التطورات الأخيرة في الملف النووي الإيراني

السنة الثانية عشر ـ العدد 137 ـ ( جمادى الثانية ـ رجب 1434  هـ ) أيار ـ 2013 م)

بقلم: محمود إسماعيل

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

يبدو الملف النووي الإيراني كمسلسل متعدد الحلقات، فيما المواقف لا تزال تراوح مكانها. ينقل الإعلام الإيراني بفخر صور تدشين منجمين جديدين لليورانيوم، في وقت ترفض فيه طهران الحديث عن تعليق للتخصيب بنسبة ٢٠%. لقد جرت مفاوضات متعثرة في كازاخستان بين إيران ومجموعة ٥ زائد ١، إلا أنها لم تحقق أي اختراق سوى تجديد التأكيد على المواقف المتباعدة والمتعارضة.

هناك أزمة ثقة بين إيران والغرب، ولاسيما الولايات المتحدة، أما إسرائيل فتصعد وتهدد بالقيام بضربة استباقية. كل ذلك والشرق الأوسط يلتهب جراء الأزمة السورية، فيما التهديدات النووية الكورية الشمالية تدخل على الخط. فإلى أين تتجه الأمور، وكيف ستتعامل الإدارة الأمريكية مع التطورات النووية الإيرانية؟.

الإدارة الأمريكية تفكر بتغيير إستراتيجيتها اتجاه إيران

لقد صدر تقرير عن أحد المراكز الأمريكية المهمة المعروف باسم "ذا أتلانتك كاونسل" الذي يرأسه وزير الحرب الأمريكي الحالي تشاك هاغل. جاء التقرير تحت عنوان "حان وقت اعتماد الإستراتيجية بدل التكتيك اتجاه إيران". في طبيعة الحال، فإن تولي هاغل رئاسة المركز المذكور، تجعله أحد مراكز الأبحاث المؤثرة في صناعة القرار في الإدارة الأمريكية الراهنة.

يخلص التقرير إلى أنه على واشنطن تغيير نمط تعاملها مع إيران، بغية التوصل إلى مرحلة تتخلى فيها الجمهورية الإسلامية عن مشروع امتلاك السلاح النووي بشكل كامل. يطرح البحث المشار إليه أربع سبل لتحقيق أهدافه هي:

١- مفاوضات تتضمن محادثات ثنائية مباشرة.

٢- تفعيل العلاقات مع الشعب الإيراني ودعم ما يسميه التقرير ب " التحول الديمقراطي " وتسهيل تجارة المواد الغذائية والأدوية والأجهزة الطبية مع إيران.

٣- الحد من قدرة إيران على الإضرار بمصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

٤- إشراك الشعب الإيراني بصورة أكثر فعالية والتواصل معه من خلال التبادل الإعلامي والتكنولوجي والأكاديمي والثقافي والرياضي، بالإضافة إلى القنوات الدبلوماسية المباشرة.

تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى اختراق المجتمع الإيراني بشتى الوسائل، وذلك عبر مؤسسات إنسانية ومنظمات غير حكومية للعمل من الداخل الإيراني. إن أحد أهداف القنوات الدبلوماسية هو دعم التغيير السياسي تدريجيا من داخل إيران.

يخطط صناع القرار السياسي في الولايات المتحدة لإعادة إحياء عملية التسوية بين الدول العربية والكيان الصهيوني، وتشكيل معارضة سورية قوية موالية للغرب للحد من قدرات حزب الله، بهدف إضعاف إيران والحفاظ على السيطرة الأمريكية في المنطقة. لن يتردد صناع القرار السياسي في واشنطن في اللجوء إلى الخيار العسكري في حال فشل المساعي والخطط السياسية الأخرى.

يبدو أن صحيفة نيويورك تايمز متحمسة بدورها لخيار اللجوء إلى الحرب، إذ إنها تكشف عن نية الولايات المتحدة في تركيب نظام الليزر المتطور في البحر بالقرب من إيران، وهو نظام قادر على تعطيل السفن الصغيرة، وكذلك إسقاط طائرات مراقبة من دون طيار. سوف يصبح هذا النظام جاهزا للعمل في عام ٢٠١٤، أي قبل سنتين من الموعد الذي كان مقررا له، ثم سيوضع على متن سفينة النقل البرمائية "يو أس أس بونس" في الخليج. تشير الصحيفة الأمريكية المذكورة إلى ما تسميه "مضايقات" تعرضت لها السفن الحربية الأمريكية من قبل قوارب إيرانية سريعة الهجوم، جازمة بأن هذا الليزر الأمريكي سيتصدى لها.

نووي إيران... سجال مفتوح ووفاق مؤجل

ما بين المماطلة السياسية وصراع الأجندة المجهولة، ما زال السجال الطويل الأمد الذي يدور بين إيران والغرب وحلفائه بشأن الملف النووي الإيراني المثير للجدل، يراوح مكانه، على الرغم من تكثيف الجهود الدولية لتسوية الخلاف من خلال المحادثات النووية بين إيران والقوى العالمية الكبرى في الآونة الأخيرة، لكن على ما يبدو أن هذه المفاوضات تسير اتجاه الطريق المسدود.

فقد فشلت القوى العالمية وإيران مجدداً في إنهاء الجمود في النزاع المستمر منذ عشر سنوات بشأن برنامج طهران النووي أثناء المحادثات الأخيرة، مما يطيل أمد مواجهة يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب جديدة في منطقة الشرق الأوسط. ويرى الكثير من المراقبين إن المباحثات المطولة لم تردم هوة الخلافات بين الجانبين، وقد أصبح من الواضح أن موقف كل من طرفي النزاع لا يزال بعيدا جدا عن الآخر.

فيما يقول بعض الدبلوماسيين والخبراء إن الانتخابات الرئاسية القادمة في إيران تزيد من حالة عدم وضوح الرؤية لدى الغرب فيما يتعلق بإستراتيجية طهران بخصوص الدبلوماسية النووية.

فيما تسعى إسرائيل وحلفاؤها إلى وقف البرنامج الإيراني لتخصيب اليورانيوم ووضع خط أحمر لمنع إيران من الحصول على قدرات نووية عسكرية بأي ثمن ولا تستبعد الخيار العسكري لتحقيق ذلك، في المقابل تقول إيران إن برنامجها النووي مخصص للأغراض المدنية فقط، وهذا ما لا يصدقه خصومها.

في حين يرى بعض المسؤولين الإسرائيليين أن إيران تقترب من تجاوز الخط الأحمر في برنامجها النووي والذي ستتمكن بعده من بناء سلاح نووي، إلا أنها لم تصل بعد إلى هذه المرحلة.

بينما يرى محللون آخرون أن في هذه المرحلة ما زالت عدة سيناريوهات محتملة، لكن الخبراء يستبعدون تهدئة مفاجئة للتوتر وكذلك حرباً مفتوحة في الوقت القريب، كما توقع خبراء بهذا الشأن بأن إيران ستستخدم معدات أكثر تطورا في موقع نووي خلال الآونة المقلبة، ما سيفاقم من حدة الخلاف الشرس بين الخصوم حول برنامج إيران النووي بصورة متواترة، وبالتالي يصعد من السخونة السياسية، التي قد تزيد من مستوى العقوبات الدولية على دولة إيران، وعليه فإن فتح صفحة جديدة بشأن الملف النووي الإيراني يحتاج إلى خطوات ملموسة وجادة بين طرفي الصراع، أما الواقع فيشير إلى أن تكون خطوة المحادثات النووية مؤخراً، نمطاً جديداً من أنماط المناورات السياسية من أجل تحقيق صفقات بين الدول الكبرى من جهة وإيران من جهة أخرى،  وبالتالي تبقى تسوية الأزمة النووية الإيرانية معلقة حتى إشعار آخر.

منجمان ومجمع جديد لإنتاج اليورانيوم

في سياق متصل، دشنت إيران منجمي يورانيوم سيزودان مجمعاً جديداً لإنتاج الكعكة الصفراء في خطوة جديدة في برنامجها النووي المثير للجدل فيما تراوح مفاوضاتها مع القوى الكبرى مكانها.

ويقع المنجمان على عمق ٣٥٠ م كحد أقصى ومركزهما في ساغند في محافظة يزد على بعد حوالي مئة كيلومتر من المجمع الجديد في أردكان. وسيتمتع المجمع بقدرة إنتاج سنوية تبلغ ٦٠ طنا من الكعكة الصفراء وهي يورانيوم مركز يستخدم لاحقاً لإنتاج اليورانيوم المخصب، بحسب التلفزيون الرسمي الذي بث صورا للمنشآت الجديدة.

ويتم تحويل الكعكة الصفراء إلى مادة اليورانيوم المعدنية المخصصة لإنتاج غاز سداسي فلوريد اليورانيوم (يو.اف.٦) المستخدم في آلات الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، وأعلنت إيران عن اكتشاف مناجم ساغند في العقد الأول من الألفية، لكن الخبراء الغربيين أشاروا إلى أنها تحوي معادن سيئة النوعية.

وأعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في خطاب نقله التلفزيون في بث حي " في الماضي كنا نعتمد على الخارج للتزود بالكعكة الصفراء، لكن بفضل الله ها نحن ندشن المنجم تلو الآخر (...) بتنا نمتلك مجمل سلسلة إنتاج الطاقة النووية ".

وكانت إيران في أثناء حكم الشاه في السبعينيات اشترت ٦٠٠ طن من الكعكة الصفراء من أفريقيا الجنوبية، وفي كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ ، أعلنت طهران عن إنتاج شحنتها الأولى من مركز اليورانيوم الذي يشكل مادة أساسية لإنتاج اليورانيوم المخصب اعتباراً من معادن استخرجت من منجم غاشين قرب بندر عباس (جنوب). وفي شباط/فبراير، أكدت إيران، التي تجري عمليات تنقيب في مختلف أنحاء البلاد لاكتشاف مخزونات اليورانيوم، رصد كميات " توازي ٤٤٠٠ طن".

وصرح أحمدي نجاد "أصبحنا بلداً نووياً ولا أحد يمكنه انتزاع ذلك منا"، وتابع "في السابق حاولتم منعنا من امتلاك التكنولوجيا النووية وفشلتم. وبعد أن امتلكنا هذه التكنولوجيا ما زلتم تحاولون انتزاعها منا. بالطبع لن تستطيعوا ذلك. الحل الوحيد لديكم هو التعاون معنا.. عليكم احترام حقوقنا" موجها الحديث إلى الدول الغربية في إشارة إلى المفاوضات النووية.

وأشار التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في أواخر شباط/فبراير إلى إنتاج إيران حاليا اليورانيوم المخصب إلى نسبتي ٥،٣ و٢٠% في موقعين هما نطنز وفوردو(وسط).

وأصدر مجلس الأمن الدولي عدة قرارات تدين إيران بسبب نشاطاتها النووية بعضها مرفق بعقوبات عززها حظر مصرفي ونفطي أقره بشكل منفرد الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وفشل اللقاءان الأخيران بين إيران ومجموعة ٥ زائد ١ في المآتي في نهاية شباط/فبراير وأول نيسان/إبريل في إخراج المفاوضات من الطريق المسدود.

كما ندد الرئيس الإيراني مجدداً بالقوى الغربية التي تريد "أن تدعي أنها تقود العالم"، وقال إن "أربعة أشخاص يجلسون معاً ويقولون نحن أسياد العالم والآخرون عبيد. هذه الحقبة ولت (...) وإرادة الشعوب ستهزم إرادة القوى الشيطانية"، كما دشنت طهران معجلا للإلكترونات بني كذلك في محافظة يزد وبدأت إنتاج خمسة أدوية تحوي نظائر مشعة بمناسبة اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية.

إيران لن تعلق تخصيب اليورانيوم

أعلن رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة النووية فريدون عباسي دواني أن إيران ترفض تعليق تخصيب اليورانيوم بنسبة٢٠%، أو إرسال مخزونها منه إلى الخارج، طبقاً لمطالب القوى العظمى، كما ذكرت وكالة ايسنا للأنباء، وأكد عباسي دواني في تصريح صحافي على هامش احتفالات في مناسبة اليوم العالمي للتكنولوجيا النووية، "لن نوقف تخصيب اليورانيوم بنسبة٢٠%... الذي يستخدم وقوداً لمفاعل البحث في طهران". وفيما تنوي إيران بناء خمسة مفاعلات بحث جديدة، أضاف "ما زلنا نحتاج إلى إنتاج الوقود"، وأشار عباسي دواني إلى أن "أنشطتنا لتخصيب اليورانيوم هي تحت الإشراف التام للوكالة الدولية للطاقة الذرية ويجب إلا يقلق أحد".

وذكر عباسي دواني "لن نرسل بالتالي إلى الخارج مخزوناتنا ولن نخففها"، لذلك اعتبر أن من الأفضل للبلدان الأعضاء في مجموعة ٥ زائد ١ التي تجري مفاوضات مع طهران للتوصل إلى مخرج للأزمة النووية "أن تقدم مقترحات معقولة".

وخلال المفاوضات الأخيرة في المآتي (كازاخستان)، طلبت مجموعة ٥ زائد ١ من إيران أن تحول مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة٢٠% إلى وقود لمفاعل طهران، وأن ترسل الفائض إلى الخارج أو تخففه، في مقابل رفع جزئي للعقوبات المفروضة على إيران، وأفاد التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في شباط/فبراير، أن إيران أنتجت ٢٨٠ كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة ٢٠%، تم تحويل ١١٥ كيلو منها وقوداً، ما يجعل من الصعب احتمال استخدامه لغايات عسكرية.

تكلفة باهظة ومكاسبه قليلة

من جانب آخر قالت مؤسستان بحثيتان إن إيران ستواصل برنامجها النووي رغم قلة ما جنته من مكاسب من هذا البرنامج الذي كلفها أكثر من ١٠٠ مليار دولار نتيجة ضياع عائدات نفطية واستثمارات أجنبية، وقال تقرير لمعهد كارنيجي للسلام الدولي واتحاد العلماء الأمريكيين ويوجد مقراهما في واشنطن إنه لا يمكن وقف الأنشطة النووية الإيرانية أو "نسفها" وإن الدبلوماسية هي السبيل الوحيد للحفاظ على سلميتها.

وقال كاتباً التقرير علي فائز من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات وكريم سجاد بور من معهد كارنيجي عن برنامج إيران النووي الذي بدأ منذ خمسة عقود في عهد الشاه الذي كان متحالفاً مع الولايات المتحدة "أحيط بهالة مبالغ فيها من الفخر - وإن كانت مضللة- وتكلف مبالغ باهظة بحيث يتعذر التخلي عنه بسهولة"، وأضاف "الحل الوحيد طويل الأجل لضمان أن يظل برنامج إيران النووي سلمياً بحتاً هو إيجاد حل دبلوماسي متفق عليه". وتقول إيران إن أنشطتها النووية تهدف لخدمة أغراض طبية وستستخدم في توليد الطاقة لتلبية الطلب المحلي وتعويض ما ينقص من احتياطياتها النفطية.

ويورد التقرير الذي يحمل عنوان "أوديسة إيران النووية: التكلفة والمخاطر" تكاليف البرنامج النووي من حيث الفرص الضائعة وقال إنها تبلغ "أكثر من ١٠٠ مليار دولار" من حيث فرص الاستثمار الأجنبي وعائدات النفط الضائعة. بحسب رويترز.

وذكر التقرير أن إنتاج كميات صغيرة نسبياً من اليورانيوم لن تقود إيران إلى الاكتفاء الذاتي الكامل من الطاقة النووية بينما هي أهملت في صيانة بنيتها الأساسية وتنمية موارد أخرى يمكن أن تؤمن احتياجاتها من الطاقة بصورة أفضل.

وأعطى التقرير مثالاً على ذلك مفاعل بوشهر النووي الذي تبلغ طاقته ألف ميجاوات وبدأ تشغيله عام 2011 بعد تأجيلات متكررة وقال: "إن إنتاجه لا يمثل سوى 2% من طاقة توليد الكهرباء بينما تفقد إيران نحو 15% من الكهرباء التي يتم توليدها بسبب خطوط النقل القديمة والتي لا تخضع للصيانة الملائمة".

وقال التقرير "التخطيط الاستراتيجي الجيد بقطاع الطاقة لا يمكن أن يجعل من الطاقة النووية أولوية في دولة مثل إيران"، وأضاف "بدلاً من تحسين أمن الطاقة في إيران قوض البرنامج النووي قدرة البلاد على التنويع وتحقيق استقلال حقيقي بمجال الطاقة".

تحديد موعد نهائي لإيران

دعا وزير إسرائيلي بارز القوى العالمية إلى تحديد مهلة لإيران تقدر بالأسابيع يتم بعدها اتخاذ إجراء عسكري ضدها لحثها على وقف برنامج تخصيب اليورانيوم بعد المحادثات التي انتهت دون إحراز تقدم.

وقال وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي "يوفال شتاينتز" العقوبات ليست كافية وكذلك المحادثات. حان الوقت لوضع تهديد عسكري أمام الإيرانيين أو وضع خط أحمر من نوع ما.. خط أحمر واضح يضعه العالم كله وتضعه الولايات المتحدة والغرب... للحصول على نتائج"، وتحدث نتنياهو نفسه عن تحديد "خط أحمر" في منتصف ٢٠١٣ فيما يتعلق بمنع إيران من الحصول على الوقود اللازم لصنع أول قنبلة، لكنّ عدداً من المسؤولين الإسرائيليين أقروا في أحاديث غير رسمية بأن الأمر تم تأجيله وربما لأجل غير مسمى.

وقال شتاينتز خلال مقابلة إن إيران تستغل المحادثات في كسب الوقت بينما تسعى لصنع سلاح نووي، ومضى يقول "حذرنا سابقاً من أن الطريقة التي تجرى بها هذه المحادثات هي حيلة لكسب الوقت.. والإيرانيون سعداء جداً بالفرصة التي حصلوا عليها، وفي الوقت ذاته يخصبون اليورانيوم لصنع قنبلة. لدينا موقف واضح جدا اتجاه القضية والعالم بدأ يفهم".

وتحدث شتاينتز عن تهديد كوريا الشمالية باستخدام أسلحة نووية ضد كوريا الجنوبية والولايات المتحدة باعتباره مثالا لما تخشى إسرائيل أن يحدث في حال تمكن إيران من إنتاج سلاح نووي. ويعتقد أن إسرائيل هي البلد الوحيد في منطقة الشرق الأوسط الذي يملك ترسانة نووية.

الإخفاق في إنهاء الأزمة

على الصعيد نفسه، قال مسؤول أمريكي رفيع إنه لم يحدث "انهيار" في المفاوضات النووية مع إيران وإن القوى الكبرى التي تضغط على إيران لكبح برنامجها النووي تنوي مواصلة العمل عبر القنوات الدبلوماسية، وذلك على الرغم من أن القوى العالمية وإيران أخفقت في إنهاء الأزمة النووية خلال المحادثات، ولم يتم الاتفاق على موعد جديد لاستئناف المحادثات، لكنّ مفاوضي القوى الكبرى الذين كانوا يصرون في وقت سابق من العام على أن الوقت ينفد بذلوا جهدا للتأكيد على أن العملية الدبلوماسية ستستمر.

وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه في ختام المحادثات "لم يتم إحراز تقدم ملموس لكن أيضاً لم يحدث انهيار (للمفاوضات)"، ورجح المسؤول أن لا تغير الدول الست - الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا - من موقفها في المفاوضات في الوقت الحالي والذي تعتبره "عادلاً ومتوازناً".

إلى ذلك، قال الإتحاد الأوروبي إن وضع إيران للعراقيل أمام تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أبحاث مزعومة لإنتاج قنبلة ذرية "غير مقبول"، وعبر الإتحاد عن قلق عميق من توسيع طهران نطاق أنشطتها النووية. وقال دبلوماسيون إن السويد حاولت تخفيف حدة نبرة بيان الاتحاد الأوروبي ما عطل الموافقة الدولية على النص الذي قرئ في الاجتماع المغلق لمجلس محافظي الوكالة في موعد متأخر عن المتوقع، وقال أحد المبعوثين إن النسخة المعدلة جاء فيها أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن إيران الذي أفاد بأن طهران تقوم بتركيب المزيد من أجهزة الطرد المركزي أعطى "سبباً لقلق كبير". وكان البيان يقول قبل تعديله إن التقرير يعد "قراءة محزنة".

وقال الإتحاد الأوروبي إن هناك افتقاراً مقلقاً لإحراز تقدم في تحقيق الوكالة المعطل منذ فترة طويلة الذي يهدف إلى توضيح ما إذا كان هناك بعد عسكري للبرنامج النووي الإيراني، ويتهم دبلوماسيون غربيون إيران بعرقلة إحراز تقدم في التحقيق من خلال رفض مطالب الوكالة بزيارة موقع بارشين العسكري الذي يشتبه المفتشون أن تكون اختبارات تفجير تتعلق بتطوير أسلحة نووية قد أجريت فيه ربما قبل عشر سنوات.

في الصراع النووي، إن الولايات المتحدة هي الدولة المارقة، إذ إن فرض العقوبات والعزلة الدولية والحظر الاقتصادي ضد إيران وكوريا تعتبر وسائل غريبة في مجال إدارة العلاقات الدولية. يتجسد النفاق والكيل بمكيالين عندما تقوم دول تمتلك كميات كبيرة من الأسلحة النووية بتهديد دول أخرى لا تكاد تمتلك إلا القليل من تلك الأسلحة، أو هي لا تمتلك شيئاً منها على الإطلاق. إن مزيداً من النفاق يتجسد في ردة فعل واشنطن على تهديدات كوريا الشمالية بضرب مدن أمريكية، على الرغم من أنها لا تمتلك الإمكانات الكافية لفعل ذلك. في الوقت نفسه، لا تعتبر واشنطن نفسها أنها ترتكب الأمر ذاته عندما تهدد إيران بأنها ستقوم بقصفها إذا لم توقف برنامجها النووي.

اعلى الصفحة