداف إسرائيل لمسيرتها السياسية مع الفلسطينيين كما عرضت في بداية المقال، وإلى الافتراض بأنه كان في الطرف الفلسطيني استعداد أساسي للتوصل إلى اتفاق، بالطبع – إذا ما استجاب الاتفاق إلى احتياجاتهم الحيوية، في نظرهم. وقد وجد هذا الاستعداد تعبيره منذ 1988 في قرار م.ت.ف قبول حل الدولتين، وفي 1992 – في الاستعداد للدخول في مسيرة أوسلو. كل من لا يوافق على هاتين النقطتين، لا بد أنه لن يقبل استنتاجات المقال.

اعلى الصفحة