اللوحة الثانية: جداريات

السنة الثانية عشر ـ العدد141 ـ (شوال ـ ذو القعدة 1434  هـ ) أيلول ـ 2013 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

الصفحة الأولى عبرة الكلمات

هؤلاء

هؤلاء الذين لم يموتوا بعدُ من الليل ومن الحب، يسهرون بعيون معلّقة على أرصفة الكلام.. مثلي تماماً.. لا يدهشهم حزنٌ ولا نداء.. هؤلاء الذين لم يعودوا بانتظار شيء.. ولا حتى ذاك النداء.. هؤلاء يحاولون فقط البقاء.. التمسّك بتلك البلاهة أطول عمر ممكن لفهم لغة الريح والأرصفة والأشجار التي لا يزيدها الليل عتمةً.. يُكملون الشتاءات.. وهذا ليس بشيء جديد.. يعلمون أنهم سيموتون يوماً من الحلم أو من البرد بأيّ حال.

جرح لا ينام

يقتفي الأعداء آثاره في كل يوم.. في كل مكان.. جذوره تتشرّش في أعماق الأرض.. على ضفافه ينبت الزعتر وأشجار الزيتون والصبّار والتين واللوز مذاق ثمارها طيب جداً أعداء الجرح يمعنون في.. قتله كل يوم.. لكنه لا يموت.. بل تنبت منه أجمل الورود جرح لا ينام يعيش مع أصحابه الأصليين كولد من أولادهم "الضنى غالي".

غربة شاعر

العالمُ مجنونٌ, وأنت بكلّ رحابة صدرٍ تفتحُ الباب حين يدّق.. العالمُ سكّيرٌ, وتخلعُ عنه رياحه لتعلّقها على مشجب القصيدة.. العالم ساحرٌ وتأخذ منه قبّعته غير آبهٍ بالغيلان التي ستحلّق هاربة.. منها!.. عند قدميك تستلقي ذئاب الوحشة كقطط أليفة.. على المنضدة التي تكتبُ عليها مزهريةٌ فيها معاركك الملوّنة العابقة بالشذى!.. سريرُك غابةٌ.. قميصُك وحدةٌ فاخرةٌ.. أنفاسُك قوافي.. وغالباً ما تقتاتُ على المجاز كي تعيش.. تكتبُ الحزن والحب والحرب.. يسمّونك "شاعر"!!.. ووحدك تعلمُ كم شيطانٌ يسكنُ في حروف كلمة "شاعر".

صاحبُ الكهف

في الكهف الذي اعتزلت فيه.. على جدرانه رسمت صوراً.. لحيوانات لا أعرف أسماء لها - ولا اعرف حتى إذا كانت موجودة.. تلك الصور آنستني في وحدتي.. لكن عندما صارت وحوشاً حقيقية مرعبة.. وخرجت من الحائط لتلتهمني وليّت الأدبار مرعوباً - هكذا خسرت كهفي المريح.

نملة

لأنها نملة, لم ينتبهوا إليها وهي تسرق حبات السكر من أحلامهم.. ولأنها نملة لم يُعر الجسر اهتماماً للرمل الذي كانت تكدّسه أمامه كل يوم.. لأنهم بشر ما زالوا يتساءلون عن سبب انهيار جسر الأمل وعن سر ذاك الطعم المرّ لأوقاتهم.

النساء

حين يُطبق الفرح على نذورهنّ.. يضئّن الشموع.. يعقدنّ الشرائط الخضراء حول مربعات سياج الضريح الذهبية.. ويتنهدنّ أو يهمسنّ بما لا يبحنّ به حتى لأنفسّهن.

فتى الأحلام

قاتلٌ أم مقتولٌ هذا الْقادمُ نحوي؟.. قوساً يَحْملُ أم فسيلةَ ريْحانٍ؟.. دمْعةً يحملُ أم سِكيناً؟.. يا فَتى الأحلام.. أَيْقِظِ الْقلبَ كي أبْصرَ ماذا يحْدثُ خلْفَ الظلمةِ!.

نحو ضفاف الروح

على القبرِ لا أضع باقة ورد.. لا أشتري باقة ورد.. كل ما أفعله هو زيارة المقابر والاستماع إلى حديث الأموات.. على الأقل حديثهم ليس مملاً.. هل سيزورني أحد عندما أموت؟!.. سأحدِّثه بلا مللٍ عن قصيدةٍ لم تولد بعد.. وأتابعُ رحلتي نحو ضفاف الروح!!!!!

الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي 

باحثةُ البادية -الدين والوفاء

إن الفتاةَ حديقةٌ.. وحــياؤها        كالماء مـوقوفاً عليه بقاؤهـا

بفروعها تجري الحياةُ فتكتسي        حُللاً يروقُ الناظراتِ رَوَاؤهـا

إيمانُهــــا بالله أحسنُ حليةٍ        فيها فإمـا ضاعَ.. ضاعَ بهاؤها

لا خير في حُسْنِ الفتاةِ وعلمِها       إن كان في غير الصلاح رضاؤها

فجمالُهـــا وقفٌ عليها إنمـا       للناس منها دينُهـــا ووفاؤها

بحر بن الحارث - شرُّ العيشِ

منْ عاشَ خمسـينَ حولاً بعدها مائةٌ        من الســـنينَ وأضحى بعْدُ ينتظر

وصار في البيتِ مثلَ الحِلْسِ مُطَّرَحاً       لا يُســتشارُ ولا يُعْطـى ولا يذَرُ

 ملَّ الحـــــياةَ وملَّ الأقربونَ له       طولَ الحياةِ وشَـــرُّ العيشةِ الكَدَرُ

 تميم الفاطمي - فعلُ العيون

إن كانت الألحاظُ رُسْــلَ القلوبْ       فِينا فمـــا أَهْونَ كَيْدَ الرّقيبْ

قَبَّلتُ من أَهْوى بعيني ولـــم       يشـــعر بتقبيليَ خَدُّ الحبيبْ

لكنّه قــــد فَطنَتْ عينُه      بســرِّ عيني فطْنَةَ المُسْتَريبْ

إن كان عِلمُ الغيبِ مُسْــتَخْفياً       عنّا فعندَ اللّحظ علــمُ الغيوبْ

جعفر القزويني - إعراض

لا تجمعـــنَّ عليَّ صدَكَ والنوى         حَسْبُ المُحِّبِّ عقوبةً أن يُهجَرا

لو عاقبوني في الهوى لسوى النوى          لرجوتُهم وطمِعْتُ أن أتصبَّرا

عبء الصدود اخف من عبء النوى         لـو كان في الخير أن أتخيرا

ماذا على طيفِ الأحبةِ لو ســرى          وعليهِم لو سـاعدوني بالكرى

جنحوا إلى قولِ الوشاة وأعرضوا           والله يعلـــمُ أنَّ ذاك لمفترى

يا معــرضاً عني بغيرِ جنايةٍ         إلا لما نَقَلَ العــذولُ وزورا

ما بعــدَ بُعْدِكَ والصدودِ عقوبةٌ        يا هاجري ما آن لي أن تغفرا

جميل صدقي الزَّهاوي

خطابُ النفس

ذريني ألاقي الموتَ يا نفسُ واذهبي       فما أنا مـن جدِّي أعـزُّ ومن أبي

ذريني بموتي وهو آخرُ ملجـــأٍ       أخفِّفُ مـن عبءِ المعيشـةِ منكِبي

ذريني أنجـــو من حياةٍ عَذَابُهـا       شـديدٌ ومَنْ لــم يحيَ لم يتعذَّبِ

ذريني ذريني أســتنيمُ إلى الردى       فإنَّ الردى يا نفسُ سؤلي ومطلبي

لقدْ كَبُرَتْ يا نفسُ أيامُ شـــِقْوتي       وطالَ على جمـــرِ الحياةِ تقلُّبي

  

اعلى الصفحة