اللوحة الرابعة: ملامح وأقلام

السنة الثانية عشر ـ العدد142 ـ (ذو القعدة ـ ذو الحجة 1434 هـ ) تشرين أول ـ 2013 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

الشعب الفلسطيني: أوَ لستُ إنساناً؟

الكتاب: معاناة البيئة والفلاح الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي
إعداد: فاطمة عيتاني، نظام عطايا، تحرير: د. محسن صالح
الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت- لبنان

يحاول كتاب "معاناة البيئة والفلاح الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي" -الذي أعدته فاطمة عيتاني ونظام عطايا- تسليط الضوء على معاناة الفلاح الفلسطيني، بسبب انتهاكات الاحتلال، وتأثير هذه الانتهاكات على البيئة الفلسطينية بشكل عام. كما يستعرض الكتاب أبرز التشريعات والقوانين الفلسطينية والدولية الخاصة بحماية البيئة، وكيف يمضي الاحتلال في تنفيذ سياسة الانتهاكات لحقوق الإنسان البيئية من مصادرة الأراضي، وتدمير الغابات، واقتلاع الأشجار، واستنزاف المصادر المائية.

ويتناول هذا الكتاب الذي يقع في 112 صفحة من القطع المتوسط أثر المستعمرات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية، والتي تعد من أبرز مظاهر التشويه للبيئة الفلسطينية، حيث إنها تسيطر على الموارد الطبيعية، وتمس اعتداءاتها جميع عناصر البيئة الفلسطينية. ويستعرض كيف تمارس "إسرائيل" فرض سياسة الأمر الواقع، وتقوم بتنفيذ مخططاتها الاستيطانية من مصادرة لأراضي الفلسطينيين، وبناء وتوسيع للمستعمرات الإسرائيلية الموجودة في الضفة الغربية وشرقي القدس، وتغيير المعالم الموجودة على الأرض، إلى جانب هذا كله تحتل المياه الفلسطينية موقعاً مهمّاً من الإستراتيجية الإسرائيلية، فهي ركيزة أساسية من ركائز نجاح المشروع الصهيوني في فلسطين. ويؤكد هذا ما قاله بن جوريون في سنة 1955م: "إن اليهود يخوضون مع العرب معركة المياه، وعلى نتائج هذه المعركة يتوقف مصير "إسرائيل"، وإذا لم ننجح في هذه المعركة فإننا لن نكون في فلسطين".

ويبين الكتاب أن السيطرة الإسرائيلية على مصادر المياه في المنطقة، وما تستنفذه "إسرائيل" من مياه جوفية وسطحية من الضفة الغربية وقطاع غزة؛ يفوق كمية المياه الواردة والمغذية للخزان الجوفي، الأمر الذي جعل الخزان الجوفي يعاني من العجز والتناقص في كمية المياه التي يحتويها، وهو ما يهدد الحياة الحيوانية والنباتية، ويزيد من ملوحة التربة؛ هذا بالإضافة إلى المعاناة التي سيواجهها السكان الفلسطينيون في حياتهم اليومية. ويتحدث الكتاب عن الاعتداءات الإسرائيلية على الزراعة الفلسطينية، من مصادرة للأراضي، وبناء المستعمرات، وشقِّ الطرق، وإغلاق المناطق الزراعية، لأسباب أمنية أو عسكرية، وتحويل مناطق واسعة لمحميات طبيعية ليتسنى لـ"إسرائيل" إمكانية مصادرتها لاحقًا. ويبين الخسائر، وحجم الدمار الزراعي خلال انتفاضة الأقصى.

وتقوم المستعمرات الإسرائيلية بتحويل مياه الصرف الصحي إلى الأودية الفلسطينية، التي تعد مصدرًا من مصادر المياه السطحية، والتي تغذي الخزان الجوفي الذي يُعتمد عليه في استخراج مياه الشرب، كما تحولها إلى الأراضي الزراعية الفلسطينية المجاورة؛ وبالتالي تتسرب هذه المياه من خلال التربة إلى خزان المياه الجوفي وتلوثه، مما يؤدي إلى عدم صلاحية المياه للاستخدام الآدمي.

وتستخدم "إسرائيل" لمصادرة أراضي الفلسطينيين مجموعة مختلفة من الآليات والطرق والأساليب والإجراءات للسيطرة وابتلاع أكبر مساحات ممكنة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، منها: قانون أملاك الغائبين الذي أقره الكنيست سنة 1950م، وينص القانون الإسرائيلي على أن أي فلسطيني يملك أرضاً ويعيش خارج الحدود، يقوم القيِّم الإسرائيلي على أملاك الغائبين باستغلالها ووضع اليد عليها، هذا عدا المصادرات للمصلحة العامة، كإقامة محميات، وشوارع، وكسارات... إلخ، للسيطرة على الأراضي.

كما يتحدث الكتاب عن أثر جدار الفصل العنصري على البيئة الفلسطينية، من تقطيع المساحات الشاسعة، وخصوصاً الزراعية منها، والتي تعد من أكثر الأراضي الزراعية الفلسطينية خصوبة، كما قام الاحتلال بتغيير معالمها الطبيعية من تجريف، وقطع للأشجار، واقتلاعها، وحرقها. كما تسبب في تآكل التربة وتجريفها، وأدت النفايات والأتربة الصادرة عن إنشاء الجدار إلى تراكم الغبار على الأراضي الزراعية والأشجار، ما انعكس سلباً على إنتاجية هذه الأراضي الزراعية، وبالتالي على العائد الإنتاجي للمزارعين الفلسطينيين. إن هذه الممارسات الإسرائيلية تخالف المواثيق الدولية وخصوصًا المادة (55) من معاهدة جنيف الرابعة.

ويتطرق أيضاً إلى المصانع الإسرائيلية وأثرها على البيئة الفلسطينية، ومن ذلك: دفن مخلفات المصانع التي تنتج مختلف الصناعات الكيميائية، والمصانع التي ينتج عن صناعتها مواد سامة مثل: الألمنيوم، والكروسيوم، والرصاص، والزنك، والنيكل، وإلقاء تلك المواد في المياه القادمة للمستعمرات، ومن ثَمَّ تحويل هذه المياه إلى الأراضي الزراعية الفلسطينية. ويتحدث عن مفاعل "ديمونا" كنموذج للتلوث النووي الإسرائيلي، وتأثيره على البيئة الفلسطينية. ويكمن الخطر البيئي والبيولوجي لمفاعل "ديمونا" في الغبار الذري المنبعث منه، بالإضافة إلى أن عمره فاق الخمسين عامًا، وعمر المفاعلات في العادة ثلاثون عامًا من العمل، وقد تآكلت جدرانه العازلة، وذلك قد يؤدي إلى تسرب بعض الإشعاعات من المفاعل، مما قد يُحدث أضرارًا بيئية، وصحية كبيرة لسكان المنطقة بشكل عام.

ويتناول الكتاب قضية انتشار مقالع الحجارة، وسرقة التراب الفلسطيني، مما شوَّه منظر الطبيعة وتدهورها وتلويثها. فقد أنشأت "إسرائيل" العديد من مقالع الحجارة في الضفة الغربية، وتذهب 94٪ من تلك الموارد التي يتم استخراجها من خلال المحاجر الإسرائيلية في الضفة الغربية إلى "إسرائيل" لتغطي 25٪ من حاجتها من المواد الخام اللازمة للبناء.

ومما يذكر أن كتاب "معاناة البيئة والفلاح الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي" هو الثاني عشر ضمن سلسلة "أو لست إنسانًا؟!" التي يسعى مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ببيروت -من خلالها- إلى تقديم صورة متكاملة عن المعاناة التي يتسبب بها الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني، بأسلوب يخاطب العقل والقلب، وفي إطارٍ علمي ومنهجي موثَّق.

اعلى الصفحة