الشيخ حسان عبد الله ممثلاً  لسماحة آية الله الشيخ محسن الآراكي

ومسؤولاً عن ممثلية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في لبنان

السنة الثانية عشر ـ العدد142 ـ (ذو القعدة ـ ذو الحجة 1434 هـ ) تشرين أول ـ 2013 م)

نشاطات أيلول 2013

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

أقيم في مقر نقابة الصحافة حفل افتتاح ممثلية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية فرع لبنان حيث تم تعيين سماحة الشيخ حسان عبد الله مسؤولاً عن مكتب الممثلية في لبنان. وممثلاً لسماحة آية الله الشيخ محسن الآراكي. وقد ألقيت كلمات بهذه المناسبة:

كلمة نقيب الصحافة الأستاذ محمد البعلبكي: 

سعداء جداً نحن اليوم بهذا الحشد الجميل للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية هذا المجمع والناس تعلم بأنه يتابع نشاطه الوحدوي وتحديداً لغاية في غاية النبل مجمع العالمي للتقريب بين المذاهب ينشئ ويحقق التقريب بين المذاهب في حين يسعى الأعداء لتعميق شق الخلاف عن طريق تأجيج الخلاف المذهبي وتعميق شق الخلاف بين الأصحاب.

هذا هدف في غاية النبل بالنسبة للإسلام والمسلمين، يسعدنا أن نرحب بهذا اللقاء أهلاً بكم جميعاً وبسعادة السفير العزيز الأستاذ غضنفر ركن آبادي سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية أهلاً وسهلاً بكم في دارنا شرفت سعادة السفير وكذلك نرحب بصورة خاصة بسماحة آية الله الشيخ محسن الآراكي الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية أهلاً وسهلاً بسماحة آية الله الشيخ محسن الآراكي في دارنا وبكل المخلصين والصادقين والمؤمنين والعاملين في هذا المجال مجال التقريب بين المذاهب الإسلامية.

هذا حدث جليل اليوم ليس لأنه أقيم في نقابة الصحافة لا إنما الغاية غاية التقريب بين المذاهب هي من أنبل الغايات ومن يسعى لتحقيقها. فشكراً وألف شكر للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية لأنه رغم كل شيء لم يتخلى لحظة واحدة عن السعي لتحقيق الغاية الجادة وهذه الخطوة اليوم هي من أهم الخطوات التي سيقدم عليها وسيستمر بإذن الله، للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب وهو بإذن الله ثابت.

 أهلاً وسهلاً بمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب وبأمينه العام ونشكركم جميعاً فرداً فردا أنتم أصحاب الدار أهلاً وسهلاً بكم في بيتكم شرفتم وإن شاء الله تكون الغاية المرجوة من عقد هذا المؤتمر تفضلوا. الكلمة الآن للشيخ محسن الآراكي يفتتح بها هذا المؤتمر.

كلمة أمين عام مجمع التقريب بين المذاهب سماحة آية الله الشيخ محسن الآراكي:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه نبينا وسيدنا أبا القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه الميامين. قال الله سبحانه في كتابه: ﴿وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾.

يواجه عالمنا اليوم عالمنا الإسلامي وعالمنا العام هنا في المنطقة ويحق لنا أن نقول في كل مناطق العالم، مشكلة كبرى يحق لنا أن نعتبرها تحدياً وهي مشكلة بث الفرقة والخلاف بين الأمم والشعوب وبين الفئات والاتجاهات على أساس من العقيدة أحياناً وعلى أساس من العرق أحياناً وعلى أساس من الجغرافيا أو غير ذلك من الأسس التي يصطنعونها من أجل أن يفرقوا بين الشعوب تحقيقاً لما يريدون من عولمة استكبارية لأنهم يرون أن الهيمنة على العالم لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال التفرقة بين الشعوب وإلا من خلال بث الفرقة والخلاف بين التيارات المختلفة. الشعوب لو اتفقت ولو اتحدت ما استطاع المستكبر أن يهيمن عليها وأن يصادر ثرواتها وأن يصادر إرادتها، نجد اليوم أن العالم عالم تعيش به شعوب مغلوب على أمرها شعوب لا إرادة لها يُفرض عليها أن تريد ما ليس في مصلحتها خاصة شعوبنا في هذه المنطقة وخاصة شعوب الدول الإسلامية والشعوب التي تعيش بين الدول الإسلامية. إن منطقتنا هي منطقة الطاقة ومنطقة الثروة ومنطقة العلم والثقافة منطقة ما يسمى بالشرق الأوسط وإن كنا لا نعترف بهذه التسميات، هي منطقة القيادة الفكرية للعالم عبر التاريخ، هنا مهد النبوات وها هنا مهد الحضارات وها هنا مهد الشخصيات الكبرى التي غيرت العالم على مدى التاريخ، من هنا ظهر المسيح ومن هنا ظهر حواريو المسيح ومن هنا ظهر نبينا النبي الأعظم محمد رسول الله (ص)، وهنا مهد أهل بيت محمد (صلى الله عليهم أجمعين) وهنا هنا صحابة النبي العظام الذين غيروا التاريخ، وهنا هنا مهد علماء الإنسانية وعلماء الفكر البشري الذين صنعوا الحضارات، ابن سينا من هنا والفارابي من هنا والعلماء الكبار في شتى العلوم التي استطاعت أن تغير مجرى التاريخ كلها انطلقت من هنا.

كان باستطاعة عالمنا الإسلامي أن يكون القائد للعالم كله وكان باستطاعة أممنا وشعوبنا أن تكون هي القائدة وهي الرائدة، إننا نملك كل مقومات قيادة العالم وريادته، الثروة هنا والطاقات الإنسانية هنا والتأريخ هنا والحضارة هنا، ولكننا بالرغم من كل ذلك نجد أننا لا نملك قوة الدفاع عن أنفسنا.

قضية فلسطين ليست قضية أهل فلسطين ولا قضية جغرافيا فلسطين، وإنما القضية الفلسطينية تعني تعبيراً عن كسر إرادة هذه الأمة وتعبيراً عن إرضاخ إرادة هذه الأمة للهيمنة الاستكبارية، تعبيراً عن مصادرة هوية هذه الأمة.

الأمم ذات الهوية، ذات الإرادة المستقلة تتصف بصفتين أساسيتين، كل أمة تفقد هاتين الصفتين تفقد مقومات هويتها وتفقد مقومات الإرادة التي تحقق بها غاياتها ومصالحها هاتين الصفتان، الصفة الأولى هي صفة الصيانة والاستحكام الداخلي الذي يجعل من الأمة أمة يهابها أعداؤها، فلا يستطيعون اختراقها ولا يستطيعون سلبها ثرواتها وسلبها شخصيتها وإرادتها، هذه هي الصفة الأولى.

الأمة غير الممتنعة الأمة التي لا يهابها أعدائها، الأمة التي يستطيع أعداؤها أن يلتهموها متى يشاؤوا الأمة التي يستطيع أعداؤها أن يخترقوها متى يشاؤوا، أن ينهبوا ثرواتها أن يريقوا دماء أهلها أن يهدموا دور أهلها، أن يغتصبوا أرضها متى شاؤوا، أن يتصرفوا بمقدراتها متى ما شاؤوا، هذه الأمة غير الممتنعة هي أمة مغلوب على أمرها، أمة فاقدة للإرادة التي تتمثل فيها شخصيتها وهويتها.

والصفة الثانية التي بها تتقوم هوية الأمة هي صفة الانسجام الداخلي كل أمة ذات هوية لا يمكن إلا أن تكون منسجمة داخلياً الأمة غير المنسجمة في الداخل لا يمكن أن تكون لها إرادة موحدة قوية تحقق بها غاياتها وتحقق بها مصالحها تدافع بها عن نفسها الأمة التي تنسجم داخلياً هي الأمة التي تتمتع بالإرادة القوية الإرادة الصلبة التي تحقق لها مصالحها وتحقق لها أهدافها وغايتها وتحقق لها مناعتها.

كانت الدولة العثمانية يوم كانت على رغم كل مساوئها وعلى رغم كل نواقصها كانت تعبر عن هيبة هذه الأمة في يومٍ ما وتعبر عن وحدة هذه الأمة وإن كانت هذه الوحدة وحدة غير متكاملة ، هناك كانت تعبر عن وحدة في قسم كبير من هذه الأمة وكانت تحقق شيئاً من الانسجام الداخلي بداخل هذه الأمة، حينما سقطت هذه الدولة كانت الخطوة الأولى من انهيار الجدار الحارس والجدار الذي يصون هوية هذه الأمة، فكان أن جاء الأعداء وغرسوا في قلب هذه الأمة الدولة الصهيونية، ولادة الدولة الصهيونية تقارن تاريخياً سقوط هيمنة الدولة التي كانت تجمع هذه الأمة رغم ما كانت عليه من الضعف وبالرغم ما كانت عليه من مساوئ وبالرغم ما كانت عليه من العلاَّت.

اخترقنا حينما غُرست فينا غدة سرطانية حسب تعبير الإمام الخميني (قدس الله روحه)، فغرس الدولة الصهيونية هنا في منطقتنا لا يعني أن هنالك ظلماً حل بأهل فلسطين فحسب، لا يعني أن هنالك قطعاً من جغرافيا المسلمين ومن جغرافيا هذه المنطقة، اقتُطعت منها لا يعني كل هذا وإن كان هذا الأمر صحيحاً، صحيح أن هنالك ظلماً فادحاً لا نظير له قد حلّ بأرض فلسطين وصحيح أن قسماً قيماً ومهماً ومركزياً من جغرافيا أمتنا ومن جغرافيا شعوبنا اقتطعت من داخل جسم هذه الأمة ومن جسم هذه الشعوب، لكن الأمر لم يكن يعني هذا فحسب وإنما كان يعني إذلال هذه الأمة في إرادتها وإنما كان يعني إسقاط هوية هذه الأمة كلها وبأجمعها. غرس الدولة الصهيونية هنا يعني سحق الإرادة المستقلة لشعوب هذه المنطقة يعني سحق هوية هذه الأمة يعني إذلال شعوب هذه الأمة من شرقها إلى غربها فكان هذا هو الخطر الأكبر الذي داهم شعوبنا وداهم أمتنا هنا في هذه المنطقة. كُسرت إرادتنا أصبحنا أمماً، وأمة مغلوبة على أمرها لا تملك المناعة التي تمتنع منها عن أعدائها، من هنا من أرض فلسطين سحقت إرادة شعوبنا، من أرض فلسطين احتلت أرض أفغانستان ومن أرض فلسطين احتلت أرض العراق ومن أرض فلسطين أصبحت باكستان لا يمكن لها أن تمتنع من أي خرق لأجوائها وأراضيها، ومن أرض فلسطين هنا أصبحت مصر معقل هذه الأمة ومعقل عزتها وكرامتها أصبحت مسرحاً لكل  وارد وشارد، ومن أرض فلسطين أصبحت مصر تعيش النكبة التي نجدها إلى يومنا هذا، والأمر لا يقف عند هذا الحد فسوريا أيضاً مرشحاً أن تكون مسرحاً لما يريده العدو ولبنان وكل أراضينا الإسلامية وأراضي المنطقة كلها وشعوب المنطق كلها مرشحة لأن تكون الشعوب التي غُلبت على أمرها لا تملك من ثروتها ولا تملك من طاقاتها الإنسانية ولا تملك القدرة التي تحرس بها لا أرضها ولا ثروتها ولا إنسانها ولا أي شيء محرمٍ فيها، أصبحت محرماتنا كلها مباحة أمام أعدائنا، لم يعد لنا محرمٌ غير مستباح لم يعد لنا إرادة تملك أن تحرس شيئاً غالياً في هذه الأمة.

عملوا فينا أول ما عملوا أنهم خرقوا أمتنا واخترقوا شعوبنا بغرسهم لهذه الغدة السرطانية، ثم عملوا على تفتيتنا من الداخل فرقونا فرقاً وشعوباً فرقونا على أساس من العنف أحياناً وفرقونا على أساس من اللغة أحياناً أخرى وفرقونا على أساس من المذاهب والأديان حيناً آخر وجعلوا يقولون كردي وعربي وتركي وفارسي، مزقوا الشعوب بهذه العناوين ونحن جميعاً شعب واحد وأمة واحدة، خلقوا دويلات صغيرة متنازعة فيما بينها، هذه الدويلة تصارع الدويلة الأخرى وتدعمها الدول الكبرى وجعلوا الدولة التي لا يمسها شيء هي الدولة الصهيونية. جعلوا العداء بين أمم هذه الشعوب هي الأصل والصداقة مع الدولة الصهيونية هي الأصل أيضاً، جعلوا السلام سلام بين عدونا وبيننا ويعني السلام بيننا وبين العدو أن نرضخ لإرادة العدو وأن نرفع أيدينا أمام العدو ونستسلم له، هذا هو السلام مع العدو، أما بيننا وبين أنفسنا فجعلوا في كل جزء من أجزاء أمتنا عدواً للجزء الآخر من هذه الأمة، جعلوا يكرسون العداء بين امتنا حتى أدى الأمر إلى أن يقتتل أجزاء هذه الأمة بعضها مع بعض. وقد كان النبي الأعظم قد حذرنا من هذه المغبة، إذا قال(ص) حسبما ورد في الحديث المتفق عليه بين المسلمين: " لا ألفينكم بعدي كفاراً يقتل بعضكم بعضه ويضرب بعضكم رقاب بعض" حذرنا رسول الله من هذا وحذرنا القرآن الكريم قبل ذلك: ﴿وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾، فجعل الدين القيم دين التوحيد دين الطاعة لله سبحانه وتعالى جعله دين الانسجام وجعله دين الوحدة وجعله دين الاتحاد وجعله دين التوافق، واعتبر الخلافة والفرقة والتناحر والتباغض والتقاتل كلها علامات للخروج من هذا الدين، فاليوم ونحن نخوض اليوم معركة شرسة ليس مع أعداءنا من الخارج فحسب بل ومع عناصر أعدتها يد الأعداء وأقحمتها فيما بيننا لكي تمزق وحدتنا ولكي تجعل بعضنا يقتل البعض الآخر لكي يرتاح العدو هنالك ويبقى سليماً من كل أذى ويبقى مغتصباً لأرضنا، بل والاستكبار العالمي ليس يتفرج علينا فحسب بل ويكتسحنا ويصادر كل ثروتنا، يقتلنا بأموالنا وبأيدينا، ولا أظن بأن هنالك ذلاً بالتاريخ وذلاً في المجتمعات البشرية أشد من هذا الذل وأقبح منه. أن تُبتلى أمة بأيديها وبأيدي أبنائها وبنفقتها نفسها، حتى أن العدو لا يكلف نفسه بأن ينفق على هذا الذي يحصل علينا حتى تكلفة هذه التجاوزات والاعتداءات حتى كل ذاك نقدمه نحن من بيوت أموالنا، شعوبنا فقيرة، المملكة العربية السعودية التي هي من أغنى دول العالم بالوقود والطاقة ما يقرب من 25% تحت خط الفقر كما تقوله الإحصائيات. هذه فاجعة كبرى، شعوبنا فقيرة، شعوبنا بحاجة إلى هذه الثروة. بثروتنا تُحل مشاكل الاقتصاد العالمي، بثروتنا تَحلُ الدول الكبرى مشاكلها. حينما أصيبت الدول الكبرى كالولايات المتحدة وبريطانيا بالأزمة الاقتصادية جاءت الثروة من بلاد الإسلام ودخلت هذه الثروة في بنوكهم، هذه الثروة هي التي أنقذت اقتصادهم، هم يحكموننا بثروتنا ويغلبوننا على أمرنا بهذه الثروة وبهذه الطاقة ونحن محرومون منها. كانت الفاجعة أخف لو اقتنعوا بهذا لو اقتنعوا بأن يسلبوننا ثروتنا ويكفوا عنا شرهم، لكنهم لم يقتنعوا بهذا. اغتصبونا ثروتنا واغتصبونا حريتنا واغتصبونا إرادتنا وأبوا علينا أن نبقى أحياء نتنفس كما يتنفس كل حي، فجاؤوا ليسلبونا حتى الحياة التي نتنفس بها جاؤوا ليسلبونا حتى هذا النفس الذي يصعد وينزل في صدورنا بخلوا علينا به بخلوا علينا الحياة التي نحيا بها فأقحموا فيما بيننا فئات قامت أول ما قامت بتكفيرنا وهي في الأصل مشكوك في إسلامها، من أين جاءت هذه القوى التكفيرية؟ عاش المسلمون مئات السنين متحابين يحجون معاً يصلون معاً يزكون معاً يتزاوجون معاً يتعاملون معاً، أسواقهم مشتركة، مساجدهم، مدارسهم، أستاذ من هذا المذهب وتلميذ من ذاك المذهب وإذا بنا نجدهم اليوم يريدون أن يحولوا من مذاهبنا، من مدارسنا، من مساجدنا بؤراً للتكفير وبؤراً للقتل والتعذيب والتفرقة بين المسلمين فلذلك مما يحدوا بالعقل أولاً أن يجتمع كل المخلصين من أتباع المذاهب جميعاً بل من أتباع الأديان جميعاً في منطقتنا أن يجتمعوا لكي يوحدوا إرادتهم ويوحدوا صفوفهم من أجل أن يحيا شعبنا وتحيا شعوبنا وتحيا أمتنا تحيا مستقلة عزيزة العقل يحكم بذلك حينما نراجع مصادرنا الدينية نجد أن الفرقة أكبر المعاصي والوحدة أكبر الفرائض، إننا نجد أن الله سبحانه وتعالى يحكي عن نبي الله موسى حينما اعترض على هارون: ﴿قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلاّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي﴾ وكان بنو إسرائيل حين ذاك أن عبدوا العجل، فصبر عليهم هارون حتى يأتي موسى صبر عليهم، صبر على شركهم الواضح، صبر على عبادتهم للعجل وجاء موسى ليعاتبه على هذا الصبر فأجابه هل تتذكر حينما قلت لي يا هارون أخلفني في قومي وأصلح آلا تتذكر هذا الذي كلفتني به أردت الإصلاح فصبرت على عبادة العجل من بني جلدتي من بين أمي صبرت على عبادتهم العجل حتى لا يتفرقوا ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي﴾.

نسأل الله سبحانه أن يوفقنا جميعاً لأن نكون قلباً واحداً ويداً واحدة وشعباً واحداً وأن نكون أمة واحدة نطيع بوحدتنا ربنا نسجد له ونطيعه ونحقق لأمتنا مصالحها ونحقق لأممنا هويتها الأصيلة المستقلة إنشاء الله بهذا الصدر لأن أرض لبنان أرض التجربة أرض العيش السليم والعيش الأخوي بين الأمم بين المذاهب والأديان وهذا التراث العظيم لهذا الشعب ينبغي المحافظة عليه، هذه ثروة عظمى وهذه هبة إلهية ونعمة كبرى انعم الله بها على هذه الأمة وعلى هذا الشعب وعلى هذه الأرض أن عاش على هذه الأرض أناساً ينتمون إلى أديان مختلفة وإلى مذاهب إسلامية متعددة مدى القرون متحابين متحدين لذلك كانت هذه الأرض التي ينبغي أن تكون المنطلق في حركة التقريب في عالمنا فكان من الضروري أن نؤسس هنا مكتباً لممثلية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية والذي أتقدم به من الطلب ومن الالتماس من كل علمائنا من علماء المذاهب الإسلامية المختلفة بل ومن علماء الأديان الأخرى التي تعيش على هذه الأرض أن يعينونا وأن يعين بعضهم بعضاً على تحكيم هذه الوحدة واستدامتها وأن يعينوا شعوبنا الإسلامية الأخرى على أن يتحدوا  في هذا الوقت العصيب وأن نواجه معاً حركة التكفير وحركة التقتيل وحركة الإبادة وحركة إذلال هذه الأمة والنصر معنا إنشاء الله تعالى. وقد طلبنا من الأستاذ العالم الجليل فضيلة الشيخ حسان عبد الله أن يقوم بهذه المهمة لما له من التجربة أولاً في هذا المجال ولما يملك من رحابة الصدر والحلم ومن الصفات النبيلة التي تمكنه من الأخذ بالأمور في هذا البلد أسأل الله أن يوفقه وأن يوفقنا جميعاً ونشكركم جميعاً على ما تفضلتم به من هذا الحضور ونشكر نقابة الصحافة على ما تقدمت به من العون ولما أتاحت لنا من فرصة الحضور في هذا المكان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ونقدم لسماحة الشيخ حسان عبد الله قرار التعيين.

كلمة سماحة الشيخ حسان في نقابة الصحافة إثر تكليفه ممثلاً لمجمع التقريب بين المذاهب في لبنان

إنه من دواعي القلق أن يفكر الإنسان في كيفية النجاح في أية مهمة توكل إليه، هذا إذا كانت هذه المهمة عادية فكيف إذا كانت مهمة رسالية تحمل في طياتها محاربة ومواجهة موجة ضلال عاتية تنتاب هذه الأمة. وعندما أرسل إليَّ سماحة آية الله الشيخ محسن الآراكي الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب، أنه يريد تكليفي بتمثيله في لبنان وتحمل مسؤولية ممثلية المجمع المزمع إنشاؤها هنا، انتابني نفس هذا الشعور وأحسست بخواطر متعددة بين الرفض الناتج عن مهابة عدم القدرة على الانجاز وجسامة المسؤولية التي ستلقى على عاتقي وبين التقدير والامتنان لحسن ظن سماحته بي مع ما يحمل ذلك في طياته أن لا أكون عند حُسن ظنه.

غير أنني قلت في نفسي إن هذه المهمة وهي الوحدة الإسلامية هي ما نذرت نفسي منذ حوالي الثلاثين سنة للعمل عليها ولها وبالتالي لا يجوز لي الانسحاب اليوم من ساحة الصراع وهو بمثابة الفرار من الزحف الذي أعيذ نفسي منه، ولذلك قررت بعد التوكل على الله ورجاء توفيقه لعمل هو عز وجل من ندبنا إليه وأوجبه علينا ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ أن أوافق على تحمل هذه المسؤولية على أن يعينني إخوتي في تجمع العلماء المسلمين في إنجاحها شاكراً لسماحة آية الله الشيخ محسن الآراكي حُسن ظنه بي.

ويا سماحة الشيخ أعاهد الله أن لا أضيع وقتاً ولا أترك فرصة ولا أبخل بجهد إلا واستفيد منه في سبيل نجاح ما نصبو إليه من وحدة الأمة الإسلامية مقدمة لتحقيق الأهداف السامية لأمتنا وتحرير بلادنا من رجس الصهاينة وهيمنة القوى المستكبرة.

وأرجو يا سماحة الشيخ أن تطلبوا من مولانا وقائدنا ومرشدنا سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنائي "مد ظله" أن يدعو لنا بالتوفيق والسداد وأن لا يبخل علينا بالنصح والإرشاد فما نواجهه هو إعصار جامح يهدف لإيقاع الفتنة بين المسلمين ودفعهم نحو التنازع وهو ما حذرنا منه الله عز وجل بقوله:﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾. وأخيراً أشكر كل من شرفنا بحضوره والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


 

اعلى الصفحة