مصر بين خيار الشعب وعباءة العسكر
مقاربة للصراع المستمر بين الدين والدولة

السنة الثانية عشر ـ العدد140 ـ ( رمضان ـ شوال 1434  هـ ) آب ـ 2013 م)

بقلم: نبيل علي صالح

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

كثرت التحليلات والأقاويل حول مدى وأسباب ودوافع تدخل العسكر المصري في مجرى السياسة الداخلية للبلد، وقيامه مؤخراً بما يشبه الانقلاب العسكري اللين والمرن والسريع، كانت نتيجته عزل الرئيس المصري محمد مرسي، وتعيين خلف انتقالي له، وبدء مرحلة انتقالية سياسية يبدو أنها ستكون ساخنة سياسياً وميدانياً في ظل حدوث انقسام سياسي واجتماعي حاد بين فريقين سياسيين كبيرين، يدعي كل منهما أحقيته بالحكم ووراثة ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بحسني مبارك..

بهذا المعنى أضحت الأزمة المصرية المسدودة الآفاق حالياً، ميزاناً للرؤى والمواقف والنظريات الفكرية والقناعات السياسية المبدئية لكثير من النخب والتيارات والأحزاب السياسية العلمانية والدينية على السواء..

فمن قائل بأن ما جرى في مصر، ليس أكثر من جراحة بسيطة قام بها أطباء العسكر المصري لتصحيح مسار ثورة انحرفت، تحت ضغط ثورة جديدة هي ثورة 30يوينو/حزيران 2013.. إلى قائل بأنه انقلاب عسكري حقيقي بكافة مقدماته ومفاعيله -وإن تغطى بغطاء الأزهر والأقباط والسلفيين- على شرعية دستورية منتخبة شعبياً، لا يجب إلغاء عقدها الاجتماعي المبني على الانتخابات.. إلى قائل بأن هناك مؤامرة كبيرة حيكت على التيار الإسلامي لإحباطه وإيقاف مده، ومنع نجاحه في تحوله إلى نموذج يحتذى في الحكم السياسي والاجتماعي في المنطقة..  إلى قائل بأن هذه هي نهاية الحركات السياسية الإسلامية من الساحة السياسية..الخ..

لكن المشكلة في كل ما قيل أنه لم يخرج عن الثنائيات الحادة ومنطق الرفض الحاد أو القبول الحاد، إما مع أو ضد.. وبالنتيجة يمكن أن تضيع البلد، وتدخل في فوضى شديدة مكلفة، ليس أقله هذا المناخ السياسي الانقسامي والاصطفاف المجتمعي العصبي الحاد، الذي قد تتزايد مفاعيله السلبية مع تفجر الدم في الشارع، وتصاعد غرائز الحقد والكراهية والانتقام ضد الجيش والعسكر المصري، الذي كان من المفترض أن يبقى جانباً على الحياد السياسي، ليمنع تغليب مصلحة فريق على فريق آخر.. حتى لو تذرع الجميع بذريعة امتلاك الشارع والقبض على نبض الجماهير، عدداً وعدةً.. مع أن كلا فريقي الصراع السياسي يمتلكون بلا شك جزءاً مهماً من هذا الشارع الجماهيري، وبإمكانهم تجييشه ودفعه وإنزال الناس إلى الميادين والساحات في أي وقت يشاؤون، خصوصاً وأن الناس معبأة ومحبطة وشبه يائسة من الجميع، وبالتالي هي جاهزة دوماً للتغيير، ولكن تبقى المشكلة قائمة ما لم يفصلها صندوق الاقتراع، كما فصلها منذ أكثر من سنة عندما نجح محمد مرسي بفارق أكثر من مليون صوت عن منافسه الآخر..

وبوجه آخر يمكن القول بأن أساس حالة الاستعصاء القائمة في مصر منذ فترة، ناجمة عن اصطدام فريقين سياسيين كبيرين، فريق علماني التوجه والانتماء والفكر، يكره بشدة الإسلاميين عموماً، ولديه ميراث نظري سابق ضخم في التعامل الأمني الحاد معهم، ويرفض فوز تيار الإخوان في الانتخابات حتى لو قبلها مكرهاً منذ عام، كما ويرفض كذلك فوز مرسي بالرئاسة... وهناك أيضاً فريق آخر، إسلامي الهوى والهوية والوعي، يعتبر نفسه دوماً في موقع الضحية، ويغالي في مثاليته المزعومة، شارك في الثورة على مبارك، وتحمل عبء سياسات العسكر الاستبدادية منذ زمن عبد الناصر، حتى تمكن مؤخراً من الحكم دستورياً وانتخابياً، لكنه افتقد للحس السياسي المرهف، وحسن إدارة الشأن الداخلي، وصولاً إلى حد محاولة رموزه ونخبه الإخوانية الاستفراد بكل شيء، بما يعطينا – ويعطي الجميع ربما- انطباعاً واقعياً عن طبيعة تفكيرهم وطموحهم وسلوكهم السياسي، من حيث أنهم يريدون تغيير كامل البنية السياسية المصرية، بما يدلل على عدم تصرفهم بمهارة وحنكة سياسية في كثير من ملفات الداخل والخارج، الأمر الذي أفضى إلى عدم محافظتهم على فوزهم ونجاحهم السياسي الذي سبق أن تحقق لهم ولرئيسهم مرسي في العام الماضي..

ويبدو أن نزول الناس بكثافة كبيرة إلى الساحات والشوارع من جديد، بعد شعورها بانسداد الأفق السياسي، قد قدم للعسكر المصري ذريعة ما كانوا ينتظرونها من حيث أنه قد استطابت لهم لعبة الأضواء والإعلام والمنابر والمؤتمرات التي توفرها لهم عملية التدخل في السياسة، وتقديم أنفسهم كمنقذ أو كمراقب أو كحامي للعملية السياسية، بما يذكرنا إلى حد ما بتجربة حكم العسكر التركي أيام انقلابات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي في تركيا... وهذا في رأيي أمر شديد الخطورة في بلد فتي ديمقراطياً مثل مصر، لم تستو فيه التجربة الديمقراطية الحقيقية بعد، ولم يتأهل فاعلوها الحقيقيين تأهيلاً ثقافياً وعملياً... والخطورة الأكبر تكمن في أن هذه القبضة العسكرية –التي استساغت طعمها بعض النخب والتيارات المصرية- يمكن أن تكون سلاحاً ذو حدين، فمن أيدها ووقف معها ودافع عنها اليوم، وقلل من حجم تدخلها وخطورتها، من بعض النخب السياسية والفكرية العلمانية (كما فعل مثلاً محمد البرادعي في قوله مؤخراً: "إن الجيش تصرف بالنيابية عن الشعب")  ربما قد يأتي يوم يشتكي منها، ويعاني من هولها، ويصطدم دموياً بها مثلما حدث مع الإخوان...

ومن دعم ووافق على قمع الإسلاميين، وتغييبهم، واستبعادهم، أو رضي به، أو سكت عنه، وبالعموم انحاز للتعامل الأمني الدموي معهم، ورفض قبولهم الكامل – مع وجود قبول جزئي على مضض- واستمرارية تأهيلهم سياسياً وعملانياً باعتبارهم فريقاً يحظى بتأييد سياسي وشعبي واسع وعريض، هو بالضرورة يهيئ لهم أجواء ومناخات الكفر بالديمقراطية من جديد، وبالعمل السياسي الديمقراطي، بعد عقود من القمع المستديم والعمل السري، ويساهم –من حيث يعلم أو لا يعلم- في تحريضهم على رفض السلمية ومواجهة العنف بالعنف، ويدفعهم دفعاً للعودة إلى العمل تحت الأرض، حيث التنظيمات السرية والعنفية.. التي مررنا بها وكلفت مجتمعاتنا العربية أثماناً مادية ومعنوية باهظة كثيرة.

نعم لقد أخطأ إسلاميو مصر كثيراً بعد تجربة عام على استلامهم للحكم، في الوعي الفكري والعملي للمسألة السياسية الديمقراطية، والذي تجلى في اعتقادهم الساذج أن الانتخابات التي فازوا بها تشكل بالنسبة لهم نقطة تحول مصيرية ولحظة تغير مفصلية في تاريخهم السياسي، وأن هذا النجاح الشعبي الانتخابي -الذي حصلوا عليه بورقة الاقتراع وليس بالانقلاب العسكري- قد أعطاهم –ويعطيهم- كامل الحق والغطاء القانوني لتغيير كل شيء في مصر وبلحظة واحدة ودفعة واحدة.. كما أن خصومهم السياسيين (من جبهة الإنقاذ الوطني وباقي الأحزاب العلمانية والتجمعات الوطنية وجبهة تمرد وغيرها) أخطأوا كثيراً أيضاً عندما اعتقدوا بأن الانتخابات ليست شيئاً مهماً ذا أهمية، وأنهم بالتالي يمكنهم استثارة الشارع وإلهابه في أي وقت، وتحريض العسكر –الشبق للحكم والظهور كما يبدو- للانقلاب على التجربة الديمقراطية الفتية الغضة والطرية في مصر، تحت حجج وذرائع يمكن أن يوفرها الجميع حتى خصومهم السياسيين الآخرين..

وعلينا ألا ننسى أن هؤلاء الخصوم (ومن لف لفهم من بعض رجال الأعمال و"حيتان" الاقتصاد المصري المحسوبين عليهم) قد جروا الإخوان جراً إلى مستنقع الخطيئة السياسية عندما عملوا على إفشال تجربتهم سياسياً وخدماتياً وتنموياً وتقزيم دورهم، وتحجيم أدائهم وإمكاناتهم العملية.. لكي لا يقدموا نموذجاً للحكم يسجل بإسمهم كإسلاميين، وهذا كله في السياسة مباح طالما أنه .. وكم كنا نأمل لو بقيت تلك السجالات والخصومات والحرتقات السياسية في إطارها السياسي الإعلامي وفي قنواتها القانونية الدستورية في  بلا دماء ولا قتل ولا انقلابات.. حتى على مستوى إزاحة الرئيس مرسي، في الانتخابات وليس في الشارع بمساعدة العسكر، في حالة تنم عن الفشل السياسي الذريع لكل النخب والأحزاب المصرية في ظل وجود مناخ ثوري قوي ومتماسك كان بمقدوره ممارسة مزيد من الضغط والتأثير السياسي المدني من دون مساندة عسكر ودبابات ومدرعات.. بما يشير ويؤكد لنا جميعاً على أن تجربة ديمقراطية فتية جرى إفشالها وقتلها في المهد، وأن العسكر المصري "المنقلب" (أو المصحح لمجرى نهر الثورة) لا يزال هو الكتلة الصلبة الوحيدة المتماسكة والقوية القادرة على إحداث التغيير من دون أن تتغير.

ولهذا يجب على الجميع في مصر – وبطبيعة الحال في كل عالمنا العربي المحكوم بقبضة القبيلة والعسكر- أن يدركوا واقعياً بأن سفينة الوطن ملك للجميع، وبالتالي لا يحق لأحد التلاعب بها كيفما يشاء، وأنه من العبث أيضاً الظن بقدرة -أي تيار أو فريق لوحده دون غيره - على العمل والعطاء والإنتاج وتحقيق التنمية المنشودة، أو أنه يمكن لتيار إقصاء واستبعاد باقي الأطراف والتيارات الأخرى من ساحة العمل والمسؤولية وصنع القرار.. فالوطن يتسع للجميع، من إسلاميين وعلمانيين، والانتخابات هي الفيصل والميزان... فلماذا الانقلاب؟ ولماذا الفوضى والتخريب وتكريس الأحقاد وغرائز الانتقام الحيوانية؟...

وفي اعتقادي أن الإسلاميين يمكنهم تقديم نماذج طيبة وجيدة وناجحة عملياً للحكم السياسي إذا ما فتحت لهم مختلف قنوات المجال السياسي العام، وتوفرت لهم سبل العمل ومناخاته الحقيقية مثل غيرهم.. وإذا ما تغيرت معادلات العسكر الحاكم واللاعب الأكبر في سياسات العرب حتى الآن.

لأن النصوص المعرفية الإسلامية التي يستقي منها الإسلاميون عموماً نسغهم الوجودي العملي تمنحهم إمكانية التكيف مع الحياة والعصر، وهم بذلك ليست أمامهم أية مشكلة ولا يعيشون أية أزمة معرفية كبرى تجاه المدنية والدساتير والحريات العامة ودولة المؤسسات والنظم العقلانية كأفكار طورتها البشرية كأفكار سياسية أو حتى كاتجاهات فلسفية، لأن الإسلام هو نفسه يتحرك على منحى المدنية من حيث أنه يؤيد خيارات البشر، ويرفض احتكار السلطة والاستفراد بها والتغول من خلالها، على الآخر.. تحت أي مسمى كان، ولا يتبنى "التراتبية الاكليروسية" الدينية المعروفة.. ولا يحصر الحكم -بجميع مستتبعاته- في اتجاه أو طبقة محددة..

وقد رأينا أنه لم تتكرس - في كل تاريخنا الثقافي العربي والإسلامي- أية حالة طبقية خاصة برجالات الدين، متفردة زماناً ومكاناً، ومشرعنة بشرعية النص الديني، بل كل ما كان هناك هو علماء دين يفسرون النصوص، ويشرحون الأحاديث، ويقدمون الفتاوى، فيخطئون فيها ويصيبون، ويتصرفون في الواقع من حيث أنهم أفراد مندمجون في واقعهم، ومنسجمون ومتكيفون مع عصرهم، وليسوا كفئة صاحبة امتياز "بطركي" خاص، على الرغم من بعض مظاهر تلك الحالة الدينية الأرثوذكسية المتناثرة بقلة في داخل مجالنا واجتماعنا الديني هنا وهناك، ولكنها حالات نادرة يغلب عليها الطابع الذاتي لا العام، وهي محصورة كماً ونوعاً..

وعندما يقول البعض بأن هناك أوامر وإلزامات نصية دينية (أحكام وقواعد شرعية) تجبر المسلم على الخضوع لها، وقد تكون على نقيض التزاماته الواقعية (المدنية والسياسية العلمانية) المتجددة الأخرى، فهذا لا ينتقص من فكرتنا حول مدنية الإسلام، لأن الفرد الملتزم بالدين عندما يتبنى رأياً دينياً معيناً حول أمر ديني محدد، فإنه يتبناه بإرادته ووعيه واختياره، من دون فرض أو قسر أو إكراه من أحد، حتى من الدين ذاته، خاصة عندما ينتهي هذا التبني الحر -تجريبياً وواقعياً- إلى النجاح المنشود.. وهذا لا يضر أصلاً بالقانون المدني المطبق والمفترض أنه يقود حركية الدولة العادلة، وهو يشبه حالة أن تختار أو تتبنى دولة أو أمة ما دستورها الناظم لشؤونها المتنوعة لتعمل بموجبه في الحياة من دون أن يتبنى هذا النص الدستوري إنشاء طبقة تختص بالقداسة تتحصن وراء أو تحت سقف الدستور..

إن صراع وجدل حكم الدين وحكم السياسة، وثنائية السياسي والديني وصراع العلمانية والإسلام المستمر منذ قرون وعقود طويلة لابد له من نهاية سعيدة في عمق فكر وسلوكية الدولة المدنية الحديثة العادلة.. لأن المدنية والإسلامية تلتقيان في فكرة الحرية والاختيار الفردي الحر، على الرغم من وجود نصوص دينية -غير محكمة- عديدة توحي بعكس ذلك عندما يتم تفسيرها وتأويلها من قبل كثير من علماء الدين المنتفعين والمتكسبين على هذا النحو القدري الجبري، بهدف الإبقاء على حالة "الأصالة الدينية" و"صفاء الهوية النقية" المزعومة، والتي لم تجد لها أصداء قوية في الواقع العربي المجتمعي العام.. حيث أن العرب والمسلمين مندمجون كلياً في حداثة العصر، ولو من باب تبني حداثة الشكل دون حداثة المفهوم والنسق الثقافي والفلسفي الحضاري، فهذا الأخير يحتاج إلى وقت طويل، ودونه مراجعات نقدية وحفريات معرفية عسيرة.. المهم أن اجتماعنا الديني بدأ يتغير سياسياً لتبني خيارات سياسية تقوم على فكرة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وهذا أمر حيوي وتطور نوعي كبير للغاية.. يجب التأسيس الجدي عليه.. ومرده أساساً إلى حالة الانفتاح على تيارات الغرب الثقافية والسياسية المعاصرة، والتفاعل الكبير الذي نجم عن احتكاك كثير من نخب ومفكري الحالة الإسلامية مع واقع الغرب السياسي والفكري الحديث، ورؤيتهم عن كثب للنجاحات الباهرة التي حققتها تجربة الغرب "العلماني" الأوروبي والأمريكي على صعيد العلم والتجربة والتقنية والتطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مقارنةً بالطبع مع تأخر مجتمعاتهم وتخلفها وارتكاسها الحضاري الكبير..

وعندما نقول بأن الدين الإسلام مدني في فكره وسبيله وتوجهه الدولتي العام، القائم على خفظ الإنسان ورعايته كخليفة لله على الأرض.. فنحن نستند أساساً على مقولات ونصوص دينية نهائية تعتبر أن الحرية هي خيار الناس وحقهم الأساسي في الإيمان والكفر، وهذا من أهم حالات الاختيار الذاتي الفردي.. (..فمن شاء فيؤمن ومن شاء فليكفر).. (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء).. (..إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).. (الناس أدرى بشؤون دنياهم).. (متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً..)..ووالخ.

من اعتقادنا الجازم بأن بواعث النهضة العربية والإسلامية الأساسية المطلوبة على مستوى الذات والموضوع، لن تشتعل من جديد إلا بإعادة الاعتبار لسؤال وفكرة وقيمة الحرية ذاتها باعتبارها قيمة القيم الدينية.. وإذا ما حدث هذا النهوض من دون فكرة وقيمة الحرية -وهو لن يحدث- فلن يتعدى حدود إثارة الصراعات، وإيقاظ الهويات النائمة المغلقة قومياً وعرقياً ودينياً.. 

باحث وكاتب سوري

اعلى الصفحة