الأزمة السورية: بين الحلول المستعصية والآفاق المفتوحة

السنة الثانية عشر ـ العدد139 ـ (شعبان ـ رمضان 1434  هـ ) تموز ـ 2013 م)

بقلم: نبيل علي صالح(*)

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

سنتان ونيف مرتا منذ آذار 2011 من عمر سوريا المعاصرة، أعادتا هذا البلد عقوداً إلى الوراء على مستوى التنمية والاقتصاد والبنى التحتية، وعلى مستوى واقع العلاقات الاجتماعية التعايشية بين مختلف مكونات المجتمع السوري الزاخر بالتنوع الإثني والحضاري التاريخي والثقافي..

والمشكلة التي كان يخافها الجميع بعد تفجر أوضاع سوريا السياسية والاجتماعية ليس فقط تعقيم وقتل بذور التعايش الحضاري والسلام الاجتماعي السوري الداخلي، أو محاولات تهشيم بنية الدولة، وإنما أيضاً استطالة الأزمة مكانياً وزمانياً، وتصعيد تراكماتها الذاتية الهائلة، وامتناعها عن الحلول السياسية السلمية، بما يهدد الوجود والكينونة ذاتها، باعتبارها (أي الكينونة العضوية والروحية) هي الأصل الذي بني عليه تعايشنا وتفاعلنا وتسالمنا الاجتماعي الداخلي في بلد يحتوي على كنز حضاري مؤلف من حوالي 17 طائفة وإثنية دينية وقوميات حضارية متنوعة ساهمت في بناء وتشكيل وتطوير مختلف مواقع هذا الوطن السوري العظيم.. حيث أنه لا أمن ولا سلام ولا تعايش إلا بوجود تربة "سياسية ـ اجتماعية" صالحة لبذر قيم الخير والمحبة والوئام والتسامح، ولا حقوق مصانة للجميع إلا بوجود صيغة سياسية تعددية توافقية تكفل لكل هذا التنوع الغني تحقيق طموحاته الفكرية والثقافية والسياسية السلمية مع المساواة الحقيقية في الحقوق والواجبات أمام الدستور والقانون الناظم لحركة الدولة والمجتمع.

ولكن كل ذلك ما تقدم لا زال يدخل ضمن الأمنيات والرغبات، لأن الواقع على الأرض ربما هو أكثر تعقيداً من رغباتنا وتمنياتنا حسنة النوايا، خاصة مع تفاقم وتدهور الوضع الداخلي، بحيث بتنا نشعر بأنه لن يكون هناك أي حل حقيقي ناضج ومثمر لبنية هذه الأزمة المفصلية والوجودية السورية، إلا بحدوث تسوية دولية كبرى على مستوى المنطقة من خلال قيام القوى الدولية الكبرى بالضغط على طرفي الصراع للانتقال من لغة الرصاصة والمدفع إلى لغة الحوار، بهدف التفاهم على أساسيات الحل المقبل.. ولكن الإنكار والرفض هو السائد حتى اللحظة.

ويبدو لي أن تعقد الحل السوري واستعصاء الأزمة على التحلل والتفكك، ومن ثم الوصول إلى طرق الحل الواضح والمضمون النتائج، ناجم أساساً عن دخول لاعبين كثر بمصالح سياسية واقتصادية وجيو/إستراتيجية متضاربة ومتناقضة إلى عمق الساحة الداخلية السورية، وتداخل تلك المصالح الخاصة وتراكبها بقوى إقليمية ودولية (لها أصابعها وقواها وأحزابها واستثماراتها على الأرض السورية)، حيث باتت تتقاطع وتتشابك امتيازاتها مفصلياً مع بقاء نيران هذه الأزمة مندلعة ومشتعلة الأوار، واستدامتها وامتناعها عن أية حلول.. خصوصاً مع دخول تنظيمات الإسلام السياسي الجهادية من قاعدة وغيرها على خط الأزمة السورية، وبدء مرحلة جديدة من الصراع الدموي العنيف في سوريا.. وهذا في واقع الحال لم يكن مفاجئاً لنا لأن عمل التيارات الجهادية السلفية التي تتبنى فكر القاعدة القائم على العنف كان ظاهراً منذ أكثر من عام ونصف في صلب الحدث الدموي السوري..

وبطبيعة الحال، وبعيداً عن لغة وسلوك بعض القوى هنا وهناك ومحاولاتها الحثيثة لاستثمار واستغلال إعلان تبني تنظيم القاعدة لجبهة النصرة أخيراً، لا يمكن للمجتمع السوري المتنوع بفسيفساء حضارية جميلة عمرها آلاف السنين، أن يقبل بفكر وسلوك هذين التنظيمين العنيفين المخالفين للحياة، ولروح الطبيعة الإنسانية الفطرية السوية.. وهذا المجتمع نفسه ـ (بطائفته الأكبر التي ينتمي إليها التنظيمين المذكورين) والذي رفض ويرفض أي نوع من أنواع الاستبداد والفساد السياسي ـ سيرفض ويواجه أيضاً كل محاولات زجه في لعبة "تديين" السياسة، وتسييس الدين، والعزف على وتر المقدسات الدينية الإسلامية، واستغلال هموم ومشاكل الناس لتحقيق مآرب سلطوية تحت غطاء المقدس الديني..

وهذا المجتمع الحي والمتفتح لا ينقصه مزيدٌ من العنف والدم والقتل اليومي، فلا جبهات نصرة، ولا تخرّصات ظواهري أو زرقاوي أو جولاني.. وخلافه من أئمة القتل ورموز الاستبداد الديني الجدد القادمين من مجاهل التاريخ الملوث بثقافة الطغيان الديني، وسلوكيات "الملك العضوض" الدموية التي سبق أن كلفت الأمة أنهاراً من الدماء والدموع.. فهذا النوع من الفكر الديني المرتكز على فتاوى قديمة تستحضر في كل حين، أخطر من الاستبداد العلماني، لأنه يتغطى بنصوص دينية يتم استغلالها وتفسيرها وتأويلها بما يتلاءم مع مصالحهم ومشاريعم التقسيمية، أي يتلطى بشعارات دينية تحظى باحترام الناس، ولكنها تلهب فقط عقول الضعفاء والمساكين وقليلي المعرفة.. ولهذا فسوريا لا تركب فيها إطلاقاً هذه الحالة النمطية الجامدة من العقلية الدينية.. شعب سوريا كما قلنا حضاري منفتح على الحياة والعصر والوجود كله، وعرف عنه حبه للعمل والإنتاج والتجارة والصناعة وغيره، وحضارة هذا البلد العريقة وعمرها أكثر من7000 سنة ضاربة الجذور في العمق التاريخي والوجودي.. والشعب السوري هو نفسه (بسنته قبل مسيحييه وقبل علوييه) يرفضون هذا التوجه الأرعن العنيف، وسيواجهون هذا الخيار الدموي الآخر المقابل لخيار بقاء الاستبداد العلماني، وسيسقطون هذا السلوك الماضوي العنفي الطائفي المقيت.. لتكون سوريا المستقبل، دولة حرة مدنية ديمقراطية تعددية، وليس دولة دينية أو طائفية..

وفي ظني يجب أن يحاول ويسعى ويشتغل السوريون ـ قبل غيرهم باعتبارهم أم الصبي كما يقال ـ جاهدين لكيلا تأتي هذه التسوية الكبرى المنتظرة على أحر من الجمر من قبلهم، على حسابهم وحساب سوريا الحضارة والمستقبل والخير والسلام والجمال والحرية والتعددية والاستقرار الوطني والمجتمعي الطبيعي، لتعود أجمل وأرقى مما كانت..

ولهذا ينبغي أن يعمل ما تبقى من مكونات المجتمع المدني والأهلي السوري ذوي التوجه والأفكار والسلوكيات المعتدلة والوسطية (وهم بالمناسبة غالبية هذا الشعب العظيم المؤمن بقيامة سوريا المدنية الحرة) لكي تكون التسوية المرتقبة على حساب تلك الفئات والجماعات والتنظيمات والشخصيات والرموز والهيئات المعروفة المتطرفة داخلاً وخارجاً.. فلا إرهاب ولا تطرف ولا استبداد دينياً أو علمانياً، بل حرية وعدالة ومساواة، ودولة قانون ومؤسسات. إن الصراع  السياسي والجيو/استراتيجي على سوريا، وتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، وتضارب الأجندات العربية والدولية، الجاري على حساب الدم السوري المسفوح على تراب هذا الوطن الخير والمعطاء، لا يجب أن يطول، بل يجب وضع حد له، من خلال مشاركة السوريين أنفسهم بتقرير مستقبلهم دون غيرهم.. ومع اعترافنا بوجود أخطاء وممارسات كبيرة ارتكبها النظام في سياق تأخره بعمليات الإصلاح والتغيير، ولاحقاً في طريقة وآلية معالجته لأزماته المتلاحقة، (كنتيجة طبيعية لترهل كثير من مفاصله السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مع أنه كان محققاً للاستقرار والأمن لسوريا والمنطقة عموماً) ولكن كل ذلك يجب أن لا يجعلنا نغض النظر عن وجود تيارات وقوى أساسية في سوريا الآن تتحرك وتسعى بقوة، للعمل وفقاً لأجندات دولية خطيرة، وتريد أخذ البلاد إلى مكان آخر بما سيؤدي حتماً إلى حدوث مزيد من التطور السلبي في مفاعيل هذه الأزمة، وسيراكم أكثر فأكثر من أعمال العنف ويزيد من تعقيد واشتعال المشكلة والأزمة الوجودية السورية.

طبعاً الدعوة الأخيرة إلى عقد (جنيف 2) وبدء مرحلة حوار بين النظام والمعارضة يمكن أن تشكل فرصة مهمة لبدء نزع فتيل الأزمة المتفجر في كل سوريا تقريباً، ولكن مع من سيجري الحوار من جهة المعارضة؟ ومن هم شخوصه؟ وهل يمثل هؤلاء المعارضين السوريين قوة حقيقية على الأرض أم أن قوة المعارضة تكمن في الداخل؟.

من وجهة نظري إن النظام السوري (على ما فيه من علل وسلبيات وأمراض وتعقيدات)، وبعد كل ما جرى على الأرض السورية من دمار، لا ينبغي عليه أن يعطي شيئاً لمعارضة الخارج إلا من يمثل منهم قوة وثقلاً حقيقياً على الأرض، خصوصاً مع فشل هذه المعارضة وعقمها وشبه عجزها عن إثبات وجودها ولم صفوفها وتركيز وضعها السياسي وعدم تبعيتها لهذا المحور أو ذاك.

أنا أعتقد أن التنازل الوحيد المطلوب من النظام اليوم هو فقط للشعب في الداخل السوري.. أن هذا الشعب واقف بقوة مع الوطن وكرامته وسيادته، ومع الأمان المجتمعي، ومع مستقبل البلد الحر والسيادي، وهو يتطلع قدماً نحو بناء دولة العدل والقانون والدستور والمؤسسات.. الشعب الذي دفع التكاليف والأثمان الكبيرة والباهظة وهو لا يزال ينتظر تحقيق الوعد بالمستقبل المشرق للبلد..

يعني إذا كان الشعب نفسه (الموالي والمعارض) بالداخل رافضاً لهكذا معارضة فاشلة فلماذا تقدم تنازلات لها أو لأسيادها الأمريكان وغير الأمريكان الذين أمعنوا فيها إذلالاً وإهانات على مدى أكثر من عشرين شهراً مضت.. ثم هل جاء هؤلاء المعارضون بطريقة انتخابية وعبر صناديق الاقتراع أو انتخبوا من قبل مناصريهم على الأرض، وما هو حجم تمثيلهم حتى تتم محاورتهم؟!!..

المطلوب في اعتقادي هو محاورة ومفاوضة معارض الداخل بالدرجة الأولى، من أهل البلد في الداخل، الموجودين على الأرض ومن كافة الأطراف والأطياف والتيارات ومهما كانوا وإلى أي موقع انتموا.. المهم بالداخل، وليس هؤلاء الموجودين في الخارج الذين هم بمعظمهم متآمرون (عن حسن أو سوء نية).. وهم لا يشكلون لهم أي شي على الأرض، وليست لهم أية قوة أو رصيد شعبي بين أبناء المجتمع، حتى عند من يتسمون باسمهم ويدعون تمثيلهم زوراً وبهتاناً..

فهكذا معارضة فشلت في نيل ثقة وكسب ود حتى من تدعي تمثيلهم بالخارج، ولم تتمكن حتى من تنظيم صفوفها الداخلية، وغير قادرة على إدارة شؤونها الذاتية، ولا تزال تعتمد على سفراء ووزراء خارجية ومسؤولين كبار في أمريكا وتركيا وقطر والخليج وفرنسا وبريطانيا وغيرهم فقط لزيادة وضم أعداد جديدة من شخصيات المعارضة إليها.. أقول: كيف يمكن لهكذا معارضة مخترقة حتى الصميم (في قلبها وكبدها وعقلها وكافة حواسها) أن تصلح الحال، وأن تكون نداً في الحوار والتفاوض؟!!.. وأن تكون مشروع حلم للسوريين في قيادة سفينة وطن إلى شاطئ وبر الأمان؟!!.

وفي ظني أن معظم هؤلاء (وليس كلهم، وأنا أعتب وأنتقد كثيراً ممن كانوا يشتغلون على معيار وطني حقيقي منهم، وكانوا محبوبين ولهم قاعدة ورصيد شعبي مقبول بالداخل) هم حفنة تجار أزمات ومعارضي فنادق خمس نجوم وحفلات ومؤتمرات وحسابات وصريحات وخلافه.. وهم ليس عندهم شيء جديد يضيفونه للسوريين بالداخل سوى نقل أزماتهم وتعقيداتهم ومستنقعات ووحول وعيهم الذاتي المنخفض جداً، إلى داخل البلد للتعقيد أكثر واستطالة الأزمة أكثر.. وهم ليس عندهم إلا التآمر والكذب والدجل والارتماء في حضن الأمريكي والخليجي. وبتقديري أن الناس والشعب الذي يدعي هؤلاء المعارضين أنهم واجهته السياسية والتمثيلية هو من سيلفظهم قبل النظام وقبل الدولة..

يعني لا ينقص بلدنا ومجتمعنا السوري الجريح حالياً، إلا أن تأتي هكذا معارضة (خارجية) متعارضة ومستبدة ومتناقضة وديكتاتورية (مكتوب الاستبداد واضح من عنوانه) وبكل تراكماتها وتعقيداتها وخلافاتها الجذرية العميقة الجذرية (بين بعضها)، لتحكمنا وتسيطر علينا وربما لتمارس الانتقام والثأر تحت ستار كم هائل من كلمات وطروحات الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان..

بالطبع كل ما أشرنا إليه آنفاً من نقد سلبي ربما يعتبره البعض قاسياً بحق كثير من رموز وأطياف معارضة الخارج السورية، لا يعني أن البلد بخير وأن النظام مثالي ولا يوجد أحسن منه، وكل هذا لا يعني أننا ضد التغيير والإصلاح الحقيقي المنشود من قبل كل أبناء سوريا دون استثناء.. أو أنه يجب أن نبقى هكذا في مكاننا نراوح ونتراجع، أو أن نبقى متجمدين على ما نحن عليه من تشوه ورثاثة ورتابة وتأخر وفساد وغيره، أو ما نحن فيه من تراكمات الأخطاء والكوارث السابقة، ولا يعني أيضاً أننا ضد الإصلاح الحقيقي أو أننا نرفض التغيير الحقيقي وإقامة دولة مدنية حرة وديمقراطية ومؤسساتية تحارب الفساد وتبدأ بكسح الاستبداد السياسي وغير السياسي..

لكن بيدنا نحن، وبوعينا نحن، وبإرادتنا نحن (باعتبارنا أم الصبي) ومن الداخل لنبني معاً (كل بحسب موقعه ووظيفته ودوره ومكانته) بلداً حراً ديمقراطياً سيادياً ولو بعد زمن طويل، وليس بيد فلان وفلان.. أو بيد أمريكا الامبريالية، وبعض بلدان الخليج الذين ما شاء الله على هذه الديمقراطية الفريدة والعجائبية السحرية التي تحكم بلدانهم القبلية المشيخية، وينصحوننا بها كمثال فريد من نوعه!!.. ويأملون منه تطبيقها (أين!!) في بلدنا سوريا.. تصوروا في سوريا البلد الحضاري العريق إنسانياً ودولياً وسياسياً.. الذي عندما كان دولةً لم يكن هناك شيء اسمه قطر ولا الكويت ولا البحرين ولا الإمارات ولا سلطنة عمان!!..

وفي النهاية:

لن نقدم جديداً عندما نعيد ونؤكد على أن تداول السلطة في سوريا يجب أن يتحقق في القريب العاجل عبر الانتخابات وصناديق الاقتراع، وليس عبر العنف والدم واستباحة حرمات الناس، وممارسة سياسة القهر والظلم والاستبداد عليها علمانياً كان هذا الظلم أم تحت ستار ديني..

بما يعني أن يكون للقوى السياسية والمجتمعية السورية كلها، الحق ذاته في وجود إمكانية عندها لممارسة السلطة والحكم ديمقراطياً ودستورياً، ويعني أن استعادة السلطة أو الاحتفاظ بها يأتي فقط عبر برامج اقتصادية وسياسية واجتماعية واضحة وشفافة ومقنعة للناخبين، لا عبر تزوير انتخابات، أو تضليل للشعب والرأي العام، أو بتفويض إلهي، أو ممارسة القمع بأشكاله لإرعاب الخصوم السياسيين.. ولكن متى سيتحقق هذا الواقع العقلاني؟ هل بمزيد من الدماء والقتل وإرجاع المجتمع السوري لعهود وأزمنة الماضي العتيق ووعظيات فقهاء الوعظ السلطاني؟!!..

على كل حال، نأمل أن يأتي الحل قريباً بوعي وإرادة السوريين أنفسهم، والمهم عندنا ـ خصوصاً حول موضوع الحوار العتيد القادم المرتقب ـ هو سلامة وأمن وأمان واستقرار وهدوء وطمأنينة البلد، وسلامة أهله وبحره وسهله وجبله، والحفاظ على ثرواته وموارده، وإعادة ضمان سيادته واستقلاله وحريته وكرامته الحقيقية التي هي من كرامة أهله وناسه من كل الاتجاهات والأطياف والمكونات المجتمعية، ومن كل التيارات الفكرية والسياسية، ومن كل الانتماءات العقدية والإثنية والقومية، فسوريا لكل أبنائها المخلصين الشرفاء الذي تحملوا ضريبة الدم والتهجير والدمار والعيش الضنك والصعب.. فلا مكان بينهم أبداً للحاقدين والمتآمرين والمبغضين، لأن الضغينة والحقد والانتقام لا تبني أوطاناً حرة.. الوعي ومحبة البلد، وقيمة الحرية هي التي تبني أوطان العزة والكرامة والمجد والسؤدد.. و: "بلدي وإن جارت عليَّ عزيزة... نعم عزيزة..".. ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾(التوبة: من الآية 105).. ﴿إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾(الرعد: من الآية11).. ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾(الأنفال: من الآية 53)

كاتب سوري(*)

اعلى الصفحة